الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فن التراث الإسلامي يعتمد على التجريد والتمازج مع الطبيعة

فن التراث الإسلامي يعتمد على التجريد والتمازج مع الطبيعة
13 ديسمبر 2011 20:54
التكرار والتناظر والحركة منظمومة من الوحدات التشكيلية، التي تمثل هوية الفن الاسلامي التراثي، والذي أصبح ينتهجه العديد من الأفراد في منازلهم أو أصحاب المشاريع الذين حولوا فراغاتها إلى تحفة جمالية، تنطق بالأصالة والإبداع المتمثل في نمط التراث الإسلامي، الذي يتجلى في أدق مفرداتها، المتشحة بجماليات هذا الإرث الذي أبدع فيه الفنانون المسلمون الأوائل. والتي كانت نتاجاً يمثل العبقرية الإسلامية المبدعة في وضوحها واكتمالها، عدا عن ذلك ما تحمله من فلسفة تجمع العالمين ‌المادي‌ و‌الروحي‌. هذه الإيقونة الفردية التي تمنح المرء حرية الاستمتاع والتنقل ببصرة بين وحدات هذا النمط بكل سلاسة وراحة، بعد أن ازدهرت الزخارف المعمارية في العصور الاسلامية واتخذت لها خصائص امتازت بها، سواء من حيث تصميمها وإخراجها الفني، أو من حيث موضوعاتها وأساليبها، فقد نجد من طرق الإخراج الفني الكثير عبر النقش على الجص.. والتي كانت إما بطريقة الحفر المباشر أو بطريقة الصب الآلي وأيضا النحت على الحجارة او الخشب حيث تظهر مسطحات المنحوتات في صورة بروز ملساء متساوية موازية لأرضيتها.. وإما عن طريق المنحوتات المفرغة والتي تظهر الزخارف عليها ناصعة واضحة المعالم، ومنها أيضا الأرضيات الغائرة القاتمة، حيث نجد العنصر النباتي من الزخارف الاسلامية التي قام الفنانون الأوائل باستخدامها بشكل واسع في فن العمارة الاسلامية، وتمتاز هذه الزخارف النباتية بالتكرار والتقابل والتناظر، كما تبدو عليها مسحة هندسية لا تخلو من أثر التجريد والرمز. تمازج مع الطبيعة وكما هو مشاهد في وقتنا الحالي، الكثير من المشاريع الخاصة، تصدح فيه الروح الشرقية المتمثلة في نمط الفن الإسلامي على وجه الخصوص. وقد استوقفنا أحد المطاعم وهو مطعم مراحب التي قامت بتصميمه لينا العيدروس، وظهر فيه الفن الإسلامي الذي اعتمد عليه الكثير من مصممي الديكور، نظراً لكونه فناً يتملك روح الفخامة والأناقة وتعج فنياته بالحياة، وذلك لتنوع الزخارف الإسلامية وثرائها، وهو منتشر بشكل واسع كفن إسلامي مستخلص من العنصر النباتي كالزخرفة المتمثلة في فن الأرابيسك. والذي يعتمد وبشكل رئيسي في تفاصيله على الزخارف المكونة من فروع نباتية وجذوع منثنية ومتشابكة ومتتابعة، فهي تمثل الطبيعة بمصداقية تامة. وعادة ما تتم عملية الزخرفة التي تزين به المكان حيث يتم تقسيم المساحات الهندسية إلى أشكال هندسية أو مضلعات صغيرة تحصر في داخلها الزخارف النباتية، وهذا الأسلوب في حقيقة الأمر قد تطور، حيث تدرج الفنانون والمصممون في التعاطي مع الزخارف فبعد أن كان يجزأ العمل إلى عدة أقسام متساوية، حتى يسهل عليه العمل نجده الآن وبتوافر الآلات والمعدات الدقيقة أصبح العمل أدق وأسهل وأسرع، حيث تم تقسيم الشكل الهندسي إلى قسمين أو نصفين متناظرين متساويين. كما ملئت الفراغات بالزخرفة التي تتمازج مع طبيعة المكان وتمنحه إطلاله خاصة، وكذلك نجد أن الزخارف لم تكن فقط مستمده من النباتات ولكن الفنانون الأوائل استخدموا الرسوم الهندسية التي أصبحت عنصراً أساسياً من عناصر الزخرفة، حيث نشاهد منها الأشكال النجمية المتعددة الأضلع. هذه الأشكال تتولد عادة من اشتباك قواطع الزوايا أو مزاوجة الاشكال الهندسية كالدوائر المتماسكة والمتجاورة والخطوط المنكسرة والمتشابكة أيضاً، بالاضافة إلى أشكال أخرى كالمثلث والمربع