الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

وزير الثقافة المصري: للأسف.. العالم العربي يعيش مرحلة تشرذم ثقافي

وزير الثقافة المصري: للأسف.. العالم العربي يعيش مرحلة تشرذم ثقافي
27 ديسمبر 2015 12:45

أشاد حلمي النمنم، وزير الثقافة المصري بتوجيه صاحب السمو، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بأن يكون عام 2016 للقراءة، وأكد ضرورة التوسع في أشكال التعاون الثقافي القائم بين الإمارات ومصر، وأشار إلى أن صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، ملحمة ثقافية، وإبداعية وإنسانية، وعربية ومصرية وإماراتية، وأكد أن حلمه أن يحقق للشعب المصري العدالة الثقافية المفقودة.

ألقى النمنم على مغامرة صدام حسين في غزو الكويت، المسؤولية الأكبر في التشرذم الثقافي المتفشي في الوطن العربي، ووضع النقاط على الحروف في وصفه الأكثر دقة لجماعة الإخوان، أنهم تنظيم شيطاني. ومفكّرهم سيد قطب ماسوني وأكذوبة كبرى. وتفاصيل أخرى في حوار خاص «للاتحاد» مع وزير الثقافة المصري.

قبل أن تكون وزيرًا للثقافة في مصر، معروف أنك أحد المهتمين بالقراءة، ودعم الكتاب، فكيف استقبلت توجيه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بأن يكون عام 2016 للقراءة؟

جزء كبير من النهضة التي تعيش فيها الإمارات، يعتمد على نهضتها الثقافية، إصدارات متميزة، حركة ترجمة واسعة، معارض فنون تشكيلية، منارات ثقافية متمثلة في الجامعات والمراكز البحثية، صحف ومجلات ذات اهتمام ثقافي، مثل مجلة «تراث» وغيرها، وبالتالي يأتي توجيه صاحب السمو رئيس الدولة.. متوجًا لهذه الجهود، وهو توجيه يستحق منا جميعًا الإشادة.

كيف تسير العلاقات المصرية الإماراتية على المستوى الثقافي؟ وهل هناك جديد في أجندة وزير ثقافة مصر للتباحث بشأنه مع نظيره الإماراتي، خلال هذه الزيارة القصيرة؟

لا بدّ أن نؤكد، أن التعاون الثقافي المصري الإماراتي قائم طوال الوقت، حتى وإن لم يكن بشكل رسمي في بعض الأوقات، فهو قائم على مستوى الكتاب والأدباء والمبدعين، كل عام في معرض القاهرة الدولي للكتاب، حضور مميز للكتاب والناشرين الإماراتيين، واتحاد كتاب الإمارات، على المقابل في معرضي أبوظبي والشارقة.. حرص كبير على الوجود المصري، ناشرون وكتاب وباحثون، دور نشر خاصة، وأخرى تابعة للدولة، وخلال الشهر الأخير مثلًا: وقّعت عدة قرارات بالموافقة على سفر فرق مصرية «التنورة» وغيرها إلى الإمارات، لتقديم عروض فنية في الإمارات المختلفة، ولأن كل هذا لا يكفي.. هناك اتجاه للتوسع في أشكال التعاون خلال الأيام المقبلة.

