الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

"مفاتيح بلا أبواب" في يوم النكبة.. ودولة فلسطينية غير قابلة للحياة

23 مايو 2007 00:56
أحمد خضر: شكل الخامس عشر من مايو عام 1948 يوماً أسود في تاريخ الفلسطينيين والعرب من المحيط إلى الخليج، ذلك أن العصابات الصهيونية الإرهابية تمكنت من احتلال 78 بالمائة من أراضي فلسطين، وطرد السكان الأصليين إلى الدول المجاورة وأماكن الشتات، إنها النكبة الكبرى التي وقعت على شعب اقتلع من أرضه قهراً وظلماً وعدواناً، وبداية لنكبات متوالية ما زالت حتى يومنا هذا بحق هذا الشعب الذي ترفض عليه إسرائيل المعتدية والمغتصبة حقه في الحياة وحقه أن يكون حراً فوق أرض وطنه· احتلت عصابات ''الهاجاناة'' و''شتيرين'' مدن: يافا، وحيفا، وعكا، وصفد، واللد، والرملة، والناصرة، والقدس الغربية بالحديد والنار، وتم تدمير أكثر من 600 قرية فلسطينية، حيث كانت العصابات اليهودية مدججة بأعتى أنواع الأسلحة، أمام القرويين الفلسطينيين الذين كانوا يدافعون عن وطنهم بوسائل بدائية لم تستطع الصمود في وجه الآلة العسكرية الصهيونية والتي كانت تفوق الجيوش العربية التي دخلت للدفاع عن عروبة فلسطين عدداً وعدة حين أعلنت دولة إسرائيل قبل انسحاب الانتداب البريطاني بيومين، هذه الدولة التي اعترفت بها أميركا والاتحاد السوفييتي السابق بعد 5 دقائق من إعلانها· الاستيلاء على فلسطين ومنذ المؤتمر الصهيوني الأول عام ،1897 مروراً بوعد بلفور عام 1917 وحتى يوم النكبة في العام 1948 وهناك مخطط مرسوم نُفذ بدقة وعناية للاستيلاء على فلسطين، وسلخ هذا الجزء العزيز من الأرض العربية، وتهجير سكانها الذين بلغ عددهم في حينه 850 ألفاً، فيما بقي 150 ألفاً صامدين في الجليل، إضافة إلى أولئك الفلسطينيين من سكان غزة والضفة الغربية التي لم تتمكن إسرائيل من احتلالهما إلا عام ،1967 وهو ما اصطلح على تسميته بعام النكسة، وفي ذلك العام تعلم الفلسطينيون درساً بليغاً وهو ألا يتركوا بلادهم مهما غلت التضحيات، حيث غرر بأبناء شعبهم المهاجر في العام 1948 حين طلب منهم أن يخرجوا من قراهم ومدنهم، باعتبار أن العودة إليها لن تستغرق أكثر من أيام أو أسابيع معدودة، وها هم اليوم مطالبون بالتنازل عن حق العودة مقابل أن تجلس إسرائيل معهم على طاولة المفاوضات· إن التاريخ مؤلم وحافل بالمؤامرات الدولية على فلسطين وشعبها قبل ،48 وهناك العديد من الأسباب التي جعلت من بلفور يطلق وعده المشؤوم لينظر بعين العطف لإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، وأهمها السيطرة والنفوذ على المنطقة بعد اقتسامها بين فرنسا وبريطانيا، وإبقاء فلسطين تحت الانتداب البريطاني الذي سهّل هجرة اليهود ضمن موجات متلاحقة من دول أوروبا الشرقية، والغربية فيما عرف بالهجرة الأولى والثانية والثالثة، ثم تدفقت هجرات اليهود العرب على إسرائيل الذين يعرفون اليوم بـ''السفارديم'' أي اليهود الشرقيين، مقابل الإشكنازيم أي اليهود الغربيين الذين ينسبون لأنفسهم الفضل في إنشاء إسرائيل، ويتعاملون مع الآخرين بنفسية فوقية استعلائية عنصرية· مذابح مروعة لقد أبلى الفلسطينيون بلاءً حسناً في المعارك التي دارت على ثرى بلادهم، بعد أن وجدوا أن اليهود يقيمون المستوطنات الزراعية، وبدأت البواخر تأتي إلى مينائي: يافا، وحيفا محملة بأعداد كبيرة من اليهود الذين يتلقون الدعم المالي والإسناد من الحركة الصهيونية للاستيلاء على فلسطين تحت