الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

منظمات المجتمع المدني.. بين الدور التنموي والتمويل «المشبـوه»

منظمات المجتمع المدني.. بين الدور التنموي والتمويل «المشبـوه»
28 ديسمبر 2015 21:42
اتهامات خطيرة للمنظمات بتمويل الأنشطة الإرهابية بعض الأفلام الوثائقية تحدثت عن إخضاع شباب عرب لدورات حول العمل الجماعي المنظم في بدايات ما يسمى «الربيع العربي» محمود الحياري بعض المنظمات المشهرة ليس لها مقرات وتعتمد العمل الحقوقي شكلياً فقط من دون أن تفيد المجتمع منى ذو الفقار بعض المنظمات تتأثر في توجهاتها بالجهات الممولة التي تفرض عليها اتباع سياساتها وأيديولوجيتها عمرو الشوبكي بعض وسائل الإعلام ساعدت في إقامة حواجز كبيرة بين المواطنين وفكرة المجتمع المدني ناصر أمين سلطان الحجار (أبوظبي) خلال العقدين الماضيين، اتضح تأثير منظمات المجتمع المدني في تشكيل السياسات العامة على مستوى العالم. ويبدو هذا النشاط جلياً من خلال الحملات الدعائية الناجحة التي تدور حول قضايا بعينها، مثل حظر زراعة الألغام الأرضية، وإلغاء الديون وحماية البيئة، والتي نجحت في حشد آلاف المساندين في شتى أنحاء المعمورة. وثمة مظهر حديث من مظاهر حيوية المجتمع المدني العالمي هو المنتدى الاجتماعي العالمي الذي يعقد سنوياً منذ عام 2001 في قارات مختلفة، وشهده عشرات الآلاف من ناشطي منظمات المجتمع المدني لمناقشة قضايا التنمية العالمية. يشير مصطلح المجتمع المدني إلى المجموعة واسعة النطاق من المنظمات غير الحكومية والمنظمات غير الربحية التي تضم: «الجماعات المجتمعية المحلية، المنظمات غير الحكومية، النقابات العمالية، جماعات السكان الأصليين، المنظمات الخيرية، المنظمات الدينية، النقابات المهنية، ومؤسسات العمل الخيري». ومع انطلاق شرارة ما يسمى بـ «الربيع العربي» في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا، برز دور منظمات المجتمع المدني على الساحة السياسية، وانتقلت من تقديم خدمات للمجتمع، مثل مكافحة الفقر، وإقامة مشروعات خدمية وتنموية لفئات الشعب المختلفة، إلى دائرة الصراع السياسي، بعد ثبوت تلقيها أموالاً من الخارج عن طريق بعض الجهات الأمنية، خاصة في مصر، الأمر الذي دفع وزارة التضامن الاجتماعي إلى مطالبة منظمات المجتمع المدني غير الحكومية بتوفيق أوضاعها وتسجيل أوراقها طبقاً لقانون 82 لسنة 2002، الأمر الذي هدد بإغلاق أكثر من 40 ألف منظمة. وتؤكد مؤسسة هيومن رايتس مونيتور أن قانون العقوبات في مصر قد تم تعديله في 21 سبتمبر 2014 ليرفع عقوبة تلقي التمويل الأجنبي بقصد الإضرار بالمصلحة الوطنية للسجن مدى الحياة أو الإعدام، ونتيجة لذلك، قامت العديد من المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية بإغلاق مكاتبها وتجميد أنشطتها، مثل المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، ومركز كارتر لمراقبة الديمقراطية الذي أعلن إغلاق مكتبه في القاهرة. ولا يمكن إغفال تأثير منظمات المجتمع المدني وتوغلها في المجتمعات العربية في العقد الأخير وزيادتها بصورة كبيرة وواضحة، وقيامها بأكثر من دور اجتماعي واقتصادي وسياسي وتربوي. ولكن يجب علينا الفصل بين المنظمات العاملة في مجال العمل التطوعي الخيري، والتي تقدم مساعدات مالية وتوفر الغذاء للطبقات الفقيرة، وبين المنظمات الحقوقية والسياسية المدنية التي تعمل على نشر الثقافة السياسية والمشاركة السياسية ونشر الديمقراطية. فالنوع الأول يقدم مساعدات للطبقات الفقيرة من المجتمع، وتعامله يكون مع هذه الطبقات فقط، أما النوع الثاني من المنظمات، وهي المنظمات الفكرية والحقوقية والسياسية، فهي منظمات تتعامل مع كل فئات المجتمع فقيرة ومتوسطة وغنية، وتحاول نشر ثقافاتها وسياساتها وأهدافها أيضاً، لتصبح نهر خير يجري بين ربوع الأوطان، لكن مياهه لا تخلو من السموم. مصادر التمويل المعروف أن منظمات المجتمع المدني تعتمد على التبرعات سواء من الأعضاء أو القائمين عليها أو ممن يتوافقون فكرياً مع السياسات والأهداف التي تسعى إليها هذه المنظمة. كما أن في الدول المتقدمة تقوم الحكومات بتقديم المساعدات لهذه المنظمات دعماً لها. وقد تكون من أحد وأهم هذه المصادر هي «التحويلات والمنح الدولية» لهذه المنظمات من الهيئات العالمية، ولكن هنا قد يثار الشك والريبة عن هذه الأموال الأجنبية ومدى علاقة هذه المنظمات بالجهات الأجنبية المانحة. وحتى تنأى هذه المنظمات بنفسها عن الشبهات، طالب البعض بضرورة أن تقوم كل منظمة بالإفصاح والشفافية عن مصادر دخلها، ومصادر الإنفاق، وعرضها على المجتمع . من هذا المنطلق، وحسبما قالت جهات أمنية: «يجب أن تعمل منظمات المجتمع المدني في النور ووفق أحكام القانون المنظم لهذه الجمعيات والمنظمات، وليس عيباً أن تتلقى هذه الجمعيات والمنظمات أي (أموال) أو (منح) أو (معونات) سواء من الداخل أو من الخارج)، ولكن يجب أيضاً أن يكون هناك نوع من الشفافية والإفصاح عن ماهية هذه المساعدات». الأمن القومي أشار محمد حمزة الباحث السياسي وخبير الدراسات الإستراتيجية إلى تأثير تلك المنظمات على الأمن القومي المصري، قائلاً: «لا بد لنا أن نقوم بتعريف حاسم لما يسمي بمنظمات المجتمع المدني سواء كانت حكومية أو غير حكومية، وهل تهدف للربح أم لا؟. فالمجتمع المدني يشير إلى كل أنواع الأنشطة التطوعية التي تنظمها مجموعة من الأشخاص حول مصالح أو قيم أو أهداف مشتركة فيما بينهم، وتشمل هذه الأنشطة التي تتنوع في غايتها تقديم الخدمات ودعم التعليم المستقل والتأثير