الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حكايا من حرير ودموع و «جنان»

حكايا من حرير ودموع و «جنان»
15 ديسمبر 2011 00:34
ما كتبت عن أزياء النساء التقليدية وجلساتهنَّ الذاهبة في حرير الخيوط إلا وانداحت بين يديَّ صورتهنَّ إذ يعكفن على استيلاد جمالهنَّ... إلا وجاءت إليَّ خيوطهنَّ تسعى... تخبرني عن مساءات مبللة بالشوق أو صباحات يغسلها الندى... إلا ونبتت للروح عيون تطارد “دمعة” وقفت على حافة البرقع أو تتنشق عبير عطر تسلل خلسة إلى “خيوط التلي” لينكشف ما كان خافياً على البصر... إلا وصدحت تلك الخيالات العتيقة لحياة كانت هنا، تموج كما البحر أو تتثنى كما رمال البيد... لي مَا يعَرْفْ يْخيط ويجفْ حتى ثيَابه تازم اقْشارْ ولي ما يعرف يبدي ولا يسف ما يستوي للهند سِفّار بهذين البيتين من الشعر يفتح كتاب “الملابس الشعبية في دولة الإمارات العربية المتحدة” الصادر حديثاً عن دائرة الثقافة والإعلام في عجمان حكاية التراث الملبسي في الإمارات، لتنداح معلومات غزيرة عن الملابس الشعبية وخياطتها وتزيينها وعناصرها المختلفة. والحقيقة ان الكتاب يمثل سياحة معرفية تاريخية في واحد من أبرز حقول علم الاجتماع الثقافي وهو الأزياء والتقاليد الشعبية، ويتجاوز مهمة جمع المعلومات التي يذهب الباحثون عادة الى الرواة والإخباريين للحصول عليها الى مرحلة تالية، هي مرحلة البحث العلمي الموثق والمستند الى مصادر علمية متنوعة. كما أن مؤلفا الكتاب إبراهيم محمد صالح العوضي والدكتورة سلمى محمد قريش حرصا في بحثهما على إيضاح المفاهيم والمسميات وردها الى جذورها التاريخية، بل وتتبع التغيرات التي طرأت عليها. إنها حكاية الإنسان، خاصة المرأة، مع واحدة من أكثر الأشياء قرباً منه؛ ملابسه التي نسجتها الأصابع عبر التاريخ، فالخياطة واحدة من أقدم المهن التي عرفتها المجتمعات البشرية. ورغم أن الخياطة ارتبطت تاريخياً بالمرأة إلا أن ظهور الآلة وعصر المكننة جعلها من المهن الرجالية أيضاً. إماراتياً؛ ظلت الخياطة من المهام الأساسية التي تقوم بها المرأة الإماراتية في بيتها وتتعلمها منذ الصغر لتلبي حاجتها وحاجات عائلتها من الكساء، فتتولى خياطة ملابسها الخاصة وملابس أبنائها وبعض أثواب زوجها، لكنها في الأعياد والمناسبات كانت تستعين بالخياطات المحترفات في تفصيل الملابس الفاخرة، في حين كانت خياطة الملابس الرجالية من نصيب الخياطين المحترفين من الرجال، وكان الخياط يسمى محلياً “الدرزي”. وفي إمارة عجمان كان أغلب الخياطين من العوضيين، وكانت محلاتهم معروفة في السوق. وتعد المرحومة موزة بنت إبراهيم الهولة زوجة سيف بن راشد بن عبدالرحمن النعيمي من بين الخياطات المحترفات اللاتي اشتهرن في إمارة عجمان والإمارات المجاورة بفن الخياطة والتطريز، وهي بمنزلة مصممة الأزياء اليوم، وقد برعت في تفصيل الملابس النسائية والرجالية على السواء وخياطتها، وكان عملاؤها من الشيوخ وكبار الشخصيات، وقد كانت تُدعى لتتدخل أو تشفع في حل مشاكل الناس لما لها من مكانة واحترام. أما الآلات التي كانت تستخدم في الخياطة فهي: الكرخانة أو آلة الخياطة، وكانت تجلب من الهند بسعر مائة وخمسين روبية، وطاولة خشبية مستطيلة الشكل ومجهزة بدُرج يحفظ فيه الخياط أدواته، والغدان، وهو معلاق على هيئة السلم مصنوع من جريد النخل، ويعلق في عارضة السقف، ويستعمل لتعليق الكنادير الجاهزة. وقبل ظهور آلة الخياطة، كانت عملية الخياطة تتم يدوياً باستعمال الإبرة والخيط الذي يتخذ عادة من “المسلجة”، وهي شريط يقتطع من جانب القماش تُسل خيوطه ليُرف بها الثوب، ويحمي الخياط رؤوس أصابعه من وخز الإبر بقمع صغير من المعدن أو الجلد يسمى “كشتبان”. ورغم أن هدف اللباس في الأصل هو ستر البدن وحمايته من الحر والبرد وتقلبات المناخ، إلا أن الإنسان في رحلته الطويلة مع ثيابه لم يكتف بتحقيق هذه الغاية بل جمَّلها وزينها لتعكس ذوقه الجمالي ومكانته الاجتماعية. وفي الإمارات كان السبيل الى تحقيق ذلك تطريزها بخيوط وأشكال فنية مختلفة، وهي سمة تميز الأزياء الإماراتية التي يعتبر التطريز فيها إرثاً فنياً وتقنياً جديراً بالاهتمام. ذلك أن التطريز يوشي ملابس الرجال والنساء والأطفال على السواء. وهو يتركز حول فتحة الرقبة وعلى الصدر ويطوق أساور الأكمام وسيقان السراويل ويحيط بحواشي الشالات والمآزر، ويشغل عموماً الأماكن البارزة من الثوب ويتتبع الخطوط الكبرى للتفصيل، ويغطي مواضع اللفق والخياطة، كما يساعد على تقوية حافات الثوب وفتحاته وشد قوامه لينسجم مع هيئة الجسم. وتتفاوت كثافة التطريز وحجم المساحة التي يشغلها بتفاوت أهمية الثوب، فيكون كثيفاً وواسعاً في ملابس الأعياد والمناسبات، وخفيفاً ورفيعاً في الملابس العادية. وللخيوط المستعملة في التطريز دور في إبراز قيمة الثوب والدرجة الاجتماعية للابسه ولاسيما إذا كانت من الذهب أو الفضة. وتأتي الخيوط في أصناف أربعة تتمثل في: الأسلاك المعدنية التي تسمى محلياً “خُوص” (تسمية فصيحة ومستمدة من خوص النخيل)، و”تَلِّي” (من التركية وتعني السلك المعدني)، وهي أشرطة معدنية بعرض مليمترين أو ثلاثة، وتكون غالباً من الفضة الخالصة أو من الفضة المموهة بالذهب. وهناك الخيوط الذهبية التي تسمى محلياً “زَرْيْ” (من الفارسية وتعني الذهب)، وهي خيوط كانت تفتل في الماضي من أسلاك الذهب الخالص، ثم استُبدلت به أسلاك النحاس المطلي بالذهب، أما اليوم فتصنع من أسلاك النايلون الملفوفة حول خيوط القطن أو الحرير الأصفر اللامع. وثمة خيوط من القطن والحرير؛ أما الخيوط القطنية فتسمى “هدوب” تشبيهاً بأهداب العين، وتتوافر بعدة ألوان حمراء وصفراء وزرقاء وخضراء وبيضاء وسوداء، وأما الحريرية فهي من الإبريسم وكلتاها لامعة وناعمة الملمس وبراقة. ويشتهر النقش بخيوط الذهب “الزري” في الإمارات، وهي تقنية قديمة جذورها فارسية، حسب ما جاء في الكتاب، وتسمى بلغة أهل فارس “زردوزي” ودخلت الى الإمارات ومعظم أقطار الخليج العربية عن طريق الجاليات الهندية والفارسية المقيمة بها. أنواع التطريز خوروا له ثوب مدراسي واستحى الخوّار من يوفه يحيلنا هذا البيت الشعري الجميل إلى واحد من أنواع التطريز المنتشرة في الإمارات وهو الخُوّار، والخوار أو التخوير تسمية فصيحة وتعني الليّن والرخو من كل شيء، إذ يتميز هذا الصنف من التطريز بالليونة والرخاوة مقارنة بالتلي الذي يبدو صلباً، وينجز الخوار يدوياً باستعمال الإبرة والخيط ويعتمد على غرزة بسيطة تعرف بغرزة “السلسلة”. أما النوع الثاني فيسمى النقدة أو النغدة، وهي تطريز هندسي يرتكز على حساب النقطة. تستخدم فيه أسلاك التلي الفضية وقماش التول أو التور المخرم. تنقش الزخارف إما يدوياً أو باستعمال إبرة ذات ثقبين. وأما النوع الثالث فهو التُلي، وهو التطريز باستخدام تقنية السفّ، أي النسيج بالأصابع، باستعمال الخوص وخيوط القطن. وتستعمل في التطريز بعض الأدوات الأساسية التي ظلت محافظة على أشكالها وأسمائها الى يومنا هذا، مثل الموسدة أو المخدة وهي اسطوانية الشكل وتلف عليها الخيوط