الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوكرانيا: تحديات اقتصادية وأزمات سياسية

10 ديسمبر 2013 23:41
التقى وزير الخارجية الألماني زعماء المعارضة الأوكرانية في مكان الاعتصام بكييف يوم الأربعاء الماضي، وذلك في تجاهل واضح للرئيس فيكتور يانوكوفيتش الذي برفضه التوقيع على اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، وسعيه إلى نسج علاقات أوثق مع روسيا، أطلق موجة عارمة من المظاهرات الاحتجاجية في شوارع العاصمة الأوكرانية. ولكن في الوقت الذي احتشد فيه أنصار الاتحاد الأوروبي في الساحة الرئيسية وسط العاصمة، كييف، كانت الأزمة تلقي بظلالها الثقيلة على الاقتصاد الأوكراني المنهك مع اضطرار البنك المركزي إلى التدخل لدعم العملة في ظل ارتفاع سعر تأمين ديون البلاد ضد الإفلاس. وفيما أعربت الولايات المتحدة عن تأييدها لحق الأوكرانيين في اختيار مستقبلهم انتقدت روسيا من جانبها التحركات الحادة للمتظاهرين، مصرة على ضرورة عدم تدخل الأطراف الخارجية في الشأن الداخلي الأوكراني. وقد تصاعدت حدة التوتر في العاصمة بعد مواجهة المتظاهرين لعناصر قوات مكافحة الشعب بخوذهم السوداء أمام المقر الرئاسي، ما حدا برئيس الوزراء، ميكولا أزاروف، إلى اتهام المعارضة بالتحريض على العنف. وفي محاولة لتخفيف حدة الأزمة الاقتصادية ذهب مسؤولون أوكرانيون في زيارة إلى موسكو بحثاً عن دعم يجنب البلاد انهياراً مالياً، فيما حل الرئيس ياكونوفيتش ضيفاً على بكين، سعياً أيضاً للحصول على الدعم الاقتصادي هناك. والحقيقة أن أوكرانيا تواجه مأزقاً اقتصادياً خطيراً، ولاسميا فيما يتعلق بتمويل العجز الخارجي المتنامي، حيث تقدر الحاجة إلى الأموال بحوالي 17 مليار دولار خلال السنة المقبلة للوفاء بالتزامات تسديد الديون ومواجهة تكلفة استيراد الغاز الطبيعي. وقد أثار قرار ياكونوفيتش التخلي عن اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي في اللحظة الأخيرة دهشة القادة الأوروبيين، وأجج غضب منتقديه في الداخل، بل وكشف أوكرانيا أمام ضغوط الأسواق المالية، وهو ما دفع البنك المركزي للتدخل دعماً للعملة وسط مخاوف من تراجع احتياطاته من العملات الأجنبية إلى 20 مليار دولار، هذا إضافة إلى ارتفاع تكلفة تأمين الديون لتصل إلى مؤشرات مقلقة تنذر بحلول الأزمة المالية. وإلى جانب المشاكل الاقتصادية تواجه أوكرانيا خطر اختلال التوازن في ميزان المدفوعات بسبب تراجع احتياطيات البنك المركزي المالية. ووسط كل ذلك وعشية اللقاء المرتقب للذراع الحقوقية التابعة لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبي بكييف التقى وزير الخارجية الألماني، جيدو فسترفيله، اثنين من زعماء المعارضة، وهما وزير الاقتصاد السابق أرسني ياتسينيوك، وفيتالي كليتشكو، بأحد فنادق كييف. وقد توجه الثلاثة إلى قلب منطقة الاعتصام بساحة الاستقلال التي شهدت في 2004 و2005 ما بات يعرف باسم «الثورة البرتقالية». وفي مناشدة لأوكرانيا لمراجعة قرارها المفاجئ بالتوجه لموسكو ورفض اتفاقية الاتحاد الأوروبي قال وزير الخارجية الألماني «نحن لسنا غافلين عن مصير أوكرانيا، نحن ندعم القيم الأوروبية ونقول إن باب الاتحاد الأوروبي ما زال مفتوحاً، وعلى أوكرانيا أن تكون مع أوروبا في القارب نفسه». ولكن وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، انتقد في مؤتمر صحفي عقده بمقر حلف شمال الأطلسي ببروكسل ردة فعل القوى الغربية على الاحتجاجات في أوكرانيا، قائلاً «لا أفهم صراحة حجم التحركات العدائية التي تقوم بها المعارضة، وآمل أن ينجح السياسيون الأوكرانيون في إنهاء الوضع نهاية سلمية، ولا نشجع أحداً على التدخل». ومرة أخرى كشفت الأزمة المستفحلة في أوكرانيا لعبة شد الحبل الجارية هناك والتي جعلت البلاد تتأرجح بين الاتحاد الأوروبي وموسكو، وذلك منذ إطاحة الثورة البرتقالية قبل تسع سنوات بالنظام السياسي الموروث عن الاتحاد السوفييتي. ولكن على رغم الأزمة يحاول رئيس الوزراء تكريس انطباع عام لدى المراقبين بأن الأمور تحت السيطرة، حتى في ظل غياب يانوكوفيتش، وذلك مع بدء وصول وزراء خارجية دول منظمة الأمن والتعاون الأوروبي إلى كييف للمشاركة مؤتمر يستمر يومين. وفي محاولة لدفع الجميع للانضباط قال أزاروف «على الجميع أن يدرك أن دستور البلاد وقوانينها سارية المفعول، ولا أحد يحق له انتهاكها... وكل من يثبت تورطه في أعمال غير قانونية فإنه سيُساءل عنها». وفي عز الأزمة توجه يانوكوفيتش إلى بكين طلباً للمساعدة، حيث سبق للصين أن قدمت 10 مليارات دولار من القروض لأوكرانيا. وقد كان لافتاً أن وزير الخارجية الصيني لم يتعهد بأي التزام بالمساعدة هذه المرة. أما في موسكو فقد بحث الوفد الأوكراني مع المسؤولين الروس مسألة خفض أسعار الغاز الطبيعي الروسي وتقديم دعم مالي يحد من العجز الخارجي المتنامي. وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد هدد في وقت سابق بفرض عقوبات مالية على كييف في حال وقعت على اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي. ولكن التحدي بالنسبة للمعارضة المطالبة باستقالة الحكومة يبقى في الحفاظ على زخم الاحتجاجات وإبقاء الناس في الشوارع فيما يقترب فصل الشتاء. وفي مسعى منها لتخفيف حدة الاحتقان دافعت الحكومة عن سياستها الخارجية والميل نحو روسيا بالقول إنها تمثل «وقفة» فقط قبل الانتقال إلى اندماج أكبر مع أوروبا، نافية أن يكون الأمر انقلاباً حقيقياً للتواجهات الأوكرانية الكبرى. ريتشارد بالمفورث، وتوماس جروف كييف ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©