الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

رسول حمزاتوف يحلّق على جناح الكلمة

رسول حمزاتوف يحلّق على جناح الكلمة
14 ديسمبر 2011 00:28
أكدت أمسية اتحاد الكتّاب في أبوظبي أن الشعر الحقيقي يستطيع أن يدخل إلى القلوب والأرواح، حتى لو كان مترجماً، وأن روح الشعر لا تقف عند حواجز اللغة ولا تحتاج، لكي تأخذك إلى مدياتها القزحية إلى جواز مرور. في ذلك الأثنين العابق بألق الشعر كان الحديث يدور عن الشاعر العَلَم رسول حمزاتوف، أما المتحدث فكان الدكتور مسّوح مسّوح الذي ترجم قصائده إلى العربية ونشرها في كتاب بعنوان “قصائد مختارة من أشعار رسول حمزاتوف”، واستضافه اتحاد الكتّاب ليأخذنا إلى عوالم الشعر والترجمة ويقرأ لنا شيئاً من الكلام الذي يسعد القلب. قدم للأمسية فخر الدين كرار وهو أيضاً مترجم مهموم بقضايا الترجمة التي أثار بعضها في الأمسية؛ خاصة تلك المتعلقة بصعوبة ترجمة الشعر إلى الحد الذي يجعل البعض يتهيبون ترجمته، مشيراً إلى أن ترجمة الشعر تحتاج إلى تمثل النص إن لم يكن تقمص الشاعر إلى حد الذوبان، فضلاً عن ضرورة الإلمام بثقافة الشاعر، لافتاً إلى أن اللغة العربية “مطاطة” وفيها الكثير من المترادفات التي تجعل مهمة المترجم أصعب. وقال إنه “تحدثت عن هذه القضايا لكي يثمن الدور الذي قام به المحاضر”.. ثم عرف بالمحاضر الدكتور مسّوح مسّوح الذي قام بترجمة مختارات من أشعار رسول حمزاتوف، وسيرغي يزنسين، ويعكف حالياً على ترجمة قصائد للشاعرة جوليا رسولوفا ستصدر في كتاب بعنوان “ريح الجبال”، وهي شاعرة مهمة شهد لها حمزاتوف الذي قال بعد أن قرأ أشعارها: “كنت خائفاً على الشعر في داغستان بعد وفاتي، أما الآن فأنا مطمئن”، كما أنها المرة الأولى التي تترجم فيها إلى العربية. والدكتور مسّوح طبيب يعشق الشعر، درس الطب في روسيا وأتقن الروسية وأحب أن يقدم للقارئ العربي شيئاً من جماليات الشعر المكتوب باللغة الروسية. بالشعر بدأ الدكتور مسّوح مسّوح حديثه عن رسول حمزاتوف، ثم بوصف أقرب إلى المشهد المسرحي وصف كيف استمعت لجنة تجتمع في مركز الشعر العالمي في روما بإمعان إلى أشعار مترجمة للغة الإيطالية دون معرفة مؤلفها ودون وجوده.. ثم تبين أن صاحب قصائد: “صلاة” و”احفظوا الأصدقاء” و”اللقالق” هو رسول حمزاتوف. بعدها تحدث د. مسّوح عن ميلاد حمزاتوف ونشأته فقال: “وُلد رسول حمزاتوف في داغستان سنة 1923 في قرية جبلية صغيرة اسمها “تسادا”، كان والده حمزة شاعراً أجاد العربية ونظّم أشعاره باللغتين العربية والآفارية. وقد ورث رسول عن أبيه موهبة استوعبت حكمة الجبال العملاقة وأساطيرها وبساطتها وكتب أكثر من مئة كتاب بلغته القومية الآفارية”. كما تأثر حمزاتوف بشعراء داغستان ومبدعيه فاستقى من ينابيع الشاعر العظيم المغني “أبوطالب” وحمزة تساداسا وسليمان ستالسكي وغيرهم من سادة الكلمة. وأضاف د. مسوح: “قدّس حمزاتوف الإنسان في مجمل أعماله، عظّمه واحترمه فوقف إلى جوار أهم مبدعي الكلمة في العالم، لوّنت جبال وأنهار ووديان داغستان أشعاره وطبعت أغانيه بطابعها أخلاق وشهامة رجال داغستان، عاش ثمانين ونيف كانت أيامه الأخيرة في ماخاتشكالا “محج قلعة أو القلعة المحج” عاصمة داغستان”. وألمح د. مسّوح إلى أن حياة حمزاتوف لم تخل من مشاغبات لطيفة في زمن كان كل شيء فيه مؤطراً. بعدها قرأ د. مسّوح بعض قصائد حمزاتوف التي قام بترجمتها إلى العربية، ونشرها في كتاب بعنوان “قصائد مختارة من أشعار حمزاتوف” لتنتقل القاعة إلى عوالم الشعر، وتحلق مع كلمات الشاعر إلى تخوم جمالية يكسوها الجلال. قرأ د. مسّوح شعراً عذباً في معانيه عن الأصدقاء الذين يتساقطون منا في رحلة الحياة كما تتساقط أوراق الشجر في الخريف، عن السواقي التي لن تجف والألحان التي لن يلغيها الزمن، وعن أمراضنا الروحية التي تعطل إحساسنا بالحياة، وعن “بلاد الحب” التي تجمع كل الناس بكل أطيافهم وألوانهم. حضر رسول حمزاتوف بكل بهائه الإنساني، وجماله الفني، وروحه الصافية الواسعة في تلك الأمسية الأثنينية التي أعادت للشعر شيئاً من الألق المفتقد، برقَّته الشعرية القادرة على إقناعك بأنك تسمع دبيب الحياة في الكلمات اليابسة، بخياله المجنح القادر على أن يسير بك على حواف النور السماوي أو أن يأخذك من يديك، طائعاً مختاراً، ليوحّدك مع النجوم ويطير بك، وهو يغني: لتلك النجوم البعيدة في قبة الكون طارت وسوف تطير مئات المراكب نحو الفضاء البعيد يا أيها الناس يا أيها الناس أنتم نجوم السماء الفسيحة كم أتمنى ولو مرة أن أطير إليكم أطير.. ??? ليهدأ بالك أيها الشعر.. فقد طرْتَ.. وطارت نجومك لتحط بين أيدينا نحن المتيمون بالشعر حد الطّيران.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©