السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هل أنا مخطئة؟

هل أنا مخطئة؟
27 مايو 2007 00:56
سعاد جواد: لطالما تابعت هذه الزاوية، وقرأت القصص التي نشرت فيها بشوق شديد، وتعاطفت مع أصحابها· أحيانا أؤيدهم وأحيانا أرفض ما يفعلونه، وقد فكرت كثيرا بأن أرسل قصتي· ولكني بقيت مترددة· بمجرد أن أنتهي من قراءة إحدى القصص أجلس مع نفسي وقد قررت أن أسرد حكايتي، ثم أبدأ بترتيب الأفكار لتكون قصة معبرة وصادقة، وأكون قادرة على شرح معاناتي بشكل دقيق دون أن يساء فهمي· ولكن من كثرة الأفكار أخشى أن تكون حكايتي أطول من جميع القصص التي نشرت وأنها ربما ستحتاج إلى ملحق خاص بها لوحدها· ولكن··· كل هذا الازدحام في الأفكار يتبخر بمجرد أن أعزم أمري وأجلس أمام الكمبيوتر لأكتب، عندها أشعر بأن الكلام كله ضاع مني، وأن الأفكار هربت بسرعة غريبة· ثم تبدأ موجة التردد باجتياحي فأتخاذل وألغي القرار برمته· أحيانا أشعر بأن معاناتي كبيرة وشديدة لا يمكن احتمالها، وأحيانا يغلبني الشعور بأنني متبطرة، وأنني أفضل من غيري وأن مشكلتي بسيطة وهينة قياسا بمشاكل الناس· عموما، لقد عزمت الأمر أخيرا وقررت أن أسرد حكايتي عسى أن أصل إلى وضع نفسي مريح عندما تنشر ويقرأها الناس ويشاركوني مشاعري المتناقضة الغريبة· ربما أجد الراحة النفسية الكبيرة إذا أتحفني الآخرون بآرائهم وأفكارهم التي ستعني لي الكثير· عمري 24 عاما· أنهيت الدراسة الثانوية قبل سنوات، وكنت أحلم بأن أكمل دراستي الجامعية، ولكن الظروف لم تسمح لي بذلك، فجلست مع أخواتي الأربع الأكبر مني في البيت بلا هدف واضح· عائلتنا الكبيرة نحن خمس بنات ولا داعي لذكر عدد الأولاد خوفا من العين والحسد· فنحن أسرة كبيرة، أنجبتنا أم بسيطة طيبة عاشت معاناة شديدة في طفولتها· فقد وعت على هذه الدنيا لتجد نفسها يتيمة بعد أن توفيت أمها، وقد تزوج والدها فصار عليها أن تتحمل ذلك الوضع الصعب وهي تنتقل بين البيوت بلا حب أو حنان أو عطف يحتضن طفولتها البريئة· مسكينة أمي، كانت تتألم كثيرا وهي تروي لنا معاناتها وتستعرض حياتها الصعبة التي عاشتها في طفولتها وبداية نضجها· تلك الظروف جعلتها في وضع حساس جداً، فهي تخاف من كل شيء وتخشى علينا من كل شيء· أصبح همها الوحيد في الدنيا هو العناية بنا وعدم تعريضنا لأي شيء يمكن أن يؤذينا· تخلت عن جميع المتع التي تهم النساء وحرمت نفسها من العلاقات الاجتماعية والذهاب إلى الأعراس والمناسبات وكرست نفسها لبيتها وأسرتها، إنها مثال للتضحية والطيبة الزائدة· أما والدي، فهو لا يقل عن والدتي في التفاني والإخلاص لعائلته· يكد ويتعب طوال اليوم كي يوفر لنا ما نحتاج إليه· وعلى الرغم من تفانيه في العمل إلا أنه بقي محدود الرزق لا يستطيع أن يوفر لنا المعيشة المناسبة والمريحة· هو إنسان طيب ومخلص، ولكن الدنيا لا ترحم الفقير ولا تحنو عليه· يفكر من أجلنا ويتألم بسبب ضيق الحال· كم تمنيت أن أفعل شيئا لمساعدة أبي وأمي، ولكن ما باليد حيلة كما يقولون· لم أكن سعيدة في بيتنا المزدحم· فالمشاكل بين الإخوة والأخوات لا تنتهي، والبيت يخلو من الهدوء والسكينة· كنت