هل تطلعنا على عناوين رئيسية لهذا الجديد المنتظر؟ نشر أعمال مشتركة، نشر كتب في توقيت صدور واحد في الإمارات ومصر، تنظيم أسابيع ثقافية منتظمة طوال العام، تضم فرقا فنية وكتابا ومبدعين، يأتون من القاهرة إلى الإمارات والعكس، وأن يكون هناك شكل أوسع للتعاون بين اتحاد كتاب مصر واتحاد كتاب الإمارات. إذا وجدت الثقافة.. لا بد من الحديث عن تأثير الشارقة الثقافي في المنطقة العربية؟ ولا بد من الحديث عن صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، هذا الرجل قصة مختلفة، على خريطة الثقافة العربية والإنسانية، هو في حد ذاته ملحمة ثقافية وإبداعية وإنسانية وعربية ومصرية وإماراتية، أولًا: هو نموذج غير مسبوق في تاريخنا الحديث والمعاصر، في دعم الأنشطة الثقافية والأدبية والفنية والأكاديمية، بشكل عام، هو من أنشأ اتحاد الأثريين العرب، واتحاد المؤرخين العرب في القاهرة، وافتتح منذ عدة شهور، الجمعية المصرية للدراسات التاريخية، مبنى دار الوثائق في الفسطاط، بيت الشعر في الأقصر، وأيضًا في موريتانيا، لا يخفى على أحد أن هذا الرجل عاشق لمصر، ورغم هذا، فأنشطته الثقافية ليست وقفًا على مصر والإمارات، فكما أنشأ بيت الشعر في «الأقصر»، أنشأ بيتا للشعر في «موريتانيا»، وله إسهامات في المغرب، وغيرها من البلاد العربية والأوروبية. هل توافق أنه رغم ثورة الاتصالات، وانتشار الفضائيات والإذاعات المختلفة، أصبح الوطن العربي جزراً ثقافية منعزلة؟ للأسف الشديد، السياسة لعبت دوراً كبيراً في هذه الأزمة، وفي العقدين الأخيرين، تسيّدت عقلية سياسة المحلية والانكفاء على الذات، كل دولة تعيش في تصور أنها مكتفية بذاتها، وبما لديها، ودخلنا مرحلة من تضخيم الذات «موريتانيا بلد المليون شاعر»، وهذا يكفي، ومصر بلد شوقي وحافظ وصلاح عبد الصبور، ولا بدّ أن نعترف أن هذا الخطأ شاركنا فيه جميعًا ولا بدّ أن نتداركه، ومع التوسع في الصحف والإذاعات، حدثت هذه الفجوة، وزاد الشقاق العربي، ودخلنا حالة من التشرذم لا مبرّر لها، ولا يمكن أن ننسى أن العملية الفاشلة التي قام بها صدام حسين، عندما احتل الكويت، جعلت الناس تتشكك في العروبة، وجعلت الأخ يتشكك في أخيه، ورغم أن العملية انتهت، فإن آثارها النفسية موجودة داخل كل عربي. ثم داهمنا الاحتلال الأميركي للعراق، ثم الدواعش. إذا انتقلنا للشأن المصري.. ما الحلم الذي يشغل المحرر الثقافي الذي يجلس الآن على مقعد وزير ثقافة مصر.. ويتمنى أن يحققه؟ أحلم بتحقيق العدالة الثقافية لأبناء الشعب المصري، لا بدّ أن نقرّ أن مصر تفتقد للعدالة الثقافية، إذا كانت هناك فجوة ثقافية بين بعض البلدان العربية، ففي مصر أصبح أبناء المدينة لا يعرفون أبناء المدينة الأخرى، ومن هنا.. بدأ يتردد مصطلح أدباء الأقاليم، هذا سببه غياب العدالة الثقافية، بمعنى أننا وصلنا إلى قسمة، محافظات مصر لها الثقافة الجماهيرية بالفرق المتواضعة التابعة لها، والانغلاق على النفس، والقاهرة لها دار الأوبرا ومعرض الكتاب، والمجلس الأعلى للثقافة والمؤتمرات الدولية واتحاد الكتاب وغيره، هذه القاعدة ينبغي أن تتغير، الثقافة يجب أن تذهب إلى كل مكان في مصر، بمعنى أنه لم يعد يليق بمصر، أن الخديوي إسماعيل، أسس دار الأوبرا عام 1870، ونحن بعد قرن ونصف، مع نفس دار الأوبرا، صحيح أنشأنا لها فروعا صغيرة في المحافظات، لكن هذا لا يكفي، يجب إنشاء أكثر من دار أوبرا، في مختلف أنحاء مصر، المجلس الأعلى للثقافة ينبغي أن لاتعقد مؤتمراته وندواته في القاهرة فقط، أيضاً أبناء الأقاليم تتم دعوتهم إلى القاهرة والإسكندرية، والعكس صحيح. وفي هذا الاتجاه، بدأنا &ndashفعلًا- قوافل