الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

تراجع المبيعات يفاقم خسائر شركات الصلب العالمية

تراجع المبيعات يفاقم خسائر شركات الصلب العالمية
4 ديسمبر 2012
بلغت السعة الإنتاجية لمصانع الصلب حول العالم هذا العام نحو 1,8 مليار طن، إلا أن الطلب لا يتجاوز سوى 1,5 مليار طن لا غير. وبدلاً من أن تتوحد الشركات العاملة في هذا المجال وتزيد من كفاءتها، اتجهت نحو المزيد من الإنتاج. ومن المتوقع بحلول 2016، إضافة نحو 100 مصنع جديد بسعة إنتاجية تقدر بنحو 350 مليون طن. كما تعمل الشركات في دول مثل بيرو وبوليفيا والأرجنتين والإكوادور وفيتنام المدعومة من قبل حكوماتها، على إنشاء أو التخطيط لإنشاء مصانع جديدة. وينوي المسؤولون في هذه البلدان الاستثمار في عمليات التطوير الصناعي وتوريد الصلب المحلي للمصانع وتقليص الواردات. لكن في حين يبدو ذلك إيجابياً على الصعيد المحلي، تنعكس آثاره السلبية على بقية دول العالم. والحصول على الرقم الحقيقي لعدد مصانع الصلب وحجم إنتاجيتها حول العالم، أمر بالغ الصعوبة، نظراً لوجود مئات المصانع الصغيرة غير المحسوبة في الصين، والتي تشكل نحو 46% من إنتاج الصلب في العالم. وتتراوح تقديرات مصانع الصلب في الصين بين 600 إلى 800 مصنع. ونتج عن الفائض في إنتاج الصلب، تراجع الأسعار والأرباح معاً، كما ظهر ذلك في آخر جولة من العائدات، ما قاد إلى تجدد المطالبة بتوحيد صف المسؤولين والمستثمرين في القطاع وضرورة التحلي بالمنطق. وأعلنت “أرسيلور ميتال”، أكبر شركة للصلب في العالم من حيث معدل الإنتاج، على الرغم من أن حصتها في السوق العالمية لا تتجاوز سوى 6%، عن خسارة بلغت نحو 709 ملايين دولار في الربع الثالث. وذكر مدير الشركة التنفيذي لاكشمي ميتال، أن القطاع يعاني بشدة تشتتاً في صفوفه وأن شركته ستظل تركز على قضية الاندماج متى ما أُتيحت لها الفرصة بذلك. لكن يبدو أن القطاع لم يحرز أي تقدم يذكر حتى الآن في هذا الصدد، خاصة أن هناك الكثير من المعارضة السياسية من قبل الحكومات. وبتراجع أسعار السلع والأسهم، يبدو المناخ غير مواتٍ لقيام عمليات اندماج واستحواذ في قطاع التعدين والصلب، الذي تراجع إجمالي صفقاته بنحو 43% خلال الأشهر التسعة الأولى من 2012 إلى 76,8 مليار دولار، من واقع 133,7 مليار دولار في الفترة نفسها من 2011. وفشلت شركة “ثيسين جروب” الألمانية المكونة من نحو 670 شركة حول العالم، في بيع مصنع عالي التقنية في البرازيل وأخر للمعالجة في أميركا ينتج كل منهما نحو 5 مليون طن، حيث بلغت التكلفة الإجمالية لإنشائهما نحو 11,8 مليار دولار في 2007. وتعكس معاناة الشركة في بيع هذين المصنعين، مدى إسراف الشركات والحكومات في الاستثمارات لإنشاء مصانع جديدة من دون الاستفادة منها. ومن المتوقع أن يصمد قطاع الصلب الذي يبلغ قوامه تريليون دولار سنوياً خلال السنوات القليلة المقبلة، بيد أنه من أكثر القطاعات الكبيرة التي تعرضت للخسائر. وتملك أكبر خمس شركات للصلب في العالم 18,2% فقط من المخزون العالمي. كما تشكل أكبر خمس شركات لبيع خام الحديد الذي يتم تصديره عبر خطوط التجارة البحرية، 66,1% من تلك السوق. وبما أن قطاع الصلب يتطلب جهات لها المقدرة على شراء المصانع العاجزة عن العمل ومن ثم إغلاقها، فبدون ذلك لا يتوافر للشركات الاقتصادات الكافية التي تعينها على الادخار اللازم لانجاز عمليات النقل والإنتاج أو أنها ستواجه مخاطر التفاوض مع موردي المواد