في السياسة العامة. ومن هنا نجد أنها تشبه جماعات الضغط السياسي (اللوبي) الموجودة في الولايات المتحدة الأميركية. ويتضح لنا أنها جمعيات ينشئها أشخاص، وتعمل على نصرة قضية معينة أو هدف محدد من قبل المنظمة أو القائم على وضع السياسات بالمنظمة». لجنة تقصي الحقائق ويضيف محمد حمزة: «حركة 6 أبريل السياسية، لها أعضاء مشتركون في أكثر من جمعية أهلية متورطة أيضاً في الحصول على تبرعات من الخارج، وربما هذا ما يفسر لنا الشعور المصري العام بعدم الارتياح لأنشطة تلك الحركة. ولقد أظهر تقرير لجنة تقصي الحقائق بمصر حصول مركز دراسات المستقبل للاستشارات القانونية ودراسات حقوق الإنسان الذي أسسه عدد من شباب 6 أبريل، على دعم قدره 262 ألف دولار تمويلاً من مؤسسة «فريدم هاوس»، ومبادرة الشراكة الشرق أوسطية، وهيئة الوقفية الأميركية. كما أعلنت وكالة أنباء «أميركا إن أرابيك»، أن التقرير المالي السنوي للوقف القومي الأميركي كشف عن قيامه بتمويل عدد من كبار المنظمات السياسية العاملة في مصر. ويعد المعهد الديمقراطي الأميركي من أخطر منظمات المجتمع المدني التي كانت تعمل بشكل غير قانوني في مصر. تمويل الإرهاب تصاعد الجدل بشأن تقييم دور منظمات المجتمع المدني أو جمعيات النفع العام أو المؤسسات الأهلية أو التنظيمات غير الحكومية أو القطاع الثالث في الدول العربية، سواء أكان سلبياً أو إيجابياً، خلال السنوات الأربع الماضية التي تلت ما يسمى بـ «الربيع العربي»، خاصة بعد الاتهامات التي وُجهت إلى بعضها في العديد من الدول باعتبارها حاضنة لتمويل التنظيمات الإرهابية والجماعات المسلحة. ولهذا، فقد بدأت الحكومات في بعض الدول العربية اتخاذ خطوات لتحجيم دور تلك الجمعيات، من أبرزها إجراء عمليات تدقيق ومراجعة لأموال بعض الجمعيات الأهلية، وتشديد العقوبات على عمليات التمويل في التشريعات القائمة، وإغلاق وتجميد أنشطة بعض المنظمات والجمعيات، وصياغة تشريعات جديدة لمراقبة عمل تلك الجمعيات. لكن على الرغم من ذلك لا تزال جهود التحجيم تواجه عقبات عديدة. من هذا المنطلق، تُواجه منظمات المجتمع المدني اتهامات من الحكومات في المنطقة العربية، أولها يرتبط بدورها في تهديد الأمن القومي، وثانيها يتمثل في خرقها منظومة اللوائح والقوانين المطبقة في بعض الدول بخصوص أسلوب وماهية عمل هذه المنظمات، وثالثها يتصل بغسيل الأموال، ورابعها ينصرف إلى أنها تسيء للسمعة والصورة الدولية للدولة التي توجد بها المنظمة. فعلى الرغم من عدم وجود تقارير ومعلومات «رسمية» تؤكد ضلوع منظمات المجتمع المدني -لا سيما الخيري منها- في دعم وتمويل الإرهاب، فإن التقارير غير الرسمية تُشير إلى تقديم عدد من المنظمات الخيرية -خاصة في مصر- دعماً لجماعة الإخوان الإرهابية بعد ثورة 30 يونيو. وفي تونس أيضاً واجهت الجمعيات الخيرية ذات الموارد المالية الضخمة اتهامات بتقديم دعم مالي ولوجيستي ومعلوماتي للجماعات التي تقوم بعمليات إرهابية، وتأسيس شبكات لتجنيد وتسفير الشباب للمشاركة في الحرب في صفوف تنظيم «داعش» في سوريا والعراق وليبيا. كما أن هناك انتهاكات لقوانين الجمعيات الأهلية، ويتجلى ذلك بوضوح في حالة المملكة العربية السعودية التي قامت سلطاتها بإغلاق 20 جمعية خيرية في المنطقة الشرقية في منتصف نوفمبر 2014، بعد أن وجهت لها تهمة جمع التبرعات عبر المراكز والنقاط غير النظامية وغير المرخصة، وهو ما يُعد مخالفاً لقرار وزارة الداخلية الذي يتضمن منع إقامة المراكز التعريفية لجمع التبرعات التابعة للمؤسسات والهيئات والجمعيات الخيرية، ومراجعة الجهات المختصة لتعديل أوضاعها. وهناك من يرى أن هذه المنظمات تحولت إلى وسيلة لغسيل الأموال، وإخفاء مصادرها غير المشروعة عبر اتخاذ المنظمات واجهة لها. وقد دفع ذلك السلطات الكويتية، على سبيل المثال، إلى اتخاذ إجراءات عدة لمراقبة مصادر تمويل منظمات المجتمع المدني، كان أبرزها إصدار قانون رقم 106 لعام 2013 لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب كبديل للقانون السابق الذي صدر عام 2003 لمواجهة أوجه القصور، فضلاً عن اللائحة التنفيذية له التي تضمنت زيادة عدد الجهات الرقابية، لا سيما وزارة التجارة والصناعة، خلافاً للجنة الوطنية لمكافحة عمليات غسيل الأموال وتمويل الإرهاب. التخفي وراء العمل الخيري حول الدور الحقيقي الذي يجب أن تلعبه منظمات المجتمع المدني، يقول ناصر أمين، رئيس المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة: على مدى السنوات القليلة الماضية أثارت منظمات المجتمع المدني جدلاً كبيراً، بدءاً من السؤال الأساسي حول أهمية المجتمع المدني، وبلغت ذروته في اتهامات بالخيانة، خاصة بعد أحداث ما يسمى بـ«الربيع العربي» حيث أصبحت هناك صورة ذهنية بأن منظمات المجتمع المدني مقرات لإيواء العملاء الذين يعملون ضد الدولة. ويوضح أن بعض وسائل الإعلام ساعدت في إقامة حواجز كبيرة بين المواطنين وفكرة المجتمع المدني، على الرغم من دور المجتمع المدني في المساعدات وتخفيف الظلم ضد المواطنين، فالإعلام يتحمّل الجزء الأكبر من الفكرة السلبية داخل عقول المصريين بأن هذه المنظمات خائنة وتعمل ضد مصالح الدولة. ويشير إلى أنه في الديمقراطيات المعاصرة يُعدّ المجتمع المدني وسيطاً بين مؤسسات الدولة والشعب، كما أن الباحثين في منظمات المجتمع المدني هم الأقرب إلى الواقع السلبي على الأرض مقارنة بمسؤولي الدولة، من خلال الاتصال المباشر مع المواطنين، حيث تساعد المنظمات في رسم صورة أكثر واقعية للمجتمع، بالإضافة إلى أن