السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أمومة مستمرة في الحياة

13 ديسمبر 2011 14:51
ألغين كل برامج حياتهن ليكن هنا يمددن يد المساعدة لهؤلاء، أمهات لسن كبقية الأمهات، أمهات يحترقن كل يوم لينرن طريق فلذات أكبادهن، يربين أولادهن بدموع العيون واحتراق الجسد، مسؤولياتهن كبيرة جداً في الحياة، متعلقة بأرواح أبنائهن الذين لا حول لهم ولا قوة، يسندنهم في الحياة فلا سند لهم إلا أمهاتهم اللواتي يحطنهم بحب كبير وبعطف لا مثيل له، يضاعفن جهودهن، أمهات كثيرات قاسمهن المشترك المعاناة والصبر ليستمر أولادهن في الحياة، يستحققن التحية والاحتفال دائماً ومن دون مناسبة، وفي كل المناسبات المعلنة وغير المعلنة، فهن أمهات فوق العادة وفوق التصور، تستمر أمومتهن وتمتد امتداد عمر أولادهن الذين لا يكبرون وتظل احتياجاتهم خاصة جداً. أمهات يستحققن التكريم والوقوف لهن إجلالاً، ومساندتهن، لينعمن براحة ولو جزئية، استحملن لظى الحياة من أجل أبنائهن للسير بهم نحو الحياة. رأيتها تداعب طفلها، تحاول إخراجه من البيت لفضاء أوسع وأرحب، تحاول أن تجعله ينتعش بنسائم الهواء، ويلفح وجنتيه نسيم الصباح، تركته يمشي أمامها، أظهر هدوءاً واتزاناً في حركاته، جعلها تطمئن لسيره، وفجأة بدأ السير بسرعة كبيرة، تاه بين المارة ومرتادي المكان، لم يكن بوسعها إلا إطلاق عنان ساقيها للريح بحثاً عنه، والدموع تغسل وجهها، قالت إنها تخاف عليه أكثر من خوفها على أبنائها الآخرين، وقالت إنها تحترق يوميا، وأمومتها مستمرة في الحياة، إذ لا يمكنها السفر ولا الخروج من البيت، ولا التسوق، ولا ممارسة حياتها الاجتماعية، ارتبطت حياتها بحياته. أمهات يشعرن بعاطفة جارفة نحو أبنائهن، يشكلن لهم الأم والأب والصحبة رغم انشغالاتهن التي تعرف تحديات كبيرة، أمهات يحترقن من أجل أبنائهن الذين لا يكبرون أبداً، والذين يقضون معهن تفاصيل وجزئيات حياة طويلة، كل أم تنتظر أن يكبر وليدها، وتمر السنوات لتلتفت لنفسها واحتياجاتها اليومية، لتجد أن التجاعيد اكتسحت وجهها، واشتعل رأسها شيباً، لتستمر أمومتهن بمفهومها الارتباطي بالطفل بشكل قريب جداً. هن لسن كبقية الأمهات يعتنين بهذه الفئة من ذوي الاحتياجات الخاصة عناية كبيرة، بل تكون بعض هذه الحالات في أسر أخرى، مدللة، بل تشكل سر سعادتهم، ويعتبرونها مصدر رزق وخير، بينما هناك أسر أخرى تحاول إسعاد هذه الفئة بوضعها في أماكن العناية بها لدى متخصصين، تتركها رغم احتراقها واشتياقها، ورغم ما تراه من علامات الانكسار في عيونها. وأخرى من فرط حبها تمنت لها الموت، وحز في قلبي قولها، إذ قالت “أتمنى ألا أموت قبل أن تموت ابنتي”، في إشارة إلى ابنتها المصابة بمتلازمة داون لأنه لا أحد في اعتقادها سيسهر عليها بعدها، هي حالات أمومة مستمرة وتجارب أمهات يحترقن يوميا على أولادهن الذين يستمرون يتعكزون عليهن، إذ لا يستطيعون السير في طريقهم بمفردهم دون الاستناد على أحد، أمهات في حاجة المساعدة فعلاً. lakbira.tounsi@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©