الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

الحكومة المصرية لم تستثمر تراجع الجماعة الإسلامية عن العنف

20 مايو 2007 01:58
القاهرة - حلمي النمنم: لا تزال قضية تحول الجماعة الإسلامية وجماعة الشوقيين وعدد من أجنحة جماعة الجهاد في مصر عن العنف تثير النقاش حول مغزى ذلك التحول وتداعياته، وقد خصص صندوق التنمية الثقافية المصري صالونه الشهري حول هذا الموضوع· وتحدث الكاتب الصحفي مكرم محمد أحمد عن تجربته مع مراجعات الجماعة الإسلامية خاصة أنه أدار حوارات مطولة مع أعضائها في سجن العقرب عام 2002 وأكد أنه لم يبتدع المفاوضات، وليس هو من أقنع الجماعات الإسلامية بالدخول في حوار، بل كان مهتماً ويتابع الأمر خاصة أن إحدى الجماعات أطلقت الرصاص عليه عام 1987 بهدف اغتياله، وهي التي أطلق عليها جماعة ''الناجون من النار'' وكان يسمع من وزير الداخلية أن هناك حوارات تدور مع أعضاء الجماعة داخل السجون، وأنها سوف تؤتي ثماراً طيبة يوماً ما· ويقول مكرم: ''كان رأيي الذي قلته لوزير الداخلية وقتها أن الحوارات داخل السجن لن تكون مؤثرة إلا إذا كشف عنها الغطاء وعرف بها الرأي العام ودعاني إلى السجن لحضور بعض تلك الحوارات، وكان همي هو البحث عن دوافع التحول لدى الجماعة هل هي دوافع عملية أم أخلاقية؟ وماذا يبقى من أفكار الجماعة وماذا يسقط ويتلاشى منها؟''، ويضيف مكرم: ''وجدت لديهم مراجعات حقيقية لمفهومي الجهاد والحسبة، وقتل الأجانب من السياح واختطاف الأقباط، وهي الأعمال التي قاموا بها عن تصور أنهم بذلك يضغطون على الدولة ويضعفونها، وقد جاءت المراجعات من تلقاء أنفسهم، وكانت عن دوافع حقيقية وبمبادرة منهم، وأظن أن هناك عدة اعتبارات، منها أن الأمن ضغط بشدة في البداية وكبدهم خسائر في المواجهات المسلحة، وربما وجدوا أن حصاد ما قاموا به لم يكن سوى الدمار، كما أن النظام في مصر كان يتعرض لضغوط عنيفة من إسرائيل وكان يتصدى لها، والعوامل متداخلة ولكنهم تحولوا وأصدروا مجموعة من الكتب تثبت ذلك التحول، وشاهدت حواراً عاصفاً وصل إلى حد الصراخ والبكاء الهستيري من بعض أعضاء الجماعة، حين أبلغهم القادة أن كل الأعمال التي قاموا بها كانت خطأ كبيراً''· ويدلل مكرم على صدق الجماعة في أن أعضاءها الذين أفرج عنهم وهم حوالي 14 ألف شخص لم يعودوا ثانية للعنف، وهناك ثلاث محاولات للعودة، وكان قادة الجماعة أنفسهم هم الذين أبلغوا الأمن بها· وقال: ''حين خرجوا من السجن لم يكن هناك وعد بأن يحصلوا على حزب ولا وعود أخرى، وهذا ما يدعوني إلى القول إن الدولة لم تستثمر جيداً تحول الجماعة الإسلامية''· الجماعة الإسلامية أهم وركز الباحث ''ضياء رشوان'' على أسبقية الجماعة الإسلامية في التحول عن العنف بخلاف جماعة الجهاد وغيرها من التنظيمات، وتحول الجماعة هو الأهم؛ لأن عدد أعضائها تجاوز 40 ألفاً وكانوا منتشرين في مصر من أسوان في الجنوب وحتى الإسكندرية في الشمال· والجماعة تميزت منذ البداية بأنها ذات طابع هرمي واضح وقياداتها معروفة، بعكس الجهاد الذي ضم فرقاً متعددة وقيادات متباينة بعضها داخل مصر