الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كبيرة القلب..

27 مايو 2007 02:07
لم تكن الحلم الذي حلمت به ولم تكن بمستوى الطموح الذي تمنيته ·· جاهدت كثيراً في هذه الحياة كي أنال الشهادة الجامعية حتى أبدأ مشوار الحياة بشهادتي وأنا فخور بنفسي، واعتقدت أن هذه الشهادة التي امتلكها ستفتح لي أبوابا مغلقة كثيرة وسوف تكون السبب لأصل لكل طموحاتي، البداية بوظيفة ومكتب فخم وسيارة من أحدث الموديلات وفيلا بموقع جيد وووو من الأحلام التي يتمنى أن يصل لها أي إنسان في هذه الحياة ولم أفكر يوماً بالزواج أو ربما كي أكون واقعيا عندما كنت أفكر به كنت أحلم بمن سوف تشاركني الحياة وتكون بمستواي العلمي والثقافي فتاة تشاركني كل أحلامي بما أنها ستكون جامعية وبمستواي من الأكيد أنها ستكون بنفس الأفكار·· ولكن الصدمة جاءت عندما قرر الأهل عني هذا القرار ونفذوا كل شيء بلا علم مني غير أنهم اخبروني في الخطوة الأخيرة فليس من المعقول أن لا أكون موجودا في يوم زفافي·· وإلى جانب كل ما تعلمته أعلم أن طاعة الأهل واجب ديني يجعلني لا أرفض لهم أمرا حتى مهما كان هذا الأمر ولن أكون سببا في أن يتراجع والدي عن كلمة قطعها أمام الأشخاص الذين طلب ابنتهم لي ·· لم تشأ الصدف والعادات والتقاليد أن التقي بمن ستكون زوجتي إلا في يوم الزفاف ·· فتاة في الرابعة عشرة لم تكمل دراستها الإعدادية حتى لم تكن بمستوى الفتاة التي أرغب، وبدأت أفكر كيف ستكون وسيلة التفاهم معها؟؟ ما زالت طفلة لها أحلام طفولية وأنا شاب تعديت هذه المرحلة هل أهبط إلى مستوى تفكيرها؟ لا وألف لا، من المفروض هي أن تطمح لأن تصل إلى ما أنا فيه؟ فهي الزوجة ومن المفروض أن تحاول البحث عن رضاي· تفننت كثيراً في التكبر عليها وأنا أراها أيضاً تتفنن في أساليب البحث عن رضاي، فقد كانت تسألني عن كل شيء كالشخص الذي لا يعلم شيئا في الحياةن وكنت الأستاذ والموجه لها وكانت تستجيب لكل ما أطلبه منها بلا نقاش أو جدالن لقد كانت تلميذة مطيعة جيداً اقصد زوجة واجهت معي الحياة وصبرت الى أن أحصل على الوظيفة بعدما قضيت عاماً كاملا وأنا رب أسرة اعتمد على والدي في المصروف فلم تشعرني يوماً بالنقص، بالعكس كانت دائماً تشعرني بأني شخص مهم رغم أني عاجز نعم عاجز، هذا الشعور الذي يراودني أحياناً كثيرة لكني ما كنت بدرجة الغباء الذي أظهره لها كي لا تستغل هذه النقطة وتجد منفذا وسلاحا لتحاربني به·· استقبلت المولود الأول وأنا ما زلت أشعر بأني غير مهيأ لاستقباله لكن قدر الله وما شاء فعل وتسلمت وظيفتي بعد عام من الانتظار فرأيتها سعيدة من سعادتي ·· كم هي غريبة هذه الفتاة عندما فاجأتني ذات مساء تطلب مني أن اسمح لها بأن تكمل دراستها، رأيت بعينيها لمعة الطموح الذي كنت أراه بنفسي، ترددت بقبول طلبها بحجة البيت والأولاد ولكنها قالت لن تقصر في أي جانب ولو حدث ستترك الدراسة، قبلت وأنا أشعر بداخلي أنها ستفشل لأنني أعلم كم هي مسؤولية المنزل كبيرة أو ربما هذا ما تمنيته بأنانيتي لأنني أرغب أن أكون أعلى منها بمستوى دراستي ولكن استعذت من الشيطان ومن الأفكار السيئة التي تدور بخاطري فمهما كان هي زوجتي هذا الشيء الذي لا أعلم لماذا أتناساه أحياناً أو أرغب في أن أتناساه· لم أفصح لها عن مشاعري بل ما فعلته أشفع وأكبر عندما اكتشفت بأنها تعني الكثير بحثت عن طرق كثيرة كي أبعد نفسي عن هذا الشعور فبحثت عن غرف الدردشة في الانترنت كي أشغل وقت الفراغ بعد العمل بدل أن أقضي وقتي مع زوجتي وابني ·· وبعدها انتقلت إلى الهاتف وصرت أتحدث مع الكثير من النساء وأعود للمنزل في أوقات متأخرة ولكن بداخلي صوت ضميري الحي الذي لم استطع بكل ما فعلته أن أقتله وهو يسألني سؤالا يصعب الجواب عليه ما الذي تفعله؟؟ وما كان يزيد عذابي أكثر صبرها وتحملها على كل ما أقوم به من التأخر للعودة للمنزل وأنا أتحجج أمامها بأنني كنت أقضي وقتي في العمل وكنت أسمع كلمتها التي كانت تنزل كسكين على قلبي وهي تطلب من المولى لي الصحة والعافية على كثرة تعبي وهي تستقبلني في آخر الليل بابتسامتها البريئة وانا انظر لها وهي ترمي بكتابها عندما أحضر للمنزل لتجهز لي أصناف الطعام هل يعقل أنني أناني وهل يعقل أن هذه الفتاة الصغيرة السن تعلمني كل هذه الدروس في الحياة وان قيمة الإنسان وعطاءه لا يرتبط بشهادته الجامعية؟ وفاء المعمري
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©