الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

شركات النقل العالمية ترفع شعار «في التأني السلامة»

شركات النقل العالمية ترفع شعار «في التأني السلامة»
27 فبراير 2010 22:42
استغرقت رحلة سفينة البضائع “ايبا مارسك” من ألمانيا إلى جوانجدونج في الصين أكثر من شهر، وكانت هذه الرحلة نفسها سابقاً لا تستغرق سوى ثلاثة أسابيع. ولكن بالنسبة لصاحب شركة “مارسك” العملاقة يعتبر ذلك تطوراً إيجابياً. فوسط ثقافة عالمية تسيطر عليها السرعة كالبريد السريع والقطارات فائقة السرعة وسحب النقود الفوري تتبع الشركة شعاراً جديداً ربما يغضب بعض العملاء وهو “في التأني السلامة”. فمن خلال خفض سرعة السفينة الاقتصادية لنحو 50% طوال العامين الماضيين، خفضت “مارسك” استهلاك الوقود في الخطوط الرئيسية، بنسبة 30%، وقلصت أيضاً من انبعاثات السفينة من غازات الدفيئة بالنسبة نفسها. فقد أضحت البصمة الكربونية في الوقت الراهن عنصراً مهماً على مستوى العالم وأصبح لتخفيض سرعة السفن فائدة كبرى في تقليص الانبعاثات من دون عناء اختراعات جديدة، وتحذر مارسك من الأضرار التي تسببها سرعة السفن القصوى سواء من الناحية الاقتصادية أوالبيئية. وتعاظمت انبعاثات النقل على مدى العقود الثلاثة الماضية مع ما تحققه التجارة العالمية من تطور وتقدم سريعين وخصوصاً رحلات نقل البضائع الطويلة من آسيا. وتضاعفت تجارة سفن الحاويات إلى ثمانية أمثالها من عام 1985 إلى 2007. وكان الشعار المتبع هو “احتاجه الآن”، ولكن النتيجة أن الطائرات والسفن والشاحنات درجت على التحرك بسرعات أعلى كثيراً من السرعة الاقتصادية التي تصدرت أدنى مستوى من الانبعاثات المسببة لتغير مناخ الكرة الأرضية. وهذا المبدأ ينطبق أيضاً على الرحلات الجوية والبرية، ففي مقدور الطائرات تقليص انبعاثاتها من خلال تقليل سرعاتها بنسبة 10 في المئة مثلاً، الأمر الذي لا يضيف سوى خمس أو ست دقائق على زمن رحلتها بين نيويورك وبوسطن أو كوبنهاجن وبروكسل، بحسب بيدر جنسن خبير النقل في الوكالة الأوروبية للبيئة. فعلى سبيل المثال، قيادة السيارة بسرعة 55 بدلاً من 65 ميلاً في الساعة (90 بدلاً من 105 كيلومترات في الساعة) يقلص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون للسيارات الأميركية بنسبة حوالي 20 في المئة بحسب وكالة الطاقة الدولية. ومع ذلك تزيد ولايات أميركية عديدة حدود سرعاتها على الرغم من قلق واضعي السياسات من الانبعاثات التي تسخن الجو ومن الاعتماد على النفط الخارجي. ويقول تيم كاسلمان مؤسس مشروع “الحفاظ على سرعة 55” وهي جمعية في سكرمنتو كاليفورنيا تنادي بالحد من السرعة القصوى المسموح بها، “إننا اصطنعنا العجلة والتكالب، ولكن أعتقد أن القيادة عند سعة قصوى 55 ميلاً في الساعة ستحقق فوائد كبرى”. ويتكلف الشحن البحري بالسرعات التقليدية أقل كثيراً من الشحن البري. كما أن شحن طن من اللب من شنغهاي إلى شمالي ألمانيا يصدر انبعاثات أقل من نقلها براً بعد ذلك إلى برلين جنوباً. غير أن بعض شركات الشحن تمانع فكرة تقليل السرعة محتجة بأن السرعة لا غنى عنها لخدمة عملائها. ويقول فيليب دماس مدير الرحلات البحرية في مكتب دروري لاستشارات الشحن في لندن “قوبل الأمر بكثير من التشكك في أول الأمر، إذ أن جميع السفن مصممة على أساس الإبحار السريع، ولكن الآن بدأت شركات الشحن في ألمانيا والصين وغيرها اتباع استراتيجية السرعة المنخفضة”. يذكر أن أكثر من 220 باخرة تطبق حالياً مبدأ الإبحار البطيء (بسرعة 20 عقدة في عرض البحر بدلاً من السرعة التقليدية التي كانت 24 إلى 25 عقدة).