وبعضها خارج مصر، وبعضهم في السجون وآخرون خارج السجون، وهذا لا يتفق مع ذاك، ولذا فإن تنظيم الجهاد لم يتمتع بالقدرة التنظيمية التي امتلكتها الجماعة الإسلامية التي كانت مسؤولة عن أكثر من 85 في المائة من عمليات العنف في مصر· وأضاف أن تنظيم الجهاد أيد من البداية مبادرة وقف العنف التي أصدرتها الجماعة الإسلامية من جانب واحد في 5 أغسطس ،1997 وكانت المشكلة بالنسبة للجهاد هي عدم وجود قيادة بالداخل وكانت قياداتهم خارج مصر أو داخل السجون ولكن د· سيد إمام الشريف الأمير السابق للجهاد، وهو خارج مصر يقود عملية المراجعة الآن· وحمل المحامي منتصر الزيات على المثقفين والمفكرين المصريين وعلى النخب الثقافية؛ لأنها تركت الحوار تقوده المؤسسة الأمنية وكان الأجدى بالمثقفين أن يقوموا هم بذلك ويدعوا للحوار، ولولا المراجعات الأمنية ما كانت المراجعات الفكرية وقد قام جهاز الأمن بمراجعة سياساته ومعاملاته مع أعضاء الجماعة· وقال: ''كانت هناك محاولة للحوار بين وزير الداخلية الأسبق محمد عبد الحليم موسى وعدد من علماء الدين المستنيرين، لكن بعض الدوائر الإعلامية أفشلتها ـ ويقصد جماعة الوساطة التي كان يقودها: الشيخ محمد متولي الشعراوي، والدكتور أحمد كمال، أبو المجد، والدكتور محمد سليم العوا، وفهمي هويدي، والدكتور عبد الصبور شاهين''· وقال ضياء: ''إن اللواء حسن الألفي وهو وزير للداخلية رفع شعار: (لا حوار ولا تفاوض) إلى أن وقعت مذبحة الأقصر عام 1997 فأطيح بالألفي وجاء حبيب العادلي وزيراً للداخلية، وكان العادلي من دعاة الحوار منذ أن كان مسؤول جهاز أمن الدولة، ولذا أعلنت الجماعة الإسلامية من جانب واحد مبادرة وقف العنف، ثم أعلنت موافقتها على قانون الإيجارات الزراعية الذي كان يناقش في البرلمان، والمعنى أنهم باتوا يعترفون بالقوانين الوضعية وما تقوم به الحكومة المصرية''· وحمل د· مصطفى الفقي رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان، على المؤسسة الدينية المصرية وقال: ''إن الأزهر كان غائباً وسلبياً في هذا الموضوع، وكان يجب عليه أن يتصدى لذلك الحوار ويديره مع أعضاء الجماعات''· ورد مكرم محمد أحمد بأن ''شيخ الأزهر د· محمد سيد طنطاوي حاول ذات مرة أن يدير الحوار، وكان مفتياً للديار المصرية وذهب إلى أحد المساجد بأسيوط ليحاور أعضاء الجماعة الإسلامية فثاروا عليه واتهموه بأنه رجل السلطة ودفعوه بقوة حتى سقط على ظهره''· وأضاف أن المؤسسة الدينية في مصر متخلفة ولابد أن تكون هناك مسافة بين الأزهر والحكومة تضمن له الصدقية والتأثير· وطالب د· الفقي بأن يكون اختيار شيخ الأزهر بغير التعيين المطلق بل يكون واحداً من خمسة مشايخ تختارهم هيئة علمية أو فقهية· بعد الخروج وأجمع المشاركون في المنتدى على أنه لم يتم توظيف عملية المراجعة جيداً ولا الاستفادة منها، وقال ضياء رشوان: ''إن الذين خرجوا من المعتقلات والسجون لم يتم توفير فرص عمل لهم، أو حل مشكلاتهم القانونية''، وهو يعرف شاباً اعتقل وهو في سن 16 وظل معتقلاً 16 عاماً ولم يكمل تعليمه، وهو الآن عامل في مطعم وصدر عليه