الخام والعملاء، مثل شركات صناعة السيارات والأجهزة المنزلية. وانخفضت أسعار لفائف السلك الساخنة في أميركا بنسبة قدرها 35% إلى 636 دولار للطن الواحد، من واقع أكثر من 1000 دولار للطن قبل حلول أزمة 2008. وحدث هذا الانخفاض في الأسعار حتى في ظل تقدم شركة “آر جي ستيل” رابع أكبر شركة في أميركا بطلب لإعلان إفلاسها. كما نتج عن خروجها خفض 7,5 مليون طن من السعة الإنتاجية الأميركية أو نحو 9% من الإنتاج المحلي في البلاد في 2011. وفي غضون ذلك، استمرت الحكومات في دعم مصانع الصلب بغض النظر عن ضعف الطلب، وذلك بغرض الحفاظ على الوظائف والاقتصادات المحلية. وطالب وولفجانج أدر، مدير شركة “فوستالباين” النمساوية للصلب، المسؤولين في الاتحاد الأوروبي بضرورة تنظيم برنامج موحد يهدف إلى خفض معدلات الإنتاج. ويقول :”ربما يقع قطاع الصلب في الأخطاء نفسها التي حدثت في ثمانينات القرن الماضي، حيث طلب خلالها الإعانات، وأبقى على تسيير المصانع القديمة لأسباب اجتماعية وسياسية”. لكن يرى توماس فيرساستو، مدير شركة “أو أيه أو سيفرستال” الروسية، أن إغلاق مصنع ما خاصة في حالة ضعف الشركة، عملية غاية في الصعوبة. ويقول :”من السهولة بمكان فتح مصنع للصلب في وقت الرخاء، ومن الصعب إغلاقه في وقت الشدة. كما أن عمليات الاندماج والاستحواذ ليست بالسهولة في قطاع مثل الصلب، لان ذلك يتطلب رفع القيمة، الشيء غير المتوافر في قطاع الصلب، حيث من الممكن زيادة السعة من خلال تسيير المصانع القائمة بصورة أفضل”. ويعزي قطاع الصلب مشكلاته بشكل نسبي لدوره التاريخي كمحرك فعلي لعجلة الاقتصاد، حيث لم تقو أي أمة من الأمم على التطور الصناعي من دون تطوير قطاع الصلب. وتملك كل منطقة مصنعاً للصلب خاصاً بها، يقوم بتزويد المصانع المحلية الأخرى. وفور إنشاء هذا المصنع يصبح مصدراً للوظائف التي تتوافر لها الحماية من خلال عمليات الدعم الحكومي. لكن دائماً ما تؤول الأمور في النهاية إلى فائض في السعة الإنتاجية. وفي الصين، حيث تنتج آلاف مصانع الصلب الصغيرة قضبان الصلب والأعمدة ومواد البناء الأخرى لتشييد المدن الجديدة وناطحات السحاب، تسعى الحكومة لأن تشكل أكبر 10 شركات، نحو 60% من ناتج البلاد من الصلب بحلول 2015 و70% بحلول 2020، من النسبة الحالية عند 50%. وتخطط الحكومة للتخلص من المصانع القديمة المسببة للتلوث وغير المنتجة، في الوقت الذي تؤهل فيه بقية المصانع للتعامل مع الشركات الأجنبية لتوريد المواد الخام، على الرغم من صعوبة تحقيق ذلك الهدف. وفي حين يعاني قطاع الصلب عدم توحيد صفوفه، تستفيد شركات توريد المواد الخام من النفوذ الذي تتمتع به. وقررت “بي أتش بي بيلتون” أكبر مورد للصلب في العالم وسط معارضة الشركات الأخرى قبل عامين، تفادي تسعير خام الحديد لآجال طويلة، حيث تعمل على بيعه بالأسعار الفورية التي يبدو أنها أعلى بمرور الوقت، النهج الذي سلكته شركات أخرى. ونتيجة التغيير الذي طرأ على القطاع، تجني مصانع الصلب أرباحاً زهيدة من تصنيع طن من الصلب، في الوقت الذي تكسب فيه شركات التعدين أرباحاً أكبر. وفي حالة عدم توحيد صفوفها، يترتب على شركات الصلب البحث عن طرق أخرى تكفل لها الاستمرار في نشاطاتها التجارية، مثل زيادة الأرباح وتطوير المنتجات الخفيفة عالية التقنية لقطاع السيارات وخفض التكاليف والمزيد من عمليات البيع في الأسواق الناشئة. نقلاً عن: «وول ستريت جورنال» ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©