أثناء التطريز، والكاجوجة التي تحمل الوسادة، والدحروج وهو البكرة التي تلف عليها الخيوط المستخدمة في التلي، وتكون متدلية من الوسادة أثناء العمل، وتتدحرج كلما سحب منها الخيط، ومنها جاءت تسمية “الدحروج”، والإبرة التي تستخدم في تثبيت خيوط التلي على الموسّدة. وينقسم التطريز بالتلي الى نوعين، تلي البتول وتلي البادلة (تركب على السروال)، وتتفنن النسوة في اختيار ألوان الخيوط القطنية عند نسج أشرطة البادلة لخلق نوع من التضاد والحركة على مستوى اللون والخامة بما يتماشى مع ألوان السروال. ويتبع تركيب البادلة ترتيباً أفقياً متراكباً يتكون من حاشية علوية وحاشية سفلية يتوسطهما التطريز الأساسي الذي يسمى “البيت”، وينقسم البيت الى عدة صفوف أو بيوت ثانوية تحمل أسماء تختلف من منطقة الى أخرى ومن مطرزة الى أخرى، منها: بيت مقفل، بيت سر وتعال أو ساير ياي، بيت بوالبيطان، نقش الكرسي.. وتحاط البادلة في الأعلى بحاشية مسننة على شكل شريط من المثلثات يسمى “رأس ابلوج” أو مشارة، وهي كالسور الذي يحيط بالبيت، في حين تتخذ الحاشية السفلية شكل شريط من المعينات أو المثلثات المتقابلة تسمى القيطان أو الغولي. وظهرت في ربوع الدولة حرفة مكملة لحياكة البشوت تسمى الكبانة، حيث كان المكبنين يقومون بتعديل البشوت التي كانت تجلب جاهزة من إيران والعراق والشام والسعودية، وبالتالي تحتاج الى تعديل مقاساتها من قبل حرفيين مختصين “المكبنين”، وتشمل حرفة الكبانة الى جانب تعديل مقاسات البشت، تطريز حوافه وإصلاحها. لباس الرجل لم يترك الكتاب صغيرة ولا كبيرة في لباس الرجل والمرأة إلا وتطرق إليها وصفاً وهدفاً وصناعة. بدءاً من لباس الرأس ومروراً بالبدن وانتهاء بالقدمين. يتميز لباس الرجل الإماراتي بالخفة والبساطة وهو لباس ساتر ومريح، يغلب عليه اللون الأبيض. ويتكون لباس الرأس من القحفية والغترة والعقال توضع الواحدة تلو الأخرى. والقِحف في اللغة العربية هو عظم الجمجمة الذي فوق الدماغ، ومنه استمد اسم القحفية، ومن أنواعها المسقطية والزنجبارية والعدنية والإيرانية والعراقية، وتصنع من القماش أو الخيوط القطنية أو الخوص. أما الغترة فتصنع من القطن الخفيف والأبيض، مربعة الشكل يتم ثنيها على هيئة مثلت وتنسدل أطرافها على الظهر، وللغترة أسماء عديدة منها: المصرّ والمحرمة والعصابة والجشيدة والدسمال والرّمال والشال، وهي إما نسبة إلى مصدرها أو طريقة لبسها. وأما العقال فهو عبارة عن بريم من الصوف يطبق في شكل حلقتين ويستخدم لتثبيت الغترة، وتسمية العقال فصيحة ومستمدة من الحبل الذي تعقل به الإبل بعد بروكها. واستخدم الإماراتيون أربعة أنواع من العقل هي: الخْزام (حبل رفيع يبرم من صوف الغنم او وبر الجمال ثم يصبع باللون الأسود وقد تراجع استخدامه ولا يلبسه حالياً سوى بعض كبار السن من البدو، والعقال الأبيض والعقال الأسود وأهم ما يميزه حالياً العقائص التي تتدلى منه وتسمى “زوايد” أو “فراريخ”، والعقال المقصب ويسمى أيضاً الشُّطفة ويشبه التاج المضلع وقد لبسه حكام المنطقة وكبار التجار حتى فترة الخمسينات من القرن العشرين. ويرتدي الرجل الإماراتي تحت الكندورة قطعة تسمى الوزار، والجمع وزِرة، وهو الإزار باللغة العربية أو المئزر، وهو لباس عربي أصيل، تعود جذوره إلى العصور القديمة. الوزار ثوب غير مخيط، يستر أسفل بدن الرجل من الحقوين إلى منتصف الساق أو الكعبين، فيلف حول الوسط ويشد بحقب من الجلد أو بريم من الصوف أو القطن، يعقد مباشرة على الخصر. ومن أنواعه: ? وزار لاس: إزار مصنوع من قماش اللاس المعروف، لونه سكري براق مشرب بقليل من الحمرة، وتحيط به حاشية حمراء مخططة ومضرسة. ? وزار عوقدية: إزار قطني لونه أبيض حليبي ولامع، يتميز بحاشية مخططة بالألوان ومطرزة الحواف ومشبكة الأهداف. يوضع العوقدية على غرار اللاس على الكتف ويعقد حول الخنجر ويعد أيضاً من الأنواع الفاخرة. ? وزار بنغالي: ينسب هذا النوع الى بلاد البنغال التي اختصت بصنعه، وهو إزار قطني يغلب على ألوانه اللون الأحمر. ? وزار مدراسي: نسبة إلى منطقة مدراس بالهند، وهو إزار قطني مخطط بالطول والعرض، ويتميز بألوان صارخة: زرقاء وحمراء وخضراء. ? وزار سْباعية: إزار قطني خفيف لونه أبيض وحاشيته زرقاء، حجمه صغير نسبياً، لذلك نادراً ما يُتزر به، ويوضع عادة على الكتف في فصل الصيف، والتسمية فصيحة، إذ يقال للثوب سباعياً إذا كان طوله سبعة أشبار. ? وزار فنتيري: إزار يغلب عليه اللون الأبيض، ويتميز بحاشية عريضة حمراء، شبهت بطائر الفنتير المحجل السيقان. ? وزار بوضريس: إزار متعدد الألوان، يتميز بحاشية مطرزة بأشكال مضرسة، وقد تكون التسمية تشبيهاً بأوراق نبتة بوضريس المعروفة في المنطقة. أما المقَْصَّرْ، والجمع مقاصير، فهو لباس داخلي يلبسه الرجل في فصل الصيف، كبديل للكندورة، ويلبس مع الإزار، وهو عبارة عن قميص أبيض مصنوع من قماش الشاش أو الشربت الخفيف، يُشقق جيبه بفتحة صغيرة وتعمل له أزرار من صنف الفصمة والغرمة. وقد تراجع استعمال المقصر في منتصف القرن الماضي، واستبدل بالقمصان القطنية المجلوبة من الهند، والمسماة “فانلة” ويسميها البعض “زنجفرة”. وتعتبر الكندورة أهم قطعة في لباس الرجل الإماراتي، ويسميها البعض دشداشة على غرار البلدان العربية المجاورة، وتعرف في بلدان المغرب العربي وإسبانيا باسم قندورة، والتسمية شائعة منذ القرون الوسطى ووردت في عدة مصاد عربية وأجنبية، وأصلها من الفارسية (قنتوره) أو (كندوره). والكندورة قميص طويل وفضفاض يستر كامل البدن، يلبسه الكبار والصغار، والخاصة والعامة، في الشتاء والصيف، وفي الأيام العادية والمناسبات. تصنع الكندورة من قماش قطني أو كتاني يكون خفيفاً في الصيف من نوع الشربت أو الململ وسميكاً في الشتاء. وتختلف تسميات الكندورة باختلاف الخامات المصنوعة منها فيقال: كندورة كيمري أو بوتفاحة أو كورة. وتتميز كندورة الصيف بلونها الأبيض الناصع وهو اللون الرجالي المفضل في دولة الإمارات العربية المتحدة، وتصبغ كندورة الشتاء بألوان ترابية باهتة مثل: الأخضر والأصفر والأحمر والدّمني. وأدخلت على الكندورة التقليدية في بداية الخمسينيات من القرن العشرين بعض التحويرات في مستوى شكل الرقبة مثل: الياقة المدببة والياقة المرتفعة التي تسمى “بتّة” وفتحة الأكمام المزررة مع إضافة الجيوب التي تسمى محلياً “مخبأ” تأثراً بالقميص الأفرنجي. وتتكون الكندورة من: الحَلقْ: وتلفظ (الحلج) أي رقبة الكندورة، والجيب وتلفظ “الييب” بإبدال الجيم ياء في العامية الإماراتية، وهي فتحة الصدر، وتسمى مِنْحَرة” من النحر وكلتا اللفظتين فصيحتان، والصدارة من الصدر وهي مقطع مثلث الشكل يضاعف به صدر الكندورة وظهرها. والبدنة وهي القطعة الأمامية أو الخلفية اللتان تشكلان مجتمعتين بدن الكندورة، وتكون البدنة مستطيلة الشكل وطويلة، تصل الى الكعبين. واليد تعني الكُم وتكون عادة طويلة ومستقيمة، أو منفرجة تسمى “تِلْوَاح”. والباط تعني الإبط، وهي قطعة قماش مثلثة الشكل تخاط في إبط الكندورة لتيسير حركة اليد. والقَرضة أو “القرض” وهي القطعة الجانبية للكندورة، تكون على شكل شبه منحرف، وتضاف من الجهتين لينفرج شكل الكندورة تدريجياً من الأعلى الى الأسفل. والعُقْمَة وهي زر مكور من شريط من القماش أو من خيوط القطن الملتفة حول بعضها، وتسمى أيضاً “الفصمة” وكلتا اللفظتين فصيحتان، والغرمة هي العروة التي تدخل فيها الفصمة وتصنع أيضاً من خيوط القطن والتسمية فصيحة. تطرز الكندورة حول الرقبة والصدر والكمين وعمودياً في خط الوسط باستخدام خيوط الإبريسم الأبيض أو الملون بالأحمر والأخضر والأصفر، إضافة الى خيوط الذهب والفضة، وتسمى الكندورة المطرزة بـ “المدْرُوزة” أو “المْقَصَّبة” أو “المْخَوَّرَة” حسب نوع التطريز المستعمل. وتحاط رقبة الكندورة وصدرها بثلاثة أنواع من التطريز: القيطان: بريم قطني يخاط حول الرقبة، والنثر: تطريز مسنن في شكل شريط من المثلثات، والعلب: تطريز تتعاقب فيه معينات تبدو أشكالها بيضاوية لعدم دقتها، والفروخة: وتسمى أيضاً “طربوشة” نسبة الى الخيوط التي تنسدل من قمة الطربوش، وهي خصلة من الخيوط القطنية أو الحريرية تعلق في رقبة الكندورة للزينة ولتغطية فتحة الجيب، وهي كربطة العنق في اللباس الأفرنجي، كانت في البداية قصيرة تنتهي عند فتحة الجيب، وهي اليوم تتجاوز الذراع ونصف الذراع، وسميت فروخة، لأن أصلها خصلة واحدة، ثم تتفرع الى عدة خيوط، أي تُفرخ، واللفظة فصيحة. وتتكون الفروخة من ثلاثة أجزاء: الملسن أو اللسان، وهي قطعة ملسنة الشكل ملتصقة بعنق الكندورة تخاط أو تتعلق فيها الفروخة، والعضيات جمع عضية وهي العقد الوثيقة والمتعاقبة التي تعض على الجزء الأعلى من الفروخة، وتتخذ أشكالاً متنوعة أغلبها مستوحى من العقد التي يستعملها البحارة في شبك الحبال، والكركوشة؛ خصلة الخيوط السائبة التي تنسدل من الفروخة. ومن الألبسة الحديثة الصديري، والجمع صديريات، وهو من الألبسة التي ظهرت في منطقة الإمارات في بداية القرن العشرين، وقد شاع ارتداؤه بين الرجال بمختلف مراتبهم الاجتماعية، وهو عبارة عن سترة قصيرة بدون أكمام مفتوحة ومزررة من الأمام، تلبس عادة فوق الكندورة، وتغطي الجزء الأعلى من الجسم، أي الظهر والكتفين والصدر، وتسمية الصديري فصيحة، لأن العرب كانت تسمي كل قميص قصير أو رداء يلي الصدر صِداراً وصدرة. ولا يكتمل الحديث عن زي الرجل من دون البشت، والجمع بشوت، والبشت أو العباءة هو الرداء الخارجي الذي يلبسه الرجل فوق ملابسه، وهو لباس شائع في منطقة الخليج العربي والبلدان العربية المجاورة مثل سوريا والعراق وإيران. وأصل التسمية فارسي “بوشت” وتعني وراء أو خلف، وتعني أيضاً ما يغطي الظهر، ذلك أن من طُرق لبس البشت وضعه على الأكتاف منسدلاً من الخلف دون إخراج اليدين. وهو لباس متداول منذ الفترة العباسية وقد ورد ذكره في المصادر العربية وهناك شواهد عديدة حول مادته وألوانه ومصادر صنعه. أما تسمية العباءة فهي أقدم بكثير من البشت ومعروفة لدى العرب منذ فترة ما قبل الإسلام. ويضفي البشت على الرجل علامات الهيبة والوقار، ويحاك من أصواف الغنم وشعر الماعز ووبر الجمال، ويتميز بنسيج شبكي رفيع وواسع، ويتخذ ألوان الصوف الطبيعية، فيكون أبيض أو أسود أو رمادياً وعسلياً أو أحمر وترتفع قيمته إذا كان لونه نادراً أو نسجه من صوف الترمة الرفيع والناعم. وتنقش حواف البشت باستثناء أسفله بأنواع من الطرز الذهبي والفضي والإبريسم الملون الذي يأتي في شكل أشرطة جاهزة تركب مباشرة على البشت، وتختلف تسميات الطرز باختلاف شكله وموضوعه، ومنها الدربوية (الطرز الذي يحيط بالرقبة وبفتحة الصدر، ويكون عادة عريضاً بقدر خمس سنتيمترات تقريباً ثم يرقّ تدريجياً حتى يصل الى أسفل البشت في شكل بريم رفيع، وقد تكون تسمية الدربوية نابعة من شكل الدروب التي تخط هذا التطريز)، والقبطان (تسمى أيضاً “عْمِيلة”، وهما بريمان مفتولان من خيوط الزري يستعملان لربط البشت فيثبتان من الأمام في مستوى المحزم، ويكونان على هيئة الفروخة وبهما كرات ذهبية صغيرة). ومن أبرز أنواعه: ? بشت دفة الجوخ: مصنوع من قماش الجوخ أي المخمل، يخاط دون خبن على عكس البشوت العادية التي تصنع من دفتين. ? بشت بَدْري: مخطط بلونين، والتسمية فصيحة: إذ يقال لكل شيء فيه لونان من سواد وبياض: أبرق وبرقاء وبرقة. ? بشت ترمه: مصنوع من صوف الترمه الفاخر. ? بشت مكتف: مطرز في مستوى الكتفين، يلبسه الشيوخ والأكابر. ? بشتت نزواني: أسود مصنوع من الصوف الغليظ، ومطرز بالإبريسم الأسود، والتسمية نسبة الى مدينة “نزوى” العمانية حيث كان يجلب هذا الصنف من البشوت. ? بشت دُورقي: ويسمى أيضاً: شمالي”، وهو بشت متين يلبس في فصل الشتاء، والتسمية قد تكون نسبة الى دورق، موضع في البصرة أو قرية من قرى منطقة الأهواز. ? بشت شامي وبشت عراقي وبشت نجفي وبشت حساوي نسبة الى المنطقة التي يأتي منها. وآخر مكونات الزي هي الدقلة والجمع دقلات، وتعد من بين الأزياء الشتوية الفاخرة التي كان يرتديها شيوخ الإمارات والتجار وأئمة المساجد. وقد كانت رائجة في جميع دول الخليج العربي، إلا أنها تراجعت اليوم ولم يبق على ارتدائها سوى سلاطين عمان، وأمراء السعودية والبحرين أثناء تأديتهم للرقصة “العرضة”. والدقلة عبارة عن معطف طويل يصل الى القدمين أو منتصف الساق، مشقوق الجانبين ومفتوح من الأمام يغلق بأزرار من صنف العقمة ويعمل له جيب علوي من جهة اليمين وجيبين في الوسط على اليمين وعلى الشمال، وتصنع الدقلة من قماش المخمل أو الصوف الملون وتحلى في مستوى الرقبة والظهر والكتفين بأنواع من الطرز الذهبي. وفي العادة يرتدي الرجل نعالاً خفيفة ومشكوفة تلائم طبيعة الطقس الحار وتساعد على تهوية القدم، بينما يلبس الحذاء (الجوتي) في مناسبات خاصة. وتختلف أشكال النعال في المناطق الساحلية والحضر عنها في البادية، وكانت تصنع من الليف او الجلد، وتشد على القدم بشراك يسمى محلياً البرقع والوقاية والعباءة للنساء.. والعقال والبشت والمحزم للرجال “السقف” ويسمى الجزء السفلي من النعل “القاعة”، وتتألف الشراك من شسع وزمام (الشسع في اللغة العربية هو السير الذي يوضع بين الأصابع ويمتد في اتجاه الطول الى منتصف القدم، والزمام هو السير الذي يمتد عرضاً ويشد ظهر القدم في منتصفها)، وقد يضاف للنعل سير ثالث يمسك به العقب من الخلف. والنعال في العامية الدارجة مذكر، بخلاف الفصحى، ويجمع على نِعلَه ونعول. وتنقسم النعال إلى أربعة أنواع هي: النعال الجلدية (نعل بو صبع، نعل بوسقف، نعل مخولف، نعل نجدي وتسمى أيضاً زبيري، المَداس)، والنعال الليفية (الوطية وتصنع من خوص النخيل وجريده ويلبسها الفلاحون وهي صنفان: الأول يصنع من ركب النخيل أي أصل الجريدة المتصل بجذع النخلة، والثاني من ليف النخيل) والنعال المطاطية (نعل التّاير وهذه ظهرت مع ظهور السيارات في المنطقة حيث استبدل أسفل نعال الليف بمطاط عجلات السيارات المستهلكة”، والنعال الصوفية (الزّربول وجمعها زرابيل، وهو خف صوفي يحاك من صوف الغنم وشعر الماعز). وللزي الرجالي مكملات منها الحزام ويسمى محزم وسبتة، وهو سير عريض من الجلد