الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

الجنرال يكشف خبايا الحرب في أفغانستان والعراق

22 مايو 2007 00:34
غادة سليم: تتوالى يوما بعد يوم اعترافات الدائرة المقربة من صناعة القرار في الإدارة الأميركية لتكشف لنا المزيد عن خبايا الحرب على الإرهاب· لقد خرج قبل أيام الرجل الثاني في القيادة العسكرية الأميركية للعمليات عن صمته، وكشف حقيقة ما جرى وراء الكواليس في الحربين على أفغانستان والعراق· إذ يعتبر الكتاب الذي صدر في 14 مايو الجاري للجنرال ''مايكل ديلونج'' بعنوان ''الجنرال يتحدث'' هو الأحدث في سلسلة الانتقادات التي وجهها جنرالات متقاعدون لإدارة بوش، وتكمن أهميته فيما يقدمه الجنرال ''ديلونج'' للقارئ من صورة حية للمناقشات السرية والصراعات الخفية بين القيادات السياسية والعسكرية والاستخباراتية في الولايات المتحدة الأميركية أثناء الحرب على أفغانستان وغزو العراق· ويعد الكتاب الذي صدر في 240 صفحة توثيقا دقيقا لمرحلة حرجة من تاريخ أميركا تداخلت فيها الخيوط وتشابكت فيها المصالح واحتدمت فيها الخلافات· كتب مقدمة الكتاب الجنرال المتقاعد ''أنتوني زيني'' الذي تسلم قيادة القوات الأميركية في الخليج بين عامي 1997 و،2000 وكان الجنرال ''زيني'' يحظى باحترام كبير بين العسكريين الأميركيين بسبب مواقفه المنتقدة لاستراتيجية الإدارة الأميركية في الحرب على الإرهاب وكان قد أنهى تاريخه العسكري باستقالة، وتأتي مقدمته متممة لشهادة الجنرال ''مايكل ديلونج'' والذي كان قد قدم هو الآخر استقالة غير مسببة من منصبه عام 2006 اعتبرها المراقبون آنذاك ثاني أكبر تغيير في قيادة القيادة المركزية الأميركية بعد استقالة الجنرال ''تومي فرانكس'' قائد القيادة المركزية والذي خلفه الجنرال جون أبي زيد· وكان ''ديلونج'' قد حذر عدة مرات من الأبعاد المخيفة لقلب نظام الحكم في بلدين مثل أفغانستان والعراق· وكانت له عبارات شهيرة قالها للرئيس الأميركي ''جورج دبليو بوش'': ''توقع غير المتوقع·· الأخطاء هي أسهل شيء يحدث في الحرب·· ولا تنتظر أن تجني سلاماً من جحيم الحرب··''· قبل·· وبعد 11 سبتمبر لا شك أن أحداث الحادي عشر من سبتمبر تمثل نقطة انعطاف هائلة في تاريخ الولايات المتحدة· فلقد أصبح من الشائع استخدام هذا التاريخ للمقارنة بين التحولات التي حدثت قبل وبعد هجمات سبتمبر· وهذا ما أسهب في الحديث عنه الجنرال ''ديلونج'' في معرض حديثه عن كواليس صناعة القرارات العسكرية والخطط الأمنية· يقول الجنرال: ''إن انشغال القيادة العسكرية الأميركية بالإرهاب ليس بالأمر الجديد فقبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر كنت أنا والجنرال المتقاعد ''تومي فرانكس'' نعكف على تتبع مجريات الأحداث في 25 دولة في الشرق الأوسط من بينها مصر والأردن وباكستان''· وهي المنطقة التي وصفها ''ديلونج'' بالأخطر في العالم من حيث ما أسماه بالتطرف الإسلامي· واعتبر ''ديلونج'' أن هوس الولايات المتحدة بمحاربة الإرهاب لم يولد من رحم أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 