المجتمع المدني يوفر المساعدات المباشرة للمواطنين إذا كانوا في حاجة إليها، وأيضاً الدعم غير المباشر من خلال الدراسات التي تقدّم للحكومة والبرلمان، لإصدار التشريعات واتباع السياسات السليمة التي تكفل حل مشاكل المواطنين. وحول دعم منظمات المجتمع المدني لنشطاء سياسيين لتغيير وإسقاط أنظمة الحكم خلال أحداث ما يسمى بـ«الربيع العربي»، يرى أمين أن المنظمات الإسلامية التي تتمسّك بأيديولوجيتها الدينية سواء الموالية لجماعة الإخوان الإرهابية أو غيرها، كانت إحدى المنظمات التي تتخفى وراء العمل الخيري، والتي تلقت أموالاً بملايين الدولارات من أجل إسقاط أنظمة الحكم، والدليل هو الصعود الصاروخي للإسلاميين في أقطار الوطن العربي كافة، بعد سقوط أنظمته الحاكمة. وتابع: بعد 30 يونيو وقفت «الإخوان» مع هذه الجمعيات السرية وكانت وراء انتشار الإرهاب في المنطقة، لا سيما وأنها تريد إقامة الخلافة الإسلامية على طريقتها الخاصة. أجندات خارجية أما بهي الدين حسن، مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، فيقول: «إن منظمات المجتمع المدني المصرية لعبت دوراً مهماً لأكثر من عشرين عاماً، وساعدت في توعية المواطنين حول الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية، وكذلك اعتماد موقف حازم ضد الهيمنة الأميركية على السياسات المصرية، والاحتلال والممارسات الصهيونية في فلسطين، والتي تمّ صياغتها بوضوح من خلال ممثليها خلال مؤتمر (ديربان) لمناهضة العنصرية منذ عام 2001». ويوضح أن هناك عقبات لا تزال تواجه منظمات المجتمع المدني، تتمثّل في الرقابة الحكومية على التمويل، وإعاقة أداء الباحثين، بالإضافة إلى الصورة الذهنية التي تراكمت في ذهن المصريين والعرب بأن هذه المنظمات تعمل وفق مصالح أجندات خارجية. ويؤكد أن الجهات الفاعلة على مستوى دول ما يسمى بـ«الربيع العربي»، وجدت نفسها داخل بؤرة تغيّرات أحدثتها التحرّكات الشعبية التي أثارتها غياب الحريات العامة والعدالة الاجتماعية، وارتفاع معدلات الفقر والتهميش، جنباً إلى جنب مع انتهاكات حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية، حيث لعبت منظمات المجتمع المدني دوراً نشطاً للمساهمة في تحقيق مطالبهم، والمضي قدماً في عملية الانتقال الديمقراطي، وتعزيز التماسك الاجتماعي من خلال نشر قيم الحوار وقبول الآخر، كما أن منظمات المجتمع المدني وضعت خطط التعاون مع دول الجوار الأورو- متوسطية لتبادل الخبرات والأدوات اللازمة لتعزيز التعبئة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في مصر. نشر الفوضى ومن جهته، يقول الناشط السياسي محمود الحياري (الأردن): «حقيقة تلقي منظمات المجتمع المدني، أموالاً من الخارج لا تحتاج إلى تفسير، فمعظم مشاريع التمكين الديموقراطي، وتمكين المرأة، وحماية الطفولة، والحرب على الإرهاب، هي كلها ممولة من الخارج بعيداً عن صناديق الدول العربية، وبالتالي فإن هذه المنظمات هي التي تفرض أجندتها على مؤسسات المجتمع المدني ولا تراعي احتياجات منطقتنا من حيث أهمية المواضيع الواجب تمويلها أو أولويتها، على العكس تماماً فمعظم عناوين التمويل الأجنبي استفزازية لمجتمعاتنا وفيها خروج على الوعي الجمعي لأمتنا، وأحياناً تكون خادشة لكرامة الإنسان، ناهيك عن أنها أي المنظمات الأجنبية تتجاوز الحكومات المحلية، بل تستخدم نتائج ورشات العمل وحصيلة آراء المشاركين بهذه الورشات «منتقين بعناية»، أيّ أن معظم المشاركين ليسوا متخصصين في المواضيع التي تطرح في ورشات العمل، ومن جهة أخرى تساهم الأنظمة العربية، بعقليتها التقليدية وتمسكها بأدوات الحكم التقليدية، في فتح تفتح الباب لهذه المنظمات لمخاطبة الناس بما يشتهوا أن يسمعوا على الرغم من أن الكثير من هذه البرامج غذى أشكال الصراع السلمي الدائر في مجتمعاتنا، والذي بدأ يتنامى إلى أن ظهر إلى العلن مثل الاعتداء على حقوق الأقليات وحرية التعبير عن الرأي، والتحرش الجنسي، والحق في الحصول على المعلومة، والشراكة في الحكم، والحريات الإعلامية، متناسية هذه المنظمات أن الأقليات في منطقتنا العربية هي عامل رئيس في إغناء الثقافات الوطنية لتشكل مزيجاً حضارياً، وبالتالي فإن معظم هذه المنظمات العاملة في منطقتنا العربية تحولت إلى منصات اتهام وتشويه للهوية العربية والإسلامية، ولكل القيم التي تربينا عليها في مجتمعاتنا». مساهمات مجتمعية فقيرة ويشير الحياري، قائلاً: «ظهر في فترة الربيع العربي مجموعة من الطارئين على العمل العام والمبالغين في مواقفهم، وللأسف بعضهم لاقى استحساناً لدى الشارع، بسبب ارتفاع سقف المطالب والخطاب حتى وإن كان غير قابل للتحقيق، وأيضاً من جهة أخرى ساهم الإعلام في ظهور بعض الطارئين، حيث تبنى بعض الأشخاص بكثرة استضافتهم وتقديمهم بوصفهم نشطاء سياسيين أو نقابيين على الرغم من أنهم لم يقوموا بأي دراسة حقيقية عن الواقع السياسي والنقابي والإنساني، وما هو التغيير المطلوب، وكيف يمكن الوصول إلى ذلك، بل الحديث وبشكل مكثف عن توجيه النقد والاتهام للأنظمة والحكومات من دون تقديم اقتراحات يمكن البناء عليها». فقدان الثقة يقول عمرو الشوبكي، الخبير السياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، ومدير تحرير مجلة «أحوال مصرية»: «إن هناك أكثر من مستوى لمنظمات المجتمع المدني، فهناك الملتزمة بالقوانين داخل الدول، والتي تقدم ميزانيات شفافة للجهات المعنية، تؤكد مصادر تمويلها سواء من الداخل أو الخارج، والتي لها دورها التنموي في المجتمع، كما أن هناك مستوى آخر من هذه