يتمنطق به الرجل فوق الكندورة ليعلق فيه خنجره، ويشده بحلقة معدنية تسمى بريمة، بينما تسمى الشوكة التي تغرز في طرف الحزام بازم، وهي تسميات فصيحة، وتخاط في الحزام حافظة النقود ويعلق فيه مكحل الاثمد الفضي والخنجر الذي يتميز بنصل معقَّف ومقبض مصنوع من قرون الحيوانات وغمد من آدم مطرز بخيوط الفضة ومرصع بالأحجار الكريمة وفق المكانة الاجتماعية والمقدرة المالية لصاحبه. وبالعصا يكتمل هندام الرجل، وقد اختص الشباب بعصا تسمى “مطرق” وهي عصا خشبية مستقمية ذات مقبض مكور، واختص اهالي المنطقة الجبلية برأس الخيمة بحمل الجزر “اليزر” وهي عصا خشبية غليظة على رأسها فأس صغيرة، وانتشر بين رجال الحضر حمل عصا الخيزران الدقيقة وتسمى خيزرانة. لباس المرأة يتكون لباس المرأة الإماراتية من غطاء الرأس والوجه ولباس البدن ولباس القدم. ويسمى غطاء الرأس “وقاية” أو “شيلة”، وتصنف وفقاً للقماش الذي صنعت منه: وقاية نيل (مصبوغة بمادة النيلة)، وقاية وسمة (مصبوغة بمادة الوسمة)، وقاية بودقّة (من قماش التول)، وقاية منقدة (من قماش التول المخرم وهي خاصة بالأعياد والمناسبات)، ملفع وهي صغيرة الحجم شبيهة بالمحرمة أو الخمار تلف بها رأسها في البيت. وتغطي المرأة وجهها بالبرقع، وهو عبارة عن قناع فيه خرقان للعينين تغطي به المرأة وجهها عندما تصل الى سن البلوغ، ولا تخلعه إلا عند الصلاة أو النوم، ويفصل من قماش خاص يسمى “ورق” أو “شيلة”، وتسمى صناعته “الكفافة” ويطلق على المرأة التي تحترفها “قرّيضة براقع”. يتكون البرقع من شريط افقي عريض يغطي الجبين ويسمى “الجبهة”، وعصا خفيفة مصنوعة من عذق النخيل أو جريده وتسمى “السيف”، وتدخل في منتصف البرقع ابتداء من الجبين حتى أسفل الذقن ويستقر على قصبة الأنف. وهو يحافظ على تناظر البرقع وتوازنه فوق الوجه، والعيون أو ثقب العينين وتسمى شعلة إذا كانت متسعة نحو الأعلى ودمعة إذا كانت متسعة نحو الأسفل، والخرّة: الانحناءة التي تمتد من الصدغ الى طرف السيف، والخد: القطعة التي تغطي الخد، والبطانة: قطعة قماش قطنية يقوى بها البرقع من الداخل وتعمل على امتصاص العرق وتمنع صبغ البشرة بمادة النيلة، والشّبق: خيطان يثبتان في طرفي البرقع من اليمين واليسار ويربطان خلف الرأس. يتألف لباس البدن من السروال والكندورة والثوب والعباءة، والسروال لباس داخلي يتكون من: الحُجزة والنسعة، أما الحجزة فهي المجرى الذي يخاط في محزم السروال ويمرر فيه الحزام الذي يشد الخصر، ويسمى الحزام “نسعة”، والحِجالة “حيالة” بالعامية الإماراتية وهي الجزء الأعلى من السروال، والقَرْضة وهي قطعة قماش مربعة الشكل تثنى على خط الورب، وتشبه الباط في كم الكندورة، والسيقان اللتان تتخذان شكلاً مخروطياً يصل الى الكعبين بحيث يكون واسعاً من الأعلى ضيقاً من الأسفل. يزين السروال بالبادلة أو بنقش أشكال على حاشيته باستعمال شريط مفرد من التلي أو ينقش مباشرة على سواره باستعمال الإبرة وخيط الزري. وتعتبر الكندورة هي القطعة الرئيسية في لباس المرأة الإماراتية، وهي ترتديها داخل المنزل وخارجه، وتفصل من قماش خفيف غير شفاف، وتسمى حسب الأقمشة التي تصنع منها. تتكون من كمين طويلين وبدنة وباط وقرضة، وتتسم بالاتساع وتكون قصيرة لتبرز زينة السروال. يشق جيب الكندورة في الوسط “كندورة أم رميان” أو على الجنب “كندورة أم شج”، وتعمل له أزرار من خيوط القطن المكورة التي تعرف بالفصمة. توشى الكندورة في مستوى الجيب وأساور اليدين بالتلي أو الزري أو خيوط الحرير. وتلبس المرأة