بل قبل ذلك بأعوام، ودلل على ذلك بحادثة تفجير المدمرة الأميركية ''يو إس إس كول'' في أكتوبر 2000 التي تعرضت لهجوم انتحاري أثناء توقفها في ميناء عدن، ويقول في ذلك ''كنا نظن أننا مستعدون لهم، إلا أنهم فاجأونا باتباع أسلوب جديد· وبينما نحن منشغلون بالتحقيق لتتبع أثر منفذي الهجوم على المدمرة كول، فاجأونا مرة أخرى بتفجيرات الحادي عشر من سبتمبر، لذا كان لابد من عمل عسكري ضخم لاستئصال الإرهاب''· وقال الجنرال: ''قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر كنا نظن أننا نعلم كل شيء عن الشرق الأوسط· نعرف الناس وأماكن تواجدهم وماذا يفعلون وفيما يفكرون وكيف يخططون، كانت استخباراتنا تفينا بمعلومات مرضية جدا، وكان يكفي أن تحدث أية حادثة في أية بقعة في الشرق الأوسط لنحدد من الجهة التي تقف وراءها ومن يمولها وكيف ولماذا، لكن الأمر قد اختلف تماما بعد الحادي عشر من سبتمبر، فلم نكن نعرف شيئا ولم يدر ببالنا أنها القاعدة''· وأضاف: ''في الاجتماع الذي عقب تفجيرات سبتمبر كان الجميع حاضرون وكنا نتناقش وقتها قال رامسفيلد: ''بالتأكيد الأمر لا شأن له بالعراق·'' ورد ''جورج تينيت'': ''ليست العراق بل القاعدة''· وقتها اكتشفنا أن هناك معلومات منقوصة لم تكن تصلنا عبر الاستخبارات الفدرالية بشأن ما يجري داخل الولايات المتحدة، وعلمنا من ''جورج تينيت'' أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية كانت قد وضعت خطة لغزو أفغانستان قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر· عندها قال ''كولين باول'': ''إذاً فلنذهب إلي أفغانستان''· لكن رمسفيلد أراد أن يوسع الدائرة ويستأصل كافة اللاعبين، فأضاف العراق وسوريا وإيران وأكد عدة مرات أن الهجوم على الولايات المتحدة الأميركية مدعوم من قبل الحكومات وهو أكبر من نشاط الجماعات المتطرفة· كيس الولاء الأخضر يمضي الجنرال ''يلونج'' في حديثه عن كواليس الحرب على الإرهاب فيعود بذاكرته إلى الاستعدادات للحرب في أفغانستان ليكشف لنا حقيقة مذهلة وهي أن الجيش الأميركي لم تكن لديه خطة للحرب، وأن من قدم الخطة هو جهاز الاستخبارات· وتحدث ''يلونج''عن لجوء الولايات المتحدة الأميركية إلى ضباط متقاعدين في الجيش السوفييتي المنحل للاستعانة بخبرتهم في القتال ضد الأفغان· وقال ''يلونج'': ''لم نجد جنرالات نتحدث إليهم بل مجموعة ضباط من رتب أقل، لم يسبق أن تولوا القيادة يوما ما، لذا كان علينا أن نجد مصدرا آخر للمعلومات، ولم تكن هناك خطة محددة لدى الجيش بل آراء متضاربة واقتراحات مختلفة، وكان الجنرال شيلتون يجتمع بقادة القوات في كامب ديفيد ليسألهم: ''ماذا لدينا في أفغانستان؟'' وكان ''رمسفيلد'' على متن طائرته يسأل مستشاريه في وزارة الدفاع: ''ماذا أعددتم لأفغانستان؟'' لم تكن الرؤى واضحة، بعكس ''جورج تينيت'' رئيس الاستخبارات الذي كان لديه رجال في أفغانستان· وكانت خطة تينيت تتلخص في ''القضاء على طالبان من الداخل بمساعدة جيش التحالف الشمالي بقيادة الجنرال ''فهيم خان'' وزير الدفاع آنذاك، وقال ديلونج: ''كانت