الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الكاتب والقارئ

18 مايو 2007 00:10
بعض القراء يتأثرون بنوعية خاصة من الكتاب يجذبهم إليه ويشدهم بطريقة عرضه وسرده للموضوع وتبسيطه أمام القارئ بطريقة السهل الممتنع حتى يعي ويفهم ما بداخل هذا المقال بأسلوب شيق وجميل وهناك عمالقة كبار أثروا الساحة الصحفية بالمواد الدسمة من خلال مقالاتهم الممتازة والفريدة والمتنوعة التي يجيدون فيها صياغة الأحداث وتقديمها بالشكل الجميل والملفت للقارئ فاكتسبوا حب القارئ لهم والكتابة الصحفية قد تكون عملا يوميا لكسب الرزق ولكن عند الآخرين خاصة أولئك الشغوفين منهم لفن الكتابة بين ردهات صاحبة الجلالة وفي معية السلطة الرابعة فهؤلاء الكتاب يعتبرون الكتابة الصحفية لديهم إدمان يومي لا بد من تعاطيه لتفريغ كل هذه الشحنة والكمية المتكدسة من الأفكار والهواجس التي امتلأت بها مخيلته في كتابته اليومية فهو يكتب هنا من باب الحب والعشق المتبادل فيما بينه وبين معشوقته الكتابة وليس من أجل التكسب والعيش، فقد يكون محترفاً لهذا الجانب من الدرجة الأولى ولا يحدث هذا الشيء إلا مع كاتب قد أمضى جل حياته وهو يتقلب على فراش الكتابة واختلطت الكتابة بدمه بحيث لا يمكن الفصل بينهما فالكاتب المبدع هنا يشعر بلذة صادقة في قرارة نفسه عندما يبدأ في الكتابة وفي تفريغ ما في رأسه من أفكار وكلمات ورؤى وهذه علاقة حب بين طرفين حقيقة وهذا الشيء مهم جداً في هذا الموضوع واعتقد بأنه ليس بخاف على الاخوة الكتاب الصحفيين أن أكثر ما يرجوه كاتب المقالة هو الجو الهادئ المريح حتى يستطيع ان يكتب المقالة وهو صافي الذهن والتفكير من دون أية مشاكل وهواجس وهموم جانبية قد تعيقه في الكتابة وتشغل فكره حتى يستطيع عصر أفكاره واستخلاص ما هو شيق وحلو ولذيذ للقارئ، فبقدر ما تكون الكلمة التي تحتويها المقالة ذات معنى وذات مغزى كلما كانت المقالة ذات تأثير ووقع كبير على مسامع القارئ، وعلى كل فإن الكتابة هي موهبة وابداع والكاتب الشاطر المتمكن هو الذي ينمي هذه المملكة الابداعية الموجودة والمختزلة لديه بشيء من القراءات اليومية المستمرة خاصة للكبار من الكتاب فقد أكتب انا وقد تكتب انت وقد يكتب الجميع فهو في النهاية حق مكتسب للكل ولكن يبقى في النهاية الهدف والمعنى الصادق من هذه الكتابة والوصول الى الهدف والمغزى بأصغر الطرق وأسهلها وبدون تجريح في احد من الناس تبقى امكانات للكاتب المحترف وحده· والكاتب الجيد المتمكن يحتاج في صياغة المقالة الى سعة الأفق والخيال الخصب والواسع وخزينة مليئة بالافكار والمعلومات المتولدة من غزارة الاطلاع على مجريات الأحداث المتعاقبة في كل ساعة ولحظة فهو يحتاج الى خلفية قادرة على التعاطي ورسم منظومة المقالة التي هو بصدد كتابتها فكلما كانت هناك غزارة معلومات وكثافة أفكار كلما كانت المقالة ناجحة وذات تأثير مقبول لدى القارئ· اليوم المعلومة يمكن للكاتب الصحفي ان يستقيها بأسهل طريقة بعكس الزمن الماضي الذي يتعب خلالها الكاتب في تحصيل المعلومات والخبر لعدم توفر المورد القوي لها فاليوم نحن نعيش في زمن العولمة اي ان المعلومات لم تصبح مقتصرة في تحصيلها على نطاق محلي ضيق بقدر ما هي عالمية المصدر وحرية وسهولة الحصول عليها لذلك فالكاتب اليوم يعيش في حالة من الانتشاء في الفكر والابداع لغزارة المعلومات المتحصلة لديه من هذه الشبكات والمنظومات المعلوماتية العالمية التي تأتي بالمعلومة للكاتب وهو جالس على كرسيه دون ان يكلف نفسه العناء والتقليب بين الأرفف وبين صفحات الكتب والأخبار القديمة فبلمسة زر واحدة تتساقط المعلومات على ذهن الكاتب بغزارة حبات المطر على أرض تنشد الحياة· حمدان محمد كلباء
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©