الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

مانديلا يصالح الأعداء ومصافحة تاريخية بين أوباما وكاسترو

مانديلا يصالح الأعداء ومصافحة تاريخية بين أوباما وكاسترو
11 ديسمبر 2013 12:12
ساد جو من المصالحة أمس مراسم تأبين الزعيم نيلسون مانديلا رئيس جنوب أفريقيا السابق، بعد مصافحة تاريخية بين رئيسي الولايات المتحدة وكوبا لأول مرة منذ نصف قرن. ومثل معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، في مراسم تأبين الزعيم السياسي التاريخي الرئيس الأسبق لجنوب أفريقيا الراحل نيلسون مانديلا. ونقل معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، خلال مشاركته في المراسم، تعازي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، والفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة إلى فخامة الرئيس جاكوب زوما رئيس جنوب أفريقيا وأسرة الراحل الكبير. وفي العديد من الكلمات التي ألقيت في مراسم التأبين أشار المتحدثون إلى قدرة مانديلا على توحيد مختلف المعسكرات المتناحرة حتى في مماته. وقال أمين عام الأمم المتحدة “لقد فعلها ثانية”، مضيفاً “نرى هنا قادة يمثلون مختلف وجهات النظر ومختلف المشارب، جميعهم هنا متحدون”. وجمعت المراسم معزي طرفي الانقسام بين السود والبيض إبان الفصل العنصري، وخصوماً من قادة دول العالم مثل بريطانيا وزيمبابوي، وممثلين من الأحزاب المتنافسة في جنوب أفريقيا. وأقيمت مراسم تأبين رئيس جنوب أفريقيا الراحل نيلسون مانديلا أمس في استاد “سوكر سيتي”، الذي تبلغ سعته 94 ألف مقعد، بمنطقة سويتو في جوهانسبرج. وشارك العشرات من زعماء العالم وعشرات الآلاف من مواطني جنوب أفريقيا وأفراد عائلة الزعيم الراحل ورمز مكافحة سياسة التمييز العنصري في مراسم التأبين. ووسط هطول الأمطار بدأ واحد من التجمعات لعدد من زعماء العالم في التاريخ الحديث بالوصول متأخراً نحو الساعة عن الموعد المحدد. ولم ينل سقوط الأمطار من حماس الجماهير الذين توافدوا من جميع أنحاء جنوب أفريقيا والعالم لتوديع مانديلا، واستغلت الجماهير هذه الساعة في ترديد أغانٍ مناهضة للفصل العنصري. وبدأت المراسم تحت الأمطار بأداء النشيد الوطني على أنغام الموسيقى العسكرية، تلته كلمات التأبين لزعماء العالم، ومن بينهم الرئيس الأميركي باراك أوباما، ورئيسة البرازيل ديلما روسيف ونائب الرئيس الصيني لي يوانتشاو والرئيس الكوبي راؤول كاسترو، والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ورئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما، وسيريل رامافوسا نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم. واستهل إلقاء الكلمات سيريل رامافوسا، نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم وأحد الأصدقاء المقربين من مانديلا قائلاً “في تقاليدنا الأفريقية، عندما تمطر السماء خلال دفن شخص، فهذا يعني أن الآلهة ترحب به، وإن أبواب السماء مفتوحة أيضاً”. وأضاف أن أكثر من 100 دولة ممثلة في هذا التجمع، ما يعكس الشعور العالمي بالخسارة التي تمثلها وفاة مانديلا. وقال رامافوسا، إن مانديلا أقنع “السود والبيض ببدء رحلة تصالح وصفح عن أخطاء الماضي ودفن الكراهية، وتبني حقوق الإنسان واللاعنصرية، وعدم التمييز