خطة تينيت هي الحل الوحيد، وهي اللجوء إلى المال لشراء ذمم الأفغان وجعلهم يحاربون ''طالبان'' نيابة عنا، وكما يحدث في الأفلام الأميركية فإن تلك القوات الخاصة قد حولت قوات التحالف خلال ثلاثة أسابيع إلى قوة قادرة على اكتساح قوات ''طالبان'' التي أنهكتها فاعلية القنابل الأميركية، ولم تنزل القوات الأميركية فعليا أرض المعركة إلا متأخرا وبصحبة العديد من المحاربين الأفغان·'' وأضاف الجنرال ديلونج: ''عند الاتفاق مع فهيم خان التقى بالجنرال ''تومي فرانكس'' على متن طائرة متوقفة في مدرج طائرات وتسلم منه أكياس قمامة خضراء اللون بها ملايين الدولارات ثمن ولائه للقوات الأميركية· قال إنه سينفق منها على المقاتلين الأفغان لشراء ولائهم وإقناعهم بالعمل مع الأميركيين، بالإضافة إلى 3 ملايين دولار خالصة لكل قائد فرقة· وكان ''تومي فرانكس'' في الأسابيع الأولى يتابع تطورات الوضع على أرض المعركة من خلال الجنرال فهيم· لم يكن لدينا أدنى شك في الفوز لكننا كنا متشككون في مدى ولاء المحاربين الأفغان لنا''· الطريق إلى بغداد تحدث الجنرال ''ديلونج'' عن التخطيط لغزو العراق والإطاحة بنظام صدام وعلاقة ذلك بالحرب على الإرهاب فقال: ''كانت استخباراتنا تؤكد لنا باستمرار وجود فلول من عناصر تنظيم القاعدة تتمركز على الحدود العراقية الإيرانية، وأن بحوزتهم أسلحة كيماوية''· وكانت عناصر المخابرات الأميركية تلتقي بضباط رفيعي المستوى في حكومة صدام حسين يؤكدون لهم أن صدام حسين على علم بوجود القاعدة، في الوقت ذاته كنا لا نزال معنيين بضمان تنفيذ قرارات الأمم المتحدة بحصار العراق وكان الجيش العراقي يهدد الطائرات الأميركية· وفي أواخر 2002 كان الرئيس بوش قد عقد العزم على الإطاحة بنظام صدام عسكريا· وأضاف الجنرال ''ديلونج'': أن ''جورج تينيت'' كان يخشى الذهاب إلى العراق ولكن لعلمه بتحمس نائب الرئيس ديك تشيني لمهاجمة العراق احتفظ بآرائه لنفسه· وكان مفهوم رمسفيلد الاستراتيجي لحرب العراق يقوم على فكرة إمكانية تحقيق النصر في أقصر وقت ممكن· وعن ''أحمد الجلبي'' قال الجنرال ''ديلونج'' إن الجنرال ''تومي فرانكس'' قلق منه وكان يضع خططا بديلة للمعركة في حال فشل ''أحمد الجلبي'' في تنفيذ وعوده· أما ''دونالد رمسفيلد'' ومساعده بول وولفويتز فكانوا مؤمنون به ويرون أنه سيكون رجلنا في العراق إذا ما ساعدناه للوصول إلى السلطة· ويرى الجنرال ديلونج في كتابه أن سبب تحمس وزير الدفاع الأميركي ونائبه إلى الجلبي نابع من كراهية الديمقراطيين له ولحزبه المؤتمر الوطني العراقي، وأن الأمر لم يكن له علاقة بمصداقية الجلبي· وقال الجنرال: لقد كانت لدينا معلومات أكيدة بأن أحمد الجلبي سرق مليارا و200 مليون دولار من الأردن، إلا أننا تحت ضغط وزير الدفاع قررنا أن نتعامل معه ومع رفاقه بأعين مفتوحة وبحذر مستمر· إلى أن أثبتت الأيام أن رجاله كانوا وراء السلب والنهب الذي شهدته المدن العراقية وأن أجندتهم لم تكن وطنية بل قامت على جمع الغنائم والتكسب من الحرب''·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©