الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

فاتورة الدجل العربية.. أرقام فلكية

فاتورة الدجل العربية.. أرقام فلكية
23 ديسمبر 2014 22:16
ترتفع وتيرة اللجوء للعرافين والمشعوذين في العالم العربي رغم الطفرة الحضارية والثقافية الكبيرة في أرجاء المعمورة، والاجتهادات الشخصية للباحثين والمراكز المتخصصة في تقدير فاتورة الدجل والشعوذة في العالم العربي سنوياً تؤكد أن ملايين الدولارات تنفق سنوياً على هذا الأمر رغم أن بعض الدراسات تشير إلى أنها ربما تكون بالمليارات وحتى لو كانت الأرقام غير دقيقة فإن المعتقدات الخاطئة والجري خلف الخرافات والبحث عن أمل في حل المشكلات بصورة غير عقلانية يرسخ ظاهرة الدجل التي تستنزف الجيوب وتمهد لوجود عصابات النصب والاحتيال من بائعي الوهم في كل مكان، ورغم ذلك فإن القانون لا يحمي المغفلين ليستمر مسلسل العبث بعقول ليست فقيرة ثقافياً وفكرياً. يبين مدير عام الهيئة الاستشارية لدول مجلس التعاون الخليجي نجيب الشامسي المحلل الاقتصادي أن الإحباطات اليومية التي يتعرض لها الإنسان العربي نتيجة لما يحدث في محيطه من مشكلات اقتصادية وسياسية واجتماعية جعلته يوغل في التناقضات ويلجأ للمشعوذين والدجالين بحثاً عن حلول لمشكلاته النفسية والجسدية وربما تحقيق أحلامه في الثراء أو الانتقام من الآخرين وهو ما يجعل فاتورة الدجل والشعوذة باهظة في عدد من دول العالم العربي إذ تشير بعض الدراسات إلى وصولها لأرقام فلكية لا تصدق وكل مناحي الحياة تقع في شرنقة الدجل والشعوذة خصوصاً حلم الأمومة بالنسبة للنساء أو هؤلاء الذين يدخلون عالم الرهانات في دنيا البطولات الرياضية الكبرى وتتم الاستعانة بالعرافين والسحرة للتحكم في نتائجها. ويلفت إلى أن بعض أفراد المجتمع يقعون في مصيدة الدجل، وربما يلجأ الأثرياء إلى السفر لدول إفريقيا بحثاً عن علاج لمشكلات عضوية أو لمعرفة الغيب كما يظنون، وهو ما جعل الدجل والشعوذة تجارة رابحة في كل أنحاء العالم، لذا ترتب عليها ارتفاع باهظ في الإنفاق، وعلى الرغم من أن أربابها يبيعون الوهم للناس فإن الإقبال عليهم يتزايد بصفة مستمرة، مما يتطلب مكافحة هذه الظاهرة بشكل أكبر فهي تضر باقتصاديات الأفراد وترهق ميزانياتهم، ويرى الشامسي أنه بدلاً من أن يصم المرء أذنيه ويتكلف مادياً ما يفوق طاقته، عليه أن يحاول تلمس مواطن العلاج الصحيحة بالطرق العلمية والدينية الشرعية، ويذكر أن المشعوذ في غالب الأحيان يوهم الضحايا بأنه لا يستخدم إلا العلم أو الدين حتى يبسط سيطرته ثم يبتز. الأغنياء والفقراء ولم يزل استشاري العلاج النفسي في مستشفي الأمل بدبي الدكتور جاسم المرزوقي يوجه دعواته لمواجهة الدجل والشعوذة في العالم العربي عبر لقاءاته التليفزيونية في معظم قنوات الإمارات إذ ينظر إلى هذه الظاهرة على أنها نتيجة التعلق بالوهم بالدرجة الأولى، ويؤكد أن الترويج لها بأساليب خبيثة هو الذي يغري الجمهور بأن يفتح جيوبه وخزائنه سواء من الأغنياء أو الفقراء أو المغيبين. استنزاف ممنهج ويرى أن من يلجأ للمشعوذين لا يحتكم للعقل ولا للدين لذا يستثمر أهل الدجل الاضطرابات الشخصية للأفراد في إحكام سيطرتهم عليهم، واستغلال تشبثهم بالأمل في اللعب على وتر حاجتهم للتخلص من عارض ما، فتبدأ عملية الاستنزاف الممنهج لأموالهم، ويلفت إلى أن فاتورة الدجل والشعوذة ترتفع عاماً بعد آخر في العالم العربي لأسباب كثيرة، منها عدم اقتناع بعض المرضى بأن علاجهم الرئيس عند الأطباء، أو من خلال العلاج الشرعي بالقرآن، لذا يجب الابتعاد عن التفكير في إيذاء الآخرين عبر التصفية النفسية، والرجوع للأخلاق الإنسانية التي تحفظ للمرء قيمته وتعلي من جوهره. عاطفة المرأة وحول ما