الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البخلاء الجدد.. دائماً

22 مايو 2007 00:40
قد يظن البعض أن ما سأتحدث عنه اليوم هو امتداد لكتاب (البخلاء) لأبي عثمان الجاحظ، لكنني في الواقع لا أود الرجوع إلى ختام القرن التاسع عشر لأبدأ المقارنة بين بخلاء الماضي وبخلاء الحاضر ومعاصريه، وقد يكون العنوان إما سبباً لدخولي عالم النقاد والحكماء، أو سبباً لدخولي عالم السرقة أو الاقتباس، إلا أنني سمعت مؤخراً القول الذي يؤكد بأن (الاقتباس) لا يفسد للود قضية···!! عموماً··· ما أردت الخوض في الحديث عنه هو الكمية الهائلة التي نراها من البخلاء والتي باتت تزعزع أمن واستقرار كوكبنا الكريم، وهناءة أنفسنا وبسط أيدينا، والفطرة التي اندمجت بها أرواحنا وهي فطرة العطاء والسخاء، إن ما نراه يومياً من مشاهد وصور للبخل الفظيع لا يقتصر فقط على البخل المادي، وإنما على المعنوي كذلك، ولا يقتصر على البخل في التعامل مع الآخرين فقط، وإنما على الذات أيضاً، وإن اضطررت للحديث عن البخل لوجدت نفسي قد دخلت إلى متاهات لا أرغب حقاً في الدخول إليها، كون ذكر هذه الصفة أمامي غالباً ما يصيبني بالنفور والاشمئزاز، لكن قبل أن أعرض السبب الذي دفعني إلى هذا الشعور أود فعلاً الحصول على إجابات مقنعة لكل سؤال يدور في خاطري وأعجز عن الحصول على ربع اجابة مقنعة له، لم وجدت صفة البخل في الناس···؟، ولم يبخل المرء مادياً على غيره وعلى نفسه···؟ هل هو حب للتجميع (والتكنيز)···؟ ولم يبخل المرء معنوياً كذلك···؟ هل هو استكثار واستكبار···؟ أم أنه تصغير للغير وللشأن···؟ ولم يبخل الأب على أبنائه بأن يحرمهم من وقته، وأن تبخل الأم على أبنائها بالتربية الصحيحة الصالحة، ولم يبخل الزوج على زوجته بالكلمة الطيبة والعطف والرحمة (والرفق بها) كما أوصانا الرسول (صلى الله عليه وسلم) بقوله: (رفقاً بالقوارير) أي بالنساء، وبالعطاء في الوقت الذي ينفق فيه مادياً ومعنوياً على (ربعه) وأهله بكل قناعة وسخاء، ولم تبخل الزوجة بتفهم زوجها والصبر عليه والاعتناء به، ولم يبخل الأبناء على آبائهم بالبر والطاعة، ويبخل رب العمل على موظفيه بالمعاملة الحسنة والمكافئة، وتبخل سيدة المنزل بالاشفاق على خادمته، والطالب باحترام أستاذه؟! أسئلة كثيرة جداً احترت في ايجاد جواب مقنع لها، قد يجد اجابتها كل بخيل في ذاته، فالمخطئ فينا هو وحده من يستطيع التوصل إلى الأسباب التي دفعته إلى ذلك الخطأ، وإن راجع نفسه قليلاً، وعاتبها عتاباً شديداً (مفيداً)، سيجد الاجابة أمام عينيه، وسيجد الحل بين يديه، ويستطيع كل منا أن يمنح كلماته لمن حوله، وأن يهدي أقرب الناس إليه، وإن كان ما يقدمه شيئاً بسيطاً، فالعطاء والتهادي في الرموز ومدلولاتها لا في قمتها النقدية، كما قال صلى الله عليه وسلم: (تهادوا تحابوا)، وكل ذلك ينبع من نهر الكرم والعطاء، لينصب أخيراً في ميزان الأجر والحسنات، فلم يسعى كل منا إلى انقاص هذه الحسنات والبخل على نفسه قبل أن يبخل على غيره···؟! فأقلها أن يكون كريماً بابتسامته، (فتبسمك في وجه أخيك صدقة) وليتذكر كل منا قول الله عز وجل في كتابه الحكيم: (ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيراً لهم بل هو شر لهم سيطوقون بما بخلوا به يوم القيامة ولله ميراث السماوات والأرض والله بما تعملون خبير) صدق الله العظيم· (آل عمران)- 180)· قارئة - أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©