توسكاني- عدنان عضيمة:
إلى أولئك الذين ينشدون الاستراحة والاستجمام وإعادة تفعيل أدمغتهم بعد موسم كامل من العمل الشاق، أعدّ الإيطاليون منتجعات بالغة الفخامة كانت ذات يوم بيوتاً للفلاحين وزرائب لتربية حيواناتهم· ويعرف عن أرياف إيطاليا روعة طبيعتها ونقاء هوائها وهدوئها، وأصبحت الآن من أكثر الأماكن السياحية جذباً للسياح في العالم· ويقول مدير فندق ومنتجع (لاندانا) Landana الفخم في منطقة توسكاني التي تبعد 200 كيلومتر إلى الشمال من روما، إن الفندق كان قبل بضع سنوات فحسب مكاناً لإنتاج حليب البقر وصناعة الجبن؛ وكانت تقطنه عائلة من الفلاحين إلى أن عمدت شركة متخصصة بالاستثمارات الفندقية لشرائه وتحويله إلى واحد من أكثر المنتجعات الإيطالية جمالاً·
وعلى امتداد البصر، ومن الجهات الأربع، تنتشر على الهضاب المتناثرة حول الفندق غابات السنديان والبلوط والصنوبر التي تتخللها حقول واسعة مزروعة بالعنب والزيتون· ولا بد أن يلاحظ الزائر لأرياف إيطاليا بشكل عام، كثرة اهتمام الفلاحين بزراعة الزيتون· وفسر لنا بعض الخبراء في التاريخ الحديث للمنطقة هذه الظاهرة بوجود علاقة حب قوية بين الإيطاليين وزيت الزيتون وحيث إنهم لا يترددون في إضافته بسخاء إلى كل مآكلهم· ولقد قال أحدهم وهو يشرح لنا قوة هذه العلاقة الحميمية أن حكمة إيطالية قديمة تسود البلاد منذ القديم وتفيد بأن أفضل طريقة لتناول زيت الزيتون تكمن في إضافة زيت الزيتون إليه!
ويعتقد الإيطاليون أن سرّ انخفاض معدلات إصابتهم بالسرطان بالمقارنة مع دول شمال أوروبا، يكمن في استهلاكهم اليومي العالي من زيت الزيتون·
ويمكن للمتجول في أطراف مقاطعة توسكاني الريفية أن يلاحظ كثرة الفنادق والمنتجعات السياحية التي احتلت بيوت وأكواخ الفلاحين في منطقة غابية رائعة تنتشر فيها الهضاب والسهول المزروعة وتدعى (ماريما) Maremma وهي تقع بين قريتي شيانتي وسيينا السياحيتين الشهيرتين من النواحي السياحية· وفي هذه المنطقة يقع فندق ومنتجع (لاندانا)· ويمكن للمرء أن يكون فكرة عن مستوى فخامة ورقي هذا الفندق من خلال الإشارة إلى أن الجناح الفندقي يؤجر يومياً في هذه الأيام من السنة وقبل حلول موسم السياحة بمبلغ 1323 يورو أو ما يعادل 6600 درهم بحسب النشرة الرسمية المعروضة في غرف الفندق وأجنحته· وعندما يحين الموسم السياحي القوي الذي يمتد من بداية شهر يونيو وحتى آخر شهر سبتمبر، يمكن أن يفوق سعر الجناح 2000 يورو في اليوم· وينخفض هذا السعر في الفصلي السنويين للركود السياحي الذين يمتدان بين 7 يناير و5 أبريل، وبين 19 نوفمبر و27 ديسمبر، إلى 958 يورو في اليوم·
وتتميز أرياف مقاطعة توسكاني بالهدوء والبعد الشديد عن (الصداع الحضاري) الذي يسود المدن المكتظة؛ ولهذا السبب كانت وما زالت تمثل ملاذاً دائماً لبعض الأمراء والمشاهير الذين كانوا يترددون عليها بانتظام طلباً للراحة والاستجمام· وتحرص الشركات التي تستثمر هذه الفنادق الفخمة على إعطائها بعدها التاريخي من خلال عرض الكثير من الأجهزة والأدوات التي كان يستخدمها الفلاحون قبل مئات السنين بالإضافة إلى بعض اللقى الأثرية التي عثر عليها في المنطقة· ولعل من أكثر الشواهد الزراعية التاريخية أهمية، معاصر الزيتون التقليدية التي كانت تصنع من الجذوع الضخمة لأشجار السنديان القوية·
ويلاحظ في أرياف إيطاليا روعة تصميم شبكة الطرق الريفية وبحيث تخترق الأماكن السياحية المهمة· وهي مزوّدة بلوحات الإرشاد الواضحة التي تجعل من السهل على أي إنسان يقود سيارته للمرة الأولى في المنطقة أن يعرف طريقه إلى القرية أو المنطقة التي يريد الوصول إليها·
عدد اليوم
