الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا والصين.. عام التعاون والتوتر

27 ديسمبر 2015 21:39
النظر إلى العناوين الصحفية لهذا العام بشأن العلاقات الأميركية الصينية قد يوحي بتنافس متصاعد بين البلدين، لكن الواقع أن عام 2015 كان عاماً ظهرت فيه للعلن التوترات القائمة منذ فترة. ويرجع هذا في جانب منه إلى التغيرات في السياسة الأميركية؛ ففي مجالات الخلاف مع الصين، عززت الحكومة الأميركية ببطء وبمنهجية الضغوط على الصين وحددت أعمالاً ضد تحركات صينية تعتبر غير مقبولة، والمجالات الحيوية للتعاون الثنائي ظهرت علناً هذا العام أيضاً بطريقة مختلفة، فبعد أن تعهد رئيسا البلدين باراك أوباما وشي جين بينج في نوفمبر 2014 بالعمل سوياً لإبرام اتفاق عالمي بشأن تغير المناخ في باريس، أكدت الحكومتان علناً على التزامهما، لذلك تستحقان أن ينسب إليهما جانب كبير من الفضل في التوصل للنتيجة الإيجابية لمؤتمر باريس هذا الشهر. ورغم عدم الاتفاق العلني في قضايا إستراتيجية في البحر وفي الفضاء الإلكتروني، كانت الصين عضواً في المجموعة التي توصلت إلى اتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني، كما واصل التبادلي العسكري الصيني الأميركي زخمه، وقلصت بروتوكولات بشأن المواجهات العسكرية غير المقصودة احتمالات وقوع حوادث عرضية أو سوء تقدير. لكن من الطبيعي على الأرجح أن تُعلن جهود التعاون الطيبة، فيما الأكثر أهمية هذا العام، هو النشر المتواصل حول قضيتين بارزتين في الخلاف، وهما الأمن البحري والفضاء الإلكتروني. والتصور الأميركي عن الأمن العالمي يتناقض مع المفهوم الصيني حول الأمن القومي. وفيما يتعلق بالنزاع في بحر الصين الجنوبي، جاء عام 2015 بجهد منسق فيما يبدو لمسؤولين أميركيين، ليفضحوا علناً ويتحدَّوا مباشرةً السلوك الصيني هناك. وكثير من المواقف الأميركية جاءت في صورة تصريحات لمسؤولين أميركيين دون تسميتهم، وهؤلاء توقعوا عملاً عسكرياً أميركياً أو دافعوا عنه في سبيل التصدي مباشرة للمزاعم الصينية من خلال برنامج حرية الملاحة البحرية. وظهرت هذه التصريحات بدءاً من مايو الماضي، وبحلول أغسطس صرحت مصادر مجهولة بأن البنتاجون والبيت الأبيض مختلفان بشأن عمليات برنامج حرية الملاحة البحرية وموعد القيام بها. وفي أكتوبر أرسلت البحرية الأميركية حاملة صواريخ موجهة على مبعدة 12 ميلاً بحرياً من موقع صيني متنازع عليه، وأبقت الحكومتان على درجة كبيرة من الغموض في مناقشة القضية، ومن ثم أبقتا الباب مفتوحاً للخيارات المختلفة مع استمرار النزاع. لكن ما لا لبس فيه هو القرار الأميركي حول إعلان بناء الصين لجزيرة وممارستها التهديد للطائرات والسفن التي تبحر بالقرب منها، وفي مايو، سمحت الحكومة الأميركية لمراسل من شبكة «سي. إن. إن» بتصوير طائرة تجسس أميركية والكتابة عنها، ليعرض أمام العالم التحذيرات الأميركية حول منطقة عسكرية صينية غامضة قانونياً. وحققت الجهود غير الحكومية التي بذلها مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية لفضح البناء الصيني للجزيرة نجاحاً كبيراً في وسائل الإعلام. وفي الفضاء الإلكتروني، تتبع الحكومة الأميركية تصعيداً أكثر مهارة للضغط العلني على الصين بشأن التصرفات والأعراف في هذا المضمار. ففي فبراير انتقد مسؤولون أميركيون الصين بشدة متهمين إياها بتقويض الإنترنت العالمي، وذلك في مقال ركز على التطورات القانونية داخل الصين. وفي مارس، انتقد أوباما القوانين الصينية المحلية التي تلزم الشركات الأجنبية بمنح المسؤولين الصينيين إمكانية التحكم الأمني، وفي أبريل وقّع أوباما قراراً يلوِّح بفرض عقوبات على «النشاط الإلكتروني» الذي يهدد أمن الولايات المتحدة، بما في ذلك أمنها الاقتصادي. وقبيل زيارة «شي» إلى واشنطن في سبتمبر الماضي، تصدرت القرصنة والفضاء الإلكتروني عناوين وسائل الإعلام، وذلك بعد السرقة واسعة النطاق لملفات موظفي الحكومة الأميركية، والتي نسبت بشكل غير رسمي إلى قراصنة ترعاهم الصين. وقبل القمة أعلنت إدارة أوباما أنها تبحث فرض عقوبات على الشركات الأميركية ذات الصلة بعمليات القرصنة، وأشارت تقارير صحفية إلى أن هذه العقوبات قد تفرض قبل وصول «شي». وذكرت تقارير أن هذه الضغوط العلنية أثمرت زيارة لـ «مينج جيان شو» عضو المكتب السياسي الصيني، مما ساعد على التوصل إلى انفراجة حقيقية في المناقشات الأميركية الصينية بشأن الفضاء الإلكتروني. ومازالت هناك أسئلة عن تطبيق ومتابعة اتفاقات سبتمبر، لذا فمن السابق لأوانه إعلان انتصار أميركي في القضايا المحورية. لكن من الصعب إنكار أن الضغوط العلنية الأميركية حققت هدفاً دبلوماسياً بفتح القنوات الثنائية بشأن مجموعة مشكلات تتزايد تعقيداً. *جراهام ويبستر* *باحث بارز في مركز الصين بكلية الحقوق في جامعة يال ينشر بترتيب خاص مع خدمة «تربيون نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©