غزة - ا ف ب: سارع سكان برج النور في غزة بعد أن دخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ الى إخلاء ما تبقى من ملابس وأثاث في شققهم التي دمرت وحرقت خوفا من تجدد الاقتتال بعد أن شكل البرج هدفا لقذائف ورصاص المسلحين من حركتي ''فتح'' و''حماس''· وقال سعد الدين الشرفا (35 عاما) أحد سكان البرج الواقع في حي الرمال الجنوبي القريب من محيط الرئاسة والحزن على وجهه وهو يصطحب اطفاله من المدرسة ''أنا كمدني ما ذنبي أن يتحول مسكني الى ثكنة عسكرية لتبادل القذائف وإطلاق النار''· وعبر عن تشاؤمه بقوله ''أخشى أن تكون هذه التهدئة غير حقيقية لأن النفوس غير صافية ومن الممكن أن تعود الاشتباكات في أي لحظة لأن الأطراف ليست جدية فهي تتقاتل من أجل كرسي أو منصب هنا وهناك وفي النهاية المتضرر الوحيد هو المواطن''· وقال الشرفا ''أصبحنا لاجئين للمرة الثانية، الأولى على أيدي الاسرائيليين وهذه المرة على أيدي فلسطينيين· أين أذهب أنا وأطفالي؟''، وأضاف بغضب ''لم يفكر أي مسؤول في التضامن معنا·· أين أعضاء المجلس التشريعي؟ أين الوزراء الذين انتخبناهم؟''· وقال ''نحن نحقد على الطرفين، على حماس وفتح لأن الجهتين أخطأتا في حقنا ولم تحفظا أمننا''·
وتساءل مشيرا الى ابنته التي لم يتجاوز عمرها السنتين ''ما ذنب هذه الطفلة الصغيرة؟ هل يقدر هؤلاء المقاتلون ما يفعلون بشعبهم من دمار؟ الطلاب على ابواب امتحانات، لن يستطيعوا التحضير لهذه الامتحانات، فهل نحن أعداؤهم؟''·
أما عبد الرحمن عبد الهادي (45 عاما) الأستاذ في الجامعة الاسلامية الذي جاء يتفقد شقته كذلك، فقال ''هذا الاقتتال دفع ضريبته سكان ابرياء ليس لهم علاقة بهذا الطرف أو ذاك، سكان آمنون في بيوتهم، اطفال وشيوخ ونساء وطلاب على ابواب امتحانات ما ذنب هؤلاء الاطفال ان يكونوا ضحية لهذا الصراع العقيم''· وأضاف عبد الهادي ''للأسف ما حدث ببرج النور مأساة كبيرة لا يمكن وصفها فقد عشنا اياما صعبة ورهيبة جدا، كنا موجودين في المنزل عندما اشتعلت النيران في البرج واضطررنا للمغادرة''· وتابع مستنكرا ''برج النور كان يعج بالحيوية والحياة ولكنه مدمر الآن، نسأل جميع الاطراف لماذا يتم استهداف المدنيين؟ ولمصلحة من يهجر سكان هذا البرج ويحول الى ثكنة عسكرية؟''· وأضاف ''للأسف لم نجد لدى أي من الطرفين اشخاصا عاقلين يستمعون الينا· نحن كشعب فلسطيني نتمنى أن تكون جميع الاطراف على مستوى المسؤولية وأن تضع حدا لهذه الاعمال المشينة التي تضر بسمعتنا''· ولحق دمار كبير جراء اطلاق النار والقصف بالواجهة الامامية للبرج الذي اندلعت فيه النيران الثلاثاء والاربعاء الماضيين وأتت على عدد من شققه·
وتمركز اعضاء من ''كتائب القسام''، الجناح العسكري لـ''حماس''، في البرج في حين تمركز عناصر من حرس الرئاسة في الأبراج المقابلة· وتحطم أثاث العديد من الشقق وزجاج النوافد· وشوهد عدد من العمال يقومون بأعمال صيانة وبتصليح شبكات المياه والكهرباء، الا ان الكثير من السكان كانوا يجمعون أمتعتهم لإخلاء شققهم، وسط رائحة الحريق الصاعدة من بقايا الاثاث المتفحم والملابس المختلطة بقطع الحجارة والالعاب المحطمة والكتب المدرسية المبعثرة· وقال عبد الهادي بأسف ''ماذا نقول للعالم؟ اننا ذبحنا على ايدي فلسطينيين دمرونا وهجرونا من بيوتنا وأصبحنا لاجئين في الشوارع دون ماوى؟''·
وقال رجل الاعمال جمال الحوراني (47 عاما) إن جميع عائلات البرج المؤلف من 13 طابقا والتي يناهز عددها الخمسين قررت المغادرة· وقال ''لقد أخلوا منازلهم، باتوا مشردين· بعض الشقق احترقت كاملة، أما السكان الباقون فاستغلوا وقف اطلاق النار ليجمعوا ما تبقى من ملابسهم وأثاث بيوتهم ويرحلوا''· وأضاف الحوراني ''أنا صاحب مصنع في غزة ولدي عمال وموظفون، لكني قررت أن أصفي جميع أعمالي وأغادر البلد''·
عدد اليوم
