الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اضطرابات سوريا... تهدد التوافق العراقي الهش

اضطرابات سوريا... تهدد التوافق العراقي الهش
11 ديسمبر 2011 21:31
فـي ذات اللحظـة التـي تنسحـب فيهـا القوات الأميركية من العراق، يهدد التمرد في سوريا المجاورة بتخريب الوفاق السياسي الهش في البلاد، والذي ظلت الولايات المتحدة تحاول جاهدة على مدى السنوات القليلة الماضية الحفاظ عليه. وبينما يتخذ الصراع في سوريا -تدريجياً- أبعاداً طائفية، تتعرض الحزازات المتبادلة بين الأغلبية الشيعية في العراق، والأقليتين السنية والكردية، والتي كُبتت لحد ما في السنوات الأخيرة، لخطر الانفجار مجدداً. والتركيبة الطائفية في سوريا هي صورة معكوسة من مثيلتها في العراق حيث تسيطر أقلية علوية شيعية على النظام الذي يواجه حركة الاحتجاج النابعة لحد كبير من الأغلبية السنية في البلاد. وقد اتهم سنة العراق الشيعة في بلدهم بإرسال رجال مليشيات لمساعدة الرئيس السوري بشار الأسد، كما يدعي الشيعة العراقيون أن السنة يتطوعون للقتال في "جيش سوريا الحرة" المنشق. والجانبان معاً يخشيان من تداعيات التغير السريع في ميزان القوى في المنطقة، على العراق. يقول "توبي جودج"، محلل العلاقات الدولية في مدرسة لندن للاقتصاد، إن "سوريا كما هو معروف تلعب في عدد من القضايا غير المحسومة في العراق، وتعتبر عاملاً مزعزعاً لاستقراره، خصوصاً ونحن ندخل في ديناميات ما بعد الانسحاب". هذا تحديداً هو السياق الذي يناشد فيه وزير خارجية العراق "هوشيار زيباري" الآخرين، تفهم موقف العراق تجاه سوريا الذي يتعرض للكثير من الانتقادات. فامتناع العراق عن التصويت على قرار الجامعة العربية الذي علق عضوية سوريا في المنظمة، وفرض عليها عقوبات، يجب ألا يٌُقرأ -كما يقول الوزير العراقي- على أنه يعني دعماً ضمنياً لنظام الأسد، وإنما على أنه كان موقفاً لا مفر منه بسبب هشاشة العراق السياسية. وقال زيباري: "وظيفتي هي البحث عن الرأي الذي يتبناه التيار الرئيسي، للحيلولة دون انفجار الموقف السياسي في البلاد". وأضاف: "الصراع الناشب في سوريا يتخذ بشكل أو بآخر بعداً طائفياً، ما يعني أن شيعة العراق يمكن أن يتصرفوا بطريقة ما، والسنة بطريقة أخرى والأكراد بطريقة ثالثة". وسوريا ليست هي مصدر الاحتكاك الوحيد الذي يمكن أن يؤدي لهز استقرار العراق بمجرد انسحاب القوات الأميركية، فهناك أيضاً العديد من المشكلات والقضايا التي افترضت الولايات المتحدة أنه سيتم حلها بواسطة حكومة الائتلاف العراقي الحاكم، إلا أنها ظلت من دون حل، ويمكن أن تطفو على السطح مجدداً في الوقت الذي يستعد فيه الجنود الأميركيون المتبقون الذين لا يزيد عددهم عن آلاف قليلة، للانسحاب من البلاد. من بين تلك الإشكالات الصفقة الجسورة -أو المتهورة كما يصفها البعض- والتي عقدتها شركة "إكسون" النفطية العملاقة مع حكومة إقليم كردستان العراق، والتي أدت لمفاقمة التوتر بين هذه المنطقة المتمتعة بالحكم الذاتي، والحكومة المركزية حول حق السيطرة على ثروة البلاد النفطية. وهناك أيضاً الاعتقالات الأخيرة التي قامت بها الحكومة العراقية، وشملت المئات من العناصر التي قالت المصادر إنهم متعاطفون مع حزب "البعث" السابق والذين ينتمي معظمهم إلى الطائفة السنية، وهو ما دفع بثلاث من المحافظات ذات الأغلبية السنية المتاخمة لسوريا، لتشكيل مناطقها الخاصة المستقلة ذاتياً، كوسيلة لمواجهة النفوذ المتزايد للحكومة المركزية في بغداد، والتي يهيمن عليها الشيعة. هذه القوى المتنافرة تفاقم من مخاوف العراق الطويلة الأمد من استغلال الدول المجاورة لرحيل القوات الأميركية منه، في تعزيز مصالحها الخاصة. فتركيا وإيران والسعودية... جميعها تتنافس على النفوذ في العراق، بالإضافة بالطبع لسوريا. وقد اختارت كل واحدة منها الوقوف وراء قوة ما من القوى المتنافسة والمتضاربة في العراق. يقول زيباري مشيراً لذلك: "التحدي الرئيسي الذي يواجهنا بعد عام 2011، هو المحافظة على الوفاق القائم في العراق، وعدم السماح لأي قوة أخرى بملء الفراغ الذي سيتركه الأميركيون". والتهديد الموجه حالياً لنظام "البعث" السوري المستمر في الحكم منذ 48 عاماً، يزيد من احتمالات تدخل القوى الراغبة في استغلال رحيل الأميركيين. وعلى وجه الخصوص إيران، التي تمارس في الوقت الراهن نفوذاً كبيراً على النظام في بغداد، وترتبط في نفس الوقت مع نظام الأسد بروابط وثيقة. لكن إيران عندما تحاول تعزيز نفوذها، سوف تصطدم حتماً بتركيا التي تعمل هي الأخرى على تعزيز تواجدها ونفوذها في العراق، وقد ألقت بثقلها كله وراء حركة الاحتجاج السورية، كما ترتبط بعلاقات وثيقة مع كبار السياسيين السنة في العراق. يقول محمود عثمان، المشرع الكردي وعضو البرلمان العراقي، "إن جزءاً كبيراً من هذا الصراع سوف يكون على الأرض العراقية وسوف نعاني جرّاء ذلك". وأكثر ما يخشاه شيعة العراق هو أن تتمكن حكومة سنية إسلامية من السيطرة على الحكم في دمشق، وتسعى بعد ذلك لإقامة تحالف مع سنة العراق المتذمرين والذين ما زالوا يشعرون بالمرارة بسبب فقدان نفوذهم بعد سقوط صدام حسين. ويقول "نعيم العبادي"، مدير مركز العراق للأبحاث والدراسات في مدينة النجف ذات الأغلبية الشيعية، إنه "إذا ما تحولت سوريا إلى دولة ديمقراطية ليبرالية، فسوف يكون ذلك أمراً جيداً، أما إذا ما جاء الإخوان المسلمون للحكم فإن موضوع السنة والشيعة في العراق سوف يبعث مرة ثانية في العراق". ليز سلاي - بغداد ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©