السبت 4 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

مارك بيتش يسرد تاريخ ساحل وجزر أبوظبي منذ ما قبل التاريخ

مارك بيتش يسرد تاريخ ساحل وجزر أبوظبي منذ ما قبل التاريخ
6 فبراير 2014 22:11
جهاد هديب (الاتحاد) – قال الباحث الآثاري مارك بيتش من هيئة أبو ظبي للسياحة والثقافة إن «هناك العديد من الشواهد الأركيولوجية التي تشير إلى أن الحياة بدأت في هذا المكان من العالم (ويقصد الإمارات) منذ ما قبل التاريخ وتوضح أيضاً ارتباط الناس بالبحر منذ أقدم الأزمنة». جاء ذلك في محاضرة بعنوان: «في أرض صائدي الأسماك: أركيولوجية ساحل وجزر أبو ظبي» التي أقامتها جامعة نيويورك – أبو ظبي في مقرها مساء أمس الأول في إطار برنامجها الثقافي للشهر الحالي وبحضور لافت من طلبة الجامعة ومهتمين، بالآثاريات وبتاريخها في الإمارات من الإماراتيين والعرب. وتركزت بمجملها على العشرة آلاف سنة الأخيرة في أغلب الطروحات النظرية والتطبيقية، إنما ليس وفقا لاستقراء عمودي يتناول كل موقع أثري بعينه عبر العصور، وأيضاً لم يتم استعراضها جميعاً عبر المكتشفات الآثارية وفقا لكل عصر من العصور بدءا من الأبعد زمنياً إلى الأقرب، بل ما جرى كان استعراض لصور فوتوغرافية لمكتشفات آثارية تنتمي إلى عصور مختلفة ومواقع حفرية متفاوتة زمنيا وصور لخرائط وصور شخصية أثناء ممارسة الحفر من قبل بعثات تنقيبية كانت الأولى منها تلك البعثة الدنماركية التي مارست أول عملية تنقيب في العام 1959 بتسهيلات من المغفور له الشيخ زايد. ما قدمه الباحث الأركيولوجي مارك بيتش كان أشبه بسردية روى من خلالها «قصة» حضوره بالصور في هذه البعثات منذ العام 1994، وتحديداً منذ أن اطلع على خرائط بطليموس في الشارقة التي تعود ملكيتها لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، فشرح الأهمية التاريخية لهذه الخرائط التي من بينها خريطة تعود إلى العام 1832 وخريطة أخرى تعود إلى العام 1861 أنجزها عميل بريطاني كان يزور المنطقة وتنطوي على تفصيلات عن أعماق المياه ومواقع الغوص الخاصة بصيد اللؤلؤ وعدد الغواصين آنذاك ومراكب صيد اللؤلؤ التي بلغ عددها الأربعمائة وخمسة عشر مركبا وكذلك الجزر التابعة لأبو ظبي وقد حملت أسماء ما نزال نألفها إلى اليوم، بحسب ما ذكر بيتش. ثم توقف عند خريطة مرسومة باليد أنجزها الشيخ راشد آل مكتوم التي تبرز تلك الأماكن التي من الممكن أن يتوفر فيها اللؤلؤ، أي المغاصات، إلا أن أقدم تصوير يبدو فيه المغاصات فهو الأطلس الكاتالوني، دون تقديم معلومات إضافية عن هذا الأطلس، الذي ربما يعود إلى فترة الاحتلال البرتغالي للخليج العربي. أيضا أشار بيتش إلى أن الخليج العربي هو بحر فتيّ نسبيا، إذ أن المنطقة الغربية من إمارة أبوظبي كانت عبارة عن حوض وذلك قبل ثمانية مليون سنة حيث وجدت أدلة على وجود مستحثات حيوانية وغيرها من الأحفورات.؛ وأشار في هذا السياق إلى أن جبل بركة هو أقدم موقع آثاري على الساحل، غير أنه لم يكون ساحليا عندما كان مأهولاً بالسكان المحليين، حيث وجدت في هذا المكان أداة حجرية تستخدم لذبح الحيوانات التي كانت ترد إلى النهر. وعن نشأة ساحل أبو ظبي وبالتالي ظهور «بحر» الخليج العربي، شرح مارك بيتش نظرية مفادها أنه عندما ذابت ثلوج القطبين الشمالي والجنوبي في نهاية العصر الجليدي ارتفع منسوب المياه في ما يعرف اليوم بالمحيط الهندي حيث بدأت المياه تفيض على المنطقة، وبدأ الخليج بالامتلاء التدريجي، وكان من نتائج ذلك أن السكان المحليين الذين كانوا يجاورون مياها عذبة في بيئة أنهار وبحيرات وغابات باتوا الآن يجاورون أخرى مالحة مؤكدا أن التحول في المناخ قد بدأ في نهاية العصر الجليدي وعلى امتداد ثلاثة آلاف سنة ما أدى إلى اختفاء الأنهار والبحيرات في كل من عمان والإمارات والسعودية أي في القرن الثامن قبل الميلاد. كان ذلك في سياق ما أسماه الباحث رحلة استكشافية للمواقع الآثارية في الإمارات عموما، تحدث خلالها عن ما تم العثور عليه من مكتشفات آثارية أدت إلى صوغ تصور خاص بحياة الناس في هذا المكان منذ القرن الثامن قبل الميلاد، حيث هناك خزفيات تشير إلى علاقات تجارية متطورة مع بلاد ما بين النهرين خلال القرنين الثامن والسادس قبل الميلاد. وفضلا عن هيكل عظمي لشاب من الفترة ذاتها، أشار الباحث بيتش إلى العثور على منزل مصنوع من العريش يعود إلى القرن السابع قبل الميلاد بالإضافة إلى تماثيل وصفها بأنها «غريبة ومخيفة». وبحسب نتائج القراءة التي خلص إليها بيتش وزملاؤه لبعض الشواهد فإن الفترة بين القرنين الرابع والثالث قبل الميلاد هي فترة غامضة غير أن بعض الشواهد الآثارية التي عثر عليها في عمان تفيد بأن الحراك البشري وتنقل التجمعات البشرية يدل على وجود علاقات مستمرة. تطرق أيضاً إلى نص مسماري يشير إلى أن المكان كان يصدر النحاس وإلى وجود صنارات صيد معدنية وشبكات إلى جوار خزفيات وآنيات قادمة من بلوشستان ودلمون التي وجد فيها الوسطاء لتصدير النحاس إلى بلاد ما بين النهرين. أيضا أشار إلى العثور على أدلة تفيد بتدجين الجمل في العصر الحديدي أي قرابة القرن الثالث قبل الميلاد. وعن الكنيسة النسطورية الموجودة بقاياها في صير بني ياس أوضح مارك بيتش أنه تم العثور على أدلة ونصوص مكتوبة بالآرامية منسوخة تماما عن تلك الموجودة في شمال سوريا وتعود للكنيسة النسطورية وذلك فضلا عن أن الوجود المسيحي في منطقة الخليج العربي كان طبيعيا إذ توجد بقايا لكنائس في السعودية والكويت والبحرين وسواها. غير أن جزيرة غاغا أثارت دهشة بيتش لكثرة المقابر الإسلامية التي فيها ما دفعه إلى الاعتقاد بأنها كانت أشبه بمستشفى للعزل، مستعينا بحكاية تعود إلى فترة ما بين الحربين العالميتين والتي تروى عن غواص: «سنأخذ محمد إلى هناك (أي جزيرة غاغا) ونترك له طعاماً لثلاثة أشهر، وسنعود إليه بعد ذلك، فإن بقي حيّا أعدناه». وختم مارك بيتش بالإشارة إلى وجود قطع خزفية في دلما وجزر أخرى تفيد بوجود ارتباطات تجارية بإيران والصين. يبقى القول إن الندوة اللاحقة في إطار برنامج جامعة نيويورك الثقافي تقام مساء الاثنين من الأسبوع المقبل في حرم الجامعة وتحمل العنوان: «تقنيات وسياسات الخبرات المعمارية – دراسة حالة الخليج»، ويتحدث فيها الباحث أحمد كنا من جامعة المحيط الهادئ. سكين أثرية أكد الدكتور مارك بتيش، اكتشاف «سكين أثرية» يصل عمرها إلى نحو 130 ألف عام في «جبل بركة»، الذي يعتبر أقدم موقع أثري على طول ساحل الخليج العربي، حيث تم اكتشاف كنوز أثرية في عام 1993.وأوضح أن هذه القطعة الأثرية الصخرية، تؤكد أن التاريخ الأثري الحافل لساحل أبوظبي يمتد إلى ما قبل «الحضارة اللؤلؤية”. وقال الدكتور بيتش، بينما كان يعرض صورة له ممسكاً بصخرة قاطعة في يده، «إنها صخرة يوجد بها رقائق، ويطلق على هذا النوع من الرقائق اسم ليفالويس» وأضاف «كانوا يستخدمون هذه الأدوات لذبح الحيوانات، وأشرت إلى أنها وجدت قبالة الساحل اليوم، ولكنه لم يكن ساحلاً في ذلك الوقت، وإنما كان في الحقيقة نهراً قديماً». وتابع «ما كانوا يفعلونه هو الصيد على طول النهر باستخدام هذه الأدوات، وأتصور أنه يمكننا اعتبارها مثل سكاكين الجيش السويسري متعددة الاستخدامات في عصرها، والتي كانت تستخدم في عملية الذبح».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©