المنظمات، والتي تثير الجدل والمشكلات داخل الدول، وهي التي تتلقى تمويلاً من الخارج، فنراها تتأثر في توجهاتها بالجهات الممولة التي تفرض عليها اتباع سياساتها وأيدلوجيتها، الأمر الذي يؤثر على الأمن القومي في حال كانت هذه التوجهات لا تتفق مع سياسة الدولة، وبالتالي تتعرض مثل هذه المنظمات للرقابة وتضييق الخناق عليها، خوفاً على أمن الأوطان». «تمويل وتطبيع» «خلف الحجاب» تحت عنوان «تمويل وتطبيع».. «خلف الحجاب» صدر كتاب للباحثة والكاتبة سناء المصري، عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، وقالت فيه: أصبح من الشائع الآن الحديث عن المنظمات غير الحكومية. فهي كثيرة ومتنوعة وتتعدد مسمياتها.. منها جمعيات تعمل في مجال حقوق الإنسان، وتحصر نشاطها في بث الأخبار إلى الخارج عبر أجهزة الفاكس، ولذلك يسميها البعض منظمات «الفاكس والطيران». ومنها جمعيات تعيش دور الطليعة القديم في أسوأ أثوابه.. وهو ثوب التلقين المباشر لنصوص القانون، وتدعى بناءً على ذلك. أن مهمتها رفع الوعي القانوني للناس.. وبالطبع فإن أغلب العاملين في تلك الجمعيات محامون كانوا يشكون البطالة وصعوبة الحياة حتى الأمس القريب، اصطفتهم العناية الإلهية ليكونوا رسل رفع الوعي القانوني للناس ولهم الأجر والثواب من المنح والتمويلات. جمعيات ثالثة تقوم بدور المرابي القديم في إقراض الفقراء ملاليم لا تحل أية مشكلة مادية بقدر ما تضاعف الديون وتثقل كاهل المعوزين بمشكلات إضافية ونسبة فوائد تصل إلى 18% من أصل القرض. جمعيات رابعة تتحدث باسم بناء الديمقراطية ومراقبة الانتخابات وتقديم التقارير السياسية الدقيقة لحامي حمى الديمقراطية الأعظم في أميركا والمعنيين بالأمر في المنظمات الأوروبية. جمعيات خامسة تقصر نشاطها في الدوائر العمالية وتراقب انتخاباتهم ونقاباتهم وقوانينهم ونواياهم العلنية والسرية، وتتحدث عن الخصخصة وما يناسبها من خصخصة النقابات وتفتيت الاتحاد العام وتكوين ما يسمى بالنقابات الموازية. جمعيات سادسة ترفع شعار الدفاع عن الأقباط باسم الوحدة الوطنية وتسارع إلى تكبير الحوادث وتضخيمها وطلب الحماية من الخارج للأقباط المضطهدين في وطنهم. وباسم الأقليات المضطهدة، برز بعض المراكز تتحدث عن حقوق النوبة الضائعة.. والظلم الواقع على النوبيين، على سبيل المثال. ومن الجمعيات غير الحكومية من يتفرغ لشؤون المرأة ويعزف على وتر قانون الأحوال الشخصية والعادات البالية في خطب متكررة ومؤتمرات متتالية بالداخل والخارج. حتى الفن لم يسلم من الاستخدام في سوق الجمعيات غير الحكومية، حيث تكونت جمعيات للفيديو آرت وأخرى للسينمائيات وورش مسرحية تعمل جميعها بتمويل أجنبي وتنتج مشروعات تناسب ذوق «الممول» بالطبع.. ولذلك فقد صارت كلمة التمويل هي الكلمة السحرية لاختراق تقوقعات شلل المثقفين عاطلي السياسة ومن بقي من مخلفات النال الغابر. وبفضل تلك الكلمة السحرية - التمويل - ظهرت خلال السنوات الخمس الأخيرة زحمة الجمعيات غير الحكومية، أو كما يسميها البعض للاختصار والخداع «المنظمات الأهلية»، ولكن هل صحيح أن البسطاء من الناس وتلك الجمعيات التي تكونت على السطح تخدم الطبقات المعوزة بالفعل..؟ هل مجرد افتتاح مكاتب لبعضها في مناطق شعبية كافياً لجعلها تتحدث باسم الناس على الموائد الدولية..؟ هل يكفي أن ينزلوا على رؤوس سكان هذه المناطق الفقيرة «بالباراشوت» عدة ساعات أسبوعياً أو شهرياً أو سنوياً ليستجدوا باسمهم المنح والتمويلات..؟ وحتى هؤلاء الذين لا يتخذون من المناطق الشعبية مقراً لهم ويفضلون وجاهة المناطق الراقية. فإنهم لا يكفون أيضاً عن التحدث باسم الفقراء والمقهورين.. ولا مانع من النزول إليهم - أحياناً - ودعوة بعضهم إلى المقار الفاخرة المكيفة لعرضهم كحالات وتحويلهم إلى نماذج للدراسة أو للعرض المباشر أو من خلال الفيديو والأفلام السينمائية والصور الفوتوغرافية. ويجد الإنسان - الذي فقد إنسانيته على أيديهم وتحول إلى مجرد حالة - نفسه عارياً فجأة أمام الأغراب ليعرض عليهم بؤسه وفقره، وتتحول جراحه المعنوية العميقة إلى سلعة رخيصة. وتكشف سناء المصري في كتابها، عن أن منظمة اليونيسيف في السنوات الأخيرة قد قامت بالاشتراك مع الجهات الممولة الأخرى ومن أبرزها مؤسسة «GTZ» الألمانية، والوكالة الأميركية للتنمية الدولية ومؤسسة CARE والصندوق الاجتماعي وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية برعاية دراسات منظمة وشاملة للمنظمات المحلية غير الحكومية والمبادرات الشعبية في مصر من أجل التوصل لفهم أفضل لإمكانيات تلك المنظمات ومشكلاتها، وحينما تدعى بعض تلك الجمعيات أنها تفلت من قبضة الحكومة المصرية، فإنها تضع نفسها تحت رحمة الحكومات الأجنبية المانحة. حقيقة «فريدم هاوس» قال الباحث السياسي محمد حمزة إن «فريدم هاوس» ما هي إلا مؤسسة دولية غير حكومية مقرها واشنطن تأسست عام 1941 وذات صلة وثيقة جدا بالمخابرات الأميركية وبدعم مباشر منها.. أنشأها الرئيس الأميركي حينها روزفلت وهو نفس الرئيس الذي استضاف عام 1942 المؤتمر الصهيوني بحضور ديفيد بن جوريون وتم الإعلان فيه عن أحقية اليهود في وطن على أرض فلسطين. وتستعين الإدارة الأميركية بتلك المؤسسة بشكل غير معلن لتنفيذ مشروعها الاستعماري في العالم عن طريق إنشاء مؤسسات الديمقراطية والدفاع عن سيادة القانون واحترام حقوق الأقليات والنساء وحرية التعبير والاعتقاد. مصطلح ناشط سياسي خلال الفترة الانتقالية التي مرت بها مصر منذ أحداث 25 يناير، برزت هيئات دولية كبري أخذت على عاتقها تمويل