الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قمة المناخ العالمية

20 ديسمبر 2015 22:47
إن قمة المناخ الدولية التي انعقدت في باريس مؤخراً ستدخل سجلات التاريخ لو تحقق لها النجاح المرجو والمأمول بتطبيق ما انتهت إليه من اتفاقات. وأهمية هذه القمة التاريخية، أنها جاءت في أعقاب الفشل الذريع الذي حدث في سابقتها قمة كوبنهاجن عام 2009. فهي قمة بدت مقومات النجاح ظاهرة فيها منذ جلسة الافتتاح يوم الاثنين الثلاثين من نوفمبر الماضي، ومؤشرات النجاح ظهرت في الكلمات الافتتاحية للرئيس الأميركي والرئيس الصيني والرئيس الفرنسي ورئيس وزراء كندا الجديد الذي كان على ما يبدو النجم الساطع لهذه القمة. الرئيس الأميركي أوباما في كلمته الافتتاحية حيا بحرارة باريس وأهلها الشجعان الذين أصروا على أن تقام القمة التاريخية حسب برنامجها المرسوم منذ وقت طويل، رغم ما تعرضت له المدينة قبل ذلك من هجوم إرهابي غادر سقط جراءه مائة وثلاثون قتيلاً، وقال: «إن القادة العالميين يجتمعون ليظهروا عزمهم وإصرارهم على محاربة الإرهاب في نفس الوقت الذي يتمسكون فيه بمعالجة عالمية للتحدي البيئي». الرئيس الروسي الذي عقد مؤتمراً صحفياً عقب خروجه من الجلسة الافتتاحية، أجاب عن أسئلة الصحفيين الفرنسيين، والتي دار معظمها حول حادث إسقاط الطائرة الحربية «سوخوي24» على أيدي سلاح الجو التركي، وأفاض في الحديث حول ذلك الحادث، وأعلن أنه ليس مستعداً للاجتماع بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لكنه طمأن العالم إلى أن روسيا لا ترغب ولا تريد إشعال نيران حرب عالمية، وكذلك حلفاء تركيا الغربيين -كما قال- لكنه كرر وشدد على القول بأن الحلف الأطلسي، باعتبار أن تركيا عضو فيه، يتحمل مسؤوليته بالتبعية في هذا الحادث. وحول قمة المناخ وتوقعاته منها، قال الرئيس بوتين، إنه متفائل بأن القمة ستحقق النجاح، وأن المطلوب كما هو العادة في مثل هذه المؤتمرات قليل من التفاهمات والتنازلات ومراعاة مصلح جميع الدول خاصة الدول النامية التي تشارك لأول مرة في هذه القمة بحضور كثيف، ومن واجب الدول الصناعية الكبرى، أن تقدم المساعدة والعون مالياً وتقنياً للدول النامية لتحلق بركب التقدم التقني ومحاربة الانحباس الحراري. كان ذلك، هو الاتجاه السائد في دوائر المؤتمرين، حيث اتضح منذ البداية أن هناك رغبة جادة من قبل أوروبا والولايات المتحدة وكندا لإنجاح المؤتمر، بالتوافق والإجماع، حتى لا يصبح مصيره مثل مصير سابقه. ومن جانبها فإن الهند والصين (أكبر الملوثين للمناخ العالمي) التزما في لقاءات سابقة لانعقاد المؤتمر، مع الرئيسين أوباما وبوتين، بالتوقيع على الاتفاق النهائي، لكنهما طلبتا السماح لهما بفترة زمنية أكثر لتنفيذ برامجهما للمشاركة في الجهود الدولية للحد من زيادة ارتفاع غاز الكربون الناتج عن توليد الطاقة من الزيت والفحم. ومن مؤشرات النجاح الأخرى التي لاحظناها مع انطلاق القمة، أن أكثر من مائة وثمانين من قادة العالم جاؤوا للمشاركة في أعمالها، وضمنهم عدد كبير من رؤساء الدول الأفريقية التي ظلت دائماً تشكو وتعارض الاتفاق العالمي السابق (بروتوكول كيوتو) الذي ينتهي أجله في عام 2020 ليبدأ العمل بالاتفاق العالي الجديد الذي أخرجه هذا المؤتمر الهام. وفي كلمته الافتتاحية خاطب الرئيس أوباما زملاءه المؤتمرين، داعياً إياهم أن يرتفعوا إلى مستوى هذه اللحظة التاريخية، حيث أعلنت الولايات المتحدة التبرع كبداية لتأسيس الصندوق الخاص لمساعدة الدول النامية لتنفيذ برامجها الخاصة بتحسين المناخ العالمي. ومن جانبه، أعلن رئيس الحكومة الكندية جاستين ترودو تبرع حكومته للصندوق بمبلغ ثلاثين مليون دولار، معلناً للأصدقاء عودة كندا لمسرح العلاقات الدولية واستعدادها للمساهمة والمساعدة في تحقق الحلم الإنساني بعالم أفضل للبشرية. وكان رئيس الوزراء الكندي قد صرح في لقاء صحفي أنه في محادثاته قبل المؤتمر مع الرئيس أوباما ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون وآخرين، قد وجد منهم تشجيعاً كبيراً وحثوه بشدة على التحدث مع الزعماء القادمين من الدول النامية وإقناعهم بضرورة المشاركة الإيجابية لإنجاح المؤتمر. وقال إن كندا، وعلاوة على مساهمتها في الصندوق الخاص الذي يوضع تحت رعاية الأمم المتحدة، فإنها ستخصص ضمن ميزانيتها القادمة مبلغ 23 مليون دولار للبحوث العلمية والعمليات الجارية لتوفير الطاقة النظيفة البديلة للطاقة التقليدية، وهي أبحاث تجري حالياً في جامعات ومراكز بحوث وشركات كندية في مختلف أنحاء كندا لتطوير مشاريع الطاقة الشمسية، والتي لو وصلت لنتائجها النهائية فإنها ستحقق انخفاضاً في التلوث الحالي بنسبة 40? قبل نهاية عام 2020. لابد أن كثيراً من البشر في مختلف أنحاء المعمورة الذين تابعوا قمة المناخ العالمية قد رصدوا تلك المؤشرات الإيجابية، وتمنوا لاجتماع قادة العالم النجاح في الوصول إلى اتفاقات تدرأ ما يحيق بالعالم من مخاطر بيئة جمة، لأن القضية -كما قرر العلماء المختصون- هي قضية مصير كوكب الأرض ومصير سكانه أجمعين. *عبدالله عبيد حسن* *كاتب سوداني مقيم في كندا
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©