الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ما هو الطريق إلى التقدم؟

21 ديسمبر 2014 23:21
يطمح كل إنسان سوّي إلى أن يحقق لنفسه وأسرته ومجتمعه ووطنه التقدم والعزة، وأن يحمي ذاته من المكاره والنوائب، وهو طموح سليم مشروع، لكن ماهو الطريق إلى التقدم؟ وكيف يحقق الإنسان أهدافه وطموحات وطنه؟ إن الطريق الطبيعي هو أن يوجه الإنسان طاقاته وقدراته في المكان الصحيح، فيتعلم ويفكر ويخطط، ويعمل ويتحرك ويجتهد، وكلما اجتهد أكثر كانت فرصه في التقدم أكبر. لا يمكن للفرد أن يحقق لنفسه التقدم بغض النظر عن واقع مجتمعه، لذلك ندرك بأن العلاقة بين تقدم الفرد وتقدم مجتمعه علاقة تكاملية. والنظرة الواعية للحياة، تكشف للإنسان وجود علاقة وثيقة بين واقعه وواقع مجتمعه، فمهما كانت قدراته وكفاءاته، ومهما حقق من تقدم وإنجاز، سيبقى متأثراً بالوضع العام لمجتمعه، لذلك ينبغي أن يكون تفكيره واهتمامه ضمن دائرتين ومحورين: البناء الذاتي لنفسه، والإسهام في البناء العام للمجتمع. والإنسان يتأثر بالأجواء التي يعيشها مجتمعه، فإذا كانت أجواء صالحة، تعبق بالقيم الرفيعة، وتدفع نحو الفاعلية والرقي، فإنها تشكل أرضية مساعدة لانطلاق الفرد وتقدمه. فالفرد جزء من مجموع، يتفاعل ويتناغم مع الحالة السائدة عادة، وهذا واضح في المجال الصحي مثلا، حيث إن اختلاطه بالناس المصابين ببعض الأمراض يعرضه للإصابة عن طريق العدوى، وهكذا فإن كثيراً من الأفكار والسلوكيات يأخذها الفرد ويتطبع عليها من خلال تكيفه الاجتماعي، فنحن أبناء الإمارات ننتمي لأمة قوية، ويربطنا مجتمع عزيز، وذلك يوفّر لنا الحماية والمنعة، فلابد أن ندرك مدى أهمية أن يكون الهم الاجتماعي العام حاضراً في تفكيرنا ومدرجاً في جدول اهتماماتنا وأن نفكر في المحافظة الدائمة على وطننا لبناء وتطور أجيال الإمارات، فالمسؤولية مسؤولية الجميع، وكل فرد على أرض الإمارات على عاتقة جزء من الأمانة، وعليه أن يستحضر التفكير والاهتمام بواقع مجتمعه، وأن يجعل ذلك جزءاً من برنامج حركته وسعيه. ومهما كان انشغال الإنسان بشؤونه الخاصة، فبإمكانه إنفاق جزء من وقته يومياً من أجل الخدمة الوطنية والعامة لأبناء وطنه، فلابد من دعم التقدم في المجتمع، وعلى الأفراد أن يشجعوا كل مبادرة ونشاط إيجابي ينبثق من أرض مجتمعهم، فالتشجيع والتفاعل أمران ضروريان لتحفيز الإنتاجية، وتطويرها في مختلف المجالات. فالعالم إذا التف حولـه أبناء مجتمعه، والخطيب إذا تجاوب معه المستمعون، والمفكر إذا لاحظ الاستقبال لأفكاره، والأديب إذا أحس بأصداء عطائه، والمصنّع إذا راجت بضاعته، والمزارع إذا اشترى الناس إنتاجه.. كل ذلك يشكل ديناميكية للتقدم والتطور في حركة المجتمع. الإنسان لا يعيش في جزيرة منعزلا بمفرده بل يعيش في وسط اجتماعي يؤثر فيه ويتأثر به، ولا يمكن أن تكون علاقته إيجابية وبنّاءة مع الآخرين إلا إذا انخرط في التعايش والتوافق والتمسك بمجموعة من القيم والمبادئ المشتركة. ولابد أن يدرك أن خدمة مجتمعه ووطنه حق لهذا الوطن المعطاء، فلا يتذمر لانتقاص جزء من وقته وحريته أو مجهوده من ناحية، في سبيل تحقيق البناء والتقدم للمجتمع الذي يعيش فيه من ناحية أخرى.. ومن ثم يكسب قيماً أخرى أكثر أهمية وعمقاً في حال وجود مجتمع قوي يعيش فيه الأمن والأمان والتضامن والتكافل والسمو والارتقاء، كما هو حال شعبنا أمام شعوب العالم الأخرى. وإذا بخل الفرد بمجرد السلام والتواد والتراحم مع الآخرين، وهي أبسط مشاعر الإنسانية السوية، فلا يمكن أن نتوقع منه التضحية بما هو أكبر، وعند ذاك تسود الفردية والأنانية وتغليب المصلحة الذاتية، ويكون شعار كل فرد من قبيل: «أنا ومن ورائي الطوفان»، و«الغاية تبرر الوسيلة». فمثل هذا الشخص بالأساس قد بخل على الناس حتى بمجرد أن يضع في بؤرة تفكيره وضميره مصلحة وحقوق وطنه عليه، ومن ثم فلا يجب على المرء أن يستخف بأفعاله مهما كانت بسيطة ويظن أنها لا تؤثر في المجتمع ككل، كما قد يظن البعض أن بعض الإخفاقات في المجتمع قد لا تعود عليه بالضرر الشخصي طالما أنه معافى في نفسه وأسرته وهذا خطأ كبير لأن مقياس المكسب والخسارة هنا لا يجب أن يقاس بالمعيار المادي الشخصي فقط، فمكانة الفرد في العالم من مكانة المجتمع الذي ينتمي إليه، لذلك نجد أن قيمة المواطن الإماراتي في المجتمعات الأخرى قيمة عالية جداً، لذلك نجد أن الدولة تبذل الغالي والثمين مقابل استعادة أشلاء أو رفات لمواطن من مواطنيها توفي في الخارج، في حين أن مجتمعات أخرى يموت أفرادها بالملايين ولا تهتز لأحد فيها شعرة. فما أهون الفرد حين يهون على أمته وما أهون الأمة إذا هانت في أعين أفرادها. علينا أن نحافظ على منجزاتنا، ونعمل على مواصلة مسيرة التنمية، فالشعوب تتقدم وتزدهر عندما يحافظ أبناؤها على منجزاتهم لتكون دافعاً قوياً لمضاعفة الجهود للوصول إلى مصاف الدول المتقدمة. مهره سعيد المهيري * * كاتبة إماراتية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©