منظمات المجتمع المدني في مجال التوعية السياسية، ومراقبة الانتخابات ودعم الإعلام، بالإضافة للتكريس لظاهرة صحافة المواطن ودعم المدونين والنشطاء السياسيين، ومن هذه الهيئات وكالة التنمية الأميركية بالقاهرة، التي رصدت 65 مليون دولار لتمويل هذه الأنشطة والبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة بالقاهرة، ومفوضية الاتحاد الأوروبي التي رصدت 8 ملايين يورو، بالإضافة إلى هيئات كل من المعونة السويدية والأسترالية ومؤسسة المستقبل بالشرق الأوسط، بينما خصصت المعونة الألمانية وحدها مبلغ 6 ملايين دولار لدعم الإعلام وتدريب النشطاء من الشباب على شبكات التواصل الاجتماعي واستخدامهم في دعم صحافة المواطن. وبطبيعة الحال، فإن مثل هذه الأنشطة تكون مريبة في كثير من الأحيان لما تثيره من مخاوف حول ارتباطها بجهات مخابراتية، فقد كشفت وثائق أميركية، منها تقرير الموقف القومي الديمقراطي الأميركي، أن هناك تمويلات دفعت لمنظمات مصرية للتحرك داخل شباب الجامعات وتدريبهم على العمل. وقال أحد المستشارين بمحكمة الاستئناف: لا أفهم مصطلح ناشط سياسي الذي ظهر على الساحة منذ 2011، فكلمة ناشط سياسي تعني الانخراط في أنشطة مثل المظاهرات والاحتجاجات والعمل السياسي بشكل عام بناء على عقيدة واضحة، كما أنه لا ينصب نفسه ناشطاً بل تنصبه أعماله وأفكاره. وللأسف وسائل الإعلام كان لها دور كبير في إفراز ما يسمى بالنشطاء السياسيين باعتبارهم نماذج للمعارضة دون النظر إذا ما كان الشخص مفكراً أو خبيراً أو مؤهلاً في مجال عمله أم لا.. وقد آن الأوان لتصحيح كل ما طفح على سطح الأحداث خلال الفترة الماضية. فالناشط السياسي يجب أن يكون شخصاً يمتلك خبرة سياسية طويلة، وله دور معترف به في الواقع السياسي، ينتمي لتيارات وقوى سياسية وحركات اجتماعية، بشرط أن تكون له مواقف واضحة وتحديات أوضح، ويمتلك شجاعة كافية للتعبير عن آرائه، وألا يكون مجرد ادعاء كاذب ومظاهر فارغة. فهل كل شخص عمل مدونة معارضة للحكومة أو للنظام أصبح ناشطا سياسيا..؟، وهل كل شخص رفع لافتة أو شعارا معارضا أو متطاولا على أحد الرموز أصبح ناشطا سياسيا..؟، وهل كل شخص أتيحت له الفرصة أمام الشاشات ليسب وينتقد أصبح ناشطا سياسيا..؟. لذا فإن هناك فوضى في إطلاق التوصيفات حالياً، وبالتالي لابد من ضرورة الاستناد إلى مجموعة معايير قبل إطلاق هذه التوصيفات. ممارسة أعمال سياسية وليست حقوقية إن أزمة التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني المصري ليست وليدة المداهمات الأمنية لعدد من المنظمات العاملة في مصر، وتقديم مسؤوليها للقضاء المصري، ولكنها بدأت تلوح في الأفق مع إعلان السفيرة الأميركية السابقة لدى مصر «آن باترسون» أمام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركية، أثناء جلسة استماع لها للموافقة على تسميتها سفيرة للولايات المتحدة بالقاهرة لخلافة «مارجريت سكوبى»، أن 600 منظمة مصرية تقدمت بطلبات للحصول على منح مالية أميركية لدعم المجتمع المدني. وأضافت أن الولايات المتحدة قدمت 40 مليون دولار خلال خمسة أشهر لمنظمات المجتمع المدني لدعم الديمقراطية في مصر، بمعدل 8 ملايين دولار كل شهر. وفي كلمة لها أمام لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشعب بخصوص أزمة التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني، قالت وزيرة التخطيط والتعاون الدولي آنذاك فايزة أبو النجا، إن الفترة من مارس حتى يونيو من عام 2011 (4 أشهر) شهدت تمويلاً أميركيا لمنظمات المجتمع المدني، بلغ 175 مليون دولار، بينما لم يتجاوز هذا التمويل في 4 سنوات (من 2006 حتى 2010) مبلغ 60 مليون دولار فقط. من هذا المنطلق، اتهمت سلطات التحقيق المصرية وقتذاك أربع منظمات أميركية، هي: «المعهد الجمهوري الدولي» - الذي يترأسه السيناتور عن ولاية أريزونا، جون ماكين، المرشح الرئاسي السابق، و«المعهد الديمقراطي الوطني» الذي أسسته وزيرة الخارجية السابقة مادلين أولبرايت، ومنظمة «بيت الحرية»، و«المركز الدولي الأميركي للصحفيين» باختراق القوانين المصرية، وممارسة أعمال سياسية وليست حقوقية، ودفع أموال طائلة لشخصيات وجهات مصرية، حسبما أشار قاضيا التحقيق في ملف المنظمات غير الحكومية، أشرف العشماوي وسامح أبو زيد، في المؤتمر الصحفي الذي عقد في الثامن من فبراير 2012. ومن أبرز التسعة عشر أميركيا متهما في قضية التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني «سام لحود»، مدير مكتب «المعهد الجمهوري الدولي» في القاهرة، ونجل وزير النقل الأميركي راي لحود. المجتمع المدني في الإمارات تُعرَف المنظمات غير الحكومية في الإمارات العربية المتحدة على أنها جمعيات أو مؤسسات لتأمين الرفاهية العامة. وعلى الرغم من صغر حجم هذا القطاع، إلا أنه يشمل عدداً من المنظمات الخيرية الثرية، ومنها منظمات دولية، فهنالك حوالي 120 مؤسسة للرفاهية العامة في البلاد، تنظم عملها وزارتا العمل والشؤون الاجتماعية ودائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري. ومن أهم منظمات المجتمع المدني بالإمارات، المدينة العالمية للخدمات الإنسانية بدبي، وطني، جمعية الإمارات لحقوق الإنسان، مؤسسة محمد بن راشد لدعم مشاريع الشباب، هيئة الأعمال الخيرية، الهلال الأحمر لدولة الإمارات، جمعية الإمارات لحماية المستهلك، جمعية دبي الخيرية، مراكز التنمية الأسرية بالشارقة، جمعية النهضة النسائية بدبي، مركز تأهيل وتشغيل ذوي الاحتياجات الخاصة، جمعية توعية ورعاية الأحداث.. وغيرها. ولا