إذا كانت المرأة أكثر إنفاقاً على الدجل وذهاباً إلى المشعوذين يوضح المرزوقي أن العاطفة لدى المرأة أكبر ومن السهل أن تسلك هذا الطريق لكونها تهتم بالغرائب وهي الأكثر إقبالاً على قراءة الأبراج وحظك اليوم وغيرها من الأشياء التي تنمي لديها مشاعر خاصة تجاه هؤلاء المدعين بأن لديهم الحلول وهو مناقض للدين والعقل والمنطق وهناك جهود كبيرة من المؤسسات المعنية بالتصدي لظاهرة الشعوذة في الإمارات ودول الخليج والدول العربية لكن أفراد المجتمع يقع عليهم دور كبير في الحفاظ على مقدراتهم المالية. السحر الأسود ويقول الناقد الرياضي حسن المستكاوي: السحر الأسود معروف في عالم كرة القدم وله جذور قوية في بعض الدول الأسيوية وأميركا اللاتينية وأفريقيا وبعض الدول العربية وكان له انتشار واسع في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، ولم يزل مستمراً إلى وقتنا هذا إذ يصل الأمر في بعض الدول أن لكل فريق مدرباً وساحراً ومع التقدم العلمي انتقلت الظاهرة إلى ما يعرف بالعرافين حتى أن أحد هؤلاء العرافين اعترف بأنه مارس السحر في مباراة كرة قدم عربية شهيرة للتأثير على نتيجة المباراة. قصة شهيرة ويذكر أن هذه الظاهرة مكلفة جداً في عالم كرة القدم لأنها اللعبة الشعبية الأولى على مستوى العالم وهو ما يدعو العرافين إلى التدخل في تبديل الأرقام وإسناد أرقام بعينها ليرتديها بعض اللاعبين في فريق ما ويشير إلى أنه سافر مع عدد من الفرق المصرية في مباريات خارجية وكان يرى أن بعض العرافين يقومون بذبح خنزير في أرض الملعب لكن اللافت أن لاعبي الكرة المصرية كانوا يجابهون ذلك بقراءة القرآن، ويؤكد المستكاوي أن ما ينفق على كرة القدم في العالم بشكل كامل قد يصل إلى نحو 300 مليار دولار سنوياً. حلم الأمومة عانت سيدة عودة صعوبة الحمل، وهو ما وضعها تحت ضغوط نفسية أليمة نظراً لسعي زوجها للزواج بأخرى تنجب الأولاد والبنات، وتبين أنها اضطرت للذهاب إلى أحد معالجي حالات العقم عند النساء الذي استنزفها مادياً طوال عام كامل، وهي تصدقه وتفعل كل ما يأمرها به وفي كل جلسة يأخذ منها نحو 2000 أو 3000 آلاف درهم. وتلفت إلى أن سر تعلقها جاء نتيجة الأمل الذي يبثه في نفسها والوهم الذي يعلقها في حباله، لافتة إلى أنها في كل مرة كانت تحصل منه على أوراق مطوية لتضعها تحت وسادة زوجها وعندما لم تجد منه رجاء ذهبت إلى آخر من أصحاب الصيت الذائع في المجال نفسه، لكن الأخير أصر على أن يقيم لها «زاراً» فأحضرت النسوة وأحضر هو أيضاً بعض النسوة وتكلفت في هذه المرة مبلغاً كبيراً جداً لتجهيز «الزار»، وآخر للدجال، لكن المفاجأة أنها سقطت من كثرة الإرهاق وأداء الحركات المطلوبة في أثناء «الزار». وتشير إلى أنها استفاقت في أحد المستشفيات، وهناك تعرفت إلى طبيب شاب أوضح لها أن الطب متقدم جداً في هذا الجانب وأنها سلكت الطريق الخطأ، وتؤكد أنها أنجبت بنتين بفضل اعتمادها على العلم، لكنها تشعر بأنها لجأت مؤخراً للطريق الصحيح بعد أن فقدت جزءاً كبيراً من ميراثها الذي أنفقته على المشعوذين. أهل البركة يَحْمَلُ إسماعيل محمد علي في قلبه ذكريات مريرة بسبب ما تكبده عبر سنوات طويلة من خسارة مادية دعته إليها نفسه المتعلقة بمن يزعمون أنفسهم من أولياء الله الصالحين، فمضى وراء رجل يدعى «أبوزربية» كان يجوب القرى فيعطيه الناس لحوم الماعز وأجولة الأرز وما تجود به أراضيهم الزراعية، مؤكداً أنه كان يستقبله في العام مرة أو مرتين خصوصاً في المولد النبوي الشريف لمدة ثلاثة أيام، يحمل إليه ما لذ وطاب من طعام وشراب هو ومن معه مقابل أن يحيي الليالي بإنشاد تمتزج فيه الربابة، ورجاله تتحرك أجسادهم بسرعة رهيبة وفي أيدي بعضهم دفوف ويتمايلون تارة