الثوب فوق الكندورة داخل البيت وخارجه، ويصنع من الأقمشة الحريرية الشفافة مثل: بوقفص، ساري، الداغ، القاز، التول، وتفضل الأقمشة القطنية الخفيفة من نوع الشربت والكيمري لأثواب البيت. والثوب لباس واسع وفضفاض يفصل من قطعة قماش طويلة تطبق في اتجاه العرض، وتعمل لها فتحة واسعة للرقبة لتبرز من تحتها زينة الكندورة. يخاط جانبا الثوب في الأسفل مع قرضهما قليلاً نحو الداخل بحيث تترك فتحتان طويلتان لليدين تصلان الى ما تحت الركبتين. وقد تضاف تحت الكمين “باط” وهي قطعة قماش مثلثة الشكل. وكانت في الماضي تعمل للثوب أكمام طويلة ومنفرجة تسمى “جنان” لأن المرأة كانت تتجنَّن بها، أي تغطي بها وجهها ورأسها عند الحاجة، عوضاً عن الوقاية. يحلى الثوب بأصناف الطرز المعروفة من تلي وزري وخوار، ويسمى الطرز الذي يوضع على الثوب “بَدْحَة”، وهي تطوق فتحة الرقبة وشق الجيب، وتنحدر في شكل شريط عريض يصل الى ما تحت السرة، ينتهي غالباً بشكل كالسهم يتكون من مثلثين متقابلين. وهناك ثلاثة أنواع من الثياب هي: ثوب دوّاري أي دائري الأسفل وقصير لا يتجاوز الكعبين، وثوب بو ذايل أي بذيل طويل وهو للخروج فقط، وثوب مْيَزَّع أي مجزَّع بإبدال الجيم ياء في العامية الإماراتية، والتسمية فصيحة، وفيه قال الشاعر: لو بغيت اتخاوي إنسانِ خاوْ راع الثوب لميزَّع بايحطك تحت لجنانِ بايقوم وياك يتهزَّع وفوق كل ما سبق ترتدي المرأة العباءة “عباه” والجمع عِبي “بكسر العين والباء”، وتسمى ايضاً “سويعية”، ربما لكونها تلبس لساعات قليلة عند خروج المرأة من البيت. تشبه العباءة في تفصيلها عباءة الرجل غير أنها توضع على الرأس بدل الكتفين وتنسدل على البدن كله، وتصنع من الأقمشة السوداء وتطرز في مستوى الرأس والكتفين وتحاط حواشيها بأنواع الزري والكلف المعروفة. في البيت تلبس المرأة في قدميها حذاء يسمى “القرحاف”، وهو نعل خشبي يشبه القبقاب ويتكون من قاعدة خشبية مسطحة ومخصَّرة الشكل إما مستوية أو مرتفعة بكعبين عاليين، أحدهما في مستوى العقب والآخر في مقدمة القدم. ويشد القرحاف على القدم بسَيْر عريض من الجلد أو من أي نوع من الأنسجة المتينة، وهناك نوع خاص يسمى قرحاف بوصُبْع يتميز بقاعدة خشبية مسطحة ومزخرفة بنقوش غائرة، ينتصب في مقدمتها اصبع خشبي تعلوه كرة صغيرة تتخلل الأصبعين الأماميين. وإذا أرادت الخروج من المنزل فإنها تلبس المَداس، وهو حذاء جلدي مخصَّر الشكل، مغلق من الأمام ومفتوح من الخلف، مرتفع في مستوى القدم ودون كعب. يتميز بقدم مدببة وبقاعدة خصيفة مغروزة بثلاثة مسامير بارزة. يتخذ المداس عادة ألوان الجلد الطبيعية، وقد يصبغ بأطلية ملونة تكون غالباً سوداء، ومن أبرز أنواعه مداس بومنقاب الذي يكون معقوفاً في المقدمة ويتخذ شكل منقاب النسر، وتغلف مقدمته وعقبه بصفائح ذهبية ويزين بمسامير تسمى نجوم، وهو من الأحذية الفاخرة التي تلبسها الموسرات. هذا بعض ما تضمنه الكتاب الذي جاء شبه شامل في مادته، وضم ثلاثة فصول اختص الأول بتجهيز الملابس وتصميمها وخياطتها والتطريز وأنواعه وكل ما يتعلق به، فيما تحدث الفصل الثاني عن عناصر اللباس الشعبي الخاصة بالرجل والمرأة والطفل، وخصص الفصل الثالث للعناية بالملابس وفيه تنظيف الملابس ومواد التنظيف والتبييض، وأساليب الغسل والتجفيف، وإصلاح الملابس وكيها ودقها وصقلها وتعطيرها وطيها وحفظها وغير ذلك مما يصعب إيراده كله في هذه العجالة، ومن شاء الاستزادة فعليه بالكتاب.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©