شك، أن دولة الإمارات تحظى بسجل حافل في مجال التنمية البشرية يضعها بين أوائل الدول العربية، وفي مرتبة متقدمة بين دول العالم، وكانت بين خمس دول عربية حازت أكثر من خمس نقاط طبقاً لمؤشر «مدركات الفساد» في تقرير منظمة الشفافية الدولية لعام 2005، في حين «حازت أكثر من 159 دولة على أقل من خمس نقاط». رئيس مركز الأهرام للدراسات :التمويل الخارجي لا يخلو من أهداف خبيثة ضعف الرقابة يؤدي إلى دخول أنفاق مظلمة ضياء رشوان * الدور المريب لبعض المنظمات يضعها في خانة تهديد الأمن القومي أغلب الجمعيات الأهلية تقحم نفسها في السياسة وتلعب دوراً غير مخطط لها* يقول ضياء رشوان رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ونقيب الصحفيين المصريين السابق: «إن أغلب منظمات المجتمع المدني تعمل بشكل غير رسمي، لذا لا تستطيع الوقوف على قدميها من دون الدعم المحلي الذي يغنيها عن البحث أو الركض خلف التمويل الخارجي، فهذه المنظمات من المفترض أن تعتمد على التبرعات والمعونات بشكل واضح في العلن من الداخل لكي تقوم بدورها المجتمعي الخدمي والتنموي». ويضيف رشوان أن منظمات المجتمع المدني تعتمد على التمويل المحلي في كثير من البلدان، فهناك على سبيل المثال، هذه المنظمات الضخمة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي تعتمد على تمويل داخلي وتعمل في العلن، لذا فهي تقوم بدورها في تقديم خدمات جليلة وملموسة للمجتمع بهدف تنموي، كما أنها لا تمارس أي أدوار سياسية، على العكس ما يحدث في مصر، حيث إن أغلب المنظمات المجتمعية والجمعيات الأهلية تقحم نفسها في السياسة، وتحاول أن تلعب دوراً يختلف عن دورها الحقيقي، الأمر الذي أدى إلى انتشار ظاهرة التمويل الخارجي، والذي يكون له أهداف وأجندات يتم تنفيذها عن طريق هذه الجمعيات الأهلية، ولهذا السبب لا توجد حالياً منظمة سياسية في مصر تحصل على أموال من الداخل، وتعتبر المنظمة المصرية لحقوق الإنسان التي أنشئت عام 1985، هي المنظمة الأم في قائمة منظمات المجتمع المدني باعتبارها أولى هذه المنظمات التي أقيمت في مصر، وأنا أعلم تماماً أنها لم تتلق أي تبرعات أو تمويل من داخل مصر منذ إنشائها، سواء من الدولة أو من رجال الأعمال الذين لا يقدمون شيئاً لهذه المنظمات، ونتيجة لهذا التقصير لجأت بعض هذه الجمعيات للخارج، ومن هنا بدأت الكارثة لأن هذا التمويل الخارجي لا يخلو من أهداف خبيثة قد لا تتفق مع مصالح الوطن، فالممول الخارجي يستهدف التدخل في الشؤون الداخلية للدولة، ومع ذلك الدولة تترك هذه المنظمات أو الجمعيات من دون اهتمام، وهذا الإهمال هو الذي يؤدي إلى دخول هذه المنظمات في أنفاق مظلمة. ويشير رشوان إلى أن مصر بها ما لا يقل عن 42 ألف جمعية أهلية، وأغلبها يحصل على تمويل من الخارج، وكأن الأمر تحول إلى ثقافة تمويلية من الجهات الأجنبية، وهذا كما ذكرنا نتيجة تقصير داخلي يساهم في عدم قيام هذه الجمعيات بدورها تجاه المجتمع، موضحاً رشوان أن هذه الجمعيات كانت تخضع لرقابة صارمة أيام الرئيس الأسبق حسني مبارك، بل كان يتم منعها من ممارسة دورها وتضييق الخناق عليها..! النشطاء والشهرة أما عن انتشار ظاهرة النشطاء السياسيين بعد ثورات ما يسمى بـ«الربيع العربي»، فيؤكد رشوان أن مسمى الناشط السياسي «تعبير دولي»، وانتشر نتيجة زيادة اهتمام الشباب بالعمل السياسي، خاصة في مصر بعد أحداث 25 يناير، ولم يكن لديهم أي خبرات سياسية، لكن مع الثورة تم استغلالهم من قبل شاشات الفضائيات، وتحولوا إلى قيادات سياسية بلا خبرة حقيقية، الأمر الذي جعل الظاهرة تنتشر بعد أن أصبح مسمى الناشط السياسي وسيلة للشهرة، لكن هذا لا يمنع أن بعض هؤلاء الناشطين شاركوا في التغيير من دون أن تكون لهم مصالح شخصية، بل من منطلق وطني ورغبة في رفع الواقع المظلم الذي كانت تعيشه مصر، وأنا أعرف بعض الشباب الذين عادوا إلى منازلهم بعد أن حققوا هدفهم واختفوا من المشهد السياسي، لذا لا يجب وضع النشطاء السياسيين في سلة واحدة أو في موضع اتهام بالخيانة أو العمالة لجهات أجنبية قد تكون قامت بتدريبهم في الخارج على تنظيم التظاهرات أو احتلال مناطق حيوية بالعواصم والمدن أو خلق الفوضى، وغير ذلك من المخططات التي تسعى لتحقيق درجة من التغيير السياسي والاجتماعي بالطرق السلمية..!! مركز دراسات أسسته «6 أبريل» حصل على 262 ألف دولار من «فريدم هاوس» بعض منظمات المجتمع المدني لعبت دور «الجاسوس» على الثورة والنظام معاً بسوريا تقارير غير رسمية تُشير إلى دعم منظمات خيرية لـ «الإخوان الإرهابية» غياب دور المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية سيكون له تأثير سلبي في مجال الحريات محمد زارع في العالم العربي هناك عداء واضح بين الحكومات ومنظمات المجتمع المدني ويتعامل كلاهما بمبدأ الخصوم وليس الشركاء بهي الدين حسن إنجازات «المجتمع المدني» تقارير وتنديدات تنشر في الإعلام دون مردود إيجابي «فريدوم هاوس» درّبت العشرات لزعزعة استقرار دول عدة باسل ترجمان بعض الجمعيات المدنية تستخدم التمويل الأجنبي لتحقيق أهداف سياسية سعد الدين إبراهيم مسمى الناشط السياسي أصبح «مهنة مَنْ لا مهنة له» وهناك شخصيات أساءت إلى سمعة المنظمات المدنية حافظ أبو سعدة أما المستوى الثالث من هذه المنظمات - حسبما يرى الشوبكي - فيخص المنظمات التي تتلقى التمويل الخارجي بهدف اقتحام الساحة السياسية والحزبية.. هنا تبحث الدولة عن مصادر تمويلها للتأكد من حسن نواياها، حتى لا نجد أحزاباً أو حركات سياسية على أرض الوطن تنفذ أجندات