الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«المجموعة الدولية»: خطة سلام واقعية لسوريا

19 ديسمبر 2015 21:28
اجتمعت المجموعة الدولية لدعم سوريا- وهي مجموعة مكونة من 20 دولة تسعى للتوسط من إجل إنهاء الحرب الأهلية في هذا البلد- في نيويورك أول من أمس الجمعة للمرة الثالثة. وهذه المجموعة الدولية، التي تضم دولاً ذات مصالح متباينة في سوريا، مثل السعودية، وإيران، وتركيا، وروسيا، والولايات المتحدة؛ تمثل بداية جيدة في نظرنا للحل في سوريا، لأن الحرب الأهلية المحتدمة في هذا البلد لن تنتهي، إلا عندما تتفق القوى الخارجية التي تؤجج لهيبها على حل. لكن يتعين القول مع ذلك إن المبادرة المتمثلة في تكوين هذه المجموعة وتكليفها بالتوصل لاتفاق لإنهاء الأزمة السورية، لن تنجح، إلا إذا ما أعيد تعريف الأهداف المتوخاة من تشكيلها. والأهداف الحالية المحددة للمجموعة هي: التوصل لإطار سياسي شامل يتضمن إصلاح المؤسسات السورية، وتكوين حكومة جديدة، وتعريف «المنظمات الإرهابية» وإعداد خطة لإجراء انتخابات. هذه الأهداف تستحق الثناء في حد ذاتها؛ بيد أن الشيء الذي يؤسف له في الحقيقة، هو أنه لا يلوح هناك احتمال للتوصل لاتفاق في المدى القريب، حول الترتيبات الدستورية التفصيلية، ناهيك عن القيادة الجديدة التي ستتولى زمام الأمور في سوريا؛ وهو ما يرجع لانقسام الفاعلين الرئيسيين في المجموعة انقساماً شديداً حول مستقبل الديكتاتور السوري بشار الأسد؛ علاوة على أن السعي للتوصل لإطار شامل يبدو كوصفة لاستمرار الحرب، ولنزوح السكان وعدم الاستقرار؛ وجميعها عوامل تغذي ظاهرة انتشار التطرف التي تقف وراء صعود تنظيم«داعش». نرى، بدلا من ذلك، أن تركز المجموعة على تأمين وقف فوري لإطلاق النار، واتخاذ الترتيبات اللازمة لوضعه موضع التنفيذ، على أن يتبع ذلك المزيد من المفاوضات بشأن شكل الدولة السورية المُعاد تكوينها. ربما يكون من الصعب الاتفاق على هذا أيضاً، ولكننا نرى أنه هدف واقعي في الوقت الراهن، وهو أفضل بما لا يقاس بالمقارنة مع البديل، وهو استمرار، أو حتى تصعيد الحرب المدمرة، التي تعصف بهذا البلد. تتضمن خطتنا المحافظة على وحدة سوريا، وسلامة ترابها الإقليمي؛ ولكنها ستنبني على حقيقة أن مناطق الدولة المختلفة مسيطر عليها في الوقت الراهن، من قبل مجموعات عرقية مختلفة، مدعومة من قبل قوى خارجية مختلفة أيضاً. هذه القوى، وزبائنها السوريون، سوف يوافقون على تعريف، وقبول مؤقت لثلاث مناطق آمنة: واحدة يسيطر عليها النظام في الغرب؛ وواحدة يسيطر عليها الأكراد بشكل رئيسي في الشمال الشرقي، وواحدة «غير متجاورة» تنقسم إلى منطقتين في الشمال والجنوب تسيطر عليهما المعارضة السنية المعتدلة؛ على أن يتم إنشاء منطقة رابعة في وسط وشرق سوريا، يتم فيها استهداف تنظيم «داعش» من قبل الجميع. أما القوى الخارجية الضالعة في الأزمة السورية عن قرب، مثل روسيا وإيران، والولايات المتحدة، وتركيا، والأردن، فستعمل على تأمين الالتزام بوقف إطلاق النار بين الوكلاء المحليين التابعين لها كل على حدة. وبعد وقف إطلاق النار مباشرة، تستقبل الأمم المتحدة كل الأطراف السورية التي قبلت الخطة، لبدء المفاوضات الخاصة، بتحديد مستقبل دولة سوريا الموحدة. ولكن استعادة سوريا الموحدة ستستغرق وقتاً على الأرجح- هذا إذا ما كان ممكناً في الأساس؛ والدولة الناشئة عن تلك المفاوضات قد تكون دولة فيدرالية أو كونفدرالية. والتوصل لاتفاق سيتضمن في الغالب، منح صلاحيات حكم ذاتي موسعة بما في ذلك السيطرة على الأمن للسلطات المحلية؛ كما قد يتضمن شكلا ما من المحاصصة الطائفية للصلاحيات والسلطات، وهو ما سيتطلب حتماً ضمانات محددة للأقليات داخل كل منطقة من المناطق. كما يمكن أن يتضمن هذا الاتفاق أيضاً إجراء إصلاحات دستورية لإعادة توزيع الصلاحيات الدستورية، وإجراء انتخابات لا يشارك فيها الأسد. كل هذه موضوعات مهمة، يتعين على السوريين أن يتوصلوا لحلول بشأنها تحت رعاية الأمم المتحدة، وبمشاركة القوى الخارجية. ويجب ألا ينتاب أي أحد شك في أن هناك طريقاً للتقدم في سوريا من دون أكلاف باهظة، ومخاطر جمة. ولكن جعل التسوية السلمية شرطاً مسبقاً للسلام، يمثل في رأينا وصفة لإدامة الصراع الدموي في هذا البلد. وعند هذه النقطة من الزمن التي نقف عندها الآن، فإن أي سلام يتحقق سوف يكون أفضل من دون شك من الحرب الحالية. وليس معنى هذا أن الاقتراح الذي نقدمه لا ينطوي على تحدياته الخاصة، أو سلبياته، أو مخاطره؛ ولكننا نؤمن إيماناً جازماً مع ذلك، أنه سيكون أفضل من الواقع الحالي، وأكثر عملية من أي بدائل أخرى متاحة. *فيليب جوردون* جيمس دوبينز** جيف مارتيني*** *زميل رفيع المستوى في مجلس العلاقات الخارجية الأميركية، ومنسق البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط من 2013-2015 ** زميل رفيع المستوى في مؤسسة راند والممثل الخاص لوزارة الخارجية الأميركية في أفغانستان وباكستان عامي 2013-2014 ***محلل لدى راند ومتخصص في شؤون الشرق الأوسط «ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوزسيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©