الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هُجيمة الأوصابية.. فقيهة التابعيات

12 ديسمبر 2013 20:32
القاهرة (الاتحاد) - التابعية والعالمة الفقيهة هُجيمة بنت حيي الأوصابية، والأوصاب بطن من حمير في اليمن، وتكنى بأم الدرداء الصغرى تميزا عن أم الدرداء الكبرى الصحابية التي روت عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال أبو مسهر الغساني: أم الدرداء هي هُجَيْمة بنت حُيَي الوصابية وأم الدرداء الكبرى هي خَيْرَة بنت أبي حدرد، لها صحبة. وقال محمد بن سليمان بن أبي الدرداء: اسم أم الدرداء الفقيهة التي مات عنها أبو الدرداء وخطبها معاوية، هجيمة بنت حُيَي الأوصابية. وكانت ــ رحمها الله ــ كثيرة الصوم والصلاة، يقول عنها ميمون بن مهران:» ما دخلت على أم الدرداء في ساعة صلاة إلا وجدتها مصلية»، وكانت تقوم الليل مع النساء حتى تنتفخ أقدامهن، وكانت تتلو القرآن كثيرا متفكرة ومتدبرة لمعانيه، فعندما كانت راحلة من بيت المقدس إلى دمشق قالت لقائد الدابة: يا سليمان أسمع الجبال ما وعدها الله، قال: فأرفعت صوتي بهذه الآية «وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا». كثيرة الدعاء والابتهال وأشرفت أم الدرداء على وادي ومعها إسماعيل بن عبيد الله، فقالت: يا إسماعيل اقرأ فقرأ قول الله تعالى «أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ»، فخرت هي وإسماعيل على وجهيهما فما رفعا رؤوسهما حتى ابتل ما تحت وجوههما من دموعهما، وهو دليل على أنها كانت تتصف بسمو في العاطفة، ورقة في القلب، وكانت كثيرة الدعاء والابتهال والتضرع إلى الله، وكانت تقول: قد طلبت العبادة في كل شيء فما وجدت شيئاً أشفى لصدري، ولا أحرى أن أصيب به الذي أريد من مجالس الذكر. وكانت أم الدرداء تجلس مع نساء المساكين في بيت المقدس، فجاء رجل فقسم بينهم نقوداً، وأعطى أم الدرداء فلساً، فقالت لجارتها: اشتري لنا بهذا جزوراً، فقالت: أو ليس صدقة ؟ قالت: إنه إنما جاءنا من غير مسألة، وعندما شكت أم الدرداء إلى زوجها أبي الدرداء الحاجة قال لها: تصبَّري، فإن أمامنا عقبة كؤوداً لا يجاوزها إلا أخف الناس حملًا، وأوصاها أن لا تسأل الناس شيئاً، فقالت: إن احتجت؟. قال: تتبعي الحصادين، فانظري ما يسقط منهم فخذيه، فاخبطيه، ثم اطحنيه، ثم اعجنيه، ثم كليه، ولا تسألي أحداً شيئاً. وكانت أم الدرداء لها همة عالية ونفس شغوف لطلب العلم، وورع وتقى وصلاح، وكانت حريصة على طلب العلم منذ صغرها، فكانت تختلف مع أبي الدرداء في بُرنس تصلي في صفوف الرجال، وتجلس في حلق القرّاء تتعلم القرآن، حتى قال لها أبو الدرداء: الحقي بصفوف النساء. وعرضت القرآن وهي صغيرة على أبي الدرداء، ونالت كثيراً من العلم، حتى قال عنها الذهبي: من كبار العلماء. روت 23 حديثاً وروت أم الدرداء 23 حديثاً نبوياً عن زوجها، وسلمان الفارسي، وفضالة بن عبيد، وأبي هريرة، وكعب بن مالك، وروى عنها إبراهيم بن عبلة، والأزهر بن الوليد الحمصي، وجبير بن نفير، والحارث بن عبدالله الأنصاري، وحبيب بن أبي عمرة، وحكيم بن كيسان، ومولاها حيان الدمشقي، ومولاها خليل الدمشقي، وراشد بن سعد، وسلمة بن دينار، وطلحة بن عبيدالله، وعبدالله بن أبي زكريا، وعثمان بن حيان الدمشقي، وعون بن عبدالله، إسماعيل بن عبيد الله، وزيد بن أسلم، وعبدالله بن أبي زكريا، وعمر بن حيان الدمشقي، وصفوان بن عبدالله، وميمون بن مهران، وسالم بن أبي الجعد، ويونس بن ميسرة بن حَلْبس، وأبو قلابة الجرمي، ونمران بن عتبة، ورجاء بن حيوة، ومكحول، وعطاء الكيْخاراني، وشهر بن حوشب، ومرزوق التيمي، وأخرج لها البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه. وعلا شأن أم الدرداء حتى غدت نجماً مضيئاً في العلم، ولها كلام في التفسير والزهد، وكانت تسأل من هو أكثر منها علماً، ومن ذلك سألت كعب الأحبار عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة، وكان يجتمع حولها النساء بجامع دمشق تعظهن وتعلمهن أمور الدين وهي التي علمت الصبيان القراءة والكتابة بدمشق. ذكرها ابن حبان في الثقات، والدارقطني في التابعيات، وقال عنها ابن كثير: تابعية عالمة فقيهة. وقال مكحول: كانت أم الدرداء فقيهة، وعن عون بن عبد الله، قال: كنا نأتي أم الدرداء فنذكر الله عندها. وقال يونس بن ميسرة: كن النساء يتعبدن مع أم الدرداء، فإذا ضعفن عن القيام، تعلقن بالحبال. ومن كلماتها المأثورة قولها: تعلموا الحكمة صغاراً، تعملوا بها كباراً، وإن كل زارع حاصد ما زرع من خيرٍ. وقال عثمان بن حيان: سمعت أم الدرداء تقول: إن أحدهم يقول: اللهم ارزقني، وقد علم أن الله لا يمطر عليه ذهبا ولا دراهم، وإنما يرزق بعضهم من بعض، فمن أُعطي شيئا فليقبل، فإن كان غنيا فليضعه في ذي الحاجة، وإن كان فقيرا فليستعن به. وقال إسماعيل بن عياش، عن حجاج بن مهاجر الخولاني، عن أبي مرحوم: سمعت أم الدرداء تقول: أفضل العلم المعرفة. وحجَّت أم الدرداء في سنة إحدى وثمانين، وكانت تقيم ستة أشهر ببيت المقدس، وستة أشهر بدمشق، وماتت بعد سنة إحدى وثمانين.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©