الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لتحقيق التوافق النفسي والشعور بالرضا.. قلّدوا النمل!

لتحقيق التوافق النفسي والشعور بالرضا.. قلّدوا النمل!
27 مايو 2007 00:56
كثيرا ما ننظر حولنا فنجد الكثير من الناس ساخطين، ثائرين، متوتري الأعصاب ولا يأبهون لمشاعر الآخرين حين يطلقون العنان لألسنتهم، إما لتنتقد أو تتحدث بدون لياقة· وتكمن خلف هذا النوع من السلوك أسباب كثيرة لعل أهمها، عدم التوافق مع الذات والافتقاد للرضى النفسي، مما يؤدي بالإنسان إلى الشعور بالكآبة والحزن والتوتر، وربما نتج عدم الرضا عن النفس عن الإحساس بالتقصير في عمل ما، أوعدم تحقيق أهداف معينة أوعدم الرضا الوظيفي أوالمهني أوالاغتراب أوالملل أوالقمع الفكري وغيرها من الأسباب المباشرة وغير المباشرة التي تسبب حالة من عدم الاستقرار النفسي ينعكس سلباً على علاقة الشخص بالأهل والأبناء وأفراد المجتمع··· لكن كيف السبيل إلى تحقيق التوافق النفسي والرضا عن الذات؟ موزة خميس: بداية·· لا بد من الإشارة إلى أن عدم التوافق النفسي أو الرضا عن الذات لا يكون معدوما لدى البشر بل يكون عاليا لدى البعض، ويمكن معالجته بتعلم كيفية خفض التوتر والتحكم في الأعصاب، فالإنسان يواجه عادة الكثير من الصراعات والإحباطات وأنواعاً شتى من الضغوط اليومية، والسبيل الوحيد للتغلب عليها يكون أحياناً بالتكيف وتعلم ضبط الأعصاب والثقة بأن الدنيا لا تدوم على حال، وأن كل شيء يتغير، وهذا النوع من الوعي أو القناعة يعلم المرء كيف يقود زمام الأمور، بحيث لا تصاب روحه أو نفسه بسهام الفشل· ولا شك في أن النجاح مع النفس يأتي بالتمسك بالوسطية، بحيث نوفق بين ما في داخلنا وبين المحيط الذي نعيش فيه أو يتم وضعنا فيه، وفي حال وجدنا أنفسنا في وضع لا يرضينا في العمل ، مثلاً، أو اضطررنا إلى الانتقال من حال إلى حال لا تناسبنا، أو فشلنا في مشروع علينا أن لا نغير أهدافنا بل نغير الوسائل التي ستحقق لنا الهدف، وبذلك يولد الرضا شيئا فشيئا، ويحدث التوافق الذي يحفزنا على التعايش مع الحاضر وفهمه، والتعامل معه في أعلى درجات السوية النفسية المتناغمة من داخل الذات إلى الخارج· الفشل لا يعني النهاية ينصح الدكتور عباس محمود عوض الباحث السيكولوجي الأشخاص الذين يعانون نوعاً من عدم التوافق مع الذات، في حال حدوث الفشل في المجال المهني أو العاطفي أو الأسري، أن يؤمنوا بأن الفشل لا يعني نهاية الأمر، وأن تنفيذ الأعمال والخدمات التي تقدم شيئا للآخرين هو جل النجاح وخصوصا في المحيط الأسري· ومن الأمور التي تريح النفس وتحقق للإنسان الرضا النفسي أن يبتعد عن كل ما يسبب له التوتر والقلق والاضطراب، وترك كل ما لا يتوافق مع عقيدته أو آرائه أو قناعاته، وأن ينظر إلى ما بذله من جهد لتحقيق الهدف الذي كان يسعى إليه كدليل على أنه قام بما يجب عليه القيام به، وبذل كل ما في وسعه، حتى لو لم يوفق في تحقيق هدفه· فتش عن الإيمان من جهته يقول المهندس عبد اللطيف العزعزي (أستاذ البرمجة اللغوية العصبية): ''ما يعيشه الإنسان السوي الذي يشعر بالرضا عن نفسه هو ثمرة من ثمرات التربية التي بدأت منذ الطفولة، فهذا الإنسان قوم نفسه بالأخلاق حتى استقامت الذات في شخصية معافاة، وانعكست تلك العافية شعوراً بالرضا والتوافق· وكما في أمة النمل التي حين تفشل نملة منها في حمل حبة أرز، لا تتخلى عن حبة الأرز ولكنها تبحث عن معين وعن طرق أخرى لحملها بكل رضا وطمأنينة، هكذا هي النفس المتوافقة الراضية تجد ما يحيط بها منسجما معها، فترضى عن كل المظاهر المختلفة في الحياة، ولذلك نجد أن معظم الناس الساخطين الذين لا يبحثون عن وسائل روحية وإيمانية لطرد الحزن والسخط