الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العلماء: تفضيل الذكور على الإناث من أفعال الجاهلية

العلماء: تفضيل الذكور على الإناث من أفعال الجاهلية
12 ديسمبر 2013 20:28
حسام محمد (القاهرة) - مازال البعض في مجتمعاتنا العربية والإسلامية يفضل إنجاب الذكور على الإناث، وكثير من حالات الطلاق تحدث بسبب إنجاب الزوجة للإناث، وتؤكد الأبحاث الطبية أن الحيوانات المنوية هي التي تحدد نوع المولود ولكن الأمور بدأت تأخذ منحى جديداً فالنساء هن اللاتي يطلقن الرجال بسبب إنجاب الإناث دون الذكور. يقول الدكتور محمد نبيل غنايم، مدير مركز الشريعة الإسلامية بجامعة القاهرة، إن الإصرار على تفضيل الذكور من علامات تخلُّف البعض وقد حذر الشارع الحكيم من مغبة ذلك في القرآن الكريم حيث قال تعالى: «وإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأنْثَي ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وهُوَ كَظِيمٌ» (النحل: 58)، وهكذا جعل القرآن الكريم ذلك المظهر من الاكتئاب والحزن عندما يبشَّر الوالد بأنثى،ـ أمارةً على عدم التحضُّر وعدم الفَهم المستقيم لأن ذاك الذي يفضِّل الذكر على الأنثي يحرص على أنانيته أكثر مِمَّا يحرص على أداء مسؤوليته. فهو يرى في الذكر قوة ينشُدها ليستندَ إليها في حياته. ويضيف أن إيثار البنين على البنات وتسببه في الطلاق من أفعال الجاهلية ولا يسوغ للمسلم فعل ذلك، بل يجب العدل بين الأبناء فذلك أدعى لبرهم بالوالد جميعا وأرفع للشقاق بينهم، ففي الحديث: اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم «متفق عليه» سووا بين أولادكم في العطية فلو كنت مفضلاً أحدا لفضلت النساء وفي الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبشير بن سعد لما جاءه ليشهده على هبة وهبها لابنه النعمان. قال له: يا بشير ألك ولد سوى هذا؟ قال نعم. فقال: أكلهم وهبت له مثل هذا؟ قال: لا، فقال: فلا تشهدني إذاً، فإني لا أشهد على جور. وفي رواية أنه قال له: أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء؟ قال: بلى، قال: فلا إذا. اصطفى البنات ويقول الدكتور عزت عطية، أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، إنه لا يوجد دليل على أن الرجل بجنسه مكرم على المرأة بجنسها، وإنما كما قال الله تعالى: «إن أكرمكم عند الله أتقاكم»، أما الآية «اصطفى البنات على البنين»، فيها إشارة على أن العرب كانوا يفضلون بطباعهم الذكر على الأنثى، ومع هذا التفضيل فإنهم نسبوا الملائكة إلى الله، وجعلوا الملائكة بنات الله، فالله عز وجل عاتبهم، فأنتم تنسبون إلى ربكم الشيء المفضول على حد زعمكم، وهذا فيه إنكار وليس فيه إقرار، وإلا فقد ثبت في سنن أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنما النساء شقائق الرجال». وقال بعض السلف في تفسير قوله تعالى: «يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً ويجعل من يشاء عقيماً» من يمن المرأة وبركتها أن تبدأ بما بدأ به الله وهذا كلام صحيح فمن اليسر على الرجل أن يرزق البنت قبل الولد فهي تعين وتساعد الأم في وقت قصير ثم إن رزق الرجل البنت قبل الولد فإن طاعة البنت لوالديها أكثر، ومشاكستها وشراستها أقل من مشكاسة وشراسة الولد. قضية الرزق ويضيف عطية، أن معالجة هذه المشكلة تندرج ضمن قضية الرزق حيث ينظر الإسلام للذرية على أنها رزق من الله يستحق الشكر سواء أكان المولود ذكرا أم أنثى كما ينظر الإسلام لهذا الموضوع من منظور وإطار آخر كبير الأهمية هو إطار الإيمان بالقدر فالذي يعطي ويمنع هو الله سبحانه وتعالى. وليس للإنسان اختيار في أن يمنحه الله البنات أو البنين. والمؤمن لا يكتمل إيمانه حتى يرضى ويسلم بقدر الله له. فقدر الله للمؤمن كله خير كما أن الإسلام لفت النظر إلى أننا كثير ما نخطئ في نظرتنا وحكمنا على الأمور. لأن الإنسان مهما أوتي من علم فإن ذلك العلم محدود بالنسبة لعلم الله وحكمته، يقول تعالى لافتا إلى هذه القضية «وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون» (البقرة : 216)، كما أن الإسلام امتن على الوالدين في معرض ذكر الأبناء ولم يفرق بين ذكر وأنثي، فقال تعالى «المال والبنون زينة الحياة الدنيا» والبنون تشمل الذكور والإناث والعبرة بصلاح الولد ذكراً كان أو أنثى وما يحصله له من منافع في الدنيا والآخرة فرب أنثى أحسن والداها تربيتها تجلب لهما سعادة الدنيا والآخرة ورب ذكر جلب لوالديه النقمة وأفسد عليهما الدين والدنيا. ومثال ذلك قصة الخضر عندما قتل الغلام فرغم انه كان ولدا ذكرا فإن الله أعلمنا أنه لو ظل حيا فسيكون وبالا على والديه ولذا قتله الخضر، «وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغياناً وكفرا» (الكهف: 80)، بل أن الإسلام بشر من رزق بالبنات ببشرى عظيمة فقد جاء في الحديث «من كان له ثلاث بنات يؤويهن ويكفيهن ويرحمهن فقد وجبت له الجنة. فقال رجل من بعض القوم: وثنتين يا رسول الله؟ قال: وثنتين» إذا فالقضية في نظر الإسلام ليست قضية ذكور وإناث وإنما قضية رزق ونعمة ورضا بقضاء الله والله وحده يعلم الأنسب والأصلح للعباد. فنظرة المرء القاصرة قد تصور له أن الولد سيكون أكثر نفعاً له، وتمر السنون ويجد أن اختيار الله وتدبيره له هو الأصلح.. وكلما رضى الإنسان برزق الله بارك الله له في ذلك الرزق. نساء عظيمات أما الدكتورة آمنة نصير، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، فتقول: من أبرز الرذائل التي حاربها الإسلام عند ظهوره رذيلة تفضيل الذكور على الإناث حيث كان معروفا عن العرب وأدهم للبنات وهو الأمر الذي واجهته الشريعة الإسلامية بقوة، حيث قال الله تعالى في القرآن الكريم: «وإذا الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت» ولقد ساهم الإسلام بسماحته بالعدل بين الذكر والأنثى وهو ما أدى إلى بروز نابغات فضليات يشار لهن بالبنان من النساء العظيمات. ممن رفع الإسلام شأنهن فتخطين بعلمهن وفضلهن الكثير من الرجال فمن العالمات على سبيل المثال لا الحصر: فاطمة بنت الرسول صلى الله عليه وسلم. وحفصة أم المؤمنين. وأسماء بنت أبي بكر. ومن الفقيهات: عائشة أم المؤمنين وزينب بنت أبي سالم. ومن الأديبات: الخنساء الشاعرة والشيماء بنت الحارث وعاتكة بنت زيد. ومن المدرسات: الشفاء بنت عبدالله وفاطمة بنت الخطاب. وغير ذلك من النساء العظيمات اللاتي كن فخرا لآبائهن وأسرهن. بل فخرا لنساء العالم أجمع. كذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى البشارة الكبرى لمن رزق بالبنات، فيقول: «من كان له ثلاث بنات فصبر عليهن وأطعمهن وسقاهن وكساهن من جدته كن له حجابا من النار يوم القيامة» وقد نطقت الأحاديث بحب النبي صلى الله عليه وسلم لابنته فاطمة وحسن معاملته لها، ففي البخاري أنه رآها فرحب بها وقال «مرحبا بابنتي» ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله ثم سارها فبكت بكاء شديدا، فلما رأي حزنها سارها الثانية فإذا هي تضحك وكان يقول عنها: «فاطمة بضعة مني، يؤذيني ما أذاها، ويريبني ما رابها»، وكان يزورها ويتفقد حالها، فقد روى البخاري أن فاطمة شكت ما تلقي في يدها من الرحى، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم تسأله خادما، فلم تجده، فذكرت ذلك لعائشة، فلما جاء أخبرته قال فجاءنا وقد أخذنا مضاجعنا، تعني نفسها وعليًا رضي الله عنهما، فذهبت أقوم فقال «مكانك» فجلس بيننا حتى وجدت برد قدميه على صدري، فقال: «ألا أدلكما على ما هو خير لكما من خادم، إذا أويتما إلى فراشكما أو أخذتما مضاجعكما فكبرا ثلاثا وثلاثين وسبحا ثلاثا وثلاثين واحمدا ثلاثا وثلاثين، فهذا خير لكما من خادم. الرسول نهى عن التفرقة يقول محمد نبيل غنايم: لابد أن يعي كلا الزوجين أن من يهب الذكور والأناث هو الله تعالي وليس لأي منهما دخل في ذلك وعلى الطرفين أن يعيا أنه ليس في تعاليم ديننا السمح ما يميز الذكر عن الأنثى، والمتدين يعرف أن الله سبحانه تعالي يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور والإنجاب أمره راجع إلى مشيئة الله: «لله ملك السموات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً ويجعل من يشاء عقيماً إنه عليم قدير» (الشورى:49 ـ 50)، وأنه ليس في قدرة أي إنسان مهما كان علمه أن يحدد المولود بذكر أو أنثى، فقد استأثر سبحانه وتعالى بهذا التنظيم الدقيق فهو القائل: «الله يعلم ما تحمل كل أنثى...» (الرعد: 8)، ويكفي في قبح كراهة البنات أن يكره العبد ما وهبه الله له ولقد نهى الرسول صلي الله عليه وسلم عن التفرقة بين البنات والبنين فكلهما نعمة الله على الإنسان يقول صلى الله عليه وسلم: «سووا بين أولادكم في القبل».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©