شعار العودة إلى الأرض الموعودة بعد رحلة الشتات التي دامت في رأيهم ألفي عام، وجرت مصادمات ومعارك ضارية مع هؤلاء اليهود الطامعين في الأرض، والذين ارتكبوا المذابح المروعة بحق السكان، حيث كانت العصابات الصهيونية تداهم القرى والمدن وتقوم بإطلاق النار على السكان بصورة جماعية، وتهدم البيوت على رؤوس أصحابها مما يضطر الناس إلى الرحيل، كما جرى في مذبحة ديرياسين التي قادها مناحيم بيغن، والتي كانت تبقر فيها بطون النساء، ومذابح في: يافا، واللد، والرملة قادها ديان، وهناك بعض القرى التي تركها أصحابها ليناموا في العراء تحت الضغط النفسي من هول الأشياء التي سمعوها عن المجازر التي ارتُكبت بحق أبناء القرى المجاورة· كانت الظروف مهيأة تماماً لليهود كي يقيموا دولتهم، بالرغم من أن عددهم لم يكن يتجاوز 8 بالمائة من مجموع سكان فلسطين، ولم يكونوا يمتلكون أكثر من 2 بالمائة من مساحة الأرض حين بدأت القوى الاستعمارية وعلى رأسها بريطانيا تخطط لزرعهم في فلسطين، وإنشاء إسرائيل، حيث كانوا يملكون المال والسلاح والغطاء الاستعماري الدولي، ومساندة وانحياز الدولة المنتدبة على فلسطين· دولة مبشر بها اليوم هناك مطالبة بإنشاء دولة فلسطينية قابلة للحياة، يعيش فيها 3 ملايين فلسطيني هم أبناء الضفة الغربية، وغزة، ومن يرغب من اللاجئين في العودة وهم 5 ملايين إنسان، هذا هو الطرح العربي المتفائل، والدولة القابلة للحياة يفخر الرئيس بوش أنه أول من بشر بها· لكن كيف يمكن أن تكون قابلة للحياة وإسرائيل تريد الاحتفاظ بالقدس، واقتطاع 8 بالمائة من مساحة الضفة الغربية، واستئجار منطقة الأغوار مدة 999 سنة وهو ما طرحه باراك في كامب ديفيد؟ أين سيذهب كل هؤلاء اللاجئين المنتشرين في المخيمات في الأردن وسوريا ولبنان، وفي الدول العربية الأخرى والبلدان الأجنبية إذا ما قرروا العودة ؟ بل كيف يمكن أن يعيش أن يعيش 2 مليون هم أبناء الضفة الغربية في دولة مقطعة الأوصال· يبدو أن مستقبل فلسطين في قلب مخطط الشرق الأوسط الكبير الذي كان ''كيسنجر'' أول من تفوه به حين قال بعد حرب أكتوبر 1973 إن على بعض الشعوب أن تؤهل نفسها للعيش ضمن كيانات جديدة· مفاتيح البيوت هناك بعض الدول تخاف من التوطين وعلى رأسها لبنان، والدول الأجنبية التي تتحدث عن السلام مع إسرائيل تبيع العرب الأكاذيب، ذلك أن إسرائيل لا تعترف بالشرائع والقوانين الدولية، وتشكل قاعدةً عسكريةً متقدمةً للإمبريالية العالمية، ويبدو أن العودة ستكون عكسية عن طريق الترانسفير السلمي والهادىء والتدريجي هذه المرة بفعل عمليات الحصار والتجويع والاقتتال الداخلي بين أبناء الشعب الواحد الذين يتصارع بعضهم على المناصب تاركين أبناء شعبهم يموتون في الشوارع، وحين يهدأ الاقتتال بين الفلسطينيين أنفسهم، تقوم إسرائيل بتشديد القبضة عليهم، وإشعال نار الفتنة، وقتلهم جميعاً دون تفرقة بين أبناء هذا الفصيل أو ذاك، ودون تمييز أو مراعاة إن كان القتيل طفلاً بريئاً، أو شيخاً أو امرأة، كل دبيبة على الأرض مشروع للقتل من قبل الطائرات والدبابات الإسرائيلية، وكل بناية هدف للتدمير، وفلسطين بعد 59 عاماً من النكبة مستباحة، مع كل هذا فإن مفاتيح البيوت التي يرفعها الجيل الجديد من الفلسطينيين في ذكرى النكبة لا يرمز فقط على أن هناك ظلماً وقع بحق شعب، بل هو أمانة مقدسة تتناقلها الأجيال حتى يتمكن الفلسطينيون والعرب من نيل الحقوق·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©