والمعين والمخمس، فهذه المنمنمات الدقيقة من الزخارف والنقوش أيا كان تفاصيها وملامحها فهي بلاشك تثري المكان وتمنح الجدران أو الاسقف غناً وجمالاً. بيئة تراثية إسلامية وقد اعتمدت المصممة لينا العيدروس، وبشكل خاص على استعمال الأرابيسك، وهو فن يعتمد بالدرجة الاولى على الزخرفة النباتية، فنجد الأعمال الخشبية ظهرت كلوحات فنية أساسها الزخارف والنقوش المتماسكة والمتشابكة والمتناغمة كروح واحدة وتنتهج نمطاً فنياً واحداً، لتشكل قطعاً فنية غاية في الإبداع وهي تزين الاسقف، التي انتقتها المصممة في المداخل وفي بهو صالة المطعم الذي يتسلل التراث الاسلامي في أعماقه. ونظراً لمساحة المطعم المحدودة نوعاً ما، أرادت المصممة أن تستغل الفضاءات والمساحات المتاحة بطريقة علمية مدروسة وصحية، لتحقق بيئة مريحة وهادئة للزوار. فهيأت الفراغ وصممت الديكور الداخلي بحيث يتوافق مع رغبة صاحب المطعم المتمثل في إيجاد البيئة التراثية الاسلامية في المكان.. هذا النمط من الديكور التراثي يحتاج إلى مساحة معقولة كي يظهر الفن الاسلامي الثري في مكوناته والعميق في فنياته. ولكن استطاعت المصممة أن تتغلب على هذه العقبة مانحة المكان مسحات من الفن التراثي الاسلامي الذي يمكن أن يستشعر به أي زائر منذ أن تطأ قدماه بوابة المدخل المدموغة بتكوينات زخرفية، حيث يستشف المرء من خلالها أنه يطرق بوابة الحضارة الإسلامية في زمنها، ويستنهض في داخله بواعث العزة والفخر الذي تربع في نفوس المسلمين، وهم على قمة عرش العلم والفنون بأنواعه، في وقت كان ينتشر الظلام والجهل على الطرف الآخر من العالم. فوانيس شرقية وبما أن القباب تعتبر أحد أهم عناصر فن المعمارة الاسلامية، ونظرا لكون المبنى يعتمد على البناء الحديث والمتمثل في الاسقف المستوية، فحاولت المصممة أن تمنح الاسقف إيحاء بالاتساع قدراً ما، من خلال ميلان السقف نحو نقطة مركزية إلى متنصف السقف، وذلك باستخدام أقمشة مخصصة تم تجميعها بشكل جمالي وربطها في وسط السقف، وتتدلى من وسطها الاضاءات التي لم تخرج من عباءة التراث الاسلامي العريق، وهي الفوانيس الشرقية، التي تنبعث من خلالها الإضاءة عبر فتحات من النقوش والزخارف لترسم تفاصيل الجمال على الجدران. هذا الإرث الجميل الذي برع فيه الحرفيون المهرة في عمل أشكال فنية من الإضاءة وبأحجام مختلفة فمنها ما توضع على الطاولة ومنها ما تعلق بحبال على الجدران وتتدلى منها بشكل مخروطي تنتهي بقطعة من الطربوش، ومنها ما توضع في الأركان أو حتى في مداخل الفراغات، أو على جانبي الباب الرئيسي، بأشكال وتصاميم مختلفة، والتي عادة ما تأخذ الشكل الاعتيادي للفوانيس بحيث تكون على شكل نجمي ومنها ما تكون دائرية الشكل مرصعة بقطع الزجاج الملون. هذه التحف عدا عن شكلها الجمالي فهي أيضا تعكس تفاصيل دافئة وحميمية في المكان. من جهة أخرى زينت أرضية المكان بتشكيلات هندسية من الرخام الذي يحكي الخطوط اللونية على أطراف بعض الجدران. أجواء مريحة انتقت المصممة لينا العيدروس طلاء الجدارن البيج للتغلب على ضيق المكان، ومنحه الفراغ الذي يوحي بالرحابة ويضفي مزيداً من الأجواء المريحة التي يحتاج إليها الزائر، في حين استعاضت عن ألوان الجدران الفاتحة باستخدام أثاث قاتم نوعا ما، من خلال تصميم عدد من الجلسات بقماش الكتان القوي المقلم بخطوط ناعمة مشعة، هذه الجلسات التي قسمت بعدد من الأعمدة الخشبية المزخرفة، قد احتضنت جلسات أرضية شعبية تراثية في ثناياها بطريقة تمنح الزائر نوعاً من العزلة والخصوصية، والراحة أيضاً.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©