الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إيران... هل تتحول من عدو إلى «حليف»؟!

10 ديسمبر 2013 23:43
تسبب الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه مؤخراً مع إيران في إحداث ضجة متوقعة بين صقور الشرق الأوسط، لكنه يعطي فرصة لحدوث انفراجة أكبر: تقارب قد يؤدي في النهاية إلى تعاون استراتيجي مع إيران. التحالفات الدولية تتحول وتتغير؛ كما أن العلاقات تتجمد وتعود. وعلى مدار الثلاثين سنة الماضية، ظلت العلاقات الأميركية- الإيرانية عالقة في دائرة من الشك وعدم الثقة، ولكن ذلك كان على حساب الدولتين. وعلى الولايات المتحدة الآن التفكير في التصحيح التدريجي لسياستها الشرق أوسطية، بهدف إعادة دمج إيران في الحظيرة الدولية وتحويلها، بمرور الزمن من عدو إلى حليف. قد لا يكون ذلك سهلاً، لكنه على المدى الطويل سيكون في صالح الولايات المتحدة وإسرائيل والشعب الإيراني. كما أن هذا الدمج له فوائد عديدة، فبإمكان إيران، التي تقع بين بحر قزوين والخليج العربي التحكم في دخول الصين إلى مصادر الطاقة الحرجة، والعمل كحاجز ضد روسيا المشاكسة دائما. كما يؤثر ذلك أيضاً على الأحداث في لبنان من خلال علاقة إيران مع «حزب الله» وعلى إسرائيل وفلسطين من خلال علاقتها مع «حماس»، كما أنه لن يكون هناك حل للحرب الأهلية في سوريا بدونها. وتعارض إيران حالياً الولايات المتحدة في كافة هذه النزاعات- إلى حد كبير بسبب عداوتها التاريخية مع واشنطن. وهي تستخدم «حزب الله» لتعزيز مصالحها الإقليمية والشكوى من إسرائيل لكسب التأييد العربي، ليس إلا. في عام 2003، حاولت إيران التواصل مع الولايات المتحدة، خوفاً من عملياتها العسكرية. وعرضت مناقشة كل القضايا بما في ذلك دعمها لـ«حماس» و«حزب الله»، ولكن واشنطن في النهاية رفضت الأمر. وأظهر ذلك أن إيران على استعداد لاستخدام دعمها للمتشددين كورقة مساومة، كما تعاونت الدولتان ضد أفغانستان في حرب 2001 بسبب كرههما المشترك لـ«طالبان»، واليوم، كلاهما تعارضان «القاعدة»؛ وبإمكان إيران المساعدة في تلك المعركة. كما أن إيران يمكنها الاستفادة من العلاقات الأكثر دفئاً، فقد عانت منذ حربها مع العراق التي دامت من 1980- 88 وحتى العقوبات الحالية. وهي بحاجة إلى الاستثمار في قطاعاتها النفطية والمالية، وكذلك إلى الخبرة الأجنبية لتنمية اقتصادها، ولكنها لن تستطيع تحقيق أيا من ذلك من دون إصلاح علاقاتها مع الولايات المتحدة. أن تصبح شريكاً من نوع ما مع أحد أعضاء «محور الشر» فإن ذلك سيكون صعباً للغاية بالنسبة للولايات المتحدة. ومن ناحية أخرى، تعارض إسرائيل بشدة الاتفاق النووي، لكن هذه الرؤية قصيرة النظر. فقد يكون الانفراج بين إيران والولايات المتحدة في صالح إسرائيل على المدى الطويل. فكلا من الدولة اليهودية والدولة الشيعية الفارسية تعتبران غرباء في الشرق الأوسط العربي الذي يسيطر عليه المذهب السُني. وقد كانتا حليفتين قبل 1979، ولولا دعم إيران لـ «حزب الله» و«حماس»، ما كان جيشها شارك في العديد من الحروب العربية ضد إسرائيل. وفي إطار سعيها للاحتفاظ بصداقة إيران وسط بحر من الدول العربية المعادية، فقد حاولت إسرائيل مساعدة إيران خلال حربها ضد العراق. وبغض النظر عن عدد معاهدات السلام التي وقعت مع زعماء عرب، فقد أثبتت إيران أن بإمكانها العمل بجد مع إسرائيل. وعلاوة على ذلك، فإن إيران من الصعب احتوائها للأبد؛ فمن الأفضل كثيراً أن تتصالح الدولتان لخدمة مصالحهما المشتركة. ولا تزال إيران تنتهك حقوق الإنسان، غير أن 30 عاماً من العقوبات والصمت قد لطفت من سلوكها. وعلى النقيض، فإن المشاركة تُقوي المعتدلين في إيران. وكان من أول أعمال روحاني الإفراج عن المعتقلين السياسيين، كما ألمح أنه من الممكن حدوث المزيد من التنازلات إذا تحسنت العلاقات. والإيرانيون لديهم تقليد قوي من السلطة الدستورية يرجع لأكثر من مئة عام، لذا فإن المواطنين يتعاطفون مع الأسلوب الأميركي للديمقراطية، ويعلمون أن أسلوب حياتهم سيشهد تطوراً كبيراً من خلال حدوث الانفراج السياسي مع الغرب. ولهذا السبب فقد صوتوا بأعداد كبيرة لصالح روحاني في مطلع هذا العام، وللمصلح مير حسين موسوي قبل أربع سنوات. ولن يحدث هذا الانفراج بين عشية وضحاها؛ فان الكثير من المؤسسات الدينية الإيرانية مناهضة بالغريزة للولايات المتحدة، بينما يظل اليمين الأميركي معادياً تجاه أي تقارب مع إيران. أوباما وروحاني أثبتا أن بإمكانهما تجاوز المتشددين لديهما من أجل إبرام اتفاق. والشرق الأوسط في القرن الحادي والعشرين ما هو إلا مكان جديد وخطير. ولكي تقود المنطقة إلى مستقبل أفضل، يتعين على واشنطن التكيف مع الواقع الجديد وترك العداوات القديمة وراءها. ديفيد باتريك أراكوس زميل مشارك في معهد الدراسات الإيرانية بجامعة سانت أندروز ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©