الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مشروع «اعرفي حقوقك» يعلي من شأن المرأة ويحمي الشراكة الزوجية

مشروع «اعرفي حقوقك» يعلي من شأن المرأة ويحمي الشراكة الزوجية
14 ديسمبر 2013 20:47
تستمد المرأة مكانتها ودورها في الحياة والمجتمع مما كفلته لها الشريعة الإسلامية الغراء من حقوق وواجبات، سنّت لتحفظ وتصون للمرأة كيانها وكرامتها الإنسانية، وتحرم وتمنع استغلالها جسدياً أو عقلياً، وتركت لها الحرية في اختيار نمط حياتها إسوة بالرجل، إلا أنها ظلت لعقود طويلة من الزمن حبيسة عادات وموروثات ثقافية واجتماعية بالية، تضرب بجذورها في أعماق المجتمع، وترسخ للثقافة الذكورية وهيمنة الرجل على مقدراتها، وتسخير المرأة بما يتنافى وطبيعتها وحقوقها الإنسانية المشروعة، وبما يحول دون نيل حقها في الحياة والعيش بكرامة. وظلت لعهود طويلة تعاني القهر والإساءة والاستغلال والجهل والتخلف، حتى أنها جهلت «الحد الأدنى» من حقوقها المشروعة التي كفلتها الشريعة والقوانين المدنية. في إطار سلسلة طويلة من المكاسب والإنجازات التي تحققت للمرأة الإماراتية في ظل مسيرة النهضة والتقدم بعد قيام دولة الاتحاد، كانت التوجيهات الكريمة لـ «أم الإمارات» سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، واتساقاً مع الاستراتيجية الوطنية لتقدم المرأة، أطلق الاتحاد النسائي العام في نوفمبر 2009 المشروع الوطني«اعرفي حقوقك»، والذي يهدف إلى توعية المرأة بالقوانين والتشريعات المحلية والاتحادية ويسعى إلى نشر الوعي العام بالحقوق التي كفلها دستور وقوانين الدولة، وتعزيز قدرة النساء على الدفاع عن حقوقهن القانونية. واستمراراً لاستكمال المشروع انطلقت المرحلة الثالثة منه في منتصف الأسبوع المنقضي، بالتعاون مع دائرة القضاء في أبوظبي. المرحلة الثالثة المرحلة الثالثة من المشروع ـ بحسب سعادة نورة خليفة السويدي مديرة الاتحاد النسائي العام ـ تستهدف الاستمرار في حملات توعية المرأة بالقوانين والتشريعات المحلية والاتحادية، من خلال عقد 12 ورشة عمل و4 مجموعات تدريب للمرأة للتعريف بقانون الأحوال الشخصية، وقانون الخدمة المدنية، وقانون العمل بالدولة، والموارد البشرية ودعم التشريعات التي تحمي الحقوق القانونية للمرأة، وتأهيل كوادر من المحاميات المواطنات لنشر الوعي القانوني، والدفاع عن حماية الحقوق القانونية للمرأة، من خلال تناول كل ما يتعلق بقانون الأحوال الشخصية من أحكام الطلاق والتفريق والولاية والحضانة والنسب والأهلية والوصية، في ضوء المكانة السامية والنبيلة التي خصت بها الشريعة الإسلامية المرأة. فاطمة الهاشمي «موظفة»، تؤكد أهمية معرفة الفتاة بكامل حقوقها وواجباتها المشروعة، وتعي حدودها كزوجة، وألا يقتصر همها فقط على الاهتمام بالتعليم والعمل أو خدمة الزوج وبيت الزوجية والأبناء ومتطلباتهم، وتنسى ما لها من حقوق، وليس معنى ذلك أننا نحرضها على بيتها وزوجها، وإنما ينبغي أن تعرف «ما لها وما عليها»، فالمعرفة بالحقوق لا تعني التمرد أو الهروب من المسؤولية الاجتماعية كزوجة وأم، لأن أسباب فشل كثير من الزيجات غياب ثقافة الحقوق والواجبات لدى كثير من الزوجات والأزواج، والإلمام بهذه الثقافة يساعد الطرفين على تحقيق رسالة وأهداف الزواج التي حددتها الشريعة الغراء ومنها المودة والرحمة والسعادة والاستقرار للطرفين. فالمرأة ككيان إنساني لها أهمية لا تدانيها أهمية، وأي أمة إذا أرادت أن يكون لها شأن وحضور وتقدم ومكانة لا بد أن تهتم بنسائها. وينبغي للمرأة الإماراتية