أحاول أن أفسر لأمي سبب نفسيتي المتعكرة وحزني وتذمري ولكنها لا تفهمني فألجأ إلى أبي· هو الوحيد الذي كان يفهمني ويحاول التخفيف عني··· ولكنني كلما كبرت شعرت بأنه لم يعد يستوعب رغباتي وطريقة تفكيري فابتعدت عنه بالتدريج· كانت المدرسة هي ملجئي ومهربي من بيتنا المشحون بالتوتر والإزعاج المستمر· كنت أتمنى أن أبقى في المدرسة طوال النهار ولا أعود منها إلا بعد أن ينام الجميع فأنعم بقليل من الهدوء بعيدا عن المشاكل والاصطدام بأحد من إخوتي· الرغبة المشروعة كانت أفكاري كلها تتجه نحو إيجاد الوسيلة المناسبة للتخلص من هذا البيت، وبالطبع فإن الوسيلة الأكثر فاعلية، والتي تسيطر على ذهن أي فتاة هي الزواج··· فكيف أتزوج بأسرع وقت ممكن؟ وكيف أجد الرجل الذي يعرف كيف يسعدني ويحول حياتي تحويلا كاملا يرضيني؟ هذه الرغبة هي التي جعلتني أتجه للأساليب المختلفة والتي كنت أعتقد بأنها صحيحة ومناسبة لتحقيق هذا الهدف· للأسف فإن هذا التغيير الذي أبحث عنه قادني للمزيد من المشاكل والمعاناة لأنني اخترت الطرق الخاطئة والتي لم توصلني إلا إلى التعب· بعد أن عجزت عن تحقيق حلمي في مجال التعليم والحصول على شهادة تؤهلني لعمل يدر علي المال الكافي الذي أساعد فيه أسرتي وأغير حالها نحو الأفضل، اتجهت أحلامي كلها لإنقاذ نفسي عبر زواج سعيد يحقق لي الاستقلالية في عش هادئ جميل لا صخب فيه ولا فوضى ولا مشاكل· عش أكون أنا سيدته، الآمرة الناهية فيه· ولكن كيف السبيل إلى تحقيق ذلك الحلم؟ هذا ما جعلني أدور في حلقة مفرغة أرهقتني وأنهكت قواي· نظرت إلى حال شقيقاتي الأكبر مني، فوجدت السذاجة والبساطة وعدم القدرة على اتخاذ القرار· فقلت في نفسي: من يفكر في الارتباط بأمثالهن؟ لا مال ولا جاه ولا علاقات اجتماعية ولا أي ميزة تجذب الخطاب· وحتى لو فكر أحد بالتقدم لإحداهن فبالتأكيد سيكون إنسانا فقيرا كادحا لا يملك أيا من مقومات التغير نحو الأفضل· فهل في حياتهن ما يبشر بالخير؟ بالطبع لا· لذلك فقد قررت أن لا أكون مثلهن· أردت أن أكون قوية··· أصنع مصيري بنفسي، أن أبحث عن زوج مناسب كي يسعدني ويرضيني وأن لا أجلس خائبة في انتظار النصيب الجيد الذي قد لا يعرف طريق بيتنا أبدا· تجارب غير مجدية قررت أن أجرب العلاقات الهاتفية· كنت أسأل نفسي··· ما الضرر في البحث عن فتى الأحلام بهذه الطريقة؟ معظم البنات يفعلن ذلك، والبعض منهن تزوجن فعلا بعد تلك العلاقات· فماذا كانت النتيجة معي؟ للأسف فإن الوضع تحول من سيئ إلى أسوأ حتى تعقدت وتأزمت نفسيتي بشكل كبير· فبعد أن تحدثت مع أحدهم واعتقدت بأنني أحببته وأنه صادق في شعوره نحوي اكتشفت بأنه كاذب وغشاش لا هدف له سوى العبث بلا رغبة حقيقية في الزواج فتركته وقررت خوض التجربة مع غيره وأنا أحلم بتلك المملكة الرائعة التي ستكون لي وحدي، أملأها بالحب والسعادة، فاكتشفت مرة أخرى بأن ما أقوم به هو مجرد عبث وتضييع للوقت في كلام سخيف لا أول له ولا آخر· كلام خال من الصدق وبعيد كل البعد عن الهدف الأسمى الذي أسعى إليه· فبمجرد أن أطرح فكرة الزواج أجد بأن الطرف الآخر يتحجج بألف حجة كي يهرب بجلده خصوصا عندما