الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

غدا في وجهات نظر..القمة الخليجية والواقع السياسي الجديد

غدا في وجهات نظر..القمة الخليجية والواقع السياسي الجديد
10 ديسمبر 2013 20:49
القمة الخليجية والواقع السياسي الجديد يقول محمد خلفان الصوافي: تتجه أنظار المراقبين السياسيين اليوم إلى العاصمة الكويتية لمعرفة تفاصيل البيان الختامي للقمة الخليجية. ليس في ذلك البند المتعلق بانتقال العمل الخليجي من "التعاون" إلى "الاتحاد" بعدما أعلن وزير الدولة الكويتي؛ الشيخ محمد العبدالله الاتفاق على تأجيله. وإنما الأنظار متجهة إلى الملفات الأخرى، خاصة الواقع السياسي الجديد في المنطقة، الذي سيكون سبباً في تغيير طريقة تفكير أعضاء المجلس، وبالتالي أسلوب التعاطي معها. يرى البعض أن هذا الواقع الجديد من أكبر التحديات التي تمر بالمنطقة منذ تأسيس المجلس في عام 1981، ويؤكدون أن دول الخليج العربي كافة ستكون في قلب تفاعلات الأحداث المستقبلية الإقليمية؛ لأن بعض المؤشرات الماثلة أمامنا تنبئ بأن ذلك الواقع سيغير الكثير من آليات التعامل السياسي في المنطقة ومفاهيمه، وخاصة مفهوم الأمن الخليجي ومهدداته. وربما مكانة إيران في السياسة الخليجية، إذا كانت القيادة الإيرانية الجديدة الحالية ستتطابق أفعالها مع أقوالها. يعتبر "الاختراق" الإيراني للسياسة الدولية، في الإقليم وفي العالم، أبرز مظاهر الواقع السياسي الجديد، بل ينظر المراقبون إليه على أنه فتح باباً "للاجتهاد السياسي" لكل الاحتمالات التي يمكن أن تحدث في المنطقة لاحقاً؛ على اعتبار أن التعاون الإيراني- الغربي لن يتوقف على "حق" إيران في البرنامج النووي. وهنا مكمن قلق الكثيرين في المنطقة. حتى تلك الدول التي صمتت ولم تذكر شيئاً حول الاتفاق، ومنها على سبيل المثال، النظام السوري، الذي يبدو أنه سيكون أول ضحاياه بعدما بدأت تصريحات المسؤولين في الغرب تؤكد رحيله. مانديلا ودروس المرحلة الانتقالية يرى د. بهجت قرني أنه في العلوم السياسية وحتى في الشؤون العامة هناك نقاش حاد منذ زمن طويل عن دور الفرد بالمقارنة بدور المؤسسات: من له اليد العليا في النهاية؟ هل تسير الأمور حسب أهواء الشخص- القائد أم أن المؤسسات وطبيعتها هي في النهاية من تقوم بتوجيه القرار، ويقوم الفرد في هذه الحالة بالتنفيذ فقط؟ حاول البعض الخروج من هذا المأزق بالقول إن هوية وسلطات صانع القرار تعتمد على نوعية النظام السياسي. في النظم المعروفة أنها ديمقراطية مستتبة، تلعب المؤسسات الدور الرئيسي في جو معروف عنه الفصل بين السلطات المختلفة من تشريعية وقضائية وتنفيذية، ثم هناك المحاسبة والمساءلة من الأجهزة الرقابية، وكذلك الدور النشط لإعلام لا يخشى السلطة التنفيذية ولا يقبل القيود بسهولة. على العكس في النظم السلطوية، قد توجد هذه السمات ولكن من ناحية الشكل أساساً كذر للرماد في العيون، أما المضمون فهو «شخصنة السلطة» بمعنى سيطرة ما يُعرف باسم «الرئيس الملهم» وكذلك جماعته على معظم الأمور الأساسية، وتصبح القرارات شخصية في النهاية. وعندنا في المنطقة العربية أمثلة واضحة على هذا من صدام حسين أو القذافي، إلى السادات وحتى عبدالناصر أو ياسر عرفات. بعضهم اعتمد على شعبيته الطاغية وحب الجماهير له ليأخذ القرار بمفرده أو بالتعاون مع بعض معاونيه أو حتى أصدقائه المقربين: مثلاً العلاقة الوثيقة بين عبدالناصر ومحمد حسنين هيكل، في وقت لم يتعد منصب هيكل -رسمياً- أن يكون صحفياً. ماذا ربحت إيران من الصفقة النووية؟ يقول د. وحيد عبد المجيد إن اتفاق جنيف بين إيران ومجموعة 5 + 1 (الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، إضافة إلى ألمانيا) بشأن برنامج طهران النووي يثير جدلاً واسعاً حول دوافعه ومغزاه وتداعياته والنتائج التي ستترتب عليه. ويبدو هذا الجدل، وما ينطوي عليه من خلاف، طبيعياً ليس فقط بسبب الظروف الإقليمية والدولية التي تحيط الاتفاق الذي تم في جنيف في 24 نوفمبر الماضي، ولكن أيضاً لأنه جاء بعد فشل 19 جولة مفاوضات في التوصل إلى مثله على مدى السنوات العشر الأخيرة. وعلى رغم حدة الخلاف على تقييم هذا الاتفاق، وخاصة من زاوية ما حققته كل من الولايات المتحدة وإيران من مكاسب وما دفعتاه من أثمان، ربما يمكن اعتباره اتفاق ضرورة بين طرفين منهكين. فقد أنهكت حربا أفغانستان والعراق الولايات المتحدة التي التزمت إدارتها الحالية بإنهاء وجود جنودها في الخارج تدريجياً والحد من تكلفة دورها العالمي. كما أنهكت العقوبات المفروضة على إيران اقتصادها، وفاقمت أزماتها التي وصلت إلى حد العجز مؤخراً عن سداد التزامات أساسية على الدولة بعد أن تراجعت عملتها الوطنية (أو انهارت في قول آخر) وارتفعت معدلات التضخم وازدادت البطالة في الوقت الذي لم يبتعد شبح «الثورة الخضراء» كثيراً على رغم أن قادتها قابعون إما في السجون أو قيد الإقامة الجبرية. الخليج العربي: معادلة صعبة استنتج د. علي الطراح أنه في وقت قياسي يتغير كل شيء في الملف السوري. وبكل بساطة يتحول الأمر إلى تدمير السلاح الكيماوي الذي لا يهدد إسرائيل بدلاً من انتقال السلطة والحكم وتخلي الأسد عنه، وجنيف 2 على الأبواب وبشار يعلن عن إصرار الاستمرار في الحكم، وأنه لا تنازل عن ذلك، والمعارضة ترفض وتصر على انتقال الحكم، ولا نعرف ما إذا كانت مفاجأة جديدة تطرق الأبواب! بوضوح يقول دبلوماسي أوروبي إنه لا تخليَّ عن السلطة في سوريا إلا بموافقة روسية- إيرانية، وبكل بساطة ماذا تحصل عليه إيران وروسيا مقابل تنازلهما لنقل السلطة. وبعض دول الخليج جزء من معادلة الصراع، والسؤال: هل تملك الأوراق الضاغطة لتصحيح المسار، أم أنها ستخسر الحرب الدائرة في سوريا؟ والأرجح أن إيران لن تتنازل عن مكتسباتها بسهولة، فهي لاعب دولي مؤثر في الشرق الأوسط، وقد حققت الكثير عبر أدواتها. هل ستخرج بخفي حنين؟ المراقب للمشهد يرى أن إيران حققت مكاسب في سياساتها وربما استطاعت تحويل الصراع لصالحها بمباركة روسية ــ أميركية، فكيف يتسنى للأطراف الأخرى أن تعلب بما في أيديها من أوراق ضاغطة. مانديلا.. عفة المعارضة والسُّلطة معاً يقول رشيد الخيون: لو خضع مانديلا، الذي أعلن تخليه عن السُّلطة والسِّياسة عام 1999، للضرورات التي تبيح المحرمات، فيما نرى ونسمع، ما اهتز العالم لوفاته، وما أوقفت الأمم يوماً خاصاً له، ولتلوث تاريخه، وصار مِن طُلاب الثارات. لهذا وقف مانديلا مع سجانه ممسكاً بيده لبناء بلادهما، وضرب مثلاً في التسامح يندر مثله في التاريخ، عندما وجه الأكثرية لتحقيق شروط الجميع، لا أكثرية تُعز ولا أقلية تُذل. أرى أن المعارضين المبتلين بجرائم لا يُنتظر منهم بناء بلدان ورفاهية شعوب. ليس بينهم وبين السُّلطة التي يعارضونها مِن اختلاف وتباين سوى أنها سُلطة وهم طلابها. إنه الأسلوب نفسه في الاستحواذ، والأمر يجري بين شيخ ومريده مِن دون أن يشعر الأخير أنه المريد النَّجيب لمَن عارضه. فالمعارضة التي لا تعف عن التفجيرات بفتوى «التترس»، لأجل قتل شخص ليُقتل المئة والألف، لا تترك توحشها وهي في السُّلطة! أقول بلا تحفظ إن التجارب التي أمامنا، مِن المعارضة التي نالت بغيتها، والثوار الذين يسعون الآن لإسقاط أنظمتهم، لا يكونون أفضل حالاً مِن الأنظمة نفسها، فالقتل الذي يبرر باسم الثورة سيمارس باسم السُّلطة. لا نتجاوز الواقع إذا قلنا إن في حياة الإنسان المناضل، حقاً وحقيقة، مانديلا درس لو تمعن به أرباب «الجهاد»، هو أن يُعلن رفض الثأر، مهما كانت عظمة جريمة السُّلطة، لأن سقوطها ينهي أي مبرر لثأرٍ منها! لكن استيعاب درس مانديلا بحاجة إلى عقول وضمائر غير التي نناشد، فهي نفسها مارست الجريمة بتفجير واغتيال، وقضت العقود لخدمة أنظمة أُخر، فمتى يكون لديها الوقت لتفكر بمستقبل شعبها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©