الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حاجة العرب لأي نصر

8 ديسمبر 2013 21:23
قاسيةٌ وبلا رحمة اللحظات التي ندع فيها العواطف والمشاعر جانباً، ولكن ذلك شرط ضروري أحياناً لنرى ما يجري حولنا من زاوية موضوعية. ورغم أن الكتابة في القضايا العربية تبدو للبعض مُملة وغير ذات جدوى في الوضع الراهن، إلاّ أنه لا فكاك من الواقع الذي يضغط علينا في هذه الأيام، كل لحظة وحين، أياً كانت توجهاتنا أو اهتماماتنا: اقتصادية، إعلامية، سياسية، فنية، تربوية.. أو حتى لو كنّا من دون أي همّ أو اهتمام. وإذا بحثنا في مآسي الواقع العربي ومفارقاته نجد من الضرورة بمكان المصالحة أولاً بين التاريخ والواقع، فبذلك يمكن التخفيف ـ أولاً- من سحب الغم التي تخيّم علينا وعلى المنطقة، وترجح ـ تالياً- التفكير الموضوعي، وتُسهّل ربما العثور على خيارات واقعية لمواجهة التحديات المزمنة والقائمة. والمصالحة بين التاريخ والواقع تعني أن العرب، كقبائل وشعوب وقومية ودول- لم يكونوا يوماً جميعهم «على قلب رجل واحد»، خلافاً لما تصوّره بعض كتب التاريخ وخطابات التعبئة الحماسية أو التربية العقائدية. بالتأكيد هناك صفحات خالدة وانتصارات وفتوحات وإنجازات حضارية، أقله ما وصلنا منها. لكن كانت هناك دائماً تباينات واختلافات، والكثير من الخيبات والدسائس والمؤامرات، حتى ضمن البيت الواحد. وعلى امتداد جغرافيا هذه الأمة، وفي أوج فترات حكمها المركزي، كان هناك دائماً ولايات ومقاطعات، بعضها نجح في الكثير من مجالات الحياة والعلوم والعمران، وبعضها فشل للغاية. بعضها كان متماسكاً، وبعضها مُفكّكاً نخرته الصراعات. بعضها كان يُطبّق المساواة والعدل والتسامح وبعضها كان ديدنه الظلم والبطش حتى بذوي القربى. لو استوعبنا تاريخنا بما أنطوى عليه من وقائع وسلبيات، لكانت ثقافتنا أكثر نسبية، ولكانت شعوبنا ـ اليوم وقبل اليوم- أكثر تقبلاً للتنوع، وأقل قابلية للتعصّب والتطرّف، ولكان اهتمامنا بمعالجة مساوئنا أكثر بكثير من الاصطفاف الأعمى وراء الغرائز، ولكان تفاعلنا مع تحديات العصر، ومفارقاته وتناقضاته أكثر تدبيراً وحكمة، بدل الإفراط في الاصطفاف الأعمى الذي لم يجرّ علينا سوى الصدمات ومشاعر القلق الدائم والاكتئاب من جهة، وانتعاش غرائز الانتقام والكراهية والحقد والعنف والانتحار من جهة أخرى. هذه الأجواء والمناخات تُقدم بيئة حاضنة للهزائم. الآن وفي المستقبل القريب. وفي وقت يحتاج فيه العرب ـ كأمة- لتسجيل نصر، أي نصر، ولو على أنفسهم، يُخشى أن أقرب المقرّبين إليهم قد ملّوا أيضاً من خسائرهم، وقلة إدراكهم وكثرة انكساراتهم. الطامة الكبرى هي محاولة معاندة الواقع المستجد بالأساليب نفسها التي كانت تؤدي دائماً «لارتكاب» الهزائم. أما بداية الأمل، فتكمن في اليقظة من هذه الصدمة ومن الاعتقاد الأعمى بثوابت سياسية وثقافية عفا عليها الزمن، مقابل ضرورة إدراك أن كل العالم يتطور، وفي شتى المجالات، وبدرجة كافية جداً لدفع الجميع نحو التصالح، والتواضع، واحترام الاختلاف والمُختلفين، وأن الانتصار على الذات شرط ضروري لمقارعة الخصوم والأعداء، الفعليين والمُحتملين. barragdr@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©