السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأدب الإماراتي.. غياب أم تغييب؟!

الأدب الإماراتي.. غياب أم تغييب؟!
24 ديسمبر 2014 20:45
تأتي أهمية طرح السؤال حول مدى حضور الأدب في المقرر الدراسي من كون ذلك الحضور هو سعي لربط الأجيال بهوية أدبية وطنية، والتعريف بالكتاب والأدباء الاماراتيين، كما أن الحديث عن سؤال الأدب الاماراتي يترجم رغبة أكيدة في أن ينفتح جيل الشباب على شعراء وأدباء يثرون المشهد بإبداعاتهم وهو الدور الذي يمكن أن تقوم به المقررات والمناهج الدراسية، ومن ثم فإن هذه البرامج والمناهج التعليمية هي مدخل لترويج هذا الابداع وإيصاله إلى أكبر فئة من المتلقين. فما هو واقع الأدب الإماراتي في المناهج الدراسية الإماراتية، وما هي حقيقة دوره.. طرحنا السؤال على عدد من الكوادر التعليمية والأدباء، فكانت هذه الاجابات. مطلوب خطة تقول فتحية النمر أديبة ومعلمة: المسألة صعبة ومعقدة في الوقت نفسه، وبحاجة إلى دراسة ووقفة مطولة، فنحن نتحدث عن التعليم والأدب كأخطر مصدرين للتأثير والتوجيه على أهم شرائح المجتمع، الصغار والناشئة والشباب. للنتاجات الابداعية الاماراتية لا شك حضور في المناهج، القصة القصيرة والشعر تحديدا، هناك نصوص لبعض المبدعين، لكنني أحسبه حضورا غير كاف، فالمحلي قليل جدا بالمقارنة مع غيره من النتاجات العربية والأجنبية المترجمة، والتي قد تكون بشكل أو بآخر بعيدة عن روح مجتمعنا، وطبيعة أبنائنا، والسبب الأكبر لنفورهم منها ومن اللغة العربية نفسها، وإذا سألتهم يقولون بصراحة، لا تشبع نهمهم ولا تلامس حاجاتهم، لا يملكون إزاءها غير التندر عليها، والاستخفاف وعدم الوثوق بقيمتها، وهذا ما يحز في نفس كل مخلص. وهي ترى أن المطلوب «خطة يشتغل عليها أصحاب الخبرة والأطراف المعنية كلها لاستخلاص معايير واشتراطات للنصوص التي ضُمنت والتي ستُضمن، على أن تكون الإجابة عندهم واضحة تماما ومن غير لف ودوران على أسئلة من مثل: وفق أية معايير تم الاختيار؟ الجودة أم الأقدمية أم الشهرة؟ ستظل هذه النماذج إلى ما لا نهاية أم تتغير، وتعطي مكانها لغيرها؟ أليست فترة أربع سنوات كافية حتى يكون المجال متاحا للجميع؟ ثم ماذا عن الجنس الرائع والمتوج كسيد للأجناس الأدبية كلها، الرواية، لماذا ليس لها حضور بالمطلق؟ لماذا لا يتم التجميع أولا للنصوص الروائية الممثلة لمختلف الأنماط والمدارس والاتجاهات، بعدها يأتي دور الفرز والمفاضلة، من ثم الشروع في طباعة واحدة كل أربع سنوات للمرحلة الدراسية لتعريف الطلبة بها وتشريحها منهجيا، واستطلاع آراء الجميع في قيمتها وجدواها، وفيما إن كانت أشبعت نهمهم ووافقت ذائقتهم أم لا، فالشباب مطلع من خارج المناهج على آخر ما تضخه المطابع من إفرازات ثقافية، بدليل ذلك التهافت الجميل منهم على ما يرد السوق من كتب وقصص وروايات، ولكن نحن لا نعرف معاييرهم، ولا ماذا يستهويهم ولا بالطبع ما مضار ما يستهويهم، ولماذا لا يقبلون على ما نعتقد بأهميته؟». مراحلويشير عبد الرزاق الدرباس (أديب و شاعر) موجه اللغة