أن تحافظ على المكتسبات التي تحققت، وفي مقدمتها تكافؤ فرص التعليم والعمل والرعاية ونيل كافة الحقوق القانونية والاجتماعية بين الجنسين دون تمييز». وتضيف الهاشمي: «قد يكون الأمر مثار دهشة، أن نجد المرأة تهتم بعملها، وتعليمها، وبيتها، وزوجها، وأن تسعى إلى الإلمام بأي ثقافة عصرية كعلوم الحاسب الآلي، أو قيادة السيارات وقوانين المرور، ولا تهتم بقانون الأحوال الشخصية، وتجهل كثيراً من أساسيات القانون الذي ينظم الشراكة الزوجية». تساؤلات المحامية نهى سعد صقر، تشير إلى إيجابية تلك الجهود الرامية نحو رفع ثقافة المرأة القانونية حتى تعرف حقوقها المشروعة على وجه الدقة، فالأمر لا يتعلق بدرجة تعليمها، فقد تكون الزوجة قد نالت أرفع الدرجات الجامعية والعلمية في تخصص ما لكنها تجهل المعرفة القانونية بحقوقها كزوجة وأم، وهذه المعرفة من شأنها أن تجنبها، وتجنب الزوج أيضاً، وتجنب المؤسسة الزوجية أي مشاكل أو تصدعات قد تحدث نتيجة عدم إلمام الزوج أو الزوجة، أو كليهما بهذه الحقوق، ومن ثم أنصح كل زوجة وزوج أيضاً أن يراجعوا كثيراً من التشريعات والقوانين التي تنظم العلاقة بين الزوج والزوجة، ومن قبلها ما جاء به الفقه الإسلامي في هذا الإطار، فهناك مرسوم بقانون رقم (1) لسنة 2003م بإنشاء المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، والمرسوم رقم (38) لسنة 2004م في شأن انضمام الدولة إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري ضد المرأة، وقرار إعداد استراتيجية الأمومة والطفولة، وغيرها من قوانين الأحوال الشخصية. وتكمل صقر متسائلة: «كم من الفتيات اللاتي يجهلن حقوقهن الشرعية قبل الموافقة على الزواج؟ وكم من الآباء والأمهات الذين حرصوا على أن يبينوا لبناتهم تلك الحقوق قبل أن ينتقلن إلى بيت الزوجية؟ إن الأمر ليس له علاقة بالقرابة أو عدمها، وليس له علاقة بأي شيء آخر سوى حق المعرفة، وفقه المرأة جزء من ثقافتها التي لا يجب أن تفرط فيها لأي سبب، فليس هناك شريك في مؤسسة تجارية يجهل حقوقه، فما بالنا بالشراكة الزوجية التي هي عقد مقدس بين الزوجين؟ قوانين المستشار القانوني محمد رفيق فاروق، يؤكد ضرورة أن يكون لدى أي فتاة قبل الزواج، وأي زوجة بعده، الحد الأدنى من معرفة حقوقها، وفي الدستور القرآني أسانيد وحجج ومصدر رئيسي للتشريع الذي ينظم العلاقة بين شريكي الحياة الزوجية، بدءاً من قوله تعالى: «وآتوا النساء صدقاتهن نحلة»، في إشارة إلى وجوب إعطاء المرأة مهرها كاملاً، ثم وجوب إنفاق الزوج عليها بما تحتاجه من طعام، وكسوة، وسكن بحسب قدرته، وكما قال تعالى: «وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف»، بل رغب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإنفاق على الأهل «الزوجة»، وجعل ذلك أفضل نفقة ينفقها الإنسان فقال: «دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك»، وحذر صلى الله عليه وسلم أشد التحذير من التفريط في النفقة على الأهل، لما لذلك من آثار وخيمة، قد تضطر الأهل إلى سلوك طريق منحرف للحصول على النفقة، وقال: «كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت». ثم معاشرة الزوجة بالمعروف، وقال تعالى: «وعاشروهن بالمعروف»، وكان صلى الله عليه وسلم أحسن الناس معاشرة لأهله، وأخبر أن خير المسلمين أحسنهم معاملة لأهله فقال:«خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي»، وقال صلى الله عليه وسلم: «واستوصوا بالنساء خيراً»، وقال صلى الله عليه وسلم أيضاً: «لا يفرك- أي لا