خارجية على سبيل المثال، لذا لابد من وجود ضمانات لعدم استغلال هذه الأموال في غير موضعها بعيداً عن النشاط المدني. ويوضح الشوبكي، أن ظاهرة النشطاء السياسيين انتشرت بعد أحداث 25 يناير، واستفحل أمرها، لدرجة أن هؤلاء النشطاء تحولوا إلى نجوم على شاشات التلفاز وعلى صفحات الجرائد الكبرى وسط مجتمع مصاب بحالة من الركود السياسي والثقافي، إلا أنه مع مرور الوقت، ونتيجة الاتهامات التي طالت هذه الفئة، افتقد المجتمع الثقة بهم، ولم يعد يقبل فكرة «الناشط السياسي»، بعد أن اكتشف أن أغلبيتهم غير مؤهلين لممارسة العمل السياسي ذاته، من هنا أيقن هذا الناشط نفسه أو ذاك أنه لا بد وأن تكون له مهنة يعتاش منها، وبذلك تراجعت هذه المهنة الوهمية، ولم تعد موجودة على السطح إلى حد كبير. ويؤكد الشوبكي، أنه في وقت ما، تحول مصطلح الثوري إلى وظيفة أو مهنة، يستفيد منها هذا أو ذاك، كتعويض عن الفشل المهني والبطالة التي يعانيها بعض الشباب، وبذلك تحول الثوري إلى مهنة للارتزاق، إلا أن بعض الشباب فطن لهذا الأمر، وبدأ يبحث عن مهنة تمنحه مكانته المفقودة بالمجتمع، وبدأ يبني ذاته سياسياً بعيداً عن المتاجرة بأحلام واهية، تضر المجتمع أكثر مما تنفعه، كما أنها لا تساهم في تقدمه وحريته..! افتقاد الصدقية وترى د. منى ذو الفقار، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان بالقاهرة، أن المجتمع المدني لا يعني المنظمات الحقوقية فقط، وإنما يشمل النقابات والأحزاب ووسائل الإعلام، والتي تُعتبر ترساً مكملاً في عمل منظومة الدولة، وليست تعمل بمفردها بمعزل عن المؤسسات، ومن ثم فهي تتأثّر بأي متغيّر يطرأ على نظام الدولة. وتشير ذو الفقار إلى أن هناك فوضى في المجتمع المدني وعمل المنظمات الحقوقية، حيث أصبحت توجد بأعداد كبيرة من دون أي دور حقيقي تقوم به لخدمة المجتمع وتنميته، لافتة إلى أن هناك بعض المنظمات المشهرة ليس لها مقرات، بل إنها تعتمد العمل الحقوقي شكلياً فقط، كذلك انتشار مصطلح ناشط حقوقي من دون أن يكون صاحبه على أدنى دراية ومعرفة بمتطلبات العمل المدني ومؤهلاته، ما أثّر سلباً على شكل منظمات المجتمع المدني، ووضعها في نفس البوتقة مع مؤسسات الدولة في نظر المواطن، وأفقدها الكثير من صدقيتها، مؤكدة أن المنظمات الحقوقية في العالم العربي فشلت في أن توجد في الشارع وتحمي المواطنين وتحفظ حقوقهم، واتجهت بشكل شبه كامل إلى العمل السياسي. وتابعت: إنجازات تلك المنظمات تكاد تكون معدومة سواء في مجال الحريات وحقوق الإنسان أو تنمية المجتمع، حيث كانت مخرجاتها عبارة عن تقارير وتنديدات ترفع وتنشر في وسائل الإعلام، من دون أن يكون لها أي مردود إيجابي على أرض الواقع. تراجع دور المنظمات وعن مستقبل منظمات المجتمع المدني في العالم العربي، يقول محمد زارع، رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي: «إن مستقبل العمل الحقوقي والمجتمع المدني في الدول العربية، يتوقف على الظروف السياسية والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لكل دولة، متوقّعاً أن يكون أقل تأثيراً، خاصة في مجال السياسة والحريات والدفاع عن حقوق المواطنين، كذلك تراجع دور المنظمات في ضوء القوانين التي سنّتها بعض الدول العربية، ومنها مصر، لتحجيم دور المجتمع المدني وتقييد حركته»، لافتاً إلى أن المجتمع المدني شريك أساسي لنظام الحكم، ويجب أن يتمتّع بصلاحيات حتى يستطيع القيام بدوره في التنمية وخدمة المجتمع، ومن دون ذلك سيظل المجتمع المدني معطلاً وغير فاعل في القيام بدوره، مؤكداً أن الأوضاع السياسية والاقتصادية تؤثّران بشكل مباشر على عمل المنظمات الحقوقية، وكلما كان هناك اضطرابات سياسية ونزاعات تقلّص دور المجتمع المدني وتراجع دوره، واستخدمه كمجرد شكل لتجميل الصورة العامة للدولة، من دون أن يكون له تأثير فاعل وحقيقي على أرض الواقع. ركوب الموجة ومن جانبه، يقول وائل الخالدي من «شباب الحراك الثوري السوري»: «لا يمكن لعاقل أن ينكر ارتباط هذه الجمعيات المدنية غالباً، بالدول الداعمة، ومن التجربة العملية، فإن تسريبات المعلومات الحساسة أو الإحصاءات المباشرة، تعود إلى رغبة وعاتق المؤسسين، من حيث تسليم اللازم لاستمرار المشاريع فقط!! أو تسليم كل ما لديهم من معلومات لهذه الدول المانحة، بينما في الواقع، فإن غالب هذه المنظمات المدنية، كان دورها تشويهياً واستغلالياً لم يخلُ من التكسب والانتفاع». ويضيف الخالدي، أن حجم التظاهر واتساع رقعته، وهو يتحدث هنا عن الحالة السورية، بين عامي «2011-2012»، دليل معاكس لهذه النظرية، فإنه لم يكن هناك فريقٌ أساساً يدير أعمال التظاهرات، إنما كانت غالباً ما تتم تنسيقها بشكل «شللي»، كل «شلَّة» بمفردها تقرر مكان وزمان التحرك، حتى تم إنشاء التنسيقيات، والتي كانت تطوراً طبيعياً، لحالة التظاهر الشبابية، من دون أي خبرة أو دراية أو تدريب خارجي، في شعب غالبه منعزل عن الخارج ولا يجيد سوى اللغة العربية، وحتى أن هذه الدول المذكورة هي أقرب لنظام بشار الأسد منها للشعب السوري، مما يضع النظرية كلها في مهب الريح، وأن ما حدث نتج عن رغبة حقيقية في التحرر، ولو كان هناك تدريب وتأطير لاستمر ولم يفشل، خاصة عندما حاول التيار السلفي والتيار الأخواني قيادة هذه الحالة وركوب الموجة، لإعادة إنتاج نفسيهما، ففشلت بعدها التظاهرات، تحت وطأة «الاستغلال» من جهة و«إرهاب الدولة» من جهةٍ أُخرى، ليحل محلها «العمل المسلح». ويؤكد الخالدي: لعبت بعض هذه المنظمات دوراً إيجابياً في دفع عجلة التقدم في مجتمعنا، لكن في