العربية في منطقة دبي التعليمية، إلى أن «مناهج الإمارات لم تكن تعتني بالنتاج الأدبي لشعراء وكتاب الإمارات في بداية انطلاق التعليم النظامي الرسمي في الدولة. كانت مستمدة من مناهج دولة الكويت ولم تكن تلتفت لهذه الفكرة الوطنية الهامة، ومع تبدّل الحال وانطلاق ورش المناهج الوطنية وتعديلاتها وتغييرها، بدأ الاهتمام بأدب الإمارات في المنهاج المدرسي المقرر، وفي كل تغيير تجريه الوزارة كان يبدو أن مساحة الاهتمام تزيد ما يدل على أن التوجّه صحيح. وفي وثيقة المناهج الأخيرة (الوثيقة الوطنية للمناهج) كان منهاج اللغة العربية هو الوعاء الأشمل، لذلك حرصت الوثيقة على تعريف الجيل الجديد بأدباء بلدهم ودورهم في مواكبة النهضة التي تشهدها الدولة، وتجسد ذلك من خلال الارتقاء بالنصوص الأدبية لأدباء الإمارات واعتمادها ضمن المقررات المطلوبة في مهارات اللغة العربية. وتنوعت هذه النتاجات حسب الأجناس الأدبية المختلفة». ويلفت الدرباس إلى أن «النصوص المختارة لا توضع جزافاً فهي تخضع لمعايير الإبداع والجودة والقيم الوطنية والتربية الإسلامية والأعراف والتقاليد التي لا تتنافى مع قيم مجتمع الإمارات، كما أن اللغة العربية الفصحى هي وسيلة التعبير الوحيدة المقررة في المنهاج الأمر الذي يغيب الموروث الأدبي الشعبي والنبطي.. أما النصوص المدرجة فتخضع للتحليل في الأنشطة المصاحبة والأسئلة التالية لها وينطبق عليها ما ينطبق على مفردات المنهاج الأخرى من مهارات وتقويم وامتحانات.. ولا يخفى ما لهذه الخطوة من أثر إيجابيّ على اللغة العربية وانعكاس ذلك في نفوس الطلاب الإماراتيين والعرب المقيمين، خاصة أن معظم هؤلاء الأدباء يعايشون ويتفاعلون مع المشهد الثقافي والإعلامي ما يجعلهم معروفين في الوسط التربوي والطلابي. ومن الطبيعي أن يكون لأدباء الإمارات نصيب في مناهج وزارة التربية انطلاقاً من ترسيخ الهوية الوطنية ودور الإمارات في مسيرة الحضارة والتمدن والثقافة كغيرها من أقطار الوطن العربي ودول العالم». دور اتحاد الكتابعائشة عبدالله محمد (معلمة وقاصة إماراتية) قالت إن المناهج الإماراتية «لا تحوي أياً من القصة أو الشعر أو الرواية الخاصة بالأدباء والكتاب الإماراتيين إلا ما ندر منها وهي تعد على الأصابع، كما أن هناك نصوصا لمبدعين يتكرر حضورهم بين كثير من المقررات، مع إغفال آخرين. حتى الامتحانات والتقويمات تبرز أن بعض هذه النصوص قد يكون مبهما أو كما نقول غريبا بالنسبة للطلاب». وتضيف: «إذا أردنا تفعيل دور الأدب الإماراتي وتأكيد حضوره في المناهج لابد أن يكون لاتحاد كتاب وأدباء الإمارات دور فعال بالمشاركة في وضع المناهج واختيار المناسب لكل مرحلة دراسية». ويرى سيد كشك (معلم لغة عربية بمدرسة الراشدية الثانوية بعجمان) أن «وجود نماذج من الأدب الإماراتي في المناهج الدراسية يساهم في: تقييم الناشئة عن طريق إعطائهم الدروس والعبر المستفادة. وتهذيب النفوس وصقلها من خلال الشعر، وإشعارهم بالعطف والحنان على الآخرين وترسيخ العواطف الجياشة. والتأثير في الآخرين والاقناع