الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

احتجاجات روسيا... ضربة لنظام بوتين

13 ديسمبر 2011 00:30
على الرغم من الأعداد الكبيرة من أفراد الوحدات الخاصة، وشرطة مكافحة الشغب، وكلابها البوليسية الشرسة غير المزودة بكمامات، والثلج المنهمر، والتهم التي وجهها إليهم "بوتين" بأنهم عملاء للولايات المتحدة، تدفق عشرات الآلاف من الروس إلى ميدان"بولوتنايا الشهير المواجه للكريملن على الضفة الأخرى من نهر موسكو، لكي يُعبروا عن غضبهم من نتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت يوم الأحد قبل الماضي، والتي يدعون بأنها قد زورت، وتم التلاعب في عملية عد الأصوات لمصلحة حزب "روسيا المتحدة" الحاكم الذي ينتمي له "بوتين". كان الكثير من المتظاهرين يرتدون شرائط بيضاء ، رمز حركة مناهضة التزوير الناشئة، التي تدفق أعضاؤها على شوارع موسكو يوم الاثنين قبل الماضي بعد أن أظهر العد الرسمي للأصوات فوز حزب "روسيا المتحدة" بـ50 في المئة من الأصوات، وهو ما يضعه على الطريق للسيطرة على مجلس "دوما" الدولة خلال السنوات الخمس القادمة. وعلى الرغم من أن أعداد المتظاهرين تراوحت ما بين 20 ألف متظاهر حسب التقديرات الرسمية للشرطة إلى ما يقرب من 100 ألف حسب تقديرات أخرى، فإنه لا يوجد هناك شك في أن تلك المظاهرات كانت هي الأضخم التي تشهدها العاصمة الروسية بعد سقوط الاتحاد السوفييتي منذ عشرين عاماً على وجه التقريب. في عرض نادر للتضامن، شاركت كافة أحزاب الطيف الروسي الممثلة للمعارضة على ما بينها من خلافات وحزازات وتنافس: كانت كل تلك الأحزاب تقريباً موجودة في الاحتجاجات بما فيها الحزب الشيوعي الذي حصل على 19.2 في المئة من مجموع الأصوات والذي صوت الكثير من الروس كما تشير الأنباء لأنه حزب المعارضة الرئيسي لنظام بوتين، وكذلك الحزب "الاجتماعي الديمقراطي" يابولكو (3 في المئة من مجموع الأصوات)، والحزب "الليبرالي لحرية الشعب" الذي حرم من المشاركة نهائياً في الانتخابات. ولكن الغالبية العظمى من المشاركين كانوا من الشباب والروس العاديين غير المرتبطين بأي حزب سياسي والذين قرروا الخروج إلى الشارع لأول مرة في تاريخهم ربما. المفارقة الملفتة في تلك الاحتجاجات أن غالبية المحتجين كانوا من جيل بوتين أي من الشباب الروسي المتعلم الذي يعيش في المناطق الحضرية، وينتمي للطبقة الوسطى، ويشغل وظائف مرموقة، ويتمتع بدخل جيد، ووفرة استهلاكية نسبية، واستقرار اجتماعي، وحرية شخصية، ومستوى معيشة يتحسن باستمرار. وقبل تلك الاحتجاجات لم يكن هناك واحد منهم قد رفع صوته لينتقد نظام "الديمقراطية المتحكم فيها" الذي كان يقوده بوتين، والذي يتسم بوجود وسائل إعلام مقيدة، وخيارات انتخابية محدودة، وقيود صارمة على منظمات المجتمع المدني. كثيراً ما ادعى بوتين أنه يدعم" الإصلاح السياسي" التطوري أي التدريجي، ولكن ما كان يحدث على أرض الواقع أنه كان يمارس نوعاً من الديمقراطية المقيدة الموجهة للمصلحة بناء دولة روسية بيروقراطية قوية على النمط التقليدي المعروف، والتي تنظر إلى الجمهور على أنه غير مؤهل للانخراط في عملية صنع السياسة. ويقول فلاديمير ريجكوف، وهو زعيم معارض ليبرالي منع من ترشيح نفسه: هذه الانتخابات غير مسبوقة لأنها أجريت على خلفية انهيار في الثقة بين بوتين وميدفيديف والحزب الحاكم.... أعتقد أن انتخابات مارس الرئاسية ستتحول إلى أزمة سياسية أكبر، وإحباط وخيبة أمل، مع مزيد من المخالفات والتجاوزات كما يتوقع أن تشهد تصويتاً احتجاجياً أكبر من الانتخابات البرلمانية تعبيراً عن الغضب من الأوضاع السائدة". تقول "إيرينا بلينتيوفا"، الموظفة الإدارية التي تبدو مندهشة قليلة من حجم المظاهرة والروح السائدة بين المتظاهرين:"عند ما قلت لأصدقائي في المكتب، وكلهم من الموظفين الأذكياء والشاب المتعلمين جيداً إنني قد أشارك في هذه المظاهرة أبدوا الخوف وأعطوني أسباباً عديدة تدفعهم لعدم المشاركة، ولكنني حزمت أمرى وقلت إني سأذهب في جميع الأحوال". "يفجيني سبوتين" الذي يعمل مديراً لإحدى الشركات، قال إنه لا يؤيد أي قوة من قوى المعارضة ويضيف (كل ما هنالك أنني بدأت أشعر بالاشمئزاز من حزب "روسيا المتحدة". لقد جاء الكثير من الناس هنا اليوم، وأتمنى أن يفهم قياصرتنا الرسالة، ويدركون ماهي الأشياء التي يجب أن تتغير... أما إذا ظللنا صامتين بشأن ما يحدث من تزوير انتخابي، فإن الانتخابات الرئاسية المقرر عقدها في الرابع من مارس 2012 ستكون أسوأ من الانتخابات البرلمانية التي نعترض عليها في الوقت الراهن). ويقول متظاهر أكبر قليلاً في السن من بقية المحتجين اسمه "يوري تيليجين"، ويعمل مدرساً إنه قد جاء ليشارك في هذه التظاهرة ولاستعادة ذكريات مشاركته في تظاهرات أغسطس عام 1991 التي حمت البرلمان الروسي المنتخب من المحاولة الانقلابية التي قام بها الجنرالات المتطرفون قال"تيليجين": شعبية بوتين كما نرى تتلاشى في الهواء، فالحكم التسلطي ينجح فقط عندما يكون الجمهور خاضعاً متقبلاً للسلطوية. هذا الوضع ينتهى الآن كما نرى. حيث ظل السخط يتراكم عبر الوقت وكان بإمكان المرء أن يشعر بعد. وحتى أسبوع ماض لم يعبر الناس عن سخطهم سياسياً وكانوا يبدون غير مبالين بالسياسية، ولكن انظر إليهم الآن وانظر مدى ضخامة الحشد وحجم المشاركين وكيف يتحدون جميعاً ويعبرون عن غضبهم مما حدث". فريد وير - محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©