الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

عبدالعزيز المسلم: علينا أن ننقذ ذاكرتنا الشعبية من الضياع

عبدالعزيز المسلم: علينا أن ننقذ ذاكرتنا الشعبية من الضياع
12 ديسمبر 2011 01:14
يعمل الشاعر والباحث عبدالعزيز المسلم مدير إدارة التراث بثقافية الشارقة، ومنذ فترة ليست بالقصيرة على توثيق الحكايات الشعبية والانشغال بأدب الرحلات كاهتمام خاص أو هوى شخصي يدخل ضمن مشروع متواصل للمسلم في الحفاظ على موروث المكان وذاكرته، وصون مكتسباته من الضياع والتشتت والنسيان. وفي سياق هذا البحث والانشغال، أصدر المسلم في الدورة الأخيرة من معرض الشارقة الدولي للكتاب، كتابين جديدين أحدهما بعنوان “مدائن الريح” والثاني حمل عنوان “حكايات خرافية”، وتضمن الكتاب الأول رصدا وانتباها للرحلات التي تعرف خلالها المسلم على مدن وحواضر متعددة ومتمايزة في اتساعها الجغرافي وعمقها التاريخي كي يقدم سردا متواترا وجميلا لانطباعاته الذاتية الممتزجة بمعلومات وافرة ودقيقة حول خصوصيات وتفاصيل وجماليات المدن التي زارها وتواصل معها روحيا وبصريا، أما كتابه الثاني فوثق فيه الحكايات الشعبية المتداخلة مع فضاءات الخرافة واللامعقول كنوع من التحوير أو اللعب الخيالي المدهش الذي مارسته الأمهات والجدات وروّج له الرواة الشعبيون في الإمارات كي تكون هذه الحكايات بمثابة صور متحركة ومتدفقة من ذهنية مسترسلة ومخزون سردي متنوع، في مجتمع شفاهي يعشق هذه الحكايات والقصص وينتظرها بشغف يكاد لا ينتهي. “الاتحاد” وبمناسبة إصدار هذين الكتابين التقت بعبدالعزيز المسلم كي يكشف عن تفاصيل ومناخات وانشغالات إصداريه الجديدين، حيث يقول عن كتابه “حكايات خرافية” والذي أهداه للراوية الكبيرة فاطمة بنت صقر النعيمي والتي وصفها بــ “الذاكرة التي لا تنضب”، أنه يوثق فيه الحكايات التي نقلها من كبار السن المقربين له أو الذين تعرف عليهم لاحقا، مؤكدا أن البحث والتنقيب في فنون هذا السرد البعيد والمتواري، يمكن أن ينقذ ذاكراتنا المحلية من تفاصيل ومعلومات ومشاهد مهمة ومؤثرة، لأنها يمكن وببساطة أن تغيب وتتلاشى مع غياب الرواة ورحيلهم، مما يعد خسارة كبيرة وهدر مؤسف لكنوز مدفونة ومخزنة في ذاكرة هؤلاء الرواة، وأوضح المسلم أن الحكايات الشعبية في الإمارات هي الحقل الأهم والأغنى في الأدب الشعبي لأنها الأكثر تداولا بين فئات المجتمع في الماضي، فلا يكاد بيت في تلك الفترة يخلو من ذكرها على مر الأيام والليالي وعبر الأزمان المختلفة، وأضاف “تنوعت أشكال هذا الجنس الأدبي حسب النسيج أو الهيئة وحسب السرد والموضوع، كما أن المرحلة السنية للمستمعين كان لها دور رئيس في تشكيل هذا التنوع”. أما عن اختياره لعنوان “مدائن الريح” لكتابه الذي وثق فيه مشاهداته وانطباعاته حول مدن كثيرة زارها في قارات العالم المختلفة، أن العنوان جاء من وحي الرحلات القديمة التي قام البحارة من سواحل الإمارات المتصالحة، حيث كانت الريح هي الوقود والمحرك لهذه الرحلات المكتسية ببياض الأشرعة والذاهبة باتجاه مدن تجارية شهيرة في آسيا وأفريقيا مثل صور ومومباسا وكاليكوت وحيدرآباد وغيرها. ونوه المسلم أن الكتاب صدر في طبعته الثانية، بعد أن نفذت الطبعة الأولى التي نشرت بنطاق محدود وضيق ضمن مشروع محدود (ارتياد الآفاق)، والذي حمل عنوانا فرعيا هو السندباد الجديد، وقال المسلم إنه اختار أن يوقع الطبعة الثانية من الكتاب في معرض الشارقة الدولي للكتاب كي يكون متاحا أمام أكبر شريحة من القراء الذين يميلون لأدب الرحلات. وحول تبويب وتقسيم الكتاب، أشار المسلم إلى أنه وزع أقسام الكتاب حسب القارات التي تضمها البلدان التي زارها، فبدأ بآسيا ومدنها مثل بيروت، وصور اللبنانية والأخرى العمانية، وطرابلس اللبنانية والأخرى الليبية، وعمّان، وبانكوك، وفي مدن أفريقيا: القاهرة، وزنجبار، والرباط ومراكش، والصويرة، وفي أوروبا: لشبونة، وباريس، وفي قارة أمريكا: مدينة أطلنطا، كما خصص قسما مستقلا للهند حيث زار فيها مدن : بنجلور، وحيدرآباد ونديبور، وميسور، ودلهي. وحول التكنيك أو الأسلوب الذي استخدمه لارتياد هذه المدن، أكد المسلم بأنه أتبع تكنيكا خاصا يعتمد على القراءة المسبقة لأهم المعالم التراثية والتاريخية والسياحية في هذه المدن، وكذلك المناطق المهمة التي تضمها، والعمل بعد ذلك على الوصول إليها ونقل الانطباعات الشخصية حولها وعمل مقارنات بين المعلومات الأرشيفية، والمعلومات الجديدة لواقع المكان وطبيعة الحياة والبشر الذين يصنعون النسيج الحي والمباشر واللحظي لهذه المدن والبلدان. وأوضح المسلم أن أهم رحلة كتب عنها هي الرحلة الأولى التي استقاها من ذاكرته كطفل يغادر ولأول مرة بيته ومنطقته كي يتعرف على عوالم وآفاق وصور ومشاهد جديدة ومدهشة بالنسبة للمخيلة البكر التي يؤسسها الطفل ويملأها بخبرات مختلفة ومفيدة له في المستقبل.
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©