الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إسرائيل... خروج «باراك» من الحياة السياسية

2 ديسمبر 2012
آمي تيبيل القدس الغربية أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، اعتزاله المفاجئ للحياة السياسية يوم الاثنين الماضي، الأمر الذي من شأنه إلقاء حجر ثقيل في النظام السياسي الإسرائيلي قبل أسابيع فقط من موعد الانتخابات العامة. وأوضح «باراك»، الجندي الحائز على أكبر عدد من الأوسمة والذي سبق له تقلد رئاسة الحكومة، أنه سيواصل عمله في منصبه الحالي كوزير للدفاع حتى تشكيل حكومة جديدة عقب انتخابات 22 يناير المقبلة، وفي تصريحه أمام الصحفيين قال باراك «أشعر بأني استنفدت نشاطي السياسي الذي لم أكن أبداً أسعى إليه، وبالنسبة لي هناك طرق أخرى لخدمة الوطن ليس فقط من خلال السياسية»، مضيفاً أن قراره تُحركه رغبته في قضاء وقت أطول مع العائلة. لكن استقالة «باراك» قد تعني رحيل صاحب النفوذ الأكثر اعتدالًا لدى رئيس الوزراء الإسرائيلي بمواقفه «اليمينية» المتشددة الذي يتصدر استطلاعات الرأي ويتوقع المراقبون إعادة انتخابه بسهولة في الاستحقاقات المقبلة، كما أن «باراك» الذي يقود فصيلًا صغيراً في البرلمان غالباً ما شغل مهمة المبعوث غير الرسمي لرئيس الحكومة إلى الولايات المتحدة. والحقيقة أن رحيله المفاجئ عن الساحة السياسية يأتي في وقت مفصلي بالنسبة لإسرائيل، حيث تصارع البلد لإيجاد طريقها في منطقة شهدت تغييرات كبرى أطاحت بالأنظمة السلطوية وأتت بأخرى في إطار ما بات يعرف بـ«الربيع العربي» وصعود قوى الإسلام السياسي. هذا وتواجه إسرائيل أيضاً سؤالاً جوهرياً حول ما إذا كان عليها مهاجمة إيران لوقف برنامجها النووي، الذي تراه إسرائيل موجهاً لإنتاج السلاح النووي، فيما تنفي طهران هذه التهمة بشدة. وقبل هذا الإعلان المفاجئ عن الاستقالة من الحياة السياسية، كان «باراك» قد شن هجوماً عسكرياً على قطاع غزة استمر ثمانية أيام بهدف وقف إطلاق الصواريخ على الجنوب لتنتهي بالتوقيع على هدنة يرى الكثيرون أنها هشة. وفي توضيح لحيثيات القرار قال «باراك» في المؤتمر الصحفي الذي عقد على عجل «لم اتخذ القرار دون تردد، لكني اتخذته عن قناعة تامة»، وتحاشى «باراك» الإجابة على أسئلة الصحفيين فيما يتعلق بقبوله بمنصب وزاري في الحكومة المقبلة، وهو ما يفتح المجال أمام استمرار نفوذه داخل السلطة. والملفت أن «باراك» اتخذ قراره بالانسحاب من الحياة السياسية حتى بعدما أظهرت استطلاعات الرأي تقدماً في شعبية حزب «الاستقلال» الذي يرأسه بعد العملية الأخيرة في غزة، لكن رغم التقدم في استطلاعات الرأي كان «باراك» سيواجه صعوبة كبيرة في الاستمرار سياسياً خلال الانتخابات، لا سيما وأن الاستطلاعات التي أجريت قبل حملة غزة أعطت صورة سلبية عن حزبه في الانتخابات قد لا تتيح له الحصول على أي من المقاعد. ومن الأسماء المحتمل تعويضها لـ«باراك» على رأس وزارة الدفاع هناك نائب رئيس الحكومة، موشي يعلون، القائد العسكري السابق، وشاؤول موفاز، رئيس هيئة الأركان السابق، ورئيس حزب «كاديما». وفيما عدا المشوار السياسي الحافل لـ«باراك» كان سجله العسكري مليئاً بالأحداث أيضاً، فقد دخل باراك المعترك السياسي قادماً من المجال العسكري الذي تميز فيه على خطى عرابه، إسحاق رابين، بل اعتُبر خليفته الشرعي في إسرائيل، فهو شارك كجندي في عدد من عمليات تحرير الرهائن، وانتخب في العام 1999 كرئيس للوزراء عن حزب العمل بعد أربع سنوات فقط عن تقاعده من الجيش، بحيث عول العديد من المراقبين على نقل تميزه العسكري إلى المعترك السياسي في التفاوض مع الفلسطينيين وسوريا. لكن ثقافة التوافق السياسي السائدة في إسرائيل لم تنسجم مع أسلوب «باراك» القائم على التحرك منفرداً، فقد اعتبره الحلفاء السياسيون كما الخصوم رجلاً منفرداً يصل حد الغطرسة، بل تساءل آخرون حول قدراته التواصلية الضرورية للتفاوض مع دول المنطقة. لذا قرر الناخبون الإسرائيليون بعد خيبة أملهم إزاء أدائه إخراجه من رئاسة الحكومة بعد أقل من سنتين قضاها في المنصب، وذلك عقب تفكك حكومته نتيجة اندلاع الانتفاضة الفلسطينية وانهيار مفاوضات السلام التي رعتها الإدارة الأميركية، وتمكن السياسي المتشدد شارون من هزيمته في انتخابات 2001 ليترك «باراك» خلفه إرثاً من المفاوضات الفاشلة مع الفلسطينيين وسوريا وذلك رغم بعض التنازلات التي قدمتها إسرائيل، وقراره المثير بالانسحاب من جنوب لبنان وإنهاء الاحتلال الذي دام 18 سنة. وخلال السنوات الست التي تلت هزيمته في الانتخابات انصرف إيهود باراك إلى العمل في مجال الشركات وإلقاء الخطابات المدفوعة لتتراكم ثروته مكرساً صورة السياسي المنفصل عن الناخبين، لكنه عاد مجدداً إلى السياسة في 2007 ليحصل على زعامة حزب العمل وليعوض وزير الدفاع أمير بيرتس الذي قاد حرباً في لبنان تعرضت لانتقادات عديدة. بيد أن الإسرائيليين الذين استساغوا باراك وزيراً للدفاع لم يريدوا عودته إلى رئاسة الحكومة، كما أن حزبه الذي قاد إسرائيل في العقود الأولى لتأسيسها فقد جاذبيته الشعبية، وهو ما انعكس في انتخابات 2009 التي جاءت بنتنياهو إلى السلطة في حين تدنى تمثيل حزب العمل في البرلمان إلى رقم قياسي لم يتعد 13 مقعداً من أصل 120 مقعداً، غير أن قاعدة الحزب انقلبت على «باراك» بعدما انضم للائتلاف الحكومي بزعامة نتنياهو، متهمين إياه بالتخلي عن مبادئ الحزب بالتعامل مع رجل لا يعترف حتى بالدولة الفلسطينية، وفي يناير 2011 انسحب «باراك» من حزب العمل مؤسساً حزب الاستقلال الذي لم يجد صدى له لدى الرأي العام الإسرائيلي. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©