التنوير، ذهبنا إلى جامعات الصعيد (المنيا، أسيوط، سوهاج) الغردقة البحر الأحمر، وسننتقل إلى كل عموم مصر. في حوار قديم بيني وبين المعلم (مدبولي)، الناشر المعروف، اشتكى لي أن القراء بعد أن كانوا يقفون على مكتبته طوابير لشراء مسرحية لـ«مكبث» أو «براخيت»، أصبحوا يتزاحمون على شراء كتب التنجيم والعفاريت والريجيم. تدخّل في الحوار، قبل أن أستكمل سؤالي قائلًا: ربما هذا حدث في فترة تعرضت فيها القراءة لانتكاسة، لكن أي متابع للحياة الثقافية في مصر، سيكتشف أن الاهتمام بالقراءة يعود بقوة، وأكبر دليل عدد الناشرين الجدد الذين دخلوا سوق النشر، وأيضًا المكتبات الجديدة التي افتتحت، خلال السنوات القليلة الماضية، رغم ظهور المواقع الإلكترونية، والنشر الإلكتروني، يظل توزيع الكتب في زيادة، ولا يمكن تجاهل عدد العناوين التي تصدرها الهيئة العامة للكتاب، والثقافة الجماهيرية، يتبقّى أن نبذل مجهودا للوصول بالكتاب إلى الأقاليم، وبالذات المناطق الحدودية، أسوان والنوبة وجنوب وشمال سيناء ومرسى مطروح والوادي الجديد. من بين كل قيادات الإخوان، كنت حريصا على تقديم كتابين عن سيد قطب، بعنوان «سيد قطب وثورة يوليو».. و«تحولات سيد قطب».. لماذا؟ وأصدرت كتابا عن حسن البنا بعنوان «حسن البنا الذي لا يعرفه أحد»، الإخوان صدروا لنا حسن البنا «الإمام الشهيد» بألف لام التعريف، وهو اللقب الذي سبق وأن أطلق في التاريخ الإسلامي على سيد الشهداء الحسين بن علي، البنا بين أنصاره كذلك.. الرجل الملهم.. النوراني.. الرباني.. الرجل القرآني، وهي صفات ترفع صاحبها فوق ما هو إنساني، وتقترب به من درجة القداسة والعصمة، وأنا قمت بعمل دراسة أعتقد أنها مهمة، صدرت بعد 25 يناير، كنت قارئا للمشهد جيدًا، إنهم قادمون، وملامح هذا بدأت في 2005. كان واضحا أن هناك «طبخة» ما، تعقد بين نظام مبارك والإخوان وبرعاية أمريكية، بمقتضاها يمرر الإخوان جمال مبارك، مقابل أن يؤسسوا حزبا، ويحصلوا على نسبة تمثيل أكبر في البرلمان والوزارة، بعد 25 يناير دانت الأمور لهم، كان لا بدّ أن أكشف هذا، ألّفت كتابا عن حسن البنا، لكشفهم من خلال الوثائق والأوراق والوقائع التاريخية، وهنا لا بدّ أن أؤكد من خلال الوثائق أنهم تنظيم «شيطاني»، بالمعنى الكامل للكلمة، وسيد قطب الذي يعتبرونه مفكرهم، ما هو إلا أكذوبة كبرى. جميع أفكاره انتحلها، أو ارتكب ما نطلق عليه في المعنى الدارج السرقات العلمية، أو ما أسميه أنا اللصوصية الأدبية، وهو ما أثبته في كتابي الأخير عنه (تحولات سيد قطب). لقد راجعت كتبه كتابا كتابا. واكتشفت أنه نقل كتبا بأكملها، قام بعمليات قص ولصق، وفي عام 2011، كشفت أنه كان واحدا من أقطاب المحفل الماسوني المصري، وأنا أظن أنه ظل على ماسونيته حتى مات. مجموعات من الأكاذيب، صدّروها لنا عن شخصيته، وكثير من المخدوعين في هذا الرجل لا يعلمون أنه في البداية كان مع نجيب وعبد الناصر، وقارن بينهما وبين الأنبياء، وجعل المقارنة لصالحهما، وكل هذا مؤكد وثابت. هل تمتلك مشروعًا ثقافيًا لمواجهة قوى التطرف والظلام؟ الثقافة والمواجهة محور مهم في الدورة الجديدة لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، نعمل عليها على مستوى جميع الأنشطة والندوات في المعرض، في هذا العام، لأول مرة، دار الأوبرا المصرية تدخل الجامعة، من خلال تقديم حفلات شهرية، نحجز ثلاث حفلات كل شهر من مسارح الدولة، مخصصة لطلبة الجامعة، نحن موجودون ومستمرون، مهما كانت التضحيات والمصاعب، لن نترك مكانا أو شبراً على أرض مصر لتعبث فيه الأفكار الظلامية.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©