على أساس الجنس، وبدء مهمة ورحلة طويلة شاقة لنصبح أمة متنوعة الثقافات ومتنوعة الأديان والأعراق”. واستطرد: “بطرق كثيرة نحن هنا اليوم لنقول لماديبا (اسم قبيلة مانديلا)، إن مسيرته الطويلة انتهت، وإنه أخيراً يمكنه أن يرتاح”. وشارك في المراسم 3 رؤساء أميركيين سابقين، جورج دبليو بوش وبيل كلينتون وجيمي كارتر. ووصل الرئيس الأميركي باراك أوباما وزوجته ميشال إلى العاصمة بريتوريا على متن طائرة تابعة لسلاح الجو. ورافق أوباما سلفه جورج دبليو بوش. كما توجه الرئيسان الأميركيان السابقان أيضاً بيل كلينتون وجيمي كارتر، بشكل منفصل، إلى جنوب أفريقيا للمشاركة في التأبين، الذي حضره أيضاً رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ونائب الرئيس الصيني لي يوانتشاو والرئيس الكوبي راؤول كاسترو والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. وفي كلمته، وصف الرئيس الأميركي باراك أوباما مانديلا بأنه “عملاق العدالة”. وقال إن قصة مانديلا، أيقونة مناهضة سياسة التمييز العنصري، هي التي وجهته “إلى المسيرة غير المتوقعة” ليصبح أول رئيس أسود للولايات المتحدة، وجعلته “يرغب في أن يكون أفضل رجل”. وقال أوباما، إن أول رئيس أسود لجنوب أفريقيا استمد سلطته “ليس فقط من الانتخابات، بل من استعداده للتنحي بعد ولاية واحدة فقط”، منتقداً القادة “الذين يدعون التضامن مع كفاح ماديبا (مانديلا) من أجل الحرية، لكنهم لا يتسامحون مع المعارضة من شعوبهم”. ودعا أوباما الجميع لوضع أنفسهم على ميزان مانديلا الأخلاقي، قائلاً “بينما سأظل دائماً أقل من قامة ماديبا، إلا أنه سيجعلني راغباً في أن أكون أفضل رجل”. واختتم كلمته، التي صفقت لها الحشود طويلاً، بأنه “يصعب الإشادة برجل... والأصعب عندما يكون أحد عمالقة التاريخ وقاد الأمة إلى العدالة”. وشهدت مراسم التأبين مصافحة تاريخية بين الرئيس الأميركي باراك أوباما راؤول كاسترو رئيس كوبا، العدو اللدود للولايات المتحدة في فترة الحرب الباردة. ومد أوباما يده للمصافحة قبل التوجه إلى المنصة لإلقاء كلمته في مراسم التأبين. وشاهد ملايين الأشخاص الذين كانوا يتابعون المراسم في بث حي في أنحاء العالم، الإيماءة غير المسبوقة بين الرئيسين. وتأتي هذه الخطوة ضمن مساعي أوباما لتنفيذ وعده بالتواصل حتى مع أشد خصوم الولايات المتحدة، حسبما ذكر مسؤول أميركي لوكالة الأنباء الفرنسية. وفي هافانا، علق موقع «كوباديبيت.كوم» الرسمي تحت صورة للرئيسين وهما يتصافحان بقوله «أوباما يحيي راؤول: لتكن هذه الصورة بداية نهاية اعتداءات الولايات المتحدة على كوبا». وكان أوباما قال في نوفمبر الماضي خلال حفل لجمع تبرعات في منطقة ميامي «علينا أن نكون مبتكرين، وعلينا أن نكون عميقي التفكير، وعلينا أن نواصل تحديث سياساتنا». وأضاف «عندما وصل كاسترو إلى السلطة، كنت مولوداً للتو، وبعض السياسات التي طبقناها في 1961 مازالت فعالة إلى حد ما، اليوم في عصر الإنترنت وجوجل والسفر حول العالم، ليس لها معنى». ويواصل أوباما حظراً اقتصادياً مستمراً منذ 5 عقود ضد سكان الجزيرة الكاريبية الشيوعية. وكانت واشنطن قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع هافانا عام 1961 بعد تولي فيدل كاسترو السلطة في 1959 وتأميم المصالح