الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المياه والأمن الغذائي في الهند

10 ديسمبر 2013 23:43
تعتبر الهند ثالث أكبر منتج للحبوب في الوقت الراهن بعد الصين والولايات المتحدة، لا سيما أن تبني أساليب جديدة في زراعة محاصيل وفيرة الإنتاج وانتشار وسائل الري أدى إلى زيادة الناتج إلى ثلاثة أضعاف منذ بداية ستينيات القرن الماضي. ولكن لسوء الحظ، فإن الحصة المتزايدة من المياه التي تروي ثلاثة أخماس المحاصيل الهندية تأتي من الآبار التي توشك على النضوب، وهو ما يشي بمرحلة اضطراب كبير في الإمدادات الغذائية للشعب الهندي المتزايد. وخلال السنوات الأخيرة تم حفر نحو 27 مليون بئر، بحثاً عن مخزونات المياه في جميع الولايات الهندية، وهو ما دفع البنك الدولي في عام 2005 إلى التحذير من أن نحو 15 في المئة من الغذاء الهندي يتم إنتاجه عبر الإفراط في ضخ المياه الجوفية. وليست ثمة دلائل على تحسن الوضع منذ ذلك الحين، ما يعني أن نحو 190 مليون هندي يتم إطعامهم باستخدام مياه غير مستدامة، أي أن الركيزة الغذائية لهم يمكن أن تختفي من دون سابق إنذار. وعلاوة على ذلك، تهدد ظاهرة الاحتباس الحراري المحاصيل الغذائية في الهند، ذلك أن الكتل الجليدية تعتبر بمثابة خزانات مياه تمد الأنهار الكبرى في آسيا أثناء موسم الجفاف، ومع تقلص الكتل الجليدية لجبال الهمالايا والتيبت، فإنها تقدم مزيداً من المياه على المدى القريب، لكن ذلك سيكون أقل بكثير في المستقبل. وعليه، فإن أنماط الرياح والأمطار الموسمية ستتغير أيضاً، ما يجعل توقع الفيضانات السنوية أكثر صعوبة. وما تخوضه الهند في الوقت الراهن هو «فقاعة غذائية»؛ إذ يزيد إنتاج الغذاء على أساس استخدام مياه ري غير قابلة للاستمرار، ويحدث ذلك في دولة يعاني نحو 43 في المئة من أطفالها دون سن الخامسة من نقص الوزن بسبب سوء التغذية. وأظهر استطلاع للرأي أجرته منظمة «أنقذوا الأطفال» أن الأطفال في واحدة من بين كل أربع أسر في الهند «يقضون أياماً بلا غذاء»، بينما يتناول نحو النصف نوعاً واحداً فقط من الغذاء، ومن ثم يفتقرون إلى العناصر الغذائية الضرورية في الوجبات المتنوعة. ورغم تراجع معدلات الفقر بالنسبة للبعض، إلا أن نحو ثلثي السكان لا يزالون يعيشون على أقل من دولارين يومياً، حسبما أفاد البنك الدولي، في حين ينمو تعداد السكان بنحو ثلاثين مليون نسمة كل عامين، ما يساوي إضافة «شعب كندي آخر» إلى عدد السكان الذين يحتاجون للغذاء في الهند. ومن المتوقع أن يصل الشعب الهندي في غضون عشرين عاماً إلى زهاء مليار ونصف المليار نسمة، متجاوزاً نظيره الصيني. ولإطعام كل هذه الأفواه، تحتاج الحكومة إلى تجاوز برنامج توزيع الغذاء المنصوص عليه في قانون الأمن الغذائي الذي تم إقراره في سبتمبر الماضي. وسيتطلب تفادي حدوث انهيار مدمر ومفاجئ بسبب فقاعة الغذاء إلى بذل جهود لمعالجة التهديدات البارزة في النظام الغذائي في الهند، ويشمل ذلك دعم المبادرات في قطاعات الصحة والتخطيط الأسري والتعليم، والتي من شأنها أن تضع حداً لنمو السكان. ويعني ذلك إعادة التفكير في سياسات الطاقة والنقل بهدف تقليص إسهام الهند في التغير المناخي، إذ إنه من غير المتصور أن يتم بناء محطات طاقة تعمل بالفحم في دولة يهدد فيها التغير المناخي بزيادة عجز المياه المتدهور أساساً. ورغم أنه من المستبعد وقف الإفراط في ضخ المياه الجوفية، بسبب عدم إدراكه إلا عندما تنضب البئر، بيد أن الحكومة الهندية أعلنت في يوليو الماضي أنها ستدعم الإنفاق لرسم خرائط لأماكن المياه الجوفية بغية فهم أفضل للمناطق التي تتوافر فيها المياه ومعدلات النضوب، لكن هذه ليست سوى خطوة أولى. وسيتعين وقف دعم الطاقة الذي يشجع على الإفراط في ضخ المياه الجوفية، ويمكن أن يساعد تقليد «حصاد المياه»- المتمثل في تجميع المياه الزائدة أثناء هبوب الرياح والأمطار الموسمية في برك صغيرة- في توفير المياه. وبمقدور المزارعين أيضاً أن يقلصوا استهلاك المياه عن طريق استخدام تقنيات ري أكثر كفاءة وزراعة محاصيل أقل استهلاكاً للمياه، فعلى سبيل المثال، زراعة مزيد من القمح وأرز أقل. ليستر براون رئيس «معهد سياسات الأرض» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©