الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الأزمة الاقتصادية تزيد ركود التجارة الدولية

الأزمة الاقتصادية تزيد ركود التجارة الدولية
3 ديسمبر 2012
عادة ما يقيس المراقبون التجاريون النشاط التجاري من خلال حركة النقل البحري، حيث تعني لهم الموانئ والمراسي المزدحمة انتعاش الصادرات والواردات وإمكانية ارتفاع الأرقام التجارية. لكن لا تبشر الأرصفة الفارغة بالخير، حيث بدأت البيانات الواردة من الموانئ الكبيرة في نهاية 2011 تتجه نحو التراجع، مما أشاع مخاوف ركود وقع بالفعل. وأصدرت “منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية” تقارير تشير إلى انخفاض الصادرات خلال الربع الثاني من 2012 في كل من بريطانيا والهند بنسبة قدرها 4%، وفي روسيا وجنوب أفريقيا بنحو 8%. وتمثل هذه الأنباء غير السارة بالنسبة لسنغافورة وهونج كونج بوصفهما مركزان تجاريان، كما تتعرض دول منطقة اليورو المفتوحة مثل أيرلندا وبلجيكا، للمخاطر أيضاً. ومن الواضح أن سبب التراجع التجاري يعود إلى حالة الركود التي يعاني منها اقتصاد العالم ككل. وحيث إن الصادرات هي عبارة عن عمليات بيع للأجانب، فإنها تضعف عند إحجام هؤلاء عن الشراء. كما يعني ذلك، ضرورة رصد التجارة في كثير من الأحيان للناتج المحلي الإجمالي العالمي بدقة كبيرة. وبتفصيل أكثر، نجد أن نماذج التجارة تطابق الثروات الاقتصادية أيضاً. ومنذ العام الماضي، تراجعت الصادرات إلى دول الاتحاد الأوروبي المتعثرة بنحو 4,5%، في حين ارتفعت واردات دول الشرق الأوسط الغنية بالنفط بنسبة 7,4%. وإذا كان الاقتصاد العالمي هو المعيار الوحيد الذي يُقاس به الأداء التجاري، فإن زيادة الناتج العالمي تعني تلقائياً انتعاش القطاع التجاري. ويتوقع “صندوق النقد الدولي” مثلاً، نمو التجارة بنحو 5,1% في العام المقبل بفضل القوة التي يكتسبها الاقتصاد العالمي. لكن تفترض توقعات الصندوق، نجاح السياسات غير المتشددة في منطقة اليورو والأسواق الناشئة. لكن في حالة ثبت أن هذه التوقعات مبالغ فيها، ينبغي خفض توقعات النمو والتجارة. وتحمل آخر الأرقام المتعلقة بحركة الشحن، نوعاً من الأمل في حدوث تعافٍ سريع. وجاء في تقرير نشرته صحيفة “لويدز لست”، المتخصصة في القطاع البحري العالمي، انخفاض حجم شحن الحاويات من آسيا إلى أوروبا بنحو 13,2% خلال السنة المنتهية في يوليو الماضي. والأكثر من ذلك، أن التجارة لا تقوم برصد دورة الأعمال التجارية بالقدر المطلوب. وفي العموم، حققت التجارة نمواً بوتيرة أسرع من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات القليلة الماضية، حيث ارتفعت من 22% إلى 33% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي خلال الفترة بين1996 إلى 2008. كما أن تراجعها خلال العام الحالي كان أكثر وضوحاً من الاقتصاد العالمي، الشيء الذي يستجلب عوامل أخرى غير تلك الخاصة بوتيرة النمو العالمي. ومن بين هذه العوامل، عدم توفر التمويل التجاري. ومن المعلوم أن الأعمال التجارية ذات النشاطات العالمية تعتمد بشدة على البنوك. وإذا أخذنا قطاع الصادرات في الاعتبار، نجد أنه وفور شراء المواد الخام والمُدخلات الأخرى، يترتب على الشركات تجهيز منتجاتها قبل تصديرها إلى البلد المعني. وربما يتم تسليم هذه المنتجات للمشتري النهائي قبل استلام قيمتها النقدية. وينتج عن ذلك فراغ بين التكاليف الناتجة والعائدات المُتحصلة، الفجوة التي يمكن جسرها من خلال القروض التجارية قصيرة الأجل. وتلعب البنوك الأوروبية دوراً أساسياً في عمليات التمويل التجاري. ووفقاً لدراسة صدرت مؤخراً عن “البنك الدولي”، شكلت البنوك الكبيرة في منطقة اليورو 36% من تمويل التجارة العالمية في 2011. وتوفر البنوك الإسبانية والفرنسية وحدها 40% من عمليات الائتمان التجاري المقدمة لأميركا اللاتينية وآسيا. لكن بدأت بنوك منطقة اليورو في خفض معدل عمليات التمويل التجاري. ومن بين الأسباب التي دعت إلى هذا التراجع، أن مزاولة نشاط التجارة العالمية يتم بالدولار، في وقت تجد فيه بنوك منطقة اليورو المتعثرة صعوبة في الحصول على السيولة بالدولار. كما أن هناك حاجة للبنوك الأوروبية لخفض ميزانياتها وعمليات تمويلها التجاري. وتواجه العديد من البنوك الضغوطات بغرض تركيز نشاطاتها على الأسواق المحلية. ويمكن لبنوك مثل “أتش أس بي سي”، الاستحواذ على العمليات التي خلفتها بعض البنوك الأوروبية التي لم تقو على الاستمرار في القطاع، في ذات الوقت الذي يمكن أن تتحرك فيه بنوك من البرازيل والصين واليابان، لملء مثل هذه الفراغات. لكن من المرجح أن تتراجع معدلات التمويل التجاري بنسبة أكبر مما كانت عليه في الماضي. وبدأت تشكل الحمائية المتزايدة كذلك عبئاً على عاتق التجارة. وفي المراحل الأولية من هذه الأزمة، كانت الحمائية من الأشياء التي لا يتخوف العالم منها، خاصة وأنه تعلم من دروس ثلاثينات القرن الماضي القاضية بتفادي الحروب التجارية مهما كانت التكلفة. لكن بلغت الدعاوى التجارية الجديدة مستوى مثير للقلق، حيث تشترك الأرجنتين في عدد منها، بينما تخوض أميركا والصين والهند، في خلافات تتعلق بالحديد. لكن وحتى في حالة إمكانية تفادي جولة جديدة من الحمائية، فإن طموحات المزيد من تحرير التجارة محدودة للغاية. وأصبحت جولة مفاوضات التجارة العالمية التي جرت بمدينة الدوحة قبل 11 عام والتي كان من الممكن على ضوئها إضافة 0,5% للناتج المحلي الإجمالي العالمي سنوياً من خلال فتح أسواق جديدة، بمثابة الميتة. لكن تتعلق الآمال في إحياء أكثر العناصر الواعدة في تلك الجولة، في اتفاقية جديدة. كما يمكن أن تعني اتفاقية حول تسهيل التجارة بين الحدود، أكثر من تعويض للحمائية الضئيلة لبعض أعضاء مجموعة دول العشرين. لكن وضح أن مد دعم التجارة الحرة، يعاني من الانحسار. نقلاً عن: ذي إيكونوميست ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©