عن طريق فن الخطابة. هذا هو الدور المنوط بالأدب». أما عبدالكريم أبوالفتوح (معلم لغة عربية بمنطقة دبي التعليمية) فيقول: لا يختلف اثنان أن الأدب الإماراتي قديمه وحديثه شعراً أكان أم نثراً أثر تأثيراً إيجابياً في المناهج الدراسية في الدولة وفق جميع المناهج في جميع المراحل الدراسية. مما أثرى المناهج التعليمية بشكل واضح. وتصف مايسة محمود (معلمة تربية موسيقية) علاقة الادب الاماراتي بمنهج التربية الموسيقية بأنها «علاقة متناغمة؛ فهناك الشعر النبطي وبعض القصائد الملحنة والالعاب الشعبية والقصص الادبية، ونحن بدورنا نتعامل مع الكثير من الشعراء والادباء في شتى الاعمال الاحتفالية والمناسبات المختلفة، كما تدرس في المنهاج الحديث الاهازيج والفنون الشعبية المتعددة والنصوص الادبية الخاصة بكل فن إماراتي شعبي أصيل». قصورفاطمة الزهراء بنعمر (أستاذة وباحثة في الأدب والنقد)، ترى أن هناك بونا بعيدا بين مناهجنا، وما يحدث في ساحتنا الأدبية، والطلاب للأسف يجهلون أدباء الإمارات بالأمس فضلا عن اليوم. نحن نطالب واضعي المناهج بتعريف الطلاب بكلا الجيلين القديم والجديد، حتى يكون لدى الطالب اطلاع على ما يجري في الساحة الأدبية؛ لأنها بدأت تزخر بالشباب والشابات المبدعين في مجال الكتابة حتى يتخذهم الطلاب قدوة من صميم مجتمعهم. وتلفت بدرية الزري (معلمة لغة عربية) إلى أن الأدب الإماراتي «اختفى في المناهج الدراسية الجديدة سواء أكان ذلك في الشعر أو النثر. واختفت كتابات وإبداعات الأدباء الإماراتيين المشهورين. المناهج القديمة كانت غنية بأدب الامارات من شعر ونثر وقصة. وأشارت إلى أن أوجه القصور في المناهج أنها لا تمثل بيئة الامارات ولا حياة الانسان الاماراتي فأغلب نصوص اللغة العربية تمثل بيئات اخرى مختلفة عن عادات وتقاليد الامارات وحتى الحياة والطبيعة والمعيشة». من جهتها، تقول حليمة العويس (معلمة تاريخ وتربية وطنية): الادب الاماراتي حاضر في مناهجنا لكنه يتسم بأنه قليل جدا رغم أن الساحة الادبية الاماراتية الآن تزخر بالعديد من الادباء المتميزين نتمنى إدراج أدبهم وقصائدهم والقصص التراثية في المناهج وفق ما تطلبه كل مرحلة تعليمية. أخيرا، رأفت الحجار، موجه تربية موسيقية بوزارة التربية، أشار إلى أن الموسيقى والأدب سواء بسواء بناء متراكب، متآلف العناصر وهما يعبران عن حياتنا الاجتماعية يستمدان الدلالة منها ومن مواقف الأديب والفنان من أحداثها وقيمها.‏ فالفكرة في القصيدة جامدة ما لم يحركها عمل موسيقي يعبر عن الكلمات ويقربها إلى آذان المستمع وأبلغ الأدب ما وضحت معانيه وأفكاره بالموسيقى واضاءت بالعلاقات الحسية.‏ وتتمثل علاقة الأدب بمناهج التربية الموسيقية في أدب التراث الشعبي الإماراتي من أهازيج شعبية مثل: (حمامة نودي) و(طاح المطر) وغيرها وفنون شعبية مثل الونة الذي يتسم بالشعر الحزين وفن الآهلا وهما من أقسام الأدب الشعبي في الامارات التي تناسب الطالب في المراحل الدراسية المختلفة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©