الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أعْطِني بصيرة وارمِني في البحر

أعْطِني بصيرة وارمِني في البحر
27 مايو 2007 00:48
تحقيق - فداء طه: لم تقف الإعاقة يوما أمام أصحاب الإرادة القوية، ولم تكن هناك حدود لطموحات الإنسان قوي العزيمة الذي يسعى لإثبات ذاته على الدوام، والدليل على ذلك نجاح تجربة الإبحار الشراعي التي قامت بها مجموعة من المكفوفين في عرض البحر انضموا إلى برنامج ''الإبحار من أجل المكفوفين وذوي التحديات البصرية'' في العام الماضي، واستمر 12 شهرا، وحظي بمساندة مركز ''تمكين'' المتخصص في تأهيل وتدريب ذوي التحديات البصرية وجمعية الإمارات لرعاية المكفوفين، لينهي المرحلة الأولى منه بنجاح فاق التوقعات، حيث قامت مجموعة ''قراقاش'' و''بلوسيل دبي'' اللتان رعتا البرنامج بتوزيع شهادات تقديرية على الطلبة الذين شاركوا في البرنامج، هذا وتقوم ''بلوسيل''(السماء الزرقاء بالفرنسية) حاليا بتدريب متطوعين جدد نظريا وعمليا على الإبحار، وهي بصدد ضم طلاب جدد لبرنامج الإبحار القادم الذي سينطلق بعد الانتهاء من إجراءات التسجيل للمرحلة القادمة· البرنامج الذي يهدف لتزويد الطلبة المكفوفين وذوي التحديات البصرية بالمهارات والقدرة على الإبحار على متن يخت شراعي يبلغ طوله 42 قدما، تمهيداً للمشاركة في المنافسة على المستوى الدولي، شاركت فيه قائمة من المتطوعين الذين نجحوا بإنهاء التدريب· لا للخوف يقول مأمون سيف، أحد أوائل الطلاب الخمسة الذين شاركوا في البرنامج: ''عندما سمعت عن البرنامج لم أتخيل كيف ستكون التدريبات وكيف سأقود يختا، ولكن عندما بدأت التدريب شعرت بجدية الأمر، ولم يساورني الخوف مطلقا، فأنا أحب البحر والسباحة وأمارس بعض الرياضات· الصعوبة بدت في اليوم الأول حيث كنا نجهل كل شيء، ولكن في اليوم التالي وجدت الأمر شيقا ثم تعلمت أشياء كثيرة، والآن اجتزت التدريب بنجاح· لقد خرجت من البرنامج بخبرة جديدة في الحياة أهمها روح التعاون والتضامن في الفريق، كما تعززت لدي ثقتي بنفسي، وبأن الكفيف قادر على ممارسة كل ما يقوم به الأشخاص الطبيعيون بالإرادة والتدريب''· تجربة سعيدة ومن جهتها قالت كلثوم علي محمد، من جمعية رعاية الكفيف: ''لم يوافق الأهل بسهولة على خوضي التجربة لأنهم يخشون عليّ، كما أنني أخشى البحر أيضا، لكنني قررت المغامرة وخوض التجربة· واجهت في البداية صعوبة في تمييز أنواع القوارب والأدوات لكن مع التدريب أصبحت الآن أعرف الأنواع وأميزها· أما الصعوبات التي واجهناها في البحر فهي تقلب الطقس أحيانا، وربط القارب، لكن في النهاية صرت أقود القارب وحدي مع الكابتن وأنا سعيدة بهذا الإنجاز''· ابن بحر الإماراتي أحمد علي حسن، هو واحد من المشتركين الذين برزوا في البرنامج قال إنه تعلم بسرعة فهو ابن البلد وابن البحر أيضاً، فقد كان يعمل فيه ''نوخذة'' قبل أن يتفاقم ضعف البصر عنده· أحمد استفاد كثيرا من البرنامج الذي رأى أنه ينمي روح التعاون بين الفريق الذي يقوم كل فرد منه بدور معين حتى يصل القارب إلى بر الأمان· كذلك عبرت منى بدر هاشم، من جمعية الإمارات للمكفوفين، عن استفادتها الكبيرة من هذا البرنامج وأهمها التعاون ومساعدة الآخرين: ''الآن صرت أعرف كيفية تركيب القارب وكيف أقوده، وإن شاء الله سوف أكمل التدريب مع بقية الفريق''· ثقة عالية بالنفس ويقول محمد بن سيفان، وهو متطوع لتدريب المكفوفين من منتخب الإمارات للشراع الحديث عن طبيعة دوره في البرنامج: ''كنت أدرب المجموعة حيث أتلقى الأوامر من المدرب وأقوم بالترجمة لهم، وكانت مرحلة التعلم في البداية بطيئة لأن قيادة القارب صعبة بالنسبة للمبصر فكيف بالنسبة للكفيف؟ لقد واجهنا صعوبة في كيفية تعريفهم بأجزاء القارب، ولكننا استعنا بموديلات للقوارب لنقوم بالمهمة مما سهل علينا المرحلة الأولى، ثم جاءت المرحلة الثانية وهي الإبحار وهنا كان التوزان مشكلة المتدربين لأنهم كانوا خائفين، غير أنهم بعد التدريب اجتازوا الصعوبات وأصبحت ثقتهم بأنفسهم عالية''· وعبرت عزة علي، مرافقة ومساعدة للمكفوفين، عن تأثرها الكبير بهذا البرنامج الذي يقدم مساعدة وخبرة عظيمة إلى فئة المكفوفين، ويشجعهم على اكتشاف مواهبهم وإدماجهم في المجتمع ومنحهم الثقة بالنفس، كما عبرت عن تأثرها بمرافقة المكفوفين، '' لقد كنت سعيدة بمرافقة الفريق وأصبحت صديقة لهم، إنهم رائعون بالفعل''· تعلمت منهم أما غريك بويل المدير الشريك والمدرب الرئيسي بشركة ''بلوسيل دبي'' فقد عبر عن انبهاره بقدرة هؤلاء المكفوفين على تخطي الصعوبات واجتياز التجربة بنجاح: ''أهم شيء أنهم كانوا يتأقلمون ويتقبلون المعلومات، كما أن عدم القدرة على الرؤية لم يكن عائقا بالنسبة لهم فقد كان لديهم إحساس عالٍ، وكانوا يعتمدون عليه ويتبعونه ويطورونه في خيالهم، وكانوا يفهمون المعلومة ويطبقونها· الصعوبة الوحيدة التي واجهتها مع هؤلاء المكفوفين هي أنهم يعرفون زيادة عن اللزوم، كما كانوا يتمتعون بالثقة بالنفس زيادة عن اللزوم أيضا ولذلك كنت أخشى عليهم''· ويضيف: '' أنا شخصيا استفدت منهم أشياء كثيرة، أهمها أنني تعلمت أساليب جديدة في التعليم والتدريب، فأن تشرح للمبصر ليس بالأمر الصعب لأنك تستخدم في الشرح إشارات وإيماءات تساعد في توصيل المعلومة، ولكن بالنسبة لغير المبصر يجب أن تكون دقيقا أكثر ولهذا فقد علموني كيف أطور من أسلوبي في التدريب''·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©