الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مناهجنا التي لا تعرفنا!

25 ديسمبر 2014 11:31
نحن لا ننتج ذواتنا.. ولا ننمو مثل نبت شيطانيّ في بيداء قاحلة. نحن البشر، أبناء الحياة، نتكون مما يحيط بنا، نكبر وفق محايثات ومقاربات شتى تصنع وعينا وأرواحنا. في رحلتنا إلى الكبر، إلى النمو، نمرّ بأكثر من شريان يغذينا، ويهندس وعينا. وإذا شئنا استخدام مصطلحات علم النفس التربوي، فإنني أتحدث عن التنشئة، عن بناء الشخصية الفردية، وإكسابها المهارات والقدرات والوعي والانتماء للوطن، وغير ذلك مما يمكن لأي كاتب أن يدبجه حول علاقة الفرد بالمجتمع.. لكن هذا كله يبقى في الأخير، نظرياً، من قبيل التعالُم على العباد.. بيد أن الإشكالية التي نطرحها في ملف هذا الاسبوع ليست من قبيل التعالُم ولا هي ترف فكري يصلح لجلسة عصف فكري بين أصدقاء يشعرون بالملل، وربما يرغبون في الترفيه عن أنفسهم بتجاذب أطراف الكلام. في العلاقة بين الأدب المحلي والمناهج، لا يصح الاكتفاء بتجاذب أطراف الكلام ثم ينفضّ المولد (وكان الله يحب المحسنين).. هنا تبدو الإشكالية حقيقية، وموجعة، ولطالما عبر عنها الكتاب والأدباء والمبدعون على اختلاف أشكال إبداعهم بكثير من الحسرة من واقع الحال، وقليل من الأمل في أن يتغير أو يتبدل.. لكننا في «الاتحاد الثقافي» نؤمن بالأمل، وبأن دولتنا التي حققت قفزات أدهشت القاصي والداني، قادرة على أن تحقق قفزة صغيرة جداً في مناهجنا، وبالتحديد، في موضوع (تضمين نصوص وقصائد ومسرحيات ولوحات وإبداعات مبدعي هذا الوطن في المناهج الدراسية)، نعم.. من يقرأ واقع حضور أدبنا في المناهج يشعر بحق أن في الأمر مشكلة، ولن يجد ما يسرّه. ثمة إشكالية حقيقية وليست مفتعلة وتحتاج إلى حلول، ممن يقع على عاتقهم وضع المناهج.. ثمة حاجة ماسة، كما قال معظم المشاركين في الملف، إلى وجود لجنة وطنية متخصصة، وعلى دراية بما يجري في ساحة الوطن من تطور على صعيد الكتابة الإبداعية، وقادرة على انتقاء نماذج تعبر وتعكس هذا التطور. ومن نافلة القول، إن أي مجتمع في سعيه لتنشئة المواطن المنتمي، يحتاج الى بذل جهود صادقة، ودائمة، ومُمنهَجَة، للتعرف على حاجات الأطفال والناشئة والعمل على تلبيتها، ولا يختلف عاقلان على كون الثقافة واحدة من أهم الوسائل القادرة على إنجاز هكذا مهمة. في مجتمعات العالم المتقدم، توجد مؤسسات كاملة، على أعلى مستوى من التخصص تعكف على دراسة المناهج، ومضامينها، ومستوياتها، والغايات المرجوة منها، لكي تصل إلى مخرجات تعليمية تسهم في عملية التنمية الشاملة، وفي مجتمعنا الذي لا يألو جهداً في الأخذ بأسباب التقدم المجتمعي، والانفتاح على الحداثة، ومواكبة ما يجري في العالم، لا يعقل أن تظل النماذج الأدبية التي تتضمنها مناهجنا بعيدة عن ما ينتجه المبدع الإماراتي، تقترب منه على استحياء، أو تقف عند أسماء بعينها، وتنسى أو تغفل ما شهدته الحياة الثقافية من تطورات كبيرة، في المضامين، والفنيات ومستويات ما يكتب.. إلى متى ستظل مناهجنا تجهلنا.. إلى متى سنحضر فيها حضوراً أشبه بالغياب؟ ص 2- 6
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©