الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خُطى السلام في دارفور

27 فبراير 2010 20:35
بعد اقتتال دخل عامه السابع في دارفور، أمكن هذا الأسبوع الوصول إلى اختراق لذلك الوضع والتوقيع على اتفاقية لوقف إطلاق النار بين الحكومة وحركة "العدل والمساواة"، بدأ سريانها في منتصف يوم الثالث والعشرين من فبراير الجاري، حيث وقّع كل من رئيسي السودان وتشاد وزعيم الحركة، وبحضور أمير دولة قطر، على اتفاق سمي الاتفاق الإطاري الذي سيتبعه اتفاق حول التفاصيل يؤمل أن يصل إليه طرفا الصراع في منتصف مارس المقبل. وليس هذا هو الاتفاق الأول من نوعه، فقد سبقه اتفاق "أبوجا" بين الحكومة وجزء من فصيل آخر قبل نحو أربعة أعوام ولم تكن له آثار تذكر على أرض الواقع، ذلك أن القطاع الذي شارك في "أبوجا" كان يمثل نسبة ضئيلة من القوى المتمردة. أما الآن فإن فصيل "العدل والمساواة" هو أكبر الفصائل حجماً وأكثرها قدرة على الحركة وأغناها من حيث العتاد والسلاح، وهو الذي استطاعت قواته المؤلفة من مئات السيارات المدرعة أن تقطع المسافة من دارفور حتى الخرطوم في الصيف قبل الماضي حيث أوشكت أن تحتل مواقع استراتيجية في العاصمة. صحيح أن هناك فصائل ما زالت خارج إطار الاتفاق المذكور، ومنها حركة "تحرير السودان"، لكن بالاتفاق مع "العدل والمساواة" فإن من تبقوا يحملون السلاح في الساحة لا يشكلون خطراً كبيراً كما كان الحال من قبل. وكانت المكافأة الأولى التي تلقتها "العدل والمساواة" هي أن الرئيس البشير أصدر أمراً بالعفو عن عشرات من منتسبيها الذين شاركوا في غزو العاصمة وفشلوا وقبض عليهم وصدرت ضدهم أحكام بالإعدام، ولم تنفذ تحسبا للخطوة التي تمت هذا الأسبوع. ويتفق المراقبون على أن هذا الإنجاز ما كان له أن يكون لولا المشاركة الجادة من الرئيس التشادي، ثم الدور الصبور والمثابر الذي قامت به دولة قطر. وبالطبع فإن رضا ومباركة الدول العظمى كان له دوره في تحقيق ذلك الهدف. والآن قد بدأت اللجان المشتركة بين الحكومة والحركة في بحث تفاصيل الاتفاق الذي يتوقـع أن يؤدي إلى تحقيق سـلام تـام فـي دارفـور. وتشمل تلك التفاصيل مسائل اقتسام السلطة والثروة وتحقيق الأمن وإعادة النازحين إلى قراهم وتعويض من يستحق التعويض منهم... إلى غير ذلك من مطالب أهل دارفور التي قادتهم لحمل السلاح ضد الخرطوم. إن كـل هذا التحرك الجديد يقتضـي إعادة النظر في الانتخابات العامة، إذ كيف سيمكن إشراك أهل دارفور فيها وهم ما زالوا في أول الطريق؟ لهذا فقد بدأت مواقيت الحوار بين القوى السياسية المختلفة التي تكاد تجمع على تأجيل الانتخابات بصورة تتيح لأهل دارفور المشاركة فيها، مما سيجعلها انتخابات شاملة، لكن الحزب الحاكم ما زال متردداً في قبول هذا الطرح، وإن كان قد يقبل بالأمر خلال الأيام القليلة المقبلة. لقد عانى السودان كثيرا بسبب اضطراب الوضع في دارفور، وتشعب ذلك الاضطراب حتى أدى إلى تدخل قوى إقليمية ودولية في النزاع بصورة لم يسبق لها مثيل في تاريخ السودان الحديث. وقد فُقدت مئات آلاف الأرواح، ودخل أضعاف هذا العدد في خانة التشرد واللجوء. لقد أوشك هذا الصراع الذي جاء نتيجة سياسات غير رشيدة أن يؤدي إلى تفكير بعض أهل دارفور في الانفصال طلبا للسلامة. ولهذا كله فإن الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع حركة "العدل والمساواة" قد يعيد قدراً من الطمأنينة والثقة في مستقبل مُشرق يعمه السلام، فتبدأ مشروعات تنمية دارفور بعد أن أعلنت قطر إنشاء صندوق لإعادة إعمار الإقليم بما يصل نحو ألف مليون دولار.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©