يبغض- مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقاً رضي منها آخر»، فهذا من حسن العشرة، لأن التغاضي عن بعض أخطاء الزوجة ونقائصها، وتذكر ما هي متحلية به من مكارم ومحاسن، يجعل الحياة الزوجية تستمر. وصدق تعالى إذ يقول: «وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً». أحكام التشريع ويكمل فاروق: «على الزوجة أن تعلم أن من أهم حقوقها مسؤولية زوجها عنها، والعمل على وقايتها من النار، وذلك بإقامتها وإعانتها على الحق، فيأمرها بما أمر الله به، وينهاها عما نهى الله عنه، ويعينها على الحق امتثالاً لأمره سبحانه: «يأيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون»، وأن يغار عليها الغيرة المطلوبة شرعاً، وذلك بحفظها عن كل ما يمكن أن يلحقها من أذى الرجال، من نظرة أو كلمة أو غير ذلك، وأن يعلمها ما تحتاجه من أمور دينها، لأنه راعيها، وكل راع مسؤول عن رعيته، فإن لم يعرف لجهله سأل العلماء، وأن يعدل في التعامل والقسمة والواجبات والمسؤوليات بين زوجاته، فإن كان يعلم أنه يعجز عن ذلك، فقد حرم عليه التعدد، فإن فعل، فهو ظالم، وله نصيب من قوله صلى الله عليه وسلم: «من كان له امرأتان فمال إلى إحداهما دون الأخرى، جاء يوم القيامة وأحد شقيه مائل»، وألا يسيء استخدام الحقوق والسلطات التي أعطاه الله إياها أو يستخدمها بأسلوب ظالم، فإن الظلم من كبائر الذنوب، فقد قال تعالى: «ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون»، وقال صلى الله عليه وسلم: «اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة». مبادرة خلاقة تحقق المودة والرحمة الخبيرة النفسية الدكتورة كريمة العيداني، تشير إلى أن الإنجازات المتحققة للمرأة الإماراتية خلال الأربعة عقود الماضية مثار إعجاب وموضع فخر وتقدير، ويأتي مشروع «اعرفي حقوقك» مبادرة خلاقة جاءت لتصحح وتتدارك سلبيات أوجدتها ثقافات عفى عليها الزمن. فالمبادرة تستند إلى الحدود الشرعية، والواجب الوطني، والواجب القيمي والأخلاقي، والإطار القانوني والأمني والواجب الإنساني، وحماية المرأة والأطفال من صور الاستغلال الجنسي المختلفة، من خلال تقديم الاستشارات وبرامج التوعية والتدريب ونشر الثقافة النفسية والاجتماعية في المجتمع بشكل عام. فقد يصور البعض أن شخصية المرأة السلبية من الصفات التي تفضلها المرأة نفسها. فهناك العديد من الأسباب التي تجعل المرأة تتحيز ضد حقوقها، إما عن جهل أو لعدم توافر قنوات الاتصال بينها وبين المؤسسات المعنية بتقديم الدعم اللازم لها. فكافة الحقوق مبنية على التكامل لا المنافسة بين الأطراف، وتقابل الحقوق واجبات يجب العمل بها، فالعلاقة الزوجية أساسا مبنية على المودة والرحمة، وليست على حساب استيفاء الحقوق بالتمام أو الكمال أو المصالح الفردية دون رعاية مصلحة الأسرة. فالحقوق تتداخل أحياناً مما يجعل المطالبة بحقوق المرأة أمراً صعباً ما لم يتم تيسير الاتفاق حول تلك الحقوق، كذلك يجب عدم تقليد الآخرين والنظر إلى حياتهم دون مراعاة واقع الحال وخاصة مراعاة تشريعات ديننا الحنيف والأخذ بها. إن الحقوق في الإسلام تحتل مساحة واسعة وتحظى بأهمية فائقة وتتجلى هذه الأهمية في الحياة الزوجية، حيث يتعين على شخصين العيش معاً والسير معاً في طريق واحد، ومن أجل تحقيق غاية «السكن» إلى الطرف الآخر، وتحقيق المودة والرحمة لا بد لكليهما من الإحاطة بشكل عام بالواجبات والحقوق المتبادلة لحياة أسرية هانئة مفعمة بالمحبة والوئام».
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©