الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

العقارات المصرية في انتظار «قُبلة حياة» الاستقرار

العقارات المصرية في انتظار «قُبلة حياة» الاستقرار
11 ديسمبر 2011 23:15
تواجه السوق العقارية المصرية جمودا اقرب إلى الشلل انتظاراً لما سوف تسفر عنه فترة التحول السياسي، وهو ما انعكس سلباً على أداء السوق وأسعار الوحدات. وللمرة الأولى ومنذ اندلاع ثورة 25 يناير، سجلت أسعار العقارات بمختلف مستوياتها والأراضي المعدة للبناء في كافة المناطق تراجعاً ملموساً بين 10 و 20%. وهو ما يفسره متعاملون بالسوق بأنه نتيجة طبيعية لوقوع المطورين العقاريين تحت ضغوط نقص السيولة وتوقف المبيعات وعدم القدرة على تسويق الوحدات رغم التيسيرات التي تسابقت الشركات على تقديمها للعملاء عبر ابتكار نظم مرنة لسداد الأقساط والإعفاء من الفوائد لمدة زمنية وصلت إلى 7 سنوات. ورغم هذا التراجع السعري الكبير، فإن حركة المبيعات تمضي في اتجاه عكسي على صعيد انخفاض أعداد المشتريين الجدد وانسحاب الحاجزين القدامى من استكمال صفقات الشراء التي وقعوها في أوقات سابقة وتوقف 80% من الحاجزين في بعض المشروعات الكبرى عن سداد الأقساط مما ضاعف أزمة نقص السيولة لدى الشركات العقارية. ولعب تراجع الأسعار دوراً محورياً في دفع الراغبين في شراء وحدة سكنية إلى الانتظار أملاً في حدوث المزيد من التراجع السعري مما أدى إلى نتيجة عكسية لم تكن تتوقعها الشركات عندما أقدمت على إجراء تخفيضاتها السعرية وهي الحيلولة دون إقدام المشتريين المحتملين على اتخاذ قرارات فورية بالشراء. وزاد من الأزمة عجز الحكومة عن سداد مستحقات شركات المقاولات الكبرى من القطاعين العام والخاص عن أعمال سبق تنفيذها وتعثر مبادرة البنك الأهلي المصري بسداد هذه المستحقات نيابة عن الحكومة بعد أن رصد لهذه المبادرة نحو 5 مليارات جنيه وذلك بسبب رفض وزارة المالية تحمل فائدة المبالغ التي كان من المقرر سدادها لهذه الشركات عن الفترة الزمنية الفاصلة بين تاريخ سداد البنك الأهلي وتاريخ تحصيل هذه الأموال من الحكومة وأدى فشل المبادرة التي كان يستعد بنك حكومي آخر هو بنك مصر للمشاركة فيها الى مزيد من الاختناق المالي لشركات المقاولات وهو ما انتقل بدوره الى الشركات الصغرى والمطورين العقاريين الذين عجزوا عن الالتزام بالبرامج الزمنية لتنفيذ المشروعات. ويتخوف أصحاب المشروعات العقارية من تأثيرات سلبية لتوقف تنفيذ الأعمال على الأسعار مستقبلاً حيث إن مؤشر أسعار المواد الخام في تزايد مستمر مما سيلقي بأثاره على تسعير الوحدات خصوصاً إذا ما ترافق ذلك مع عودة الاستقرار السياسي والأمني للبلاد وعودة النشاط الاقتصادي إلى أوضاعه السابقة وبالتالي عودة القوى الشرائية التقليدية الى السوق العقارية عند مستويات سعرية مرتفعة مما يحرم فئات كثيرة من الاستفادة بمزايا الأسعار المنخفضة حالياً. وبسبب فشل سياسة التخفيض السعري وتيسيرات السداد تسعى الشركات العقارية إلى الخروج من هذه الدائرة عبر اللجوء إلى التعاقد على البيع الأجل سواء للأفراد أو التجمعات الجماهيرية عبر النقابات المهنية والعمالية وغيرها بهدف تثبيت الأسعار والحصول على ضمانات بالشراء من هذه الهيئات. وتتخوف الشركات العقارية من أن يلعب المشروع القومي للإسكان، الذي بدأت من خلاله وزارة الإسكان طرح قطع أراض صغيرة لبناء منازل عائلية، دوراً في مزيد من الآثار السلبية على السوق العقارية حيث سيزيد المعروض من الأراضي وسيستمر تراجع السيولة في الأسواق مما قد يؤدي إلى ضرب الأسعار في مقتل وتكبد الشركات خسائر غير محتملة. ويؤكد خبراء عقاريون ومتعاملون في السوق أن ثمة ضحايا جددا يتساقطون كل يوم خاصة من بين الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تضررت مباشرة من تراجع المبيعات وارتفاع التكلفة في ظل هشاشة الأوضاع المالية لهذه الشركات التي كانت تعتمد على تدفقات الحجز من العملاء لتمويل التنفيذ مباشرة وربط تسليم الوحدات بسداد نحو 80% من قيمتها وبناء دراسات الجدوى والبرامج الزمنية للتنفيذ وفقاً لجداول سداد العملاء مما وضع هذه الشركات في مأزق جعل الكثير منها يخرج من السوق أو يتعثر ماليا.ً ويؤكد عبد الغني الجمال، رئيس شركة “رؤية” للاستثمار العقاري، أن الإجراءات المطلوبة لدعم القطاع العقاري في مصر تتمثل بالدرجة الأساسية في سداد مستحقات شركات المقاولات لدى الحكومة لأن هذه المستحقات تتجاوز نحو عشرة مليارات جنيه وحصول الشركات على هذه المستحقات أو جزء منها سوف ينعش السوق عبر توفير سيولة لإنهاء الأعمال والمشروعات المتوقفة ولا يهم بيع الوحدات في الوقت الراهن حيث يمكن للشركات الاستغناء عن البيع طالما توفرت لديها سيولة وبالتالي تمارس ضغوطا على الحاجزين بضرورة سداد الأقساط وتمنحهم مزيدا من التيسيرات على أن تقوم ببيع الوحدات عندما يسترد الاقتصاد عافيته. أما الإجراء الثاني فيتمثل في عودة الحكومة لطرح المزيد من المشروعات في مجال البنية التحتية، حتى تعود الحركة للقطاع بدلاً من استمرار الركود والانكماش الراهن لأن خسارة الشركات من عدم وجود أعمال مسندة اليها أكبر بكثير من خسائرها المترتبة على عدم القدرة على تصريف الوحدات. أما شريف رشدي، رئيس شركة “ايدار” العقارية، فيؤكد أن السوق العقارية وصلت الى أدنى نقطة لها بعد عشرة أشهر من توقف الأعمال وتردد المشترين وامتناع البنوك عن المساندة المالية وعجز الحكومة عن تقديم أي إجراءات تحفيزية لمساندة هذا القطاع وتواجه المشروعات العقارية صعوبات تسويقية هائلة ناتجة عن انسحاب قوى شرائية مؤثرة من السوق في مقدمتها الجاليات العربية المقيمة في مصر والتي كانت تمثل قوة شرائية كبيرة خاصة في ظل تيسيرات الملكية التي حصل عليها العرب فيما يتعلق بشراء العقارات بمصر وكذلك غياب القوى الشرائية الاستثمارية، مفضلة الاحتفاظ باستثماراتهم سائلة تحت أيديهم لمواجهة أي متغيرات.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©