أو الإبحار شديد البطء الذي تطبقه سفن مارسك البالغة سرعته 12 عقدة. بدأ تطبيق الإبحار شديد البطء في صيف 2008 حين قفزت أسعار النفط إلى 145 دولاراً للبرميل وخفضت شركات الشحن البحري والنقل البري سرعاتها من أجل التوفير الاقتصادي. ومع شبه استقرار أسعار النفط حول 80 دولاراً للبرميل حالياً تراجع الحافز المباشر لتقليص السرعات. غير أن العديد من الشركات وجد أن من خلال ذلك يتيسر له تقليص النفقات في سوق تتعاظم تنافسيتها يوماً عن يوم. وأي زيادة في أسعار الوقود أو الضرائب ستزيد الإقبال على السرعات المنخفضة. وفي مؤتمر المناخ الدولي في كوبنهاجن في ديسمبر اقترح كوني هيديجارد الذي يتولى حالياً منصب وزير المناخ في الاتحاد الأوروبي فرض ضريبة على الوقود المستخدم في الشحن، معللاً بأنه يمكن استخدام إيراداتها في مساعدة الدول الفقيرة على التلاؤم مع تزايد درجات الحرارة. غير أن الصين والهند اعترضتا على هذا المقترح بحجة أنه سيزيد سعر صادراتها إلى الغرب. وهناك عقبات عملية تقف في طريق تلك الضريبة. من ناحية قصدت الاتفاقيات الدولية المعمول بها إلى تشجيع أعضاء التجارة العالمية من ضرائب وقود الشحن الجوي والبحري، وحتى إن قبلت الدول أسقف انبعاثات وفق نظام تقليص الانبعاثات وبيعها، هناك خلاف كبير حول الطريقة التي سيرى بها حساب ذلك. وعلى الرغم من أن السرعات المنخفضة فكرة جيدة، حسب ديفيد بونيلا أحد خبراء البيئة، إلا أنه يعتقد أنها وحدها لا يمكن أن تكبح زيادة الانبعاثات الناتجة عن أساليب التجارة المتبعة حالياً التي تنتج فيها كميات ضخمة من البضائع في آسيا ولكنها تستهلك في أوروبا أو في الولايات المتحدة. ولمعالجة ذلك، حسب رأي ديفيد، يتعين زيادة أسعار الوقود لرحلات الشحن طويلة المسافة بحيث تضطر شركات الشحن إلى الاستثمار في سفن أو بواخر صغيرة جديدة أكثر توفيراً للوقود أو التحول إلى خطوط ملاحية أقصر. وأضاف “ربما يتعين عليك تغيير أماكن الإمداد التي يعود تاريخها إلى سبعينات القرن الماضي على الرغم من الصعوبة الكبرى في تنفيذ ذلك”. ومع ذلك تعتبر “مارسك” ذات رؤية عملية متبصرة حين قامت بتحويل مئات أخرى من سفنها إلى برنامج السرعات المنخفضة العام الماضي اقتناعاً منها بأنه سيتم حتماً فرض ضريبة كربون أو قوانين شحن أكثر صرامة لاحقاً. غير أن الإبحار البطيء يستلزم تعديلات. إذ كان على “مارسك” أن تثبت أن السرعات المنخفضة لن تتلف المحركات أو تتطلب إعادة التفاوض على الضمانات. وكما ينبغي على الزبائن أن يضعوا في اعتبارهم طول وقت التسليم الذي قد لا يناسب منتجات معينة تتأثر بالزمن مثل الأزياء والإلكترونيات، بحسب دماس، كما قامت مارسك بدعم نفقات الرحلات الأطول زمناً. وأضافت سفينتين على خط ألمانيا - الصين حفاظاً على جدول التسليم نفسه. وأضاف أن هذه التكاليف الزائدة عوضتها نفقات الوقود المنخفضة. وتدرس “مارسك” حالياً فرض أسعار متفاوتة على العملاء تتوقف على زمن وصول الشحنات الذي يتوقف بدوره على سرعة السفينة. عن “انترناشيونال هيرالد تريبيون”
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©