والألم، نجدهم أكثر الناس عرضة للشكوى من الأمراض مثل ارتفاع ضغط الدم، وقرحة المعدة، وأمراض أخرى''· ويضيف العزعزي: ''يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: (ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها· قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها)، فالنفس البشرية تعرف الطيب من الخبيث، وتعرف الخطأ من الصواب، وقد ألهمها ربها هذه المعرفة، فإما أن تتقي الله في ذاتها أو تفجر بها فتعيش في ضنك وألم دائمين حتى تعود إلى تزكية روحها بالخير''· القناعة رضا وترى فاطمة جاسم الدبل (نائبة رئيسة جمعية أم المؤمنين بعجمان) أن ''الرضا والقناعة من أهم ما يحقق التوازن النفسي للإنسان، وأن على المرء أن يبتعد عن كل ما يوتر الذات ويشغلها بما يحرقها (كالأحقاد وحسد الغير لأنهم أفضل أوأغنى)، وهذا ما يميز أهل الخليج عامة والإمارات خاصة، فهم مشغولون بتنمية حبهم للآخرين ومسامحة المخطئ والتجاوز عن السفهاء، فحتى الإنسان الذي يمكن اعتباره فقيرا في دولتنا لا يشغل نفسه بالحقد على الآخرين، بل يوجه ذاته نحو العمل وقضاء الوقت مع الأهل والإحسان إلى الوالدين وذوي القربى، مما لا يترك مجالا للتفكير في الكثير من السلبيات''· بر الوالدين بر الوالدين والإحسان إليهما بالنسبة إلى فاطمة النظامي (ربة منزل) هو أهم سبب لتشعر بأنها مرتاحة النفس طيبة الخاطر، تقول: ''نحن على قناعة بأن أهم ما يجعل النفس راضية هو رضا الوالدين، وهو سبب في التوفيق لأن الله سبحانه وتعالى يغضب لغضب الوالدين على أحد الأبناء فلا تبقى بركة في الرزق ولا الصحة، بينما يشعرك رضاهما عليك بالسعادة والراحة، مما يخلق في أعماقك قوة وطاقة جميلة تجعلك تحب الناس وتعطي وتنجح في كل مجال، والرضا عن الذات يشفي حتى البدن من العلل''· سياج العقيدة التوافق النفسي والرضا عن الذات، في رأي هداية الطارش، يتحقق لبعض الناس، ويتملكهم هذا الإحساس عندما ينجزون ما عليهم من مهام وعندما ينجحون في وظائفهم، بصرف النظر عن ما إذا كان هناك من يكافئهم أو أن رب العمل لا يأبه بعطائهم، فهم سعداء ومرتاحو النفس لأنهم من تلقاء ذاتهم يرغبون في أداء العمل كأمانة، ويرغبون في التواصل مع الآخرين لأنهم يؤمنون أن التواصل يطفئ جمر الأحقاد· وأرى أن عقيدتنا سياج ودرع يحمينا من كثير مما يعاني منه الآخرون، فنحن نؤمن بأن ''الدين المعاملة'' وأن معاملة الآخرين بإحسان وذوق وطيبة، ومد يد العون للمحتاج، ومساندة الضعيف، والأمانة في العمل، والوفاء والإخلاص وغيرها من الفضائل والأخلاق الحسنة التي يحث عليها الإسلام جزء من الإيمان، ولا شك في أن هذا يحقق لنا جزءا كبيرا من التوافق النفسي، أما التواصل مع الأهل والمجتمع بالإضافة إلى العبادات بالطبع فهو الذي يكمل الرضا عن الذات''· مرضاة الله مرضاة الله هي المفتاح أو السر الذي يختفي وراء الشعور بالتوافق النفسي والرضا عن الذات من وجهة نظر فاطمة السري (منسقة إعلامية)، تقول: ''أعتقد أن كلا الأمرين من أسباب تحقيق النجاح، وهما دافعان مهمان للنجاح، ولكن الوصول إلى التوافق النفسي والرضا عن الذات سببه السعي إلى مرضاة الله، فعندما أؤدي ما علي من فروض فلا شك أن ثمرة ذلك هو الرضا عن الذات الساعية إلى البعد عن المعاصي والمحرمات، والمحرمات ليست زنا أو شرب خمر فقط، بل هي أيضاً عدم العمل بأمانة، والاختلاسات، والدسيسة بين الموظفين، والإيقاع بهم، وعدم الحفاظ على المال العام والكثير الكثير من السلوكيات التي يحقق لنا البعد عنها الشعور بالرضا عن الذات والتوافق النفسي، ومن شأن ذلك أن يثمر فردا يعطي ويبني ويسعد لنفسه ولغيره''·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©