محمد الجبالي: كثرة الفضائيات الغنائية وراء إفساد الطرب العربي

يملك محمد الجبالي صوتاً عربياً أصيلاً، ويصنف على أنه مطرب من العيار الثقيل، خصوصاً أنه يعد صاحب موهبة فنية تقف على أرض صلبة تحمل بداخلها كنوزاً ولآلئ يراهن عليها الجميع، وهو يعشق الصعب والمختلف، ويحلم بأن يحصل على حقه الطبيعي الذي يتوازى مع صوته وإمكاناته. وقال الجبالي، الذي مثًل تونس في الدورة العشرين لمهرجان الموسيقى العربية بالقاهرة، لـ«الاتحاد»، إنه يشعر بمحبة جمهور دار الأوبرا المصرية له ويعتبرها شهادة تقدير يعتز بها. أرجع محمد الجبالي مشاركته للمرة السابعة على التوالي في المهرجان الى ثقة إدارة المهرجان به، وأن هذا يعد دليلاً على توفيقه في المشاركات السابقة. وقال إنه شارك هذا العام في حفل الافتتاح من خلال أوبريت «ملحمة الربيع العربي» كما أحيا حفلاً بصحبة المطربة غادة رجب، وقدم مجموعة كبيرة من أغاني ام كلثوم ومحمد عبدالمطلب، وختم بأحدث أغانيه الوطنية والتي حملت عنوان «من أنتم» من كلماته وألحانه أيضاً. عدم التكرار وعما اذا كانت فكرة الاستقرار في مصر لاتزال تراوده قال: نعم ولكن أحياناً بعض الظروف تحول دون وجودي، رغم أن العديد من أصدقائي يرجعون عدم انتشاري بالشكل المناسب في مصر إلى عدم استقراري فيها، وسأمكث في القاهرة بداية من شهر يناير المقبل لفترة طويلة ولعدة أهداف منها الانتشار الفني، خصوصاً وأنني أعمل إلى الآن بمفردي ومن دون شركة إنتاج أو مدير أعمال وهذه من الأشياء التي تبطئ من مشواري. ونفى الجبالي وضعه أسساً معينة يختار أغنياته بناءً عليها وقال: أنا ضد اختيار نمط موسيقي معين، وأسعى لتقديم صورة جديدة سواء في الكلمات أو اللحن، علماً بأنه لا يهمني إن كان من أتعاون معه كبيرا أو صغيرا أو يحمل جنسية ما، وأحرص على الاختلاف وعدم التكرار. وعن قيامه بوضع ألحان غالبية أغنياته قال: درست في الكونسرفتوار في تونس، كما درست العود على أيدي علي السريتي، واخترت العود لشعوري بأنه الأقرب لقلبي، وهذا ما ساعدني على تلحين ما يقرب من 80 في المئة من أغنياتي الخاصة، كما أكتب 30 في المئة من الكلمات، كما لحنت لعلي الحجار أغنية تونسية عنوانها «ونسى» وأيضاً لإيهاب توفيق «الزينة حبيبتي». لا أشعر بالندم وعن قيامه بانتاج ألبوماته بنفسه قال: ليس لدي خيار آخر، لان فكرة شركة إنتاج فني لا تزال جديدة في تونس، والموجود أغلبه شركات للتوزيع فقط، وهذا عكس ما هو موجود في مصر ولبنان، وهذا لا يمنع من أن بعض الأعمال يتم دعمها من وزارة الثقافة التونسية. وأكد أنه لا يشعر بالندم على تأخره مقارنة بأقرانه الذين استقروا في مصر وقال: كل همي في الفترة الماضية كان الانتشار والنجاح في تونس، وهذا ما كنت أهدف إليه، ولكن الفكرة تغيرت بعد نجاحي في قرطاج عام 2001 حيث بدأت التفكير في الانتشار العربي، رغم أن هدف كل فنان تونسي أو عربي هو الصعود على مسرح قرطاج. وعن علاقته بالمطربين التونسيين في القاهرة، وخصوصاً صابر الرباعي ولطيفة قال: أكثر من ممتازة، وصابر يحرص على حضور حفلاتي في قرطاج، وأثناء الاعتداء الإسرائيلي على لبنان عام 2006 غنيت معه أغنية «بحبك يا لبنان يا وطني» بمشاركة 10 أصوات لفنانين من تونس، ونفس الشيء مع لطيفة التي تطلب مني دائما الاستقرار في مصر، وأنا لست ضد هذا ولكنني في الصيف لا أستطيع أن أترك عملي في تونس، وأحياناً الظروف سواء الفنية أو العائلية تمنعني. إفساد الغناء ويرى أن كثرة الفضائيات الغنائية لم تكن في صالح الأغنية والمسألة تغيرت ولم تعد صوتا فقط، ولكن يظهر من لديه إمكانيات أكثر، وأصبح التركيز أكثر على الشكل والإغراءات والصورة وليس الصوت، وللآسف لامكان حالياً للموهبة ولكن للحظ والدعم والأموال والفضائيات الكثيرة أفسدت الغناء العربي. وعن رأيه في ظاهرة الفيديو كليب قال: مفيدة ولكن تبقى الطريقة والهدف من وراء تصويرها والذي يختلف من كليب لآخر، حيث يوجد كليب يعطي الحق للكلمة واللحن ليكملهما، وهناك الإباحي، وعادة عندما تجد صوتاً جيداً ومطرباً جاداً ستجد صورة محترمة لأنه لا يقبل بأشياء كثيرة بعكس الآخرين الذين يخفون عيوب أصواتهم وراء موديلز وراقصات. الأغنية الخليجية وتحدث الجبالي عن مشروعه الفني وقال: أهم شيء بالنسبة لي أن يأخذ الفنان المرحلة التي يستحقها حسب مجهوده وأتمنى الحصول على المكانة التي استحقها مقارنة بصوتي وإمكانياتي، كما أن الأغنية التونسية لم تأخذ حظها بالشكل المناسب، مقارنة مثلاً بما حدث مع الأغنية الخليجية والتي مع تخصيص قنوات لها ودعمها أصبحت منتشرة وسهلة ومفهومة. ولا يميل الجبالي لأداء لون غنائي معين وقال: قدمت كل الألوان الموسيقية، ولكنني أميل أكثر للأشياء الصعبة والمختلفة والتي لايستطيع غيري تقديمها، لأنني أريد أن أكون مختلفاً، ولكن لابد أن أواكب عصري في نفس الوقت بذكاء ودقة في اختيار موضوع غير مستهلك ولو بجملة مختلفة. أحب التمثيل يقول محمد الجبالي، عن نية اتجاهه إلى التمثيل: شاركت في عدد من الأعمال منها مسلسلات «أمال» و«منامة عروسية» و«من حكايات العزيز العروي»، وست كوم «النزل» وفي فيلمي «دار الناس» و«عام سعيد»، كما قدمت شخصية الموسيقار محمد عبدالوهاب في أوبريت «ليلى مراد» في الأوبرا المصرية، وأنا أحب التمثيل منذ الصغر، ولا أشترط الغناء في الأدوار التي أجسدها ومنها ما يضم أغنيات ومنها ما يكون تمثيلاً خالصاً.