الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أفغانستان الآن: انتظار طويل وشتاء ثقيل

أفغانستان الآن: انتظار طويل وشتاء ثقيل
13 ديسمبر 2011 00:30
كان القائد السابق في "طالبان" غاضباً، يدخن السجائر الواحدة تلو الأخرى متجهماً، وينفض رمادها على حصيرة بلاستيكية مفروشة على أرضية ترابية كدرة. وفي هذه الأثناء يقول إنه بات يشعر بالندم فعلاً على فراره من صفوف "طالبان"، وانضمامه لقوات الحكومة، هو و25 فرداً من رجاله، الذين قتل واحد منهم بالفعل في عملية انتقامية من قبل مقاتلي الحركة، وإنه لا يعتقد أن رفاقه السابقين في السلاح -أي مقاتلي طالبان- على استعداد للتوقف عن القتال من أجل الدفاع عن وطنهم. ومع انتهاء موسم القتال هذا العام، وحلول الشتاء الأفغاني القاسي، أعلن القادة الأميركيون أن سياسة زيادة عدد القوات التي أمر بها أوباما منذ عامين، قد حققت الهدف المراد منها. وحول ذلك قال الجنرال "مارتن ديمبسي" رئيس هيئة أركان العمليات المشتركة، في مؤتمر صحفي له في لندن الأسبوع الماضي "من الناحية العسكرية، يمكن القول إن سياسة زيادة عدد القوات قد نجحت". وكان من بين الأهداف الرئيسية لعملية زيادة عدد القوات فك قبضة قوات التمرد على مدينة قندهار، مهد حركة "طالبان"، ومركز الثقل لمنطقة جنوب أفغانستان كلها. ومع ذلك، فإنه حتى في الوقت الذي تقول فيه قوات "الناتو" إن هجمات المتمردين ضد القوات الغربية خلال موسم القتال الذي انقضى الآن قد قلت كثيراً، إلا أن كثيرين هنا يشككون في إمكانية استمرار المكاسب التي تحققت ضد "طالبان"، بسبب رسوخ جذور مقاتلي الحركة في هذه المدينة، مما يجعل من الصعب للغاية استئصالهم منها. ومن المؤشرات الدالة على تصميم مقاتلي "طالبان" على مواصلة القتال ضد قوات "الناتو"، أن عدداً قليلاً منهم كان هو الذي انضم لبرنامج طموح أعدته الحكومة الأفغانية، يهدف لإغرائهم بالتخلي عن القتال، وإعادة إدماجهم في نسيج المجتمع، حيث لم يزد عدد المتقدمين من قندهار لهذا البرنامج عن 83 شخصاً وهو ما يمثل واحداً على عشرين من إجمالي المتقدمين من باقي مناطق البلاد، على رغم الأهمية المركزية لقندهار لحركة التمرد. ومن بين الذين هربوا من صفوف "طالبان" وانضموا للبرنامج المذكور قائد ميداني مخضرم يدعى "ملا تورجان" كان قد قضى الجزء الأكبر من العقد الماضي في محاربة القوات الغربية في قندهار، وغيرها من الولايات المجاورة، وبعد أن سئم من القتال سلم نفسه لقوات الحكومة هذا العام، على أمل الحصول على وظيفة حكومية. وفي الوقت الراهن يصف "جان" نفسه بأنه سجين في حي حصين في ضواحي قندهار، تقيم فيه عائلات العسكريين، ولا يعمل، ويعيش هو وأسرته في شقة مكونة من غرفتين قذرتين، ويتلقى تهديدات بالقتل تجعله يعيش في حالة من الخوف المستمر خصوصاً بعد أن قتلت "طالبان" بالفعل واحداً من الرجال الذين انضموا معه لبرنامج إعادة الإدماج الحكومي. يقول "جان" عن رفاقه القدامي في القتال "لقد أرسلوا لي رسائل يهدونني في بعضها، ويتهكمون عليَّ في بعضها الآخر، لأنني سمحت لنفسي بالانخداع من قبل الحكومة التي يقولون إنهم يعرفون أنها لا تحافظ على عهودها سواء لي أو للغير". ويؤكد "جان" أن علاقته متوترة بقوات الأمن الأفغانية التي كان يأمل في الالتحاق بها في منصب يحمل نفس القدر من