حكم بالسجن 3 أشهر لتهربه من التجنيد، لأنه لم يؤد الخدمة العسكرية ورفضت وزارة الداخلية منحه شهادة بأنه كان في السجن ليتقدم بها إلى القوات المسلحة، وهناك حكم قضائي بتعويض كل مسجون بمبلغ ألف جنيه عن كل سنة قضاها في السجن، ولم يتم تنفيذ الحكم حتى الآن ولو نفذ فسوف يساعدهم كثيراً في بدء الحياة من جديد· وأبدى دهشته من أن رجال الأعمال ورجال السياحة والمال لم يتدخلوا لمعاونة هؤلاء الخارجين من السجون بالرغم من أنهم أصحاب مصلحة، فعدول الجماعة عن العنف أفاد مشروعاتهم الاستثمارية والسياحية، وكان المفروض أن يتدخلوا بدور اجتماعي وخدمي لهؤلاء· وفي السياق ذاته دعا مكرم محمد أحمد إلى تدخل الدولة لدعم هؤلاء الشباب اقتصادياً ومهنياً وتوفير منبر لهم يعبرون منه عن أنفسهم، بعد أن ثبت بيقين أنهم طلقوا العنف نهائياً، وكتبهم تشهد بذلك· ''الإخوان'' بلا مراجعة وانتقد ضياء رشوان بشدة جماعة الإخوان المسلمين؛ لأنها لم تقم بأي مراجعة لمواقفها الفكرية وسوف تكمل الجماعة العام القادم ثمانين سنة، وبالرغم من ذلك لم نقرأ يوماً انتقاداً من الجماعة لأي مرشد سابق من مرشديها ولا سياساتها ومواقفها· وقال: ''إن الإخوان أشبه بالليبراليين المصريين الذين لم يقدموا أي نقد ذاتي لتجربتهم، فمازال سعد زغلول هو الزعيم الملهم لديهم إلى الآن كما هو حال حسن البنا لدى الإخوان''، كما أن الناصريين قاموا ببعض المراجعات وانتقدوا سياسة الاعتقال والتعذيب في السجون أيام عبد الناصر، كما انتقدوا بعض أفكار عبد الناصر، وكذلك فعل الماركسيون، لكن ''الإخوان'' افتقدوا هذه الميزة مما يضيف مزيداً من الأهمية على المراجعات التي قامت بها الجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد· وقال: ''إن الإعلام العالمي يهتم بحادث عنف واحد أو ظهور تنظيم عنف من عدة أشخاص، لكنه لم يهتم بتحول جماعة بها أكثر من 40 ألف عضو عن العنف· ويرى مكرم محمد أحمد أن عدم قيام (الإخوان) بمراجعة فكرهم يضرهم كثيراً ويضر المجتمع كله''، وكان يتوقع أن تعلن الجماعة أن أفكار سيد قطب قد أضرت بها وقادتها إلى صدامات متعددة مع الحكم وبات من الضروري أن تعلن الجماعة خطأ تلك الأفكار، وأيد مبدأ عدم قيام حزب على أسس دينية؛ لأن ذلك يفتح باب الفتنة، ولكن يجب البحث عن صيغة للإسلاميين كي يعبروا بها عن أنفسهم لأن الديمقراطية في مصر لن تتقدم ما لم تحل مشكلة العلاقة بين الإسلاميين والحكم، وقد آن الأوان لأن تتوقف لعبة القط والفأر بينهما بوضع قواعد ومعايير مشتركة يتم الاتفاق عليها تضمن للمجتمع سلامته وعافيته وتتيح للأفراد أن يعبروا عن أنفسهم· وأكد د· مصطفى الفقي أنه ضد فكر ''الإخوان''، لكنه مع أن يعبروا عن أنفسهم وأنه حين كان سكرتيراً لرئيس الجمهورية للمعلومات استقبل في مكتبه عدة مرات د· عصام العريان وأحمد سيف الإسلام حسن البنا ورأيه كان ولا يزال ضرورة الحوار معهم· ونحن مطالبون بأن نعمل على تحسين صورة الإسلام والمسلمين فالمسلمون ليسوا جميعاً تنظيم القاعدة وليسوا إرهابيين''·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©