الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإدارة الأميركية: سوريا ليست ليبيا

الإدارة الأميركية: سوريا ليست ليبيا
15 ديسمبر 2011 01:07
مايكل سيلفرمان خبير أميركي متخصص في حركات التمرد تشير تحركات الجامعة العربية الأخيرة -تعليق عضوية سوريا ثم فرض عقوبات اقتصادية أشد عليها- إلى مدى رغبة هذه المنظمة في إنهاء العنف في سوريا. كما أنها تؤشر إلى الخطوة المقبلة للمنظمة، ألا وهي طلب تدخل عسكري في سوريا. غير أنه قبل أن تأتي طلبات تكليف القوات الأميركية بتدخل في سوريا، يجدر بإدارة أوباما اليوم أن تقف وقفة تأمل لدراسة وتحليل ما حدث في ليبيا والتساؤل حول ما إن كانت النتيجة هناك هي ما كانت ترغب فيها حقاً. والحال أن التدخل الآمن والقائم على مبدأ عدم التورط في ليبيا شكَّل مثالاً كلاسيكياً للخطر المحدود والمكافأة المحدودة وينبغي ألا يُكرر في سوريا. انعدام الاستقرار وحكم القانون في ليبيا خلال الأشهر القليلة الماضية يمثل مدعاة للقلق، ومستقبل ليبيا ما بعد القذافي غير أكيد في أحسن الأحوال، ويمثل تهديداً لاستقرار المنطقة في أسوأ شيء، في وقت يلعب فيه دبلوماسيو الاتحاد الأوروبي دوراً قيادياً في مساعدة النظام الجديد بينما تواصل الولايات المتحدة "القيادة من الخلف". وكيفما تكن حالات عدم اليقين التي سيأتي بها المستقبل، فإن الواقع الراهن يشير إلى أن الأسلحة المتدفقة من ليبيا تغذي السوق السوداء في المنطقة منذ بعض الوقت، وهي سوق يتاجر فيها المنتسبون إلى القاعدة بانتظام. ولحسن الحظ، فإن ليبيا فككت معظم برنامجها لأسلحة الدمار الشامل، كما أن المتحدثة باسم الخارجية الأميركية "فيكتوريا نولاند" عبرت في أغسطس الماضي عن الثقة في أن المخازن القليلة المتبقية من الأسلحة الكيماوية تم تأمينها قبل انهيار النظام (بناء على اتصالات مع المجلس الوطني الانتقالي ومصادر الاستخبارات الأميركية). غير أن سوريا تمثل قصة مختلفة لأنها واحدة من ست دول رفضت التوقيع على اتفاقية الأسلحة النووية التي تحظر تطوير وتخزين مثل هذه الأسلحة. وفي وقت يزداد فيه الوضع في سوريا اضطراباً، فإن أميركا لا تملك ترف رؤية وصول هذه الأسلحة إلى السوق السوداء، ناهيك عن الترسانة الكبيرة للجيش السوري الذي يمتلك أسلحة متفرقة ومنتشرة عبر أرجاء البلاد، على غرار ما كان يفعله جيش صدام في العراق. وغني عن البيان أنه إذا فقدت سوريا سيطرتها على ترسانتها الوطنية، فإن النتيجة قد تكون كارثية بالنسبة للمنطقة. وهناك عوامل أخرى تجعل الأزمة السورية أكثر خطورة من ليبيا. فأولًا، تمتلك "القاعدة" علاقات في سوريا تم تطويرها واستغلالها لتهريب المقاتلين الأجانب والمتفجرات إلى العراق في ذروة الحرب التي شهدتها بلاد الرافدين منذ 2003 . ورغم أن معظمها خلايا نائمة، فيمكن أن تصبح نشطة من جديد، ويمكن أن تقوم بتصدير العنف من جديد إلى العراق حيث يهدد الرحيل القادم للقوات الأميركية منذ الآن بإعادة إشعال الحرب الأهلية السُنية- الشيعية التي كانت مستعرة من 2005 إلى 2007. يضاف إلى ذلك عنف سني- شيعي ممكن في سوريا، وليس من الصعوبة هنا تخيل انفجار يمكن أن يبتلع أجزاء كبيرة من المنطقة. ثانياً، إن العلاقات بين إيران وسوريا ما زالت قوية، وإن كانت تُظهر مؤشرات متزايدة على التوتر. وبالإمكان القول إن إيران لن تترك أكبر حليف عربي لها يسقط من دون معركة. فكيف سيكون رد فعل النظام الإيراني على سوريا غير مستقرة؟ وهل سيكون رد فعلها مختلفاً في حال تم جر العراق إلى مستويات عنف طائفي شديد وواسع النطاق؟ الجواب على هذين السؤالين صعب، غير أنه ليس من الصعوبة رؤية التالي: أن إيران فقدت الكثير من خوفها من الولايات المتحدة. وطالما أن إيران تنظر إلى الولايات المتحدة على أنها ضعيفة وتخشى الحرب ومن غير المحتمل أن تتدخل، فلا شيء سيمنعها من الإقدام على عمل سري لدعم نظام الأسد في سوريا. والواقع أن سلسلة الأحداث التي يمكن أن تنتج عن انعدام الاستقرار وانتشار الفوضى في سوريا هائلة. ولنكتف هنا بالقول إن سوريا ليست ليبيا أخرى. ولذلك، يجدر بإدارة أوباما أن تفكر ملياً في ما إن كانت "القيادة من الخلف" ستكون كافية في أعقاب العنف الذي يستعر اليوم في سوريا. ويوم الثلاثاء قبل الماضي، اتخذت إدارة أوباما عدداً من الخطوات التي قد تشير إلى أن ذلك هو ما تفعله بالضبط -التفكير بشكل جدي في الانخراط - حيث أمرت الإدارة السفير "روبرت فورد" بالعودة إلى دمشق حتى في الوقت الذي كانت تلتقي فيه وزيرة الخارجية الأميركية في جنيف مع أعضاء في المجلس الوطني السوري، وهو مجموعة تقول إنها تمثل نشطاء المعارضة. بالطبع، يتعين على المسؤولين الأميركيين التعاطي مع الموضوع بحذر، ولكن الوقت موات اليوم لاتخاذ خطوات جريئة أيضاً. فأولاً، يستطيع الدبلوماسيون الأميركيون، الذين عملوا لسنوات على مساعدة العراق في الانتقال إلى الديمقراطية، أن يطبقوا الدروس التي تعلموها هناك لمساعدة سوريا ما بعد الأسد على الانتقال إلى الديمقراطية الليبرالية. غير أنه من أجل القيام بذلك، يجب أن يكونوا موجودين عندما يسقط النظام. ثانياً، على واشنطن ألا تدع الخوف من الإصابات يمنعها من توفير مستشارين ومدربين على الميدان لمقاتلي المعارضة السورية الذين يسمون أنفسهم اليوم "الجيش السوري الحر". كما يتعين على أميركا أن تجازف أكثر مثلما فعلت في ليبيا حتى يكون لديها تأثير أكبر لدى "الجيش السوري الحر"، في حال أتت (أو عندما تأتي) الدعوة إلى تدخل عسكري من الجامعة العربية. وأخيراً، نعلم أن لدى الدبلوماسيين والقادة العسكريين الأميركيين، وضباط الاستخبارات ربما، علاقات مع شيوخ بعض القبائل في سوريا (علاقات نسجتها الولايات المتحدة خلال الصحوة السنية في العراق). وبوسع الولايات المتحدة اليوم استغلال تلك العلاقات (بشكل علني أو سري) من أجل التأثير في مستقبل سوريا. في الخطاب الذي ألقاه في القاهرة في 2009، وعد أوباما بـ"بداية جديدة بين الولايات المتحدة والمسلمين عبر العالم، بداية تقوم على المصلحة المتبادلة والاحترام المتبادل" وتعترف بـ"المبادئ المشتركة- مبادئ العدالة والتقدم، والتسامح والكرامة لكل البشر". ولئن كانت أميركا قد فشلت في أن تُظهر في ليبيا التزامها بتلك المبادئ بشكل كلي، فعليها ألا تضيع الفرصة في سوريا. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©