المجمل العام كما في سوريا، فقد تم استخدام هذا النشاط المدني غالباً لترسيخ سياسات معينة أو دعم جهات معينة، فعلى سبيل المثال، استطاع الأخوان المسلمون السوريون، السيطرة على ظاهرة «المجالس المحلية»، التي أسسها النشطاء المدنيون في سوريا عبر دعم «بريطاني» بدايةً، إنما تحولت لاحقاً، لأداة ضغط إخوانية، تقدم المساعدات وتوزع الاحتياجات، بحسب ما يفيد ويخدم إعادة زرع هذا التنظيم في سوريا، وأيٌّ من المجالس المحلية رفضَ الانضواء، كانت تتم محاربته وخنقه، وتعطيله، أو تصنيع «مجلس محلي موازٍ» له، ليتم تفشيل المجالس المحلية الحقيقية، وخنق النشاط المدني الفعال. كما لعبت العديد من منظمات المجتمع المدني دور «الجاسوس» على الثورة والنظام معاً أو على إفشال الثورة وحرق النشطاء أو دفعهم للرحيل بشتى الطرق، لكن ما زال هناك أمل لتطوير منظمات عمل مدني مستقلة، منطلقة من قاعدة وطنية، ومن تجربة وخبرة مريرة، لتساهم فعلاً بالعمل الوطني الحقيقي، وبذل الجهد في حصر التعاون مع منظمات عربية، على الرغم من ضعفها أو التعاون مع المنظمات الأجنبية ذات الطابع الإغاثي، وضمن رقابة الإدارة المحلية، لنصل إلى مجتمع مدني قادر على بناء بلده، من دون الإضرار بمصالحه القومية، وأمن مواطنيه. تمويلات سياسية من جهته، يقول د. سعد الدين إبراهيم، مدير مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية: «إن وسائل الإعلام أحد الأسباب الرئيسية في تشويه دور منظمات المجتمع المدني المصري، ووضع الإعلام كل مسؤول عن هذه المنظمات في بؤرة الخيانة والعمالة وتلقي أموال من الخارج لإسقاط الدولة». وتابع: «على الرغم من هذا تمكّنت منظمات المجتمع المدني في دستور عام 2014، من إدراج المادة 75 والتي تنصّ على: (للمواطنين الحق في إنشاء الجمعيات والمؤسسات الوطنية على أساس ديمقراطي، وتكفل المادة حقهم في الحصول على وضع قانوني، وحظر السلطات الإدارية عن التدخّل في شؤونهم أو حل مجالس إدارتها أو مجالس الأمناء دون حكم قضائي)». ويؤكد أن هذا النص الدستوري يُعدّ انتصاراً لمنظمات المجتمع المدني، ومع ذلك فإن التحدي الأهم هو كيفية تحويل هذا النص إلى قوانين وإجراءات تنظيمية وفق الفلسفة التشريعية في مجلس النواب الحالي، التي ستحكم منظمات المجتمع المدني، والتي ستلزم الدولة في التكيّف مع تلك المنظمات وفقاً للدستور والقانون. وحول شبهة التمويل الأجنبي، يشير سعد الدين إلى أن جميع المنظمات المدنية في العالم تتلقى تمويلات خارجية من أجل تطوير المجتمع، بالإضافة إلى أن هذه الأموال تخضع لرقابة الدولة والجهاز المركزي للمحاسبات، ويتم إنفاقها وفق شروط محدّدة على المجتمع المدني. ويؤكد أن بعض الجمعيات المدنية تستخدم التمويل الأجنبي لتحقيق أهداف سياسية، وهو ما يؤدي إلى زعزعة استقرار الدولة، كما أن القائمين على هذه الجمعيات يقومون بنشر تقارير بلغات أجنبية لتزييف الحقائق وترويج معلومات خاطئة تضر بسمعة البلاد في الخارج. صِدام غير معلن ويوضح حافظ أبوسعدة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، أن مصر بها نحو 40 ألف منظمة غير حكومية محلية على الرغم من وجود قوانين مقيّدة للغاية لإنشاء وطريقة عمل هذه المنظمات، ومع ذلك وصفت مصر بأنها واحدة من أكبر وأنشط قطاعات المجتمع المدني في العالم النامي. ويؤكد أنه خلال عهد المخلوع مرسي ساءت علاقة الحكومة مع المنظمات غير الحكومية، ويرجع ذلك إلى محاولات عدة لتمرير قوانين أكثر تقييداً، بالإضافة إلى مداهمة قوات الأمن مقرات بعض المنظمات، وتمت إدانة نحو 43 من العاملين في المجتمع المدني المحلي والدولي بعقوبات متفاوتة تتراوح بين سنة وسنتين وحتى خمس سنوات، بتهمة العمل من دون ترخيص، وتلقي أموال من الخارج. ويضيف: هناك صدام مكتوم أو غير معلن بين الحكومة ومنظمات المجتمع المدني، لا سيما وأنه يوجد تحوّل شعبي واتهامات جماهيرية وإعلامية طالت جميع المنظمات المدنية المصرية، وأبرزها: تلقي أموال من الخارج لضرب استقرار الدولة، وتدريب نشطاء على التظاهر وقطع الطريق، بالإضافة إلى اتهامات تتعلّق بإصدار تقارير تُدين الدولة. وتابع: لا شك في أن مسمى الناشط السياسي أصبح مهنة مَنْ لا مهنة له، وهناك شخصيات وأفراد أساءوا كثيراً إلى سمعة المنظمات المدنية. ويشير إلى أن منظمات المجتمع المدني المصرية لعبت دوراً حاسماً في التحوّل إلى مجتمع ديمقراطي، ولكن حدث تضييق حول طبيعة عملها، وباتت الحكومات المتعاقبة تستخدم عبارات مطاطة، أثّرت بشدة على تمويل المنظمات غير الحكومية، وأهمها «اعتبارات الأمن القومي». إرساء معالم الديمقراطية ويوضح د. علاء شلبي، الأمين العام للمنظمة العربية لحقوق الإنسان، أن دول الربيع العربي شهدت انفتاحاً سياسياً بعد الثورات، ما ساعد على بروز حركات المجتمع المدني كفاعل أساسي في الحياة السياسية، حيث أصبح لها الدور الفاعل في تكريس التحوّل الديمقراطي وإرساء معالم الديمقراطية، وذلك من خلال نشر العمل المؤسسي، وإرساء قيم الممارسة الديمقراطية، والإدارة السلمية للخلاف، مما يساعد في خلق أجواء تعزّز مسارات الانتقال الديمقراطي في الدول حديثة العهد بالديمقراطية، لافتاً إلى أن وجود مجتمع مدني قوي وفعّال يقوم بدوره في تنمية وعي المواطن وتمكينه ينعكس على قدرة المجتمع في النمو والتطور، مؤكداً ضرورة تفعيل الدور المدني للمنظمات والجمعيات الأهلية، مع عدم تسييس دورها لما له من عواقب سلبية كثيرة على دورها الإنساني والمدني الذي تقدّمه. ويضيف: المج
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©