يتأكد بأنه لن يحصل مني على ما يريد· اقتنعت تماما بأن هذه الطريقة لا يمكن أن تؤدي إلى الزواج وإنما تؤدي إلى حدوث المشاكل وعدم الثقة بيني وبين أهلي مما يجعل حياتي أكثر بؤسا وتوترا من قبل· خرجت من تلك التجارب وأنا في غاية التعاسة وعدم الثقة بالناس· قلبي مهموم ونفسي موجوعة، فاتخذت قراري بعدم إعادة التجربة، فالحب اوالزواج لا يمكن أن يأتيا عن طريق العلاقات الهاتفية· أعدت حساباتي وقررت أن أغير خطتي، وأن يكون اختياري مبنيا على المعرفة التي تأتي عبر الاختلاط عن طريق العمل· دخلت أحد المعاهد ودرست بعض المهارات وبحثت عن عمل مناسب فوجدته أخيرا· تبدل جديد بعد عام واحد من العمل أحسست بحلاوة الدنيا بعد أن صار لي دخل خاص بي، ولكني بقيت أفكر في تحقيق حلمي في بيت هادئ جميل مع زوج مناسب· اهتممت بمظهري واستعنت بوسائل التجميل والإكسسوارات التي تساعدني على إبراز جمالي· فماذا كانت النتيجة؟ الكل صار يلاحقني معتقدا بأنني أبالغ في إظهار جمالي بحثا عن العلاقات والحب· يا إلهي··· ما هؤلاء البشر؟ كيف يفكرون؟ أنا لا أريد العلاقات السخيفة، ولا أصدق كل من يتفوه بكلمة الحب· أريد زوجا أعيش معه حياتي بسعادة· هل ذلك شيء يصعب فهمه؟ لقد فسروا اهتمامي بمظهري كإشارة إلى أنني من النوع الرخيص الذي يتقبل خوض العلاقات العابرة· مرة أخرى عدت للمعاناة والضغوط النفسية التي لا تنتهي· ثم نتيجة للمواقف السخيفة التي مررت بها وأنا أرفض هذا وذاك تم طردي من العمل بعد أن يئس الجميع من استدراجي· بحثت عن عمل جديد فكانت النتائج كلها متشابهة، الكل يحكم علي من مظهري فأتعرض للمزيد من المواقف المحرجة· حتى أسودت الدنيا بعيني ولم أعد أعرف كيف أتصرف، هل ما أقوم به خطأ أم ماذا؟ وكيف يمكنني أن أميز بين من يحبني وبين من يريد استدراجي للخطأ! فالكل يعبر عن إعجابه ثم يطلب التحدث عبر الهاتف للتفاهم··· ولكن ماذا وراء أحاديث الهاتف إلا إلحاح في الخروج سويا· إنه خطأ يجر خطأ، فهل هذا الطريق سيوصلني إلى ما أريد؟ بالطبع لا، فلو كان أحدهم صادقا لطلب مقابلة والدي وخطبني منه بشكل طبيعي دون أية تعقيدات، ولكن ذلك لم يحدث··· فماذا أفعل؟ نصائح وأفكار إحدى الزميلات نصحتني بعدم وضع المكياج وعدم المبالغة في اللبس، فهل هي على حق؟ أخشى أن أتخلى عن كل ذلك ثم لا أجد من ينظر إلي أو يفكر بالارتباط بي، فالكل يبحث عن الأناقة والجمال· أنا متعبة للغاية، حائرة، تائهة، أفكر دائما· هل أنا على خطأ لأنني أرفض إقامة العلاقات؟ وهل ستؤدي تلك العلاقات إلى الزواج؟ أنا لا أريد العبث، ولكني عاجزة عن تحقيق رغبتي الوحيدة في الاستقرار· زميلة أخرى نصحتني بالمجازفة والتجاوب مع الشخص الذي أجده مناسبا أكثر من غيره، وهي تؤكد لي بأنني إذا ما كنت حذرة وشاطرة فإنني سأتمكن من جره إلى التعلق بي والتفكير جديا بالارتباط· أخشى أن أجازف فأعرض نفسي للمزيد من المواقف المخزية ولصدمة نفسية وعاطفية لا أحتملها·· بصراحة أنا بحاجة للرأي والمشورة لأنني تعبت من التفكير ولا أستطيع أن أتخذ القرار الصحيح فساعدوني أرجوكم·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©