لليمين وأخرى للشمال والناس مثلهم، ومنهم من كان يفقد الوعي للحظات. ويلفت إلى أن «أبو زربية» كان يأخذ معه في نهاية مدة إقامته مبلغاً كبيراً من المال، إذ إنه كان يدعو لأهل البيت بالبركة والشفاء من الأسقام والآلام، وكان يزعم أن يده إذ مست شعر صغير كان أو كبيرا فهو يشفى من أي مرض، مؤكداً أنه ظل ما يقرب من عشر سنوات يخسر فيها أموالاً طائلة من أجل إرضاء الرجل وخاصته حتى استفاق من وهمه واكتشف في ثورة مع النفس أنه كان أسير الدجل والدجالين، وأنه أنفق جزءاً من عمره أسير الخرافة وأهل الشعوذة. جريمة نصب يرى المستشار القانوني في إمارة دبي محمد الألفي أن السحر والشعوذة من الظواهر التي تجد لها أرضاً خصبة في المجتمعات العربية بسبب عدم تفريق بعض أفراد المجتمع بين الرقية الشرعية وأعمال السحر والشعوذة فيخضعون لابتزاز بعض المدعين الذين يوهمون الناس بأنهم يعالجون بالقرآن الكريم ورغم أنهم يتخذون هذه الحيلة ذريعة لممارسة أعمال شيطانية، ومن هذه الصور الدالة على ذلك ما قام به رجل حاصل على شهادة عليا في الشريعة الإسلامية استغل الآيات القرآنية والرقية الشرعية لعلاج ضحاياه ويوهمهم بأنهم في حالة مس جني نتيجة طلاسم مكتوبه في أحجية موجودة بإحدى المقابر فيذهب الضحية ويستخرج ورقه ليس بها أحرف مقروءة أو معروفة سوى اسم الضحية، بحيث يكون المعالج هو الذي رتبها ووضعها في المقبرة ونظير ذلك يتقاضى أموالاً من ضحاياه، لكن زوجته أبلغت عنه وتم القبض عليه وأسندت له جريمة نصب واحتيال، ويؤكد الألفي أنه لابد من أن يكون هناك قانون يواجه أعمال الشعوذة لكون الظاهرة تندرج تحت دائرة النصب والاحتيال، وهو ما يعني التوسع في أحكام المواد القانونية في هذا الصدد. خسارة فادحة تحمس حمدي الهادي لدعم أحد أصدقائه الذي تزوج بامرأة من جنسية عربية ونظراً لثرائه الشديد تعلقت به هذه المرأة، ويبدو أنها خافت أن يطلقها فسحرت له كما يزعم، فكان أسيرها ولا يرفض لها طلباً وعندما أحس بأشياء تتغير في حياته وأن أحلاماً يرى فيها دماء، وأنه يسقط من أعلى إلى مكان سحيق فيستيقظ في حالة من الذعر، فذهب إلى بعض الذين يزعمون أنهم يعالجون مثل حالته وخلال ثلاث سنوات استنزفوا مبلغاً كبيراً من الدولارات حتى اضطر إلى السفر إلى بعض بلاد أفريقيا لفك السحر. ويذكر أن صديقه بعد هذه الرحلة الأليمة والتي مُني فيها بخسارة مادية فادحة توجه لرجل يعالج بالقرآن ولم يكن يتقاضى أجراً عن ذلك وتخلص بكلام الله من السحر وطلق الزوجة الأثيمة رغم أنه كان بإمكانه أن يرفع عليها دعوى قضائية، لكن خشي عدم قدرته على إثبات السحر الذي وقع له. معتقدات «الزار» «الزار» مجموعة من أشباه الطقوس الشعبية، لها رقصات، وعبارات خاصة، تصاحبها دقات معينة صاخبة على الدفوف وإطلاق البخور. و«الزار» كلمة عربية مستعارة على الأرجح من اللغة الأمهرية، ويذهب بعض الباحثين إلى أن أصل كلمة «الزار» عربي، وهي من زائر النحس، وهذه المجموعة من أشباه الطقوس الشعبية تعمل على طرد العفاريت التي تتلبس بعض الناس، ولذلك فـ«الزار» يقوم عند معتقديه بوظيفة علاجية. ويبدو أن المعتقدات الشائعة في طرد عفاريت «الزار» قد انتقلت من الحبشة إلى العالم الإسلامي. والراجح أن الطقوس المتصلة بـ«الزار» في مصر انتقلت إليها في القرن 19، ذلك أن اسمها الأمهري «زار» لطرد العفاريت واستحضارها، وهو دليل واضح عند الباحثين على أن أصلها من بلاد الحبشة. وقد جرت العادة أن يقوم بهذه الطقوس امرأة هي الشيخة أو عريفة السكة، وعند عامة مصر «الكدية»، وتختلف المعالجة للعفاريت باختلاف المكان الذي جاءت منه للتفريق بين عفاريت مصر وعفاريت السودان وغيرهما.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©