السلطة والأهمية كذلك الذي كان يتمتع به عندما كان يقاتل في صفوف "طالبان"، ولكن ذلك لم يتحقق. ولم يقتصر الأمر على هذا حيث يقول "جان" إن قوات الأمن الأفغانية قد قبضت على اثنين من أقربائه في أحد الأحياء المجاورة بتهمة الاتصال بالمتمردين، وهو ما اعتبره إهانة شخصية موجهة ضده. وحول هذه المعاملة غير الإيجابية يستشيط "جان" غضباً: "إن أقل جندي هنا يعاملني بعدم احترام... لقد دمرت حياتي كلها مقابل لا شيء". ومن بين قادة "طالبان" الآخرين الذين تركوا صفوفها وسعوا للالتحاق ببرنامج إعادة الإندماج الحكومي قائد يدعى "نور العزيز" تعرض لمحاولة اغتيال في أكتوبر الماضي وذلك عندما ألقى المهاجمون من "طالبان" قنبلة يدوية على سيارة كان يستقلها، وهي المحاولة الأخيرة من بين سلسلة من المحاولات التي تعرض لها منذ أن ترك صفوف الحركة. ولا يزال "نور العزيز" مستمرّاً في برنامج إعادة الإدماج وإن كان يعرب عن غضبه على السلطات التي تعرّض المقاتلين السابقين في "طالبان" للخطر، عندما تعرض صورهم على شاشات التلفزيون كنوع من الدعاية لنفسها. يشار إلى أن المحاولات التي كانت تبذل لاجتذاب بعض قادة "طالبان" لمائدة المفاوضات قد فشلت في الشهور الأخيرة. وكان المسؤولون الغربيون يأملون أن تشترك باكستان، التي كانت من بين الوسطاء الرئيسيين بينهم وبين المتمردين، في المؤتمر الدولي الذي عقد مؤخراً في بون بألمانيا حول أفغانستان، ولكنها لم تفعل كنوع من التعبير عن الاحتجاج عن الغارة التي شنتها الطائرات الأميركية على مواقع باكستانية وأدت لمقتل 24 جنديّاً باكستانيّاً بـ "الخطأ" كما يقول مسؤولو "الناتو". ويقول الخبراء إنه من دون تحقيق تقدم سياسي نحو التسوية فإن المكاسب العسكرية التي تحققت جراء سياسة زيادة عدد القوات سيكون من الصعب المحافظة عليها وتعزيزها، خصوصاً بعد أن قامت القوات الغربية بتسليم المسؤولية الأمنية للقوات الأفغانية تمهيداً لسحب كافة قواتها القتالية بحلول نهاية 2014 حسب الخطط الموضوعة في هذا الشأن. ويخشى بعض السكان المحليين هناك من أنه بمجرد أن تصبح القوات الأفغانية في موقع المسؤولية عن الأمن فإن كل تلك المكاسب التي حققتها القوات الغربية بأكلاف باهظة يمكن أن تتلاشى. وحول هذه النقطة يرى "غلام والي" رئيس الشرطة في منطقة مارجة أنه: "بالإمكانيات الموجودة لدينا الآن فقط أستطيع القول إننا لسنا جاهزين بعد لتولى المسؤولية عن الأمن فنحن بحاجة لأنواع أخرى من الأسلحة كالأسلحة الثقيلة على سبيل المثال، كما أننا بحاجة للمزيد من الأفراد". وتنبأ مسؤول سابق في حكومة "طالبان" وهو "ملا عبدالله خوند" بأن الحركة ستحاول استغلال فصل الشتاء الحالي في إعادة تجميع صفوفها والتزود بالأسلحة ثم تحاول بعد ذلك استغلال الثغرة التي ستنشأ في الجنوب عندما يتحول اهتمام الولايات المتحدة إلى ميدان المعارك في شرق أفغانستان بالقرب من مناطق القبائل الباكستانية. ويستطرد "خوند": "هذا هو السبب الذي يجعل سكان قندهار في حالة ترقب، ويجعلهم غير مستعدين لوضع ثقتهم في الحكومة فهم يعرفون أنه بمجرد أن يغادر الأجانب هذه المنطقة فإن مقاتلي طالبان سيعودون مجدداً". لورا كينج - قندهار ـ أفغانستان ينشر بترتيب خاص مع خدمة "أم. سي. تي إنترناشيونال"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©