الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

بالصور، أسرار، فضيحة .. كيف غزت حياتنا عبر الميديا الجديدة

بالصور، أسرار، فضيحة .. كيف غزت حياتنا عبر الميديا الجديدة
23 فبراير 2017 11:34
دنيا محمود (لندن) لم يستغرق محرك البحث الشهير «غوغل» سوى أقل من ثلث ثانية ليخبرني بأن كلمة «أسرار» وردت في فئة الأخبار المنشورة بالعربية على شبكة الإنترنت مليوناً و20 ألف مرة تقريباً، بينما أخذ الأمر منه 0.31 من الثانية لإيضاح أن كلمة «فضيحة» ذُكرت في الفئة نفسها 824 ألف مرة. أما «بالصور» فقد كانت أوفر حظاً بكثير، فقد تبين بعد بحثٍ استغرق أقل من نصف ثانية (0.29 منها بالتحديد) أنها وردت ثلاثة ملايين و250 ألف مرة في الأخبار العربية الموجودة على الشبكة العنكبوتية. ما يجمع بين المفردات الثلاث السابقة كونها تشكل المكونات الأكثر جذباً لعناوين أي قصة خبرية أو تحقيق يُنشر على الإنترنت، وأنها كذلك من بين الكلمات الأوسع انتشاراً في الفترة الحالية على الشبكة الخاصة بمواقعها. اللافت أن هذه المفردات لم تعد حِكراً على المواقع الإلكترونية الإخبارية أو حسابات البعض على وسائل التواصل الاجتماعي فحسب، بل تسللت خلال الفترة القليلة الماضية إلى المواقع الخاصة بوسائل الإعلام التقليدية، التي طالما عُرفت بالرصانة بشكل أكبر في اختيار موضوعاتها وصياغة مضامينها. حتى «إندبندنت» تغيرت ! مثال على ذلك، التغيرات التي طرأت على صحيفة «الإندبندنت» البريطانية منذ إيقاف نسختها الورقية مارس الماضي، والاكتفاء بنسخة إلكترونية. فالصحيفة التي تعبر عن «يسار الوسط»، صارت أكثر ميلاً إلى نشر الموضوعات المثيرة، مثل تلك المتعلقة بالعلاقات الحميمة، وأخذت تلجأ لعناوين قد لا تتفق كثيراً مع المحتوى المنشور تحتها. وفي أواخر العام الماضي، أعلنت شركتا «جوجل» و»فيس بوك» تدابير جديدة ترمي إلى وقف انتشار «الأخبار الكاذبة» على الإنترنت، بعد انتقادات وُجِهت إليهما ولمواقع مثل «تويتر» بالسماح بانتشار معلومات مغلوطة، خلال الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة. بالنسبة للناطقين بالعربية لا تبدو الصورة مختلفة، في ظل تقديراتٍ نُشرت منتصف عام 2015، تشير إلى أن أكثر من 155 مليوناً من هؤلاء يستخدمون شبكة الإنترنت، وسط توقعات بأن يصل العدد إلى نحو 226 مليون مستخدم بحلول العام المقبل. ففي الآونة الأخيرة، تزايدت حالات انسياق الصحف العربية وراء «الإعلام غير التقليدي»، في نشر قصص إخبارية، ثَبُتَ لاحقاً أنها مزيفة، من قبيل الترويج لأخبارٍ كاذبة عن وفاة شخصيات شهيرة يتضح فيما بعد أنها لا تزال على قيد الحياة، أو عبر تداول مقاطع مصورة سُجلت قبل سنوات ويُقال إنها توثق حوادث وقعت للتو، مثلما جرى مع مقطعٍ قيل إنه يصور هجوماً لغربان على ولاية تكساس الأميركية بعد حرق مسجد هناك، وهو في واقع الأمر فيديو متداول منذ أكثر من 6 سنوات على الإنترنت. شائعات بلا صاحب وبنظر د. سامي الشريف الرئيس الأسبق لاتحاد الإذاعة والتليفزيون الأسبق في مصر، تبرز وقائع مثل هذه جانباً من السلبيات المترتبة على «انتشار مواقع التواصل الاجتماعي، رغم ما فيها من إيجابيات، مثل التلاقح بين الثقافات، والتعرف على ثقافات الشعوب الأخرى». وفي تصريحاته لـ«الاتحاد»، يقول د. الشريف إن من أبرز هذه السلبيات «انتشار الشائعات دون القدرة على محاسبة من ينشر هذه المضامين». ويعتبر الخبير الإعلامي المصري، وهو حالياً عميدٌ كلية الإعلام بالجامعة الحديثة للتكنولوجيا والمعلومات بالقاهرة، أن ذلك قاد إلى تحقيق وسائل الإعلام غير التقليدية هذه «المزيد من الانتشار، واكتسابها تأثيراً خطيراً للغاية، بشكل جعلها تنافس وسائل الإعلام التقليدية، بل وربما بات صناع القرار السياسي يعتمدون عليها، وليس الجمهور العادي فحسب». الخبير المخضرم، يرى أيضاً أنه لم يكن بمقدور وسائل الإعلام التقليدية مقاومة التأثر بطبيعة مضامين وسائل «الإعلام الجديد» أو حتى اللغة التي تستخدمها هذه الوسائل، والتي يرى محللون أنها تتسم بقدرٍ كبير من الركاكة والميل نحو الإثارة ومخاطبة الغرائز. ومع أن هذا الاعتماد «قد يكون مقبولاً بشكلٍ ما» في نظر الخبير الإعلامي المصري، فإنه يشدد على ضرورة أن تتحرى وسائل الإعلام التقليدية «صحة ودقة» ما تنقله عن نظيرتها غير التقليدية. إعلاميون وهميون أما د. حميد الهاشمي، أستاذ علم الاجتماع والباحث بالمركز الوطني للبحوث الاجتماعية في لندن، فيرى أنه «يمكن القول إن وسائل التواصل الاجتماعي سحبت البساط بالفعل من تحت أقدام وسائل الإعلام التقليدية خاصة المطبوعة منها». ويعزو د. الهاشمي في تصريحاته لـ«الاتحاد» هذا الأمر إلى أن «وسائل التواصل الاجتماعي تستقطب متابعين أكثر، ويكفي المقارنة بين عدد من يقرؤون مقالاً ينشر في جريدة وأولئك الذين يطالعونه على الإنترنت». ويشير إلى أن ما تحفل به هذه الوسائل من موضوعاتٍ تعتمد على الإثارة يعود للمبدأ القائل «الجمهور عاوز كده». ويقول الخبير العربي في علم الاجتماع، المقيم في لندن إن التدهور الذي طرأ على الإعلام التقليدي بفعل تأثره بـ«وسائل الإعلام الجديدة» يعود إلى أن تلك الأخيرة «خلقت إعلاميين وهميين أو إعلاميين غير مؤهلين لا يتمتعون بالاحترافية والمهنية الكافية، وقد تسلل الكثير من هؤلاء إلى الإعلام التقليدي، ولذا تمر عليهم في مواقعهم هذه، الكثير من الأمور» التي لا تتفق مع المعايير الإعلامية المعترف بها، وهو ما يجعل من غير المستغرب أن تلجأ بعض وسائل الإعلام التقليدية «إلى تناول الفضائح واستخدام لغة ركيكة».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©