الأميركية في الجزيرة. من جانبه، أشاد أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون أمس بالزعيم الراحل وبإلهامه وتعاليمه في مراسم تأبين البطل المناهض للتميز العنصري. وقال إن “جنوب أفريقيا فقدت أباً، والعالم فقد صديقاً عزيزاً وأخاً”، مضيفاً أن ذلك وقت للتأمل وليس الحزن فقط على رحيل مانديلا. وأضاف “نحن نجتمع معاً حزناً على خسارة عظيمة واحتفالاً بحياة عظيمة. يا له من عرض رائع لأمة قوس قزح. في الطبيعة يظهر قوس قزح من المطر والشمس. إنه هذا المزيج يرمز للحزن والامتنان الذي أشعر به اليوم”. وقال بان كي مون، إن “مانديلا لم يكن أبا لأولاده فقط، بل لأمته أيضاً وكذلك للعالم أجمع”. وشدد على أن “نيلسون مانديلا كان من أكبر زعماء عصرنا. كان من أكبر المعلمين.. لقد كان معلماً بالقدوة. ضحى بالكثير وكان مستعداً للتخلي عن كل شيء هنا من أجل الحرية والمساواة.. من أجل الحرية والعدالة”. واختتم أمين عام الأمم المتحدة خطابه القصير بتأمل فيما اعتبره تراث الزعيم الراحل قائلاً إن “مانديلا دلنا على الطريق بقلب أكبر من هذه المدرجات وابتسامة مؤثرة يمكن أن تضيء هذا الملعب بسهولة.. بل في الحقيقة يمكن أن تضيء العالم أجمع”. وتابع “إن مانديلا يخلد الآن في راحة بعد أن اكتمل مساره الطويل. لنسترشد ونستقي الإلهام من الروح التي أيقظها فينا جميعاً.. مشعل النور الإنساني ومنارة الأمل”. ونالت كلمة بان استحساناً من المشاركين في مراسم التأبين وصفقوا له. من جهته، تعهد رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما في خطابه بـ”مواصلة” عمل نيلسون مانديلا من أجل جنوب أفريقيا “ديموقراطية... وخالية من الفقر”، مشدداً على الطابع “الفريد لأمة قوس قزح”. وكرر مرات عدة “لا أحد مثل ماديبا، كان فريداً”. وتابع “على شرفه، سنواصل التزامنا بناء أمة أساسها القيم الديموقراطية والكرامة البشرية والحرية”. من جانبه، وروى رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون عند وصوله إلى الملعب “اقترحوا علينا ارتداء ربطة عنق سوداء”. وأضاف “لكن عندما نسمع هذه الهتافات وعندما نرى أجواء الاحتفال السائدة نتأكد أن أهل جنوب أفريقيا يريدون وداع هذا الرجل العظيم، وكذلك الاحتفاء بحياته وإرثه”. وسيسجى جثمان مانديلا لإلقاء النظرة الأخيرة عليه بدءاً من اليوم الأربعاء وحتى الجمعة، ثم سينقل جواً إلى إيسترن كيب الريفية، حيث يوارى الثرى يوم الأحد المقبل في جنازة رسمية، بقرية أجداده “كونو”. ومن المتوقع أن يشارك 5 آلاف شخص، على الأقل، في مراسم الجنازة والدفن. وتوفي مانديلا بمنزله في جوهانسبرج، حيث كان يتلقى رعاية طبية لمعاناته من أمراض عدة منذ فترة طويلة، بينها عدوى في الرئة. وترك مانديلا، حائز جائزة نوبل للسلام، عائلة تضم زوجته جراسا ماشيل وزوجته السابقة ويني ماديكيزيلا- مانديلا و 3 بنات و18 حفيداً و12 من أبناء الأحفاد. وقضى مانديلا 27 عاماً خلف القضبان قبل إطلاق سراحه عام 1990، حيث سعى للمصالحة بين أفراد الأمة، ودعا إلى العفو والتسامح. وانتخب عام 1994 رئيساً للبلاد في أول انتخابات تشارك فيها جميع الأعراق، وتخلى مانديلا عن المنصب بعد فترة ولاية واحدة.
المصدر: جوهانسبرج
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©