الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أفلام مهرجان أسطنبول السينمائي.. تنويعات على القسوة

أفلام مهرجان أسطنبول السينمائي.. تنويعات على القسوة
20 مايو 2007 02:26
أسطنبول - سيد عبد المجيد: بجانب الحرف اللاتيني الأول من كلمة فيلم، بدا القائمون على مهرجان اسطنبول السينمائي في دورته السادسة والعشرين في حيرة من أمرهم، فحرف الـ (F) لا يكفي أن يكون هو فقط شعار المهرجان، وبعد بحث تفتق ذهنهم عن عدد من مظاهر الحياة التركية لكي تصبح بمثابة (افيشات) للاحتفالية السينمائية، فجاء بعضها يبرز كوب الشاي بطريقة الأتراك في عموم الاناضول، وآخر يظهر جانباً من البوسفور بزرقته المتناهية، باعتبارها مشاهد تبعث على الراحة والطمأنينة أو هكذا تمنى القائمون على المهرجان· لكن أفلام المهرجان بدت تفتقر لهذه المعاني التي تنشدها، وها هي الشخصيات المفردات الاساسية للشرائط السينمائية قصيرة (تسجيلية) كانت أم طويلة (روائية)، لا تكل ولا تهدأ وتسعى جاهدة كي تجدها، تبحث عنها لعلها تعيد السكينة بديلا عن القسوة التي صارت عنوانا للحياة· ولأن لكلمة القسوة معانٍ كثيرة، جاءت مضامين الشرائط السينمائية تحمل تنويعات مختلفة على هذا المفهوم: لعبت على وتر العنف البدني تارة، والعنف النفسي تارة ثانية، والحرمان من الحب تارة ثالثة، والحرمان من الحرية تارة رابعة· فلافل'' اللبناني الفيلم اللبناني (فلافل)، وهو واحد من أربعة أفلام عربية شاركت في أقسام المهرجان، بدا وكأنه يتحدى السائد، ليس ذلك فحسب بل يتحدى ما استقر عليه الذهن البشري، فـ ''فلافل'' هذا الطعام الشعبي الشهير في العالم العربي يقال، والعهدة على أحد شخوص العمل السينمائي، يستطيع أن يتحدى ارشميدس وقانون الطفو وربما الجاذبية أيضا· الاسم نفسه بدا غريبا على رواد مهرجان أسطنبول، لكنهم ومع المشاهد الأولى سيقتربون منه، وسيتضح لهم المقصد في حوارهم مع مخرج الفيلم ميشال كيمون عقب عرض الفيلم حيث تحدث في قاعة ''بيا أوغلوا'' بقلب المدينة التاريخية· فالرسالة التي يسعى لها العمل تقول: ''إن المجتمع اللبناني يستطيع أن يتحدى الانهيار رغم أن الخارج يكاد يقر على أن لبنان سيعود من جديد إلى عنف الحرب الأهلية''· فلافل، ربما قصد كل اطياف المجتمع اللبناني التي ترى وجودها مرتبطاً بالاستقرار ولكن كيف؟ توفيق بطل الفيلم، تكمن حريته في مثاليته، بيد أنه سرعان ما يتعرض للسب بأقذع الألفاظ عندما يعترض على شخص خالف قواعد المرور! وفي واقعة أخرى لم يكن له أي علاقة بها، سوى أنه تدخل لفض اشتباك سيهان توفيق بدنيا، أهين من دون أن يرتكب ذنبا، ولأنه أهين، أراد أن يرد الإهانة، وهنا يصطدم بالسائد ''ألا تعرف من أنا؟!''· إنها العبارة إياها، عنوان النفوذ والسطوة والفساد··· إذن لا بد من الانتقام، وبالفعل يشتري السلاح، ولم يبق سوى اطلاق النار، لكن توفيق مثل أخيه الصغير ما زال بريئاً، فما أن وضع رأسه على الوسادة حتى ذهب في نوم عميق· براغ وكافكا والغموض من بيروت إلى العاصمة التشيكية ''براغ '' والتي ستكون محورا لأكثر من عمل سينمائي شاهده رواد المهرجان منها: فيلم ''لقد خدمت ملكة إنجلترا'' وأخرجه التشيكي ''جيلي ماينيزل''، وأحداثه تدور في الفترة من 1930 و·1940 والفيلم فنتازيا مفعمة بالمأساة رغم طابعها الكوميدي، فالمدينة التي كانت حلم الرايخ الألماني، ستصبح بالفعل درة هذا الرايخ المزعوم ولكن على أطلال مبانٍ لم يعد فيها روح بعد أن صار شاغلوها جثث تحت الانقاض· وبعد ستة عقود ستعود المدينة لتكون محور لأحداث الفيلم الدنماركي المعنون باسم العاصمة التشيكية نفسها ''براغ''· نحن هنا أمام عالم شديد الغموض، مشاعر جمة ولكنها متناقضة جمعت بين الحب والضياع والوحدة، والأحداث تقترب بشكل ما من عوالم المبدع التشيكي الراحل ''فرانز كافكا''، كما أنها تحاكي بعضا من رؤى الإيطالي فيدور فيسكونتي· تدور أحداث فيلم براغ حول المحامي كريستوفر (يؤديه مادس ميكاكلسين) وزوجته ماجا (تؤدي الدور شيتين شيتيداج) اللذان يذهبان إلى ''براغ '' لمواراة والد الزوج الثرى، ولأن الابن الذي بلغ العقد الرابع لم ير أبيه منذ 25 سنة فإنه لا يستطيع التعرف عليه بسهولة· لكن لماذا ''براغ'' تحديدا؟ يقول مخرج الفيلم ''كريستيان ميدسون'' إن براغ مدينة غامضة ومتشعبة ذات أزقة وجدران متصدعة، وفوق ذلك فهي مدينة ذات ثقافة عظيمة، ولهذا يبدأ العمل من براغ وينتهي فيها وبين البداية والنهاية تنويعات تحاكي الصمت، فكل شيء يبدو كئيبا كآبة الموت والمثير أنه لا مفر· بين مدينتين (مادس ميكاكلسين) نفسه، سيعود في فيلم دنماركي آخر لا يقل روعة عن ''براغ'' هو ''ما بعد الزفاف'' الذي يفصح عن عالمين لا يربطهما سوى الانسان فقط، هنا ''بومباي'' ويا لها من مدينة صاخبة مزدحمة بالحياة والفقر وقسوة المرض والبؤس، حيث بطل الفيلم يؤدي دورا إنسانيا خلاقا لمساعدة الاطفال البؤساء، الفيلم يقول إنه يعيش في تلك الاراضي منذ سنوات· مادس ميكاكلسين واسمه في الفيلم جاكوب سيضطر للعودة إلى ''كوبنهاجن'' لتدبير تمويل لمشروعاته الخيرية، وشتان بين جغرافيا العاصمة الدانماركية التي تبدو وكأنها خلت من البشر، وبومباي التي تكاد تنفجر من بركان البشر الذين لو استطاعوا لاستبدلوا الفضاء بدلا من الارض التي لم تتسع لهم· في كوبنهاجن سيكتشف جاكوب أن له ابنة والصدفة وحدها تجعله يشارك في زفافها· لكن الأمر لا يتوقف عند ذلك فحسب فماضيه يعود بنفس شخوصه التي لا تريد منه أن يذهب·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©