الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

"الحرب على الإرهاب".. بالطريقة الصينية

21 مايو 2007 01:41
بكين - خاص: يلاحظ بعض المراقبين الدوليين أن نجم الصين المتصاعد له من نقاط التشابه مع صعود نجم الولايات المتحدة قبل قرن من الزمان تقريباً، أكثر بكثير مما قد يقتصر على الصعد الاقتصادية والصناعية والتكنولوجية حيث تبدو الصين اللاعب الأبرز في الكثير من الصناعات على الساحة العالمية، فالأمر يتعدّى ذلك إلى ما هو أهم·· إنه يتعدّاه إلى السياسة، بحيث بدأت الصين برسم سياسات واستراتيجيات داخلية تتماهى إلى حد كبير مع السياسة الأميركية الحالية وما يمكن اختصاره بـ''الحرب على الإرهاب''· لقد اشتهرت الصين بقرصنة بعض الصناعات والتقنيات التكنولوجية وتصديرها إلى العالم ممهورة بعبارة ''صُنِعَ في الصين''· أما الآن فالحديث عن طريقة جديدة للحرب على الإرهاب·· ولكن صينية، هذا ما تناقشه السطور التالية: منذ وقت ليس ببعيد أعلن الرئيس الصيني ''هو جنتاو'' أن بلاده باتت ''ضحيّة الإرهاب'' مشيرا إلى بعض المجموعات المسلحة في الغرب الأقصى للصين'' وتحديداً في مقاطع ''شينجيانج'' التي تحارب -حسبما قال- للحصول ولو على جزء ضئيل من الحكم الذاتي، بمعزل عن الحكومة المركزية ذات التوجّهات الشيوعية· كلام ''جنتاو'' جاء على خلفية المداهمة التي قامت بها الشرطة الصينية مطلع هذا العام لبعض مواقع المحاربين المنتمين إلى حركة شرق تركستان الإسلامية )شةح( والذين يستوطنون المقاطعة المذكورة الشهيرة بغالبيتها الإسلامية، ما أسفر آنذاك عن مقتل ضابط صيني احتفت به الإدارة الصينية، وكأنه شهيد الثورة البلشفية!، في حين قُتِل أكثر من 18 محارباً، وأعتقل 17 مشبوهاً قيل أنهم ينتمون إلى تنظيم ''القاعدة''· وقد كانت هذه المواجهة الأكثر دموية في تاريخ النزاع المستمر بين قوّات الحكومة الصينية وحركات المقاومة في الجبال الشرقية للصين· تدابير مشدّدة منذ حصول المواجهة في يناير المنصرم، عمدت الحكومة الصينية إلى إرسال أعداد متزايدة من القوّات والجنود إلى مقاطعة ''شينجيانغ''، وتم اتخاذ تدابير مشدّدة ضيّقت الخناق قليلاً على حركة الأهالي المسالمين بدواعي السيطرة على بعض ''الإرهابيين'' المختبئين في المنطقة· لم يقتصر الأمر على ذلك فحسب، بل عزّزت الصين قوّاتها على حدودها الجبليّة مع دول الجوار ومنها ''طاجكستان'' و''افغانستان'' و''باكستان'' بحيث اعتبرت هذه الدول الملجأ والمحرّض للمسلمين في المنطقة· كما بسطت سيطرتها على مطار ''كاشغار'' في المقاطعة، وعمدت الشرطة إلى تفتيش السيارات بشكل دوري، كما أنها نشرت بعض أفرادها بلباس مدني وليس عسكري للإطلاع، ولمراقبة كل تحرّك أو تجمّع عن كثب، حتى وإن كان التجمّع من أجل افتتاح سوبرماركت في محلة صغيرة، الأمر الذي أدى إلى امتناع الكثير من سكان المقاطعة عن الخروج ليلاً منعاً لأية شكوك قد تساور القوّات الصينيّة بشأنهم· على صعيد آخر، تتّجه بكين إلى بناء مصانع ومبانٍ، وإلى افتتاح أعمال تجارية ضخمة لإزالة الطابع التقليدي و''الإسلامي'' عن المنطقة، فهي تريد إدخال التطوّر والنمو الذي عصف بالكثير من المدن الصينية إلى مقاطعة ''شينجيانغ''، وهي لهذا الغرض تضخّ المليارات من الـ''يوان'' (العملة المحلية) لتطوير وإعادة إحياء طريق تجارة الحرير القديم الذي كان يمرّ على حدود المقاطعة المذكورة، وذلك عبر تزويده بخطوط أنابيب لنقل النفط وسكك حديدية تسهّل نقل البضائع والالكترونيات والأقمشة إلى خارج الصين، كما تسهّل استيراد النفط والغاز من دول آسيا الوسطى· ولكن الأحلام البكينية لا تحظى بأذان صاغية كافية، إذ أن المستثمرين يفرّون من المنطقة خوفاً من حصول أي اضطراب أمني أو مواجهة جديدة بين القوّات الصينية وحركات المقاومة· إنجازات ولكن··· استخدمت الصين شعار ''الحرب على الإرهاب'' لتأسيس ما يُعرف بـ''منظمة شانغهاي للتعاون'' والتي تضمّ روسيا و''كازاخستان'' و''اوزبكستان'' و''كريغزستان'' لدعم الصين في حال حصول مواجهة من العيار الثقيل مع القوّات ''الإرهابيّة''، كما أنها رفعت هذه الراية لتبرير معاهدة التعاون بين الصين وروسيا في مجال التدريبات العسكرية التي وقعت في العام ·2005 أخيراً وليس آخراً، لجأت الصين إلى شعارها المستورد من الولايات المتحدة لحمل الأمم المتحدة على تصنيف حركة (ETIM) حركة إرهابيّة· بغض النظر عن هذه الإنجازات، فلا تزال الحكومة الصينية قلقة بشأن حصول أي ثورة أو اضطراب أمني في مقاطعة ''شينجيانغ'' فحسبما تشير الإحصاءات الرسميّة، فإنّ الاضطرابات الأمنية قد أدّت إلى مقتل 162 شخصاً وأكثر من 400 جريح بين العامين 1990 و·2001 ليس أدلّ على هذه المخاوف الرسمية من قيام الصين في العام 2003 بإصدار قرار يمنع ركاب الطائرات من نقل السوائل خلال أسفارهم خوفاً من أن يحملوا أي مواد كيميائية سامّة أو قاتلة، وهو قانون سرى في الصين قبل سريانه في أي من الدول الأوروبية والأميركية· التحكم حتى بالساعة أما الأمر الطريف جداً فهو أن الحكومة الصينية تريد أيضاً السيطرة على توقيت المقاطعة، إذ أنها أصدرت قراراً بوجوب أن تتماهى مقاطعة ''شينجيانغ'' مع العاصمة بكين في التوقيت عينه على الرغم من أنها تبعد عن هذه الأخيرة نحو 3000 كيلومتر· وبمنأى عن القرار الرسمي، فلا تزال ساعة المسجد في ''كاشغار'' مضبوطة وفقاً للتوقيت المحلي الذي يتأخر عن توقيت بكين بساعتين، وذلك في حركة اعتراضية صامتة على السياسات الخانقة واللامبرّرة التي تعتمدها الحكومة لـ''السيطرة على الإرهاب''، ولكن الصيني هذه المرة· ''أورينت برس''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©