الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

روسيا تعقد آمالها على موارد سيبيريا من النفط والغاز الصخري

روسيا تعقد آمالها على موارد سيبيريا من النفط والغاز الصخري
12 ديسمبر 2013 21:14
قطع السوفييت في السنوات الماضية شوطاً طويلاً في محاولة استخراج احتياطياتهم الهائلة من النفط غير التقليدي. ففي أقصى شمالي روسيا قريباً من مصب نهر بيتشورا، بلغ الأمر بهم أن أجروا تجارب مستخدمين متفجرات نووية. ولم يسفر ذلك آنذاك إلا عن تحويل الحجر الرملي إلى مادة زجاجية، غير أنه بعد ذلك بعقود تقترب شركات النفط الروسية من بلوغ كيفية استغلال احتياطيات روسيا من النفط والغز الصخري. ويقع معظم تلك الاحتياطيات في تكوين باجينوف الجيولوجي الضخم في قلب سيبيريا على بعد نحو 200 ميل شرقي موسكو. ويعتقد خبراء أنها قد تكون من أكبر تجمعات النفط الصخري على كوكب الأرض. ويشير أحد التقديرات إلى أن هذه المنطقة قد تكون محتوية على ما يبلغ 100 مليار برميل من النفط القابل للاستخراج، ما يجعلها أكبر خمس مرات من منطقة باكن الصخرية بولاية نورث داكوتا قاطرة نهضة النفط الحالية في الولايات المتحدة. ويأمل الكثيرون في موسكو أن يصبح باجينوف الدعامة الجديدة لصناعة النفط الوطنية التي تعوض تضاؤل مناطق إنتاج النفط التقليدي، وتؤكد بقاء روسيا كأحد أكبر مصدري النفط في العالم لسنين قادمة. ويعتبر الحفاظ على إنتاج النفط أمراً مهماً للنفوذ الروسي الذي يخطط له الكرملين. وتعتمد موسكو اعتماداً كبيراً على عائداتها من النفط، ولكن الاحتياطيات التقليدية آخذة في النضوب. وفي عام 2010، حذرت وزارة الطاقة من أنه ما لم تجر تغييرات كبرى في السياسات لاسيما في مجال الضرائب، قد ينخفض الإنتاج إلى 7.7 مليون برميل يومياً بحلول عام 2020 من 10.1 مليون برميل يومياً عام 2010. وتعتبر الموارد الصخرية المنقذ المحتمل لروسيا والوسيلة التي تحافظ على الإنتاج، وبالتالي على مكانة روسيا العالمية.وقال ليونيد فيدم نائب رئيس لوكويل أهم الشركات الروسية التي تخوض في مجال النفط الصخري: «في خلال 20 عاماً ربما يصبح باجينوف مصدر النفط الرئيسي في روسيا - بل قد يكون أكبر من البحار القطية». وأضاف فيدم: «فهو يتيح لنا أن نكون أكثر تفاؤلا بالخمسين سنة المقبلة من إنتاجنا النفطي». ومنذ انطلق إنتاج الغاز الصخري الأميركي خلال العقد الفائت. دأبت شركات النفط على البحث عن حقول في أنحاء العالم تحاكي نجاح منطقة باكن الصخرية، وغيرها من المكامن غير التقليدية الكبرى الأخرى. كما ذهب بعض الجيولوجيين إلى تزكية منطقة فاكا مورتا (البقرة الميتة) بالأرجنتين وحوض سيشوان بالصين ضمن أهم المناطق النفط الصخري الواعدة. غير أنه من حيث الحجم، تفوق منطقة باجينوف تلك المناطق جميعاً. وقال طوم ريد رئيس تنفيذي روسبترو شركة النفط الصغيرة المسجلة في لندن التي لها 300 ألف فدان في باجينوف: «إنها أكبر من المكامن الصخرية العشرة أو الخمسة عشر الكبرى التالية لها مجتمعة». وقد جعلها هذا هدفاً هائلاً لكبريات شركات الطاقة الروسية والغربية على السواء. وتنشغل جميع العمالقة الروس - روزنفت وجازبروم نفت وسورجوتنفتجاز بجانب لوكويل في استكشاف منطقة باجينوف. وفي العالم العام الماضي اشتركت روزنفت واكسون موبل في تشكيل شركة تآلف لتقييم الجدوى التجارية لقطاعات روزنفت الثلاثة والعشرين المرخصة في باجينوف التي تغطي مساحة تتجاوز 10000 كيلو متر مربع. الغاز الصخري كما تبدأ روسيا في الاستعانة بخبرة الشركات المشاركة في طفرة النفط والغاز الصخري بأميركا الشمالية. وقال ريد إن الأذرع الروسية لشركات الخدمات النفطية مثل بيكر هيوز وهالييورتن وشلمبرجيه بصدد شحن معدات وتقنيات وأطقم حفر من منطقة باكن وإيجل فورد في تكساس إلى سيبيريا، فيما يعتبر أنه نقل التكنولوجيا واسع النطاق من الغرب إلى الشرق. غير أن هناك شكوكاً حول باجينوف، إذ اشتكى بعض رواد المستكشفين من تباين النتائج، وأفادوا بأن النفط قد يتدفق من إحدى الآبار، بينما يمكن لبئر أخرى قريبة أن تنتج كيروجين وهي مادة عضوية صلبة تشير أحياناً إلى وجود نفط وغاز.وتعكس تجارب لوكويل بعض التحديات. وقال ديمتري بلنكين المهندس في لوكويل إن معدل استخراج أحد حقول باجينوف لا يتجاوز 4% بينما يتراوح معدل حقول النفط التقليدية بين 30 و35%. غير أنه قال إن ذلك المعدل يمكن أن يزيد لاحقاً.ويعيب كثير من أماكن باجينوف وقوعها وسط أحراش وبحيرات ومستنقعات، فضلاً عن وجود قطعان من حيوانات برية مختلفة، ودرجات الحرارة التي قد تصل إلى -40 بينما يمتلئ الهواء صيفاً بأنواع من الآفات والحشرات الطائرة. ويلاقي بلنكين صعوبة في الوصول إلى حقول النفط، فهو لا يستطيع قيادة المركبة إلى الحقل إلا في الشتاء عندما تتجمد المستنقعات. أما في الصيف فلا يمكنه الوصول إلا بطائرة مروحية. وقالت لوكويل، إن التقنية المتقدمة اللازمة لاستخراج النفط من آبار باجينوف تكلف ما قد يبلغ 10 ملايين دولار لكل بئر، أو خمسة أمثال ما تكلفه بئر تقليدية. فرض الضرائب ورغم ذلك، تفرض روسيا ضرائب باهظة، الأمر الذي لا يحفز المنتجين على استغلال مورد شديد التكلفة. وقال ريد إن كل برميل نفط أورال سعره 110 دولارات يدفع عليه المنتجون ضريبة 55 دولاراً كضريبة تصدير، و23 دولاراً كضريبة استخراج معادن ما يدع عائد البرميل 22 دولاراً فقط. غير أن هذا آخذ في التغير الآن، إذ قام الكرملين مؤخراً بإقرار إعفاءات ضريبية مشجعة تصل إلى إعفاء كامل من ضريبة استخراج المعادن للشركات العاملة في باجينوف، ويعمل على خفض ضريبة الصادرات أيضاً، الأمر الذي يمكن أن يزيد عائد البرميل الواحد إلى نحو 60 دولاراً، ويجعل ماجينوف أكثر جذباً من الناحية التجارية. يذكر أن بعض مكامن باجينوف تحتوي على نفط تقليدي، مثل حقل ساموثلور الضخم الذي حول الاتحاد السوفييتي السابق إلى مصدر نفط كبير في سبعينيات القرن الماضي. وكما هو حال الحقول الصخرية الأخرى، أعيقت شركات النفط من انخفاض مسامية حقول باجينوف وتدني درجة نفاذيتها، ما يعني صعوبة تدفق السوائل خلال الصخور. وقد تم إنتاج بعض كميات من النفط من باجينوف ولكنها شحيحة للغاية، ولم تبلغ سوى 40 مليون برميل نفط، مقارنة بنحو 75 مليار برميل نفط تم استخراجها من مكامن غربي سيبيريا التقليدية. غير أن خبراء روسيين أدركوا أن منطقة باجينوف لديها إمكانيات أكبر كثيراً مما سبق اعتقاده، وما أقنعهم هو ما يحدث هناك عبر المحيط الأطلسي. فبحلول آخر العقد الماضي، اتضح أن صناعة الطاقة في أميركا الشمالية تشهد طفرة حقيقية، فالتقنيات الحديثة كعمليات التفتيت الهيدروليكي والحفر الأفقي فتحت احتياطيات هائلة من الغاز الطبيعي ثم بعد ذلك النفط التي كانت تعد في السابق غير تجارية. فزاد الإنتاج زيادة كبرى وانخفضت أسعار الغاز الأميركي إلى أدنى مستوياتها في 10 سنوات. كما زاد إنتاج النفط، حيث زاد إنتاج حقل باكن وحده من 100 ألف برميل يومياً منذ خمس سنوات إلى أكثر من مليون برميل يومياً عام 2012. شركات النفط ورصدت شركات النفط الروسية التطورات الأميركية بمزيج من الخوف والانبهار والغيرة، فبينما زاد إنتاج النفط الأميركي كانت روسيا في تراجع نسبي، حيث تباطأ نمو الإنتاج بشكل حاد رغم ارتفاع إنفاق الشركات. وقال خبراء إن إنتاج روسيا من النفط زاد بنسبة 35% بين عام 2001 وعام 2005، بينما لم يزد سوى بنسبة 5% فقط بين عام 2006 وعام 2010 رغم ريادة الاستثمار في قطاع النفط إلى أربعة أمثاله في الفترة ذاتها.وبدأ المهندسون الروس يدركون أن في وسعهم استخدام ذات التقنيات الرائدة المستخدمة في الولايات المتحدة لإنتاج النفط من التكوينات الصخرية الروسية العصية. توجد هذه الاحتياطيات غير التقليدية الصعبة الاستخراج في مناطق، مثل اتشيموف الواقعة في أقصى شمالي سيبيريا ودومانيك في منطقة